الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوامل الصمود السورية في مواجهة الاستراتيجية الأمريكية البايدينية

عليان عليان

2021 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


فصل جديد من التآمر على سورية منذ وصول الرئيس الأمريكي " جوزف بايدن" إلى سدة الحكم ، لا يقل عدوانية عن سلفه " ترامب" ، بل يفوقه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن التدخل الأمريكي في سورية، بدأ في عهد الرئيس أوباما، عندما كان " بايدن " نائباً له وأن الدعم اللامحدود لتنظيم "داعش" الإرهابي ، وإقامة القواعد الأمريكية في الشرق السوري وعلى رأسها قاعدة " التنف" تم في عهد أوباما ، وأن تبني قوات سورية الديمقراطية " قسد " – الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ، وتقديم الدعم لمشروعها الانفصالي تم أيضاً في عهد الإدارة الديمقراطية.
"فيلتمان" ومراجعة السياسة الأمريكية في سورية
لقد تعامل العديد من المحللين مع ما طرحه " جيفري فيلتمان"- السفير الأمريكي السابق في لبنان والجزائر في مقابلة له مع صحيفة " الشرق الأوسط"، بأنه يعكس استراتيجية الإدارة الأمريكية الحالية في سورية ، لكن تطورات الأمور منذ تقلد الرئيس بايدن مقاليد الأمور تؤكد أن ما جاء في حديث " فيلتمان" يعكس جزءاً من الخطة الأمريكية للحزب الديمقراطي وليس كلها.
وللتذكير فقد أشار فيلتمان إلى ما يلي:
1- أ"ن سياسة كل من أوباما وترامب فشلت في تحقيق نتائج ملموسة ، وأن سياسة عزل سورية وخنقها بالعقوبات ، فشلت في إحداث تغيير في نهج الحكومة السورية" ما يعني أنه لا الحرب أفادت الأمريكيين ولا افتعال أزمات داخلية ، ولا احتلال الشرق والسيطرة على آبار النفط ، ولا غرف العمليات المشتركة ، ولا العمليات العدوانية الإسرائيلية بضوء أخضر أمريكي أثرت على نهج الحكم العروبي في سورية.
2-إن تهديد البقاء لحكم الأسد، لم يعد عسكرياً ولا بسبب ما أسماها بالانتفاضة، بل بسبب تراجع الوضع الاقتصادي ، وأنه من غير الواقعي أن تقوم السياسة الأمريكية على (تغيير النظام) في المدى القصير ، بل يجب أن تقوم على محاولة تشجيع التعامل مع القضايا الكبرى من سياسات النظام وسلوكه ، زاعماً أن حكم الأسد ليس مضموناً في المدى الطويل جراء ما أسماه بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية والبنيوية التي ستخلق-حسب زعمه- كثيراً من المشاكل التي لا يمكن لنظام دمشق للتعامل معها، وأن إيران سورية وحزب الله الذين دعموه عسكريا ، لا يمكنهم إنقاذه اقتصاديا.
3- وفي ضوء هذا الاعتراف بالفشل يطرح فيلتمان مقاربة جديدة "أنه لا بد من اختبار مقاربة جديدة تقوم على اتخاذ الرئيس السوري بشار الأسد "خطوات ملموسة ومحددة وشفافة لا يمكن العودة عنها في شأن الإصلاح السياسي"، مقابل إقدام واشنطن على أمور بينها تخفيف العقوبات على دمشق ، وهذه المقاربة وإن كانت تنطوي على عرض غير مباشر للتفاوض إلا أنها تحتوي على تهديد واضح ومكشوف يتجاوز سياسة العصا والجزرة.
لكن تطورات الأمور على الأرض تؤكد أن العصا الأمريكية المطروحة لم تعد محصورة في الضغط الاقتصادي وفق مفاعيل قانون قيصر ، بل تتجاوزها باتجاه تفعيل الجانب الاحتلالي والعدواني ضد النظام في سورية ، وللضغط عليه للقبول باشتراطات المعارضة في مفاوضات اللجنة الدستورية برئاسة "بيدرسون" التي تجرد الرئيس الأسد من صلاحياته ، والتخلي عن تحالف سورية مع إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية..ألخ ومثل هذه المطالب سبق وأن رفضها الرئيس بشار الأسد عام 2003 بعد احتلال العراق عندما حضر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن بأول مباشرةً إلى دمشق مباشرةً، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
استراتيجية عسكرية أمريكية جديدة
واعتراف الإدارة الأمريكية الحالية، بفشل العمل العسكري في إسقاط النظام السوري لا يعني أنها طوت صفحة هذا العمل العدواني ، بل يعني أنها تسعى لتجاوز الثغرات والتخبط في التعامل مع الأزمة السورية في فترة إدارة ترامب ، لجهة تطوير العدوان في سياق أكثر فاشية، ناهيك أنها ترى في تطويره جزءاً من المواجهة الشاملة مع إيران ومع عموم أطراف محور المقاومة ، وجزءاً من المواجهة مع روسيا على مساحة ممتدة من أوكرانيا والبلطيق والقوقاز وصولاً إلى سورية وشرق المتوسط عموماً.
فالاستراتيجية العسكرية الأمريكية الراهنة في سورية، تشكل امتداداً لاستراتيجية الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ، وأبرز عناوينها:
-إعادة إحياء تنظيم داعش وتقديم كافة التسهيلات والدعم له من قبل قاعدة (التنف) ليباشر هجماته على المدنيين العسكريين في بادية حمص وعلى امتداد الطريق الواصل بين دمشق وتدمر ودير الزور .
2- العمل على قطع الطريق الواصل بين إيران والعراق وسورية من خلال محاصرة المعابر الرئيسية الواصلة بين سورية والعراق وعلى رأسها " معبر " ألبوكمال".
3- إعادة الاعتبار للتحالف الدولي الأمريكي ،الذي سبق وأن أقامه الرئيس الأسبق " باراك أوباما"بذريعة محاربة داعش وبقية فصائل الارهاب ، من خلال الإتيان بقوات من مختلف الدول المشاركة في التحالف المذكور ، لتتمركز إلى جانب قوات الاحتلال الأمريكية في نقاط الارتكاز والقواعد الأمريكية ،لتحقيق هدفين رئيسيين هما ( أولاً) أن تكون مسؤولية قطع طريق دمشق – بغداد – طهران غير محصورة بالقوات الأمريكية ، بل تشاركها في المسؤولية بقية قوات دول التحالف ( وثانيا) تحويل الحصار الاقتصادي على سورية ( نهب الثروات النفطية والغازية) من حصار أمريكي إلى حصار دولي .
4- التكامل مع الكيان الصهيوني في مواجهة تواجد الحليف الإيراني في سورية.-
5- تقديم مزيد من الدعم للانفصاليين الأكراد ممثلين في مجلس سورية الديمقراطي وأداته العسكرية " قسد"، وتوظيف الورقة الكردية للضغط على تركيا حيال علاقاتها مع روسيا وخاصة بشأن صفقة صواريخ " س 400" ، هذا من جهة ومن جهة أخرى توظيفها لإرباك النظام السوري سياسياً واقتصادياً بحكم سيطرتها على سلة غذاء سورية في الحسكة وعلى مصادر الطاقة في الشرق السوري.
خطوات تطبيقية للاستراتيجية الأمريكية
ما يجب الإشارة إليه أن قيادات البنتاغون، وجدت ضالتها في فوز بايدن ، لجهة تفعيل العمل العسكري ضد سورية، وسبق أن اعترضت على قرارات ترامب بالانسحاب من سورية ، وعرقلت تنفيذها ، وأصبحت يدها طليقة أكثر في العدوان على سورية وفقاً لاستراتيجية الحزب الديمقراطي ، وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي:
1-نقل قوات الاحتلال الأمريكية مجاميع من تنظيم داعش الإرهابي من سجون "قسد" إلى معسكرات لها قرب قاعدة " التنف" ، وكذلك نقل المئات من إرهابيي التنظيم من العراق إلى نفس المنطقة ، حيث قامت قوات الاحتلال بتوفر الحماية والدعم لتلك المجاميع الإرهابية، للقيام بعمليات هجومية ضد عناصر الجيش العربي السوري والمواطنين المدنيين في البادية السورية" في محاولة بائسة لقطع الطريق بين دمشق وبغداد.
إذ أنه في الثالث والعشرين من شهر كانون ثاني (يناير ) من العام الجاري – بعد ثلاثة أيام من تنصيب " بايدون "أطلقت مجموعة من داعش قادمة من منطقة " التنف" النار على حافلة تقل عسكريين على طريق دير الزور تدمر في منطقة المالحة الشولا ما أدى إلى استشهاد ثلاثة عسكريين وجرح عشرة آخرين".
2- قيام القوات الأمريكية والإسرائيلية والحليفة لها ( البريطانية والألمانية )، بسلسلة متصلة من عمليات القصف في منطقة دير الزور وألبو كمال، مستهدفة قوات سورية ومواقع لفصائل المقاومة العراقية ومواقع تتواجد فيها قوات إيرانية ، ارتقى خلالها العشرات من الشهداء ، وآخر هذه الهجمات قيام الطيران الحربي الأمريكي في (25 شباط/فبراير) الماضي ،بقصف بنى تحتية تستخدمها فصائل مقاومة عراقية حليفة لإيران وسورية (25 شباط/فبراير) الماضي ، ما أسفر عن استشهاد 20 مقاتلاً ، وذلك في أول عملية عسكرية لإدارة جو بايدن رداً على هجمات مزعومة على مصالح غربية في العراق.
3- العودة إلى تكتيك اتهام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية ، من خلال إرسال مجاميع من " الخوذ البيضاء" في مطلع شهر شباط (فبراير ) الماضي إلى محافظة إدلب في مناطق خفض التصعيد ،التي يتواجد فيها الارهابيون ،لافتعال هجوم كيماوي ومن ثم اتهام الجيش العربي السوري بالهجوم ، لتبرير عدوان عسكري جديد على مواقع سورية ولفك الحصار عن الجماعات الإرهابية .
4- التوسع في إقامة نقاط ارتكاز وقواعد عسكرية أمريكية جديدة في العراق ، حيث باشرت قوات التحالف الأمريكي بإقامة قاعدة عسكرية ضخمة داخل قرية "عين ديوار" بريف الحسكة الخاضعة لسيطرة ميليشيات سوريا الديمقراطية "قسد ، وتزويدها ببطاريات صواريخ مضادة للطيران بالإضافة إلى صواريخ متوسطة المدى.
وقد ترافق ذلك كله بعمليات الحصار التي تطبقها "قسد" على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في الحسكة والقامشلي ، ومع عمليات القصف الإسرائيلي المستمرة لمحيط العاصمة دمشق .
عوامل الصمود والتحدي السوري
الاستراتيجية الأمريكية سالفة الذكر المترافقة مع الحصار الاقتصادي رغم الآثار الخطيرة الناجمة عن ، في طريقها للفشل لعدة اعتبارات أبرزها :
1-أن ميزان القوى في سورية رغم التواجد الاحتلالي الأمريكي في مناطق من الشرق والشمال الشرقي في سورية ، ورغم التواجد الاحتلالي التركي في مناطق في الشمال السوري، لا يزال يميل لمصلحة الدولة السورية وحلفائها ، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن معظم مساحة سورية بما فيها المدن الرئيسية ، تحت سيطرة النظام العروبي في سورية.
2- أن محور المقاومة يعمل في إطار استراتيجية متكاملة ، تأخذ بعين الاعتبار إدارة الأمور وفق أولويات المواجهة ، وأن هزيمة فصائل الارهاب تحظى بالأولوية في هذه المرحلة تتلوها مواجهة الاحتلال الأمريكي والاعتداءات الصهيونية.
3- أن المراهنة على رضوخ سورية لمطالب المعارضة المزعومة- المدعومة أميركياً ورجعياً -في اجتماعات لجنة الدستور ، هي مراهنات خاسرة ، وما فشلت في تحقيقه في ميدان القتال لن تتمكن من تحقيقه في المفاوضات ، ناهيك أن " جنيف 1" و " جنيف 2" باتا وراء ظهر سورية ، وتم دفنهما وإهالة التراب عليهما ، في اتفاقات أستانة وسوتشي.
4- أن روسيا حليف موثوق للنظام السوري ، وفقاً لمعادلة المصالح المتبادلة ، فمثلما لعبت دوراً مركزياً في ضرب وتحطيم فصائل الإرهاب في عهدي أوباما وترامب ، فإنها نجحت في هذه المرحلة بالتنسيق مع الجيش العربي السوري ، في التصدي لمحاولة بعث " تنظيم داعش" من جديد ، من خلال الضربات الجوية الاجتثاثية له في بادية حمص والشرق السوري عموماً.
يضاف إلى ذلك ، فإن روسيا بدأت تتجاوز مسألة الحياد في ما يتعلق بالضربات الصاروخية الإسرائيلية لسوريا ، من خلال تهديدها الواضح والصريح للكيان الصهيوني ، الذي جاء فيه " أن صبر سورية قد نفذ "، والذي جرى ترجمته بنجاح الدفاعات الجوية السورية عبر منظومات صواريخ “بانتسير-إس” و”بو إم 2″ الروسية ،في إسقاط كافة الصواريخ الإسرائيلية التي استهدفت جنوب العاصمة دمشق مؤخراً ، ما يؤكد أن روسيا رفعت " الفيتو" بشأن منع استخدام دمشق لصواريخ الدفاع الجوي الروسي المتطورة ، وما يعكس توجهاً روسياً تصعيدياً ، بعد وصول بايدن للسلطة ،ولإفشال استراتيجيته في سورية التي تشكل ( إسرائيل) جزءاً منها.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس