الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إِرْث إنجلز: منع الحرب وايقاف الهمجية الرأسمالية!

طلال الربيعي

2021 / 3 / 12
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


انجلز كخبير استراتيجي للاشتراكية
بقلم Matias Maiello
المصدر: Ideas de Izquierda
ترجمة: طلال الربيعي
-------
عالج فريدريك إنجلز مجموعة مهمة من الامور العسكرية. في كتاب نُشر قبل عدة سنوات، الرائد بالجيش الأمريكي مايكل بودن أطلق عليه اسم "أول كلاوزفيتز أحمر" (Carl Philipp Gottfried (or Gottlieb) von Clausewitz كان جنرالًا بروسيًا ومنظرًا عسكريًا شدد على الجوانب"الأخلاقية" (بمعنى ، في المصطلحات الحديثة، النفسية. ط.ا) كان هناك الكثير من الأسباب لهذا، على الرغم من انقسام الآراء حول من كان له تأثيرا أكبرا على إنجلز! هل هو كارل فون كلاوزفيتز أو جنرال نابليون أنطوان هنري جوميني (أنطوان هنري، بارون جوميني 1779 - 1869 كان ضابطًا فرنسيًا سويسريًا خدم كجنرال في الجيش الفرنسي ولاحقًا في الجيش الروسي، وأحد أشهر الكتاب عن فن الحرب النابليونية. تعتبر أفكار جوميني عنصرًا أساسيًا في الأكاديميات العسكرية، وتعد الأكاديمية العسكرية للولايات المتحدة في ويست بوينت مثالًا بارزًا ؛ كان يعتقد أن نظرياته أثرت على العديد من الضباط الذين خدموا لاحقًا في الحرب الأهلية الأمريكية. ربما يكون قد صاغ مصطلح اللوجستيات في كتابه Summary of the Art of War, ملخص فن الحرب, الصادر في عام 1838ط.ا).). ما هو مؤكد هو أن المؤلف المشارك لوضع البيان الشيوعي الأساس قدم فهما للحرب من وجهة نظر المادية التاريخية. استمر هذا الخط من البحث من قبل فرانز ميرينج (كان ميرينج مؤرخًا شيوعيًا ألمانيًا وسياسيًا اشتراكيًا ثوريًا و عضوًا بارزًا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي لألمانيا خلال الثورة الالمانية 1918–1919. ط.ا), الذي في بلده عمل بشكل مكثف في معالجة الأسئلة العسكرية بهدف الجمع بين مساهمات إنجلز وعمل كلاوزفيتز وأحد خلفائه، هانز ديلبروك
( هانز ديلبروك: مؤرخ ألماني ومن أوائل المؤرخين العسكريين المعاصرين، حيث أسس أسلوبه في البحث على الفحص النقدي للمصادر القديمة، باستخدام التخصصات المساعدة، مثل الديموغرافيا والاقتصاد، لإكمال التحليل والمقارنة بين العصور وتتبع تطور المؤسسات العسكرية. ط.ا). تولى لينين وتروتسكي تطوير هذه الأفكار وتقديمها في مجال الإستراتيجية الثورية في القرن ال 20. هناك العديد من الدراسات حول الفكر العسكري لإنجلز، مثل تلك من قبل Martin Berger, WB. Gallie, Gilbert Achcar, Sigmund Neumann, Mark von Hagen, من ضمن آخرين. لم يكن اهتمام إنجلز بهذه الأمور فكريًا بحتًا - بل كان وثيق الصلة بالسؤال العملي حول كيف يمكن للطبقة العاملة للوصول الى السلطة السياسية. إنجلز جمع بين تحليل ظاهرة الحرب واستخدام النظرية العسكرية بمعالجته المشاكل الاستراتيجية والتكتيكية وحتى التقنية للثورة الاشتراكية. بعد فترة وجيزة من فترة الخدمة العسكرية في المدفعية البروسية في سن 21 ، توفرت لإنجلز فرصة للانضمام إلى الحرب خلال الاحداث الثورية في ألمانيا عام 1849، محاربا ضمن صفوف جيش المتمردين قي بادن وبالاتينات. منذ ذلك الحين، لم يتخل ابدا عن تفكيره في المشاكل العسكرية. قال فيلهلم ليبكنخت "إذا كانت هناك ثورة أخرى في حياته كنا سنشهد في إنجلز كارنو، منظم الجيوش والانتصارات، العقل العسكري " (كان لازار كارنو (1753-1823) عضوًا في لجنة السلامة العامة أثناء الثورة الفرنسية وأنشأ 14 جيشًا للجمهورية. كان يُعرف باسم "منظم النصر" ط.ا.). في 1857 عندما بدا كما لو أن فترة جديدة من الاضطراب على وشك أن تبدأ، كان إنجلز متحمسا لإمكانية العودة إلى ساحة المعركة. لكن هذا لم يحدث. خلال معظم حياته، حلل إنجلز الصراعات الأساسية في ذلك الوقت: صدام ثورات 1848-1849 في فرنسا وألمانيا ، حرب القرم (1853-1856) ،حروب إنجلترا الاستعمارية، حملة غاريبالدي في جنوب إيطاليا وصقلية ، إلخ.. وكان أنجلز من بين الأوائل الذين سلطوا الضوء على الأهمية التاريخية للحرب الأهلية الأمريكية (1861-65) لمستقبل فن الحرب، وشخص أن الحرب الفرنسية البروسية (1870-71) كاتت نقطة تحول للنزعة العسكرية الأوروبية. جودة أعماله حملت الآخرين على الاعتقاد أن اعماله التي تم نشرها دون الكشف عن هويته غالبًا ما كانت تنسب إلى شخصيات عسكرية مهمة آنذاك. كتيب إنجلز بو وراين (1859)، على سبيل المثال، كان يُعتقد أنه من عمل الجنرال البروسي فون فويل.
Works of Frederick Engels 1859
Po and Rhone
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1859/po-rhine/index.htm

في كتابه Anti-Dührung, قام إنجلز بتوليف سلسلة كاملة من الأفكار النظرية حول العلاقة بين تطوير التكنولوجيا وتطبيقها في الحرب، وعلاقتها بالتغييرات في التكتيكات القتالية والاستراتيجيات ومكان السياسة والعوامل الأخلاقية.
Works of Frederick Engels 1877
Anti-Dühring
Herr Eugen Dühring s Revolution in Science
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1877/anti-duhring/

يشير بودن بحق إلى أن "انجلز قدم الى قضية الاشتراكية (في الفكر العسكري, ط.ا) نفس ما قدمه خليفته الأكثر شهرة هانز ديلبروك في العقود التي أعقبت وفاة إنجلز ".
Michael Boden, “First Red Clausewitz”: Friedrich Engels and Early Socialist Military Theory (Auckland: Pickle Partners Publishing, 2014).
https://www.amazon.com/First-Red-Clausewitz-Friedrich-Socialist-ebook/dp/B06XGHWYZZ
(ط.ا)

خلال الاثني عشر عامًا التي أعقبت وفاة ماركس، تمكن إنجلز من إدراك البعض - رغم ذلك من الواضح أنه ليس كل- معالم المرحلة الجديدة للرأسمالية والصراع الطبقي الذي كان قادمًا. بفضل عمق تفكيره الاستراتيجي، توقع احتمال حرب عالمية ذات أبعاد مروعة، الحاجة إلى بناء حزب ثوري من نوع جديد، العلامة الأكثر اهمية التي ستكتسبها الثورات في القرن العشرين, وأشياء أخرى.

قوى الدمار والحرب العالمية
بعد عام من وفاة إنجلز ، في عام 1896، بدء جدل برنشتاين (أو جدل التحريفية). اعتقد إدوارد برنشتاين أن ماركس وإنجلز قد بالغا في تقدير ازمات الرأسمالية وأهمية الصراع الطبقي. برنشتاين اعتبر أن نمو القوى المنتجة آخذ في الازدياد بشكل متناغم، مما يجعل المستقبل الاشتراكي ممكنًا دون الحاجة إلى ثورة. بدا وكأن الاضطرابات الكبرى والأزمات والحروب والثورات أصبحت ببطء أشياء من الماضي، تمامًا مثل القرن التاسع عشر نفسه. على النقيض من وجهات النظر المتفائلة هذه حول كيفية ان تطور القوى المنتجة يمكن أن يكون دافعًا للتحرر ، أمضى إنجلز سنواته الأخيرة في تحليل كيف كانت الرأسمالية تترجم التقدم التكنولوجي والعلمي إلى قوى مدمرة جديدة على مقياس لم يسبق له مثيل من قبل. بداية من الحرب الفرنسية البروسية 1870-1871، لاحظ إنجلز قفزة نوعية في تطوير وسائل التدمير من قبل القوى الأوروبية. العين المدربة"للجنرال"، كما أطلق عليه أصدقاؤه وشركاؤه، قادته إلى استشراف واحدة من أكثر التنبؤات اذهالا حول مستقبل الحرب. في عام 1887 في مقدمة كتاب بقلم Zygmunt Borkheim, كتب انجلز:
"الحرب الوحيدة المتبقية لبروسيا المانيا ستكون حربًا عالمية، حربًا عالمية ،علاوة على ذلك، من مدى وعنف لم يكن متخيلًا حتى الآن. ثمانية إلى عشرة ملايين جندي سيشاركون في محاربة بعضهم البعض […] حرب الثلاثين عاما ستضغط إلى ثلاث إلى أربع سنوات وتشمل القارة بأكملها؛ […] تنتهي في [...] انهيار الدول القديمة وحكمتها السياسية التقليدية حيث ستتدحرج التيجان في المزاريب...، ولن يكون هناك أحد في الجوار لألتقاطها؛ الاستحالة المطلقة للتنبؤ كيف سينتهي كل شيء […] امر واحد فقط مؤكد تمامًا: استنفاد عالمي وخلق شروط الانتصار النهائي للطبقة العاملة. "
Frederick Engels 1887
Introduction to Borkheim
Abstract
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1887/12/15.htm

وهكذا توقع إنجلز الطابع العالمي للحرب الألمانية القادمة قبل نشوبها بـ 27 عامًا، والدمار الهائل "إلى حد لم يكن متخيلاً حتى الآن" الذي سوف تجلبه الحرب العالمية الاولى. حتى تفاصيل هذا الوصف ملفتة للنظر، بما في ذلك عدد القتلى - مطابق تقريبًا للأرقام النهائية - والمدة. هو تنبأ بالعواقب العسكرية ("الاستنفاد العالمي") والعواقب السياسية ("التيجان تتدحرج في المزاريب" ، كما حدث مع القيصر فيلهلم الثاني ملك ألمانيا أو القيصر نيقولا الثاني في روسيا). أخيرًا، وبشكل أساسي، جادل بأن هذا الوضع سيخلق الظروف لانتصار نهائي للطبقة العاملة. لقد تطورت هذه الظروف في الواقع في مختلف العمليات الثورية، ليس فقط في روسيا ،ولكن أيضًا في ألمانيا والمجر وفنلندا، ولاحقًا في العامين الأحمرين في إيطاليا (فترة ثورية في ايطاليا حيث استولى العمال على المصانع. المزيد في
Biennio Rosso: Italy’s “Two Red Years”
https://www.socialistalternativ.org/2020/06/05/biennio-rosso-italys-two-red-years/
ط.ا)

في رسائل أخرى كُتبت في تلك السنوات، قدم إنجلز رؤى إضافية. في خطاب كتب إلى سورج Sorge في 7 يناير 1888، على سبيل المثال، اكد انجلز أن الحرب لن تنتهي بسرعة:
"لا يمكن التوصل إلى قرار سريع، على الرغم من القوات المقاتلة الهائلة. فرنسا محمية على الحدود الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية بمساحات واسعة جدا من التحصينات والمباني الجديدة في باريس نموذج. لذلك سوف تستمر (الحرب) لفترة طويلة، كما أن روسيا لا يمكن الانتصار عيها بسرعة. إذا ، إذن، كل شيء يسير وفقا لرغبات بسمارك، سيُطلب المزيد من الأمة أكثر من أي وقت مضى ومن الممكن أن تحدث الهزائم الجزئية و اطالة امد الحرب اضطرابات داخلية."

وبهذه الطريقة توقع إنجلز حالة الجمود التي وصلت لها الامور افي نهاية عام 1914، بعدتقدم القوات الألمانية إلى فرنسا، والحرب على جبهتين التي كان على ألمانيا خوضها
ضد روسيا كذلك. كما توقع عواقب ذلك في الداخل لألمانيا.

بالنسبة لإنجلز، فإن إمكانية منع الحرب تتطلب نهوض الطبقة العاملة، مع بناء تنظيم، وبرنامج ، واستراتيجية قادرة على إنقاذ البشرية من الهمجية التي كانت العسكرة الرأسمالية تستعد لها. في سنواته الأخيرة، كرّس انجلز معظم طاقته لهذه المهمة. جنبا إلى جنب مع ماركس، شن العديد من المعارك السياسية - ليس دائما بنجاح، بالطبع - التي أدت إلى تأسيس حزب العمال الاشتراكي الألماني (SAPD). واصل إنجلز بعد وفاة ماركس هذا العمل وحده لعقد آخر، وخلال ذلك الوقت كان الحزب سريا بسبب قوانين بسمارك المناهضة للاشتراكية. كانت هذه سنوات عندما استطاع الحزب التوسع على نطاق واسع بمساعدة صحيفة Sozialdemokrat، التي تم نشرها في سويسرا من قبل كارل كاوتسكي، بالتعاون مع إنجلز، وتم تهريبها إلى ألمانيا. تبنى لينين هذا النموذج بعد سنوات في "ما العمل؟"
Vladimir Ilyich Lenin
What Is To Be Done?
BURNING QUESTIONS of our MOVEMENT
https://www.marxists.org/archive/lenin/works/1901/witbd/

في عام 1889، ايد إنجلز تشكيل الأممية الثانية. أبعد ما يكون عن التفاؤل بالتقدم والتطور السلمي، وبتحقيق الديمقراطية الاشتراكية المزيد من الحقوق الاجتماعية والديمقراطية كل عام, رأى انجلز كل ذلك مكاسبا مؤقتة. وهكذا، بعد أشهر قليلة من تحقيق الحزب الديمقراطي الاشتراكي لألمانيا أول قفزة انتخابية كبيرة في عام 1890، حيث حصل على 1.4 مليون صوت (19.75٪)، كتب انجلز من لندن إلى هيرمان شلوتر:
"حتى الآن كل شيء يسير على ما يرام هنا، كما هو الحال أيضًا في ألمانيا، حيث Wïllie الصغير [قيصر المانيا] يهدد بإلغاء حق الاقتراع العام - ما الذي يمكن أن يصيبنا أفضل من هذا! نحن نسير بسرعة إما لحرب عالمية أو لثورة عالمية -او كلاهما.
Friedrich Engels, Letter to Hermann Schlüter, June 14, 1890, in Karl Marx and Friedrich Engels, Collected Works, Vol. 48 (London, Lawrence & Wishart, 2010), 508.

تمشيا مع هذا, انتقد انجلز برنامج Erfurt الذي تبنته الديمقراطية الاشتراكية عام 1891، مع ملاحظة عدم وجود استراتيجية ثورية واضحة؛ اقتراح تم تجاهله وسيثبت أنه ذو أهمية مركزية بعد بضع سنوات فقط.

العسكرة الرأسمالية والإستراتيجية الثورية
وفقًا لإنجلز، ماذا سيحدث إذا كانت الطبقة العاملة غير قادرة على منع الحرب؟ كان مقتنعا بأن الحرب ستؤدي إلى ثورة، حتى أنه أعرب عن أمله في ان ذلك يمكن أن يحدث في روسيا. ومع ذلك، كان يدرك أن المراحل الأولى للحرب ستكون ذات عواقب وخيمة على التنظيمات الاشتراكية. أعرب عن هذا في رسائل متعددة، مثل تلك التي كتبها إلى بيبل في سبتمبر 1886:
" الثورة في ألمانيا بعد الهزيمة ستكون ذات فائدة فقط إذا أدت إلى السلام مع فرنسا. أفضل ما في الأمر هو قيام ثورة روسية، ومع ذلك، لا يمكن توقعها إلا بعد هزائم قاسية للجيش الروسي. هذا مؤكد جدا: قبل كل شيء، ستؤخر الحرب حركتنا في جميع أنحاء أوروبا وتعطلها تمامًا في كثير من الأحيان في بعض الدول، وستقوم بإثارة الشوفينية وكراهية الأجانب وتترك لنا احتمالية معينة، من بين العديد من الأشياء الأخرى غير المؤكدة، من الاضطرار إلى البدء من جديد بعد الحرب ،وإن كان ذلك على أساس أفضل بكثير حتى من اليوم."
Friedrich Engels, Letter to August Bebel, September 13-14, 1886, in Karl Marx and Friedrich Engels, Collected Works, Vol. 47, 487.

بعبارة أخرى، بعيدًا عن أي رؤية تطورية لكيفية مسار الحزب، رأى إنجلز الصعوبات التي ستجلبها الحرب للاشتراكيين، مع تصاعد الشوفينية وكراهية الأجانب، لكنه اعتقد أن الحركة الاشتراكية ستعاود الظهور مجددًا "على أساس أفضل بكثير". في المقدمة المذكورة أعلاه عام 1887، أوضح هذه النقطة في شكل تحدٍ للطبقات الحاكمة:
"قد تدفعنا الحرب إلى الخلفية لفترة من الوقت، وقد تنتزع العديد من القواعد من أيادينا. لكن […] بنهاية التراجبديا ستدمرون أنتم وإن انتصار البروليتاريا إما أن يتحقق أو يصبح امرا لا مفر منه."
تنبأت هذه الفكرة بمفترق طرق ستجد الديمقراطية الاشتراكية الألمانية نفسها فيه عند اندلاع الحرب العالمية. في عام 1914، أيد قادة الديمقراطية الاشتراكية (ائتمانات) الحرب، من أجل منع الدولة من انتزاع "العديد من القواعد التي تم احتلالها". هؤلاء القادة ضمنوا "السلم الأهلي"، مما أعاق الصراع الطبقي - بما في ذلك فرض الحظر على الإضرابات - والعمل كشركاء في اضطهاد الجناح اليساري للحزب. لقد اقترح إنجلز الاتجاه المعاكس بالضبط. قد تكون مهتما ايضا ب: ثورة أم استنزاف: قراءة كاوتسكي ما بين السطور.
Revolution´-or-Attrition: Reading Kautsky Between the Lines
https://www.leftvoice.org/revolution-or-attrition-reading-kautsky-between-the-lines

لكن نهج إنجلز يتناقض أيضًا مع تفسير كاوتسكي النظري في عام 1910، باستخدام مصطلح "استراتيجية الاستنزاف." على هذا النحو من الناحية النظرية، كان المفتاح هو تراكم القوى، بينما كان المنظور الثوري يميل بشكل متزايد إلى مستقبل غير محدد. وفقا لكاوتسكي، كان إنجلز يتصور استراتيجية جديدة هدفها الرئيسي هو احتلال المناصب (في النقابات ،البرلمان ، إلخ) داخل النظام بطريقة تطورية. استند هذا الاقتراح حول مقدمة إنجلز عام 1895 لكتاب ماركس "الصراع الطبقي في فرنسا". فمن أجل تجنب رقابة الدولة، تم قطع هذا النص من قبل فيلهلم ليبكنخت، وحذف الأجزاء التي تشير إلى استراتيجية ثورية للاستيلاء على السلطة. الشيء الوحيد الذي بقي من تأملات إنجلز حول القتال الجسدي في الثورة:
"تمرد على الطراز القديم، قتال الشوارع ووضع الحواجز، حتى عام 1848في كل مكان كان القرار النهائي قد عفا عليه الزمن إلى حد كبير."
Frederick Engels 1895
Introduction to “The Class Struggles In France” by Frederick Engels
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1895/03/intro.htm

ومع ذلك، في الجزء المحذوف ، تابع إنجلز:
"هل هذا يعني أن قتال الشوارع لن يلعب دورًا إضافيًا في المستقبل؟ بالتاكيد لا. هذا يعني فقط أن الظروف منذ عام 1848 أصبحت غير مواتية أكثر بكثير ل [مقاتلين مدنيين] ، وأكثر مواتاة بكثير للجيش. معركة شوارع مستقبلية [...] سوف تضطر إلى استخدام قوى أكبر . ومع ذلك، قد يفضل هؤلاء، كما هو الحال في الثورة الفرنسية العظمى يوم 4 سبتمبر وأكتوبر 31، 1870، في باريس، الهجوم المفتوح على تكتيكات الحواجز السلبية."
Friedrich Engels, “Introduction to Marx’s Class Struggles in France” 1895

بعبارة أخرى، ما كان إنجلز يجادل به هو عمليًا عكس ما كان قد نشر. لا عجب في أن يشتكي إنجلز للمحررين من أن نصه كان "مشذبا بطريقة تجعلني أبدو في أي مكان من المصلين السلميين للشرعية بأي ثمن."
Engels To Kautsky
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1895/letters/95_04_01.htm

بعد بضعة أشهر ، توفي إنجلز ولم يُحسم الأمر وتم وضع خطاب احتجاج إنجلز في الدرج ولم يتم نشر المقدمة الكاملة حتى عام 1930. لم يكن نقد فتيشية المتاريس شيئًا جديدًا في عمل إنجلز - لقد شارك هذا الرأي مع ماركس. يمكن إرجاعه إلى مقالاته في Neue Rheinische Zeitung حول انتفاضة العمال في يونيو 1848 في فرنسا. بقيت المتاريس-الحواجز واحدة من العناصر الفنية للانتفاضة - ولعبت دورًا مهمًا في تقويضها معنويات القوات المعادية - لكنها لم تكن استراتيجية. وهكذا، في مقالاته في New York Daily Tribune - جمعت لاحقًا باسم "الثورة والثورة المضادة في ألمانيا"
Revolution and Counter-Revolution in Germany
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1852/germany/index.htm
طور إنجلز فكرة التمرد كفن، مما يعني التحضير والجمع بين عنصر "المفاجأة" الخاص بـ "الانتفاضة-التمرد" مع عنصر التدخل العنيف للجماهير ، واتخاذ أقدارهم الخاصة بأياديهم من أجل الانتصار. "
Insurrection
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1852/germany/ch17.htm
تم تناول هذا المفهوم مرة أخرى من قبل لينين وتروتسكي والأممية الثالثة في سنواتها الأولى كعنصر أساسي في الإستراتيجية الثورية.في مقدمة 1895، أشار إنجلز إلى مزايا استخدام الاقتراع العام والبرلمان للمساهمة في تكديس القوات خارج البرلمان للنضال ب"قوى أكبر" من أجل "الهجوم المفتوح". ومع ذلك فإن الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من النسخة الخاضعة للرقابة من النص أن الحصول على المناصب داخل النظام (في البرلمان والنقابات ، إلخ) كان هدفًا سيؤدي في حد ذاته الى تحقيق تقدم نحو الاشتراكية خارج الصراع الطبقي او بمعزل عنه. الحرب العالمية الأولى أظهرت أن هذه الأوهام لا أساس لها من الصحة، وأن منظور إنجلز بتطور النضال على أساس أكثر ملاءمة, في الواقع, تجسد في روسيا وألمانيا، على الرغم من أنه, في الحالة الأخيرة, لم ينتفع الجناح اليساري للديمقراطية الاشتراكية في الوقت المحدد بالاستفادة من ظروف ثورة 1918-1919.

إِرْث إنجلز
خلال السنوات الأخيرة من حياته، رأى إنجلز كيف أن حقبة واحدة تنتهي وحقبة جديدة تشرع بالقدوم. وصف لينين هذه الحقبة الجديدة بأنها مرحلة أزمات وحروب وثورات. بطبيعة الحال، فإن تكهناته حول الحرب العالمية الأولى لا تعني أنه كان دوما محقا. كما قال تروتسكي:
Only very naive persons can think that the greatness of a Marx, Engels´-or-Lenin consists in the automatic infallibility of all their judgments. No, they too made mistakes. But in judging the greatest and most complicated questions they used to make fewer mistakes than all the others
"فقط الأشخاص الساذجون للغاية هم من يستطيعون التفكير في ان عظمة ماركس أو إنجلز أو لينين تكمن في العصمة التلقائية لجميع أحكامهم. لا، لقد ارتكبوا أخطاء أيضًا. لكن في الحكم على أعظم الأسئلة وأكثرها تعقيدًا ارتكبوا عددا أقل من الأخطاء قياسا بالآخرين."
Leon Trotsky
Engels’s War Articles
https://www.marxists.org/archive/trotsky/1924/03/engels.html

من ناحية أخرى، تغيرت أشياء كثيرة بعد وقت قصير من وفاة إنجلز: لم يشهد تصاعد الحركة النقابية، ولا التطور اللاحق للبيروقراطية في النقابات و الديمقراطية الاشتراكية الألمانية. ولم يشهد القفزة في نشاط الحركة العمالية التي بدأت في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر بأساليبها الخاصة (الإضرابات الجماهيرية)، ولا التطور النوعي في إستراتيجية الطبقة العاملة التي حدثت في بداية القرن العشرين. وهو لم يكن قادرًا على مقارنة فرضياته فيما يتعلق بتطوير الجيوش الجماهيرية مع تطورها اللاحق. قد تكون مهتما ايضا ب: الديمقراطية الاشتراكية والإمبريالية: المشكلة مع كاوتسكي
Social Democracy and Imperialism: The Problem with Kautsky
https://www.leftvoice.org/social-democracy-and-imperialism-the-problem-with-kautsky

ومع ذلك، فقد تنبأ ببعض الأحداث الدرامية العظمى في القرن العشرين. أوهام برنشتاين حول التطور السلمي للرأسمالية وتنامي "هارمونيتها" وكذلك أوهام كاوتسكي حول التراكم التدريجي للمكتسبات والحقوق داخل النظام الرأسمالي ، ثبتت أنه لا أساس لها من الصحة وكان لها عواقبا وخيمة. فعلى الرغم من ذلك، بعد قرن من الزمان، أصبحت هذه الشخصيات رائجة أكثر مما كان متوقعًا. في حالة كاوتسكي، تم تبني إرثه بشكل صريح من قبل قطاع كبير من اليسار الأمريكي, الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا. ومؤسس مجلة Jacobin يقترح ألعودة إلى "الديمقراطية الاشتراكية قبل عام 1914".

في حالة برنشتاين، بالإضافة إلى الدين الذي يدين به رواد الاصلاحية الجديدة neoreformism البارزون مثل إرنستو لاكلاو Ernesto Laclau وفكرته عن الرأسمالية المتناغمة ونظرته الغائية teleological للتطور في قوى الإنتاج, الا انه يمكن العثور عليها ايضا في نسخ مختلفة - بعضها أكثر تفاؤلاً وبعضها الآخر أقل من ذلك - في منظري "ما بعد الرأسمالية".

في مواجهة مثل هذا الاوهام، فإن إرث إنجلز لديه الكثير ليعلمنا إياه بشأن إمكانية منع هذا القرن الجديد من أن يصبح مسرحًا للحرب والهمجية الرأسمالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العامان الأحمران في ايطاليا
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 12 - 22:19 )
من جديد رابط
Biennio Rosso: Italy’s “Two Red Years”
By Massimo Amadori and Giuliano Brunetti -June 5, 2020
هو
https://www.socialistalternative.org/2020/06/05/biennio-rosso-italys-two-red-years/


2 - للمزيد عن تنظير انجلز للحرب والثورة
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 12 - 22:48 )


لمن يود معرفة المزيد عن تنظير انجلز للحرب وفي الفكر العسكري والثورة عموما, يمكنه مراجعة المصادر التالية
Martin Berger, Engels, Armies, and Revolution: The Revolutionary Tactics of Classical Marxism (Hamden, Archon Press, 1977).

WB. Gallie, Philosophers of Peace and War: Kant, Clausewitz, Marx, Engels and Tolstoy (Cambridge, Cambridge University Press, 1978).

Gilbert Achcar, “Engels: theorist of war, theorist of revolution,” in International Socialism (97), London, Winter 2002.

Sigmund Neumann and Mark von Hagen, “Engels and Marx on Revolution, War, and the Army in Society,” in Peter Paret (ed.), Makers of Modern Strategy: From Machiavelli to the Nuclear Age (Princeton, Princeton University Press, 1986).


3 - كيف توصلت الى هذه النتيجة؟
يعقوب ابراهامي ( 2021 / 3 / 13 - 09:58 )
في مواجهة مثل هذا الاوهام (أي أوهام ؟ - ي.أ.)، فإن إرث إنجلز لديه الكثير ليعلمنا إياه بشأن إمكانية منع هذا القرن الجديد من أن يصبح مسرحًا للحرب والهمجية الرأسمالية
دون الأنتقاص من إرث انجلز - لم أفهم كيف أن ما جاء في المقال يوصلنا الى هذه النتيجة


4 - كانت عائلة ماركس تسميه بالجنرال
حسين علوان حسين ( 2021 / 3 / 13 - 14:58 )
الرفيق العزيز الاستاذ الدكتور طلال الربيعي المحترم
تحية حارة
احسنتم بلفت النظر لهذا الجانب المهم من عبقرية انجلز ، الذي كان ماركس يقول له : أنت الأول ، و أنا الثاني .
كل الحب و التقدير و الاعتزاز .


5 - نظرية الأحرار والأخيار وليس العبيد والأشرار
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 13 - 16:31 )
الرفيق العزيز الاستاذ د. حسين علوان حسين المحترم
كل الشكر على تعليقك!
الذين يسعون الى الإساءة الى انجلز, وهدفهم أيضا بالطبع ماركس وعموم الماركسية, هم في الواقع أقزام أميون فكريا ويشعرون بكل عقد الدنيا من لؤم ودونية وضعة وكراهية لأنفسهم وللبشرية.
فمؤلفات ماركس وانجلز يحتفى بها وتؤلف حولها الكتب الصادرة, كما في تعليقي 2, من ارقى جامعات العالم قاطبة مثل كامبردج وبرينستون, وعلى عكس متثاقفينا الرجعيين الصغار الذين, احتكاما الى داروين, قد أضلوا طريقهم في غابة الرأسمالية المتوحشة وبقوا لحظهم العاثر مكبلين بقيود مرحلة ما قبل ألإنسان. فكيف يمكن لسكان الغابات والكهوف فهم الماركسية كأفضل إنتاج فكري عرفته البشرية قاطبة!؟
إن الماركسية هي نظرية الأحرار والأخيار وليس العبيد والأشرار.
مع فائق مودتي واحترامي


6 - شيوعية انجلز نقيض -الشيوعية!- المرآتية-النرجسية!
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 14 - 00:57 )
ما يسحرني اكثر من اي شيئ حول انجلز ويشكل مصدر عظمته قبل كل شيئ هو ان انجلز, كثوري عظيم, لم يكترث قيد شعرة للعادات والقيم الفيكتوريانية الطهرانية وقيمها الجنسية المتزمتة. فهو يسمي قيصر المانيا
Wïllie
والترجمة الحرفية للكلمة هو القضيب الصغير (ايحاء للشخص الضعيف).
https://synonyms.reverso.net/synonym/en/willie
و انجلز, كمثقف ثوري عالي الطراز, لم يكترث لكيفية رؤية الآخرين له. اي ان شخصه تشكل من خلال قناعات داخلية ولم يكن انعكاسا مرآتيا لقيم المجتمع السائدة في عصره. وللأسف ان شيوعية أحزاب المنطقة عموما هي نقيض كامل لشيوعية انجلز, حيث ان شيوعيتها مجرد نسخة اخرى لقيم المجتمع السائدة. بعبارة اخرى, ان شيوعيتها, اذا اقتبسنا المحلل النفسي لاكان, هي الشيوعية المرآتية. انظر
-مرحلة المرآة لدى لاكان-
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=372614
الشيوعية المرآتية هي صنو للشيوعية النرجسية. ولكون الشيوعية والنرجسية نقيضان لا يلتقيان, فان شيوعيتهم ما هي الا نسخة اخرى للآيديولوجية الرأسمالية (بوجه انساني=منافق) تتبرقع ببرقع الشيوعية!


7 - إني لم افترض
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 15 - 05:31 )
المعلق 3
إني لم افترض انك تستطيع الفهم. هذه فرضيتك وليست فرضيتي. واني لست مسؤولا عن فرضياتك!

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري