الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوراق قصة قصيرة

علي قاسم مهدي

2021 / 3 / 11
الادب والفن


أوراق
إلى عباس عبد الرحمن

الورقة الأولى
حين سقطت أول قطرة دم وتبعتها أخريات وأنا اصرخ من شدة الألم وأمي تضحك ..كان هذا أول العهر، تدرك حينها بان الجسد الذي يحتويك ليس ملكك.
عرفت إن توسلي بالقدير بان يعيدني إلى رحم أول أشجار الخلق مجرد هراء.
لا احد يستجيب لنداءاتك المتكررة ، غير هواجسك . عرفت كذلك إن أسوء شيء عدم كوني جزاء من أي شيء، لم أقابل لحد هذه اللحظة شخصا يمكن له سماع أفكاري، وان نتبادل الآراء. لا اعرف هل أنا شخص طبيعي، ساعدني يا الهي. كلما حاولت أن اصنع حياة لنفسي افشل. لم أكن سيدة أقداري، لم افهم معنى لحياتي، عاجزة، والعاجز يعبث طوال يومه دون هدف.
لماذا نتظاهر بأننا نعرف كل شيء - أي سخافة تلك-
نعيش لنجدَ ونخلق لنا قصص نتوهمها ،تعبث بنا وسط حياة متشابكة . تساءلت كثيرا ولم أجد جوابا كافيا، كيف للحب أن يجسد نفسه في فرجي، هذا ما قاله لي احدهم عندما ضاجعني بقوة.
- هذا هو الحب .
من منكم يعرف جواب أيها العقلاء.
متأكدة بان لا احد منكم يعرف جوابا لأنكم واحد متشابه يختلف بالشكل ويتساوى بالرغبات.
ورقة أخرى
ذات مساء تشريني، ريحه تحمل ذرات التراب والمطر، تلفح عيوني بعويلها المقرف، انطلقت من بعيد صفارات الإنذار الأخيرة، لنواري أجسادنا تحت شجرة أو موقف باص أو جسد رخيص يدفع مقابل لذة زائلة أو لعهر مقرف .
لذتَ تحت معطفي مواصلة سيري إلى اللاشيء، لعل يلمحني ذئب بشري يبطش بي ، ويمص رحيق دمي بشهوته ليزداد ضياعي . أو تصعقني اذرع السماء برعدها المخيف.
توقفت لحظة ،لملمت خصلات شعري المبللة ، شعرت بماء المطر النافذ ينسرح بهدوء ليختلط بمسامات جسدي محفزا رغبتي بالاحتماء. نظرت كثيرا لقطرات المطر النازل من السماء، كانت سماء موحشة تعرف الحقيقية ولا تجود بها .سماء صانعة لكل هذا الألم والخوف دون مبررات.
فجأة زمر احدهم، ذئب جائع للحم بشري ، توقف بسيارته ، تقدمت منسحبة باللاوعي فتحت الباب ، تبسم وظهرت أنيابه الصفر من وراء شاربه الكث.

ورقة أخرى
- ابنتي.
- نعم يأبي .
- سأذهب إلى الحرب . لقد تأخرت كثيرا في اختيار كلماتي.
- لا عليك يا أبي.
- تعالي لاضمك إلى حضني ،قد لا تجدين حضنا دافئا بعد اليوم.
في تلك اللحظة أدركت ضياعي ووحدتي.
ورقة أخرى
بالحرب
حاول أن تحتمي بالخنادق، لإنقاذ حياتيك بقدر ما تستطيع. إن إجبار نفسك على عيش هكذا حياة نابع من الحب . الحرب والحب ضدان لكن يجتمعا. أي معادلة صعبة تلك أن تتمنى الموت والحياة في لحظة واحدة، وتكتشف جمال روحك، للانبثاق منهما من جديد.
يبدو إن روحي ستخرج، أو خرجت مني ألان هذا ما اشعر به، غادرت بحب لترتدي ما يليق بها من أمان، لكنها حزينة لفراقك.
(نص الرسالة التي وجدت في جيب أبي، كتبها في آخر لحظاته )



ورقة أخرى
بسبب الحرب ،خسرت رجلين لطالما أحباني وأحببتهم كثير ، أبي وأخي. وها أنا وحيدة، عارية لا خندق كابي احتمي به، ولا حبا كأخي ألوذ إليه.. على الرغم من تكرار خسارتي كل يوم لا زلت أحاول.
لم أدرك بان للفقد اثر في إطفاء جذوة الحياة لكنني مستمرة. مرت سنوات كثيرة أنستني أن أعيش كما الآخرين، لان روحي لم ترتدي ما يليق بها. حزني يُغرق يومي وهكذا بلامعنى تُبحر أيامي.
الورقة الأخيرة
ذات يوم، تذكرت أخي، كان يملك وجها ملائكي، وابتسامة لا تتكرر.
- يا الهي هذا الشاب الذي عاكسني على الرغم من وجهي الذابل، وهندامي الرث يشبه أخي عندما لامس كتفي بالزحام.
أي قدر هذا، شعرت بان أقفال الحظ الموصدة تحطمت، لحظة انبثق من حزنها وألمها أمل للحياة أخرى لا اعرف عنها شيء، لكنني أريدها. صرخت باسم أخي .
- احمد.
لتفتَ مبتسما.
- أسف جدا.
تمنيت حينها أن ارتمي بحضنه ،أن أشم عطره ،عطر الحياة الدافق بالحب .
- ليس احمد.
- آسفة لكننكَ تشبهه كثيرا.
ابتسم ببراءة موحية بالصدق .
- أنا املكِ الجديد، امسكني من يدي، سرت رعشة منعشة في جسدي طهرتني من بؤسي، أعادتني لرحم أول أشجار الخلق كما تمنيت، انطلقت معه مفعمة بالحب والطمأنينة.
انتهت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته


.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202