الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حان وقت محاسبة الصهيونية وحكام اسرائيل

خليل اندراوس

2021 / 3 / 13
القضية الفلسطينية



الدعم الامريكي غير المشروط لاسرائيل منذ اقامتها، وتجاهل معاناة الشعب العربي الفلسطيني من قبل الغرب خاصة الولايات المتحدة لهو اكبر دليل على ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة وكذلك دول الغرب مختطفة من قبل اللوبي الصهيوني العالمي والماسونية العالمية. وموقف الولايات المتحدة الاخير الذي يعارض محاسبة اسرائيل من قبل منظمة حقوق الانسان الدولية لأكبر دليل على ذلك.

فخلال الاجتماع الاخير لمجلس حقوق الانسان صوتت 23 دولة لمصلحة قرار يتبنى به هذا المجلس التابع لهيئة الامم المتحدة بارتكاب اسرائيل جرائم حرب ضد المشاركين في مسيرات العودة في غزة المحاصرة، وفي الضفة الغربية المحتلة.

وتبنى مجلس حقوق الانسان قرارا يتعلق بتحميل المسؤولية، طرحته جمهورية باكستان نيابة عن منظمة التعاون الاسلامي وصوتت لمصلحة القرار 23 دول مقابل اعتراض 8 دول وامتناع 15 دولة، ووافق مجلس حقوق الانسان على 5 قرارات تدين اسرائيل في الايام الخمسة الاخيرة من اعمال دورته. وجرى التصويت على القرار بعد نقاشات حادة بين الدول الاعضاء في مجلس حقوق الانسان وعددها 46، وبين جمعيات حقوقية تدافع عن اسرائيل، تخللها عرض لتقرير تقصي الحقائق المتعلقة بارتكاب اسرائيل انتهاكات ترقى الى ان تكون جرائم ضد الانسانية. وباشرت اللجنة عملها منذ ايار الماضي، واعتمدت على الفترة الزمنية الممتدة من 30 آذار 2018 تاريخ انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار – هذا الحصار الارهابي "الرسمي" البربري الذي تفرضه اسرائيل على سكان غزة الصامدة المقاومة البطلة – حتى 31 كانون الاول الماضي.

وخلصت لجنة تقصي الحقائق الى ان قوات الجيش الاسرائيلي قتلت بالرصاص الحي 183 متظاهرا شاركوا في مسيرات العودة وكسر الحصار، من بينهم 35 طفلا وثلاثة مسعفين وصحافيين، واصابت حوالي 6106 فلسطينيين بجروح اثناء وجودهم في مواقع الاحتجاجات وبترت اطراف حوالي 122 شخصا، من بينهم 20 طفلا، وتعد القرارات التي اتخذها مجلس حقوق الانسان بمثابة توثيق جديد لعدم اعتراف اسرائيل بل انتهاكها "المدروس" والاستراتيجي والتاريخي للقوانين الدولية.

ومن المهم ان نذكر ايضا بان المجلس تبنى قرارا يعارض احتلال اسرائيل لمرتفعات الجولان السورية المحتلة ويطالبها بالالتزام بجميع قرارات الامم المتحدة. وخلال جلسات مجلس حقوق الانسان تعرضت الدول الاعضاء لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة الامريكية بهدف منع الدول من التصويت ضد اسرائيل، هذه المواقف المتطرفة للولايات المتحدة الداعمة لاسرائيل ستؤدي في النهاية الى اضعاف موقف الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط، والى زيادة صمود وشعبية محور المقاومة في غرب آسيا. وسيحكم على هذه السياسة الامريكية احادية الجانب وغير المشروعة وغير الانسانية والعنصرية بالاخفاق الكامل والفشل الذريع.

تتناسى الولايات المتحدة وكذلك العديد من الدول الامبريالية الغربية بان خلق اسرائيل كقاعدة امامية للامبريالية العالمية في الشرق الاوسط، جاء منطويا على جرائم انسانية، منها التطهير العرقي ضد الشعب العربي الفلسطيني، وكدولة تمارس سياسات العنصرية الشوفينية ضد الفلسطينيين الذين يعيشون داخل هذه الدولة، وتمارس اسرائيل سياسات الغطرسة العدوانية والحروب ضد شعوب المنطقة، وتمارس ابشع سياسات الاحتلال والاستيطان الكولونيالي في الضفة الغربية. وعن كل هذه الجرائم تلتزم الولايات المتحدة الصمت لا بل تمارس التأييد المطلق لاسرائيل في المحافل الدولية.

فتاريخ الحركة الصهيونية والتي انطلقت في اواخر القرن التاسع عشر هو تاريخ الممارسات العنصرية الشوفينية الارهابية في البداية كمنظمة وبعد ذلك كدولة. وهنا اريد ان اذكر بانه في اواخر القرن التاسع عشر لم يكن في فلسطين سوى 1500 يهودي (تعرف موجة اليهود الاوروبيين القادمة الى فلسطين ب"العالياه الاولى" وهي تغطي الفترة الممتدة من عام 1882 الى عام 1903 ثمة كان نحو 1500 يهودي في فلسطين – حينها كانت فلسطين تحت الحكم العثماني).

ففي عام 1893 مثلا كان العرب يشكلون 95 بالمئة من سكان فلسطين، وحتى حين جرى تأسيس اسرائيل لم يكن اليهود يشكلون سوى نسبة 35 بالمئة من سكان فلسطين مالكين لنسبة 7 بالمئة من الارض.

واؤكد هنا بان الحركة الصهيونية لم تكن حريصة بل رفضت اقامة دولة ثنائية القومية، واستعدادها لقبول التقسيم اعتبرته خطوة اولى، وهذا القبول لم يكن هدفها الحقيقي بل نوعا من المناورة التكتيكية، وكما قال بن غوريون في اواخر ثلاثينيات القرن العشرين، فـ "اننا سوف نلغي التقسيم ونتوسع الى فلسطين كلها، بعد تشكيل جيش كبير غداة تأسيس الدولة".

وبالفعل هذا ما حصل لاحقا حيث احتلت اسرائيل اجزاء واراضي واسعة تابعة للدولة الفلسطينية بموجب قرار التقسيم واهم هذه المناطق الجليل، وحتى مدينة نهاريا التي كان يجب ان تكون جزء من دولة فلسطين، وكذلك مارست اسرائيل جرائم التطهير العرقي في فلسطين، وهذه الجرائم لا بد ان تحاسب عليها الحركة الصهيونية العنصرية واسرائيل كدولة عاجلا ام اجلا.

وهنا اذكر ما كتبه المؤرخ ايلان بابه الذي تواصلت معه قبل عدة سنوات، في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين" حيث كتب ما يلي: "عصر يوم اربعاء بارد في 10 آذار 1948، وضعت مجموعة من احد عشر رجلا، مكونة من قادة صهيونيين قدامى وضابطين عسكريين شابين، اللمسات الاخيرة على خطة لتطهير فلسطين عرقيا، وفي مساء اليوم نفسه، ارسلت الاوامر الى الوحدات على الارض بالاستعداد للقيام بطرد منهجي للفلسطينيين من مناطق واسعة في البلد، واُرفقت الاوامر بوصف مفصل للاساليب الممكن استخدامها لطرد الناس بالقوة: اثارة رعب واسع النطاق، محاصرة وقصف قرى ومراكز سكانية، حرق منازل واملاك وبضائع، طرد، هدم (بيوت ومنشآت – المترجم). وتم تزويد كل وحدة بقائمة تتضمن اسماء القرى والاحياء المحددة كأهداف لها في الخطة الكبرى المرسومة. وكانت هذه الخطة التي اسمها الرمزي الخطة دالِت (الحرف "د" بالعبرية) هي النسخة الرابعة والنهائية عن خطط اقل جذرية وتفصيلا عكست المصير الذي كان الصهيونيون يعدونه لفلسطين، وبالتالي لسكانها الاصليين. وقد كانت الخطط الثلاث السابقة تعكس بشكل مبهم تفكير القيادة الصهيونية بالنسبة الى كيفية التعامل مع الاعداد الكبيرة من الفلسطينيين القاطنة في الارض التي كانت الحركة القومية اليهودية (الصهيونية العنصرية الشوفينية) تشتهيها لنفسها.

اما هذه النسخة الرابعة والاخيرة، فقد بينت ذلك بوضوح، وعلى نحو غير قابل للتأويل: "الفلسطينيون يجب ان يرحلوا. وبحسب تعبير سيمحا فلابان، من اوائل المؤرخين الذين اشاروا الى اهمية هذه الخطة ومغزاها، فان "الحملة العسكرية ضد العرب، بما في ذلك غزو المناطق الريفية وتدميرها، رُسمت معالمها في خطة دالِت التي اعدتها الهاغاناه"، وكان هدف الخطة في الواقع تدمير المناطق الفلسطينية الريفية والحضرية على السواء".

ويضيف ايلان بابه ويقول: "بعد ان اتخذ القرار، استغرق تنفيذ المهمة ستة اشهر، ومع اكتمال التنفيذ كان اكثر من نصف سكان فلسطين الاصليين، أي ما يقارب 800.000 نسمة قد اقتلعوا من اماكن عيشهم و531 قرية دمرت و11 حيا مدنيا اخلي من سكانه. ان هذه الخطة التي تقرر تطبيقها في 10 آذار عام 1948 والاهم من ذلك تنفيذها بطريقة منهجية في الاشهر التالية، تشكل مثالا واضحا جدا لعملية تطهير عرقي، وتعتبر اليوم في نظر القانون الدولية جريمة ضد الانسانية" (ايلان بابه – التطهير العرقي في فلسطين ص 2 – 3).

وبرأيي هناك ضرورة ملحة لطرح قضية التطهير العرقي في فلسطين عام 1948 امام الهيئات الدولية بما فيها مجلس حقوق الانسان الاممي، وهيئة الامم المتحدة، وقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة خصوصا وان الاعتراف باسرائيل من قبل الامم المتحدة كان مشروطا بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين. فالتطهير العرقي جريمة ضد الانسانية، والذين يقدمون على ارتكابه اليوم يعتبرون مجرمين يجب محاكمتهم امام هيئات قضائية خاصة" (ايلان بابه – التطهير العرقي في فلسطين ص – 3).

لا شك بان قرار مجلس حقوق الانسان قرار تاريخي ويجب ان يكون خطوة نحو محاسبة الحركة الصهيونية العنصرية واسرائيل على جرائمهما. وعندما يصرح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بانه يرفض القرار ويقول بانه يمثل "جوهر النفاق ومعاداة السامية". وبهذا يتناسى هذا السياسي اليميني الصهيوني بانه هو هو قمة النفاق والكذب، ويتناسى بان الصهيونية ومعاداة السامية وجهان لعملة واحدة.

وهنا اريد ان اذكر ما كتبه بن غوريون عام 1941 حيث كتب يقول: "من غير الممكن تصور اجلاء عام (للسكان العرب) دون اكراه، واكراه وحشي" ونذكر ما قاله المؤرخ الاسرائيلي بني موريس الذي كتب ان "فكرة الترحيل (الترانسفير) قديمة قدم الصهيونية الحديثة، وقد صاحبت تطورها وممارساتها العملية على امتداد القرن الماضي" (بني موريس خروج جديد للشرق الاوسط – الغارديان 3/10/2002).

ليعلم قادة اسرائيل وعلى رأسهم نتنياهو بان خلق اسرائيل انطوى على جريمة اخلاقية وانسانية بربرية عنصرية بحق الشعب الفلسطيني، واذكر ما قاله بن غوريون لناحوم غولدمان، رئيس المؤتمر اليهودي سابقا: "لو كنت قائدا عربيا، لما تصالحت قط مع اسرائيل. انه لأمر طبيعي: لقد اخذنا وطنهم.. نحن نأتي من اسرائيل، ولكن منذ الفي سنة وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة اليهم؟ ثمة معاداة للسامية، نازيون، اوشفيتس، ولكن هل كان ذلك ذنبهم؟ لا يرون سوى شيء واحد، جئنا الى هنا وسطونا على بلدهم، ما الذي يجعلهم يقبلون ذلك؟" (ناحوم غولدمان، المفارقة اليهودية ترجمة ستيف كوكس – نيويورك غروست اند دنلاب 1978).

ومنذ ذلك الوقت بل منذ قيام الحركة الصهيونية وحتى الآن يرفض قادة اسرائيل وعلى رأسهم اليميني نتنياهو ويتنكرون ويرفضون طموحات الشعب العربي الفلسطيني القومية الوطنية وحقه في تقرير المصير، ومع كل هذا نجد من يدخل الانتخابات البرلمانية الحالية تحت اسم القائمة "العربية الموحدة"، ويترأسها معانق نتنياهو المدعو منصور. فكل حكام اسرائيل يسعون الى اقامة "بانتوستونات" "كانتونتونات" محاصرة منزوعة السلاح ومقطعة الاوصال خاضعة للتحكم الاسرائيلي الفعلي. ولا بد هنا ان نذكر بان ايجاد اسرائيل عام 1947 – 1948 انطوى على سلسلة من الاعمال بالاضافة الى التطهير العرقي، منها الاعدامات، المذابح، نذكر منها مذبحة دير ياسين والطنطورة وكذلك عمليات الاغتصاب من جانب اليهود الصهاينة.

وكثيرا ما كان سلوك الصهاينة اللاحق مع العرب والشعب الفلسطيني وحشيا عنصريا شوفينيا، فخلال الفترة الممتدة بين عام 1949 - 1956 مثلا اقدمت اسرائيل على قتل 2700 الى 5000 متسلل عربي، اعزل في الغالب. وبعد ذلك ما لبثت طموحات اسرائيل التوسعية ان افضت الى التحاقها بركب بريطانيا وفرنسا في العدوان على مصر سنة 1956 ولم تنسحب من الاراضي المصرية المحتلة الا تحت ضغوط دولية مكثفة. كذلك اقدم الجيش الاسرائيلي ايضا على اغتيال المئات من اسرى الحرب المصريين في حربي 1956 و1967 كلتيهما (غابي برون "اجبار اسرى الحرب المصريين على حفر القبور ومن ثم قتلهم من قبل الجيش الاسرائيلي "يديعوت احرونوت" 17/8/1995).

وقامت اسرائيل خلال حربها العدوانية عام 1967 بطرد 100.000 الى 260.000 فلسطيني من الضفة الغربية المحتلة حديثا وبإبعاد 80000 سوري من مرتفعات الجولان السوري المحتل. كذلك كان الجيش الاسرائيلي متواطئا في عملية ذبح 700 فلسطيني بريء في مخيمات صبرا وشاتيلا للاجئين غداة غزوه للبنان في عام 1982. وخلال الانتفاضة الاولى (1987 – 1991)، مثلا قام الجيش الاسرائيلي بتوزيع الهراوات على افراده وشجعهم على تكسير عظام المحتجين الفلسطينيين، فمنظمة "انقذوا الاطفال" السويدية قدرت ان 23600 الى 29900 طفل باتوا بحاجة الى معالجة طبية جراء تعرضهم للضرب في السنتين الاوليين من الانتفاضة، مع بقاء نحو ثلث العدد معانيا من كسور عظمية دائمة. وما يقرب من ثلث ضحايا الضرب من الاطفال كانوا في العاشرة او دونها من العمر.

ورد اسرائيل على الانتفاضة الثانية (عام 2000 – 2005) كانت اكثر قسوة مما دفع جريدة هآرتس الى قول ان "جيش الدفاع الاسرائيلي.. دائب على التحول الى آلة قتل تتمثل كفاءته باثارة الرهبة، ولكنها صادمة" (قوة سائبة، افتتاحية هآرتس 16/3/2003). كذلك اقدمت القوات الاسرائيلية على قتل عدد غير قليل من نشطاء حركة السلام الاجانب بمن فيهم امرأة امريكية في الثالثة والعشرين من عمرها، سحقها بلدوزر اسرائيلي في آذار عام 2003، والشعب العربي الفلسطيني في الضفة يتعرض لانتهاكات حقوق الانسان بشكل مستمر وعلى نطاق واسع. وتاريخ سياسات اسرائيل العدوانية العنصرية طويل ومع كل هذا استطاع ويستطيع اللوبي الصهيوني الاسرائيلي ان يوظف النظام السياسي الامريكي لصالح الحفاظ على العلاقات الحميمة بين الولايات المتحدة واسرائيل. ووقوف الولايات المتحدة المعيب الى جانب اسرائيل ضد مجلس حقوق الانسان الاممي اخيرا لأكبر مثل على ذلك.

وتأتي واشنطن وتقول بان زيارة بابا الفاتيكان للعراق تعزز "التعايش بين الاديان" في حين نفسها واشنطن مع حلفائها اسرائيل والسعودية ودول الخليج الامريكي يمارسون على ارض الواقع ابشع صور العدوان والاحتلال والارهاب الرسمي وتمزيق الشعوب وتعميق الصراعات الاثنية والدينية، والمؤامرة على سوريا والحرب العدوانية الكارثية على اليمن، فالولايات المتحدة واسرائيل والانظمة الرجعية العربية وعلى رأسها السعودية – الثالوث الدنس يؤججون الصراعات الاثنية والدينية في غرب آسيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة