الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة البابا فرنسيس إلى العراق.. جعجعة بلا طحين!

وليد سلام جميل
كاتب

(Waleed Salam Jameel)

2021 / 3 / 10
السياسة والعلاقات الدولية


ماذا يحمل البابا فرنسيس للعراق؟
مرّت أيام والقنوات التلفزيونية والمواقع الخبرية ومواقع التواصل الاجتماعي، تتحدّث عن زيارة البابا إلى العراق، حتى أصبح كأنه لا يوجد في العالم غير زيارة (الباب فرنسيس)!. عندما أتابع هذا الإهتمام، أشعر بأن البابا يحمل في جعبته، مصباح علاء الدين، الذي سيفتح بئر العراق المظلم ويخرجه بشكل مختلف تماماً!. أتصوّر أن العراقيين سيعيشون في رغد ونعيم، بعد سنوات طويلة من الحروب الطاحنة والفساد والقتل وتدمير الدولة...
مَن هو البابا؟ ما هي قوته؟
الباب فرنسيس ليس أكثر من رمز ديني للمسيح الكاثوليك في العالم. يحكم دويلة الفاتيكان الصغيرة، التي لا يكبر حجمها عن حجم مقاطعة مجهولة في زوايا كوكب الأرض. لا يملك جيشاً عسكرياً قوياً ولا إقتصاداً فعّالاً ولا ثقلاً سياسياً معتد به... هو لا يملك سوى قوته الرمزية، القوة الروحية المؤثرة على أتباعه، بإعتباره يمثل السيد المسيح في الأرض.
يصوّر الإعلام لنا، أن زيارته فريدة وتاريخية وهذا غير صحيح نسبياً. لا فرادة في زياته، فالبابا الذي كان قبله، زار 127 دولة، وهذا البابا زار دولا كثيرة، منها، الأردن، مصر، المغرب، تركيا وغيرها الكثير من الدول. لم يغير شيئا في تلك البلدان. تلك مصر تأنّ والأردن في أزمات متتالية وتركيا في وضع لا تُحسد عليه.
هذه الضجة ستنتهي بعد زيارته للعراق بفترة وجيزة وينتهي كل شيء!. زقورة أور التي أنيرَت لاستقباله، سيتم إهمالها من جديد وتنطفئ أنوارها، وكل شيء يبقى كما هو، كأن شيئًا لم يكن!. تفاعل الكثير من العراقيين مع الزيارة من باب (صراع المحاور)، هذا يهاجم وذاك يدافع، بسبب زيارته لطرف دون آخر، ولو حدث العكس بالزيارة لربما تموضع الفريقان، كل واحد مكان الآخر.
ولو تحدثنا بلغة السياسة، فإننا نتساءل: ما هي عوامل قوة الدول؟ وما موضع دولة الفاتيكان من ناحية القوة؟
يقسّم المفكر الألماني Hans Morgenthau، عوامل قوة الدولة إلى: العامل الجغرافي، الموارد الطبيعية، السكان، التقدم الصناعي، درجة الاستعداد العسكري، الخصائص القومية، الروح المعنوية وشكل الدبلوماسية.
ماذا تمتلك دولة الفاتيكان؟
الفاتيكان عبارة عن مدينة إيطالية صغيرة، معروفة رسميًا باسم دولة الفاتيكان، أصغر دولة في العالم من حيث المساحة، وثالث أصغر دولة في العالم من حيث عدد السكان. تقع في قلب مدينة روما، أي أنها عبارة عن مقاطعة صغيرة في المدينة ليس إلّا. لا تمتلك أي مصدر من مصادر القوة، سوى أنها تُعتبر مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم. دويلة بلا تأثير ولا إنتاج. دويلة لا تحمل أي عامل قوة، عسكري أو إقتصادي أو سياسي، ممكن أن يؤثر في العالم ويؤثر في العراق، موضوع اليوم .
البابا فرنسيس ملك دويلة الفاتيكان، هو الرئيس الروحي الأعلى للكنيسة الكاثوليكية، ويُعتبر خليفة القديس بطرس، ونائب السيد المسيح على الأرض. لا تمتلك دويلته التي يحكمها، أي قوات عسكرية، وهي محمية من قبل الجيش الإيطالي. فلا تأثير لها بأي مكان في العالم، لأنّ النّظام الدّولي قائم على مبدأ القوة.
زيارة البابا للعراق، زيارة رمزية، لا تقدّم للعراق شيئاً ولا تُؤخر، ككل زياراته للدول الأخرى. يتجول البابا ويلقي التحايا ويقيم الصلوات ويغادر بعد ذلك إلى بلاده .
لا تتصوّروا زيارته كأنها زيارة المخلّص والمنقذ للعراق. يجب أن يكون كلّ شيء بحجمه الطبيعي. لن تغير زيارته الفاسدين والمجرمين ولن تأخذ حق الشهداء ولن تساعد الفقراء ولن تبني دولة محترمة للعراق. البابا لن يبلط شوارعنا أو ينصف مظلومينا أو يبني مستشفيات لنا أو يحسّن عمل وزاراتنا، لأنه ليس المعنيّ بذلك حقاً... لا يقوم سوى بزيارات رمزية وصلوات ودعوات.
نرحب به في بلاد ما بين الرافدين، كزائر داعم للسلام والمحبة، ونتأمل أن يساهم في رفع الإحتقان والتعصب من العالم، ليس أكثر، لما يملكه من رمزية دينية كبيرة كأكبر رجال الدين في العالم من حيث الأتباع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء