الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقيل النظم الاقتصادية بعد الجائحة

احمد حسن عمر
(Dr.ahmed Hassan Omar)

2021 / 3 / 13
الادارة و الاقتصاد


الاقتصاد الموجه
اعداد
تعددت النظم الاقتصادية التي تسعى لمعالجة المشاكل الاقتصادية المختلفة، وتنوعت ما بين أنظمة تقيّد السوق وأنظمة تعطيه حرية كاملة، وذلك بحسب ظروف كل دولة. ودراسة النظم الاقتصادية بصفة عامة تؤدي إلى الاستفادة من التجارب السابقة بتبني الجوانب الناجحة والابتعاد عن الأخطاء والسلبيات وتطوير أو تطويع ما يحتاج إلى ذلك منها، وعرف العالم الحديث ثلاثة أنظمة اقتصادية تتمثل فى نظام الاقتصاد الحر « الرأسمالي « , ونظام اقتصاد الدولة أو الاقتصاد الجماعي (الاشتراكي)، والنظام الاقتصادي المختلط ، ويقوم نظام الاقتصاد الحر على مبادرات الأفراد المطلقة وغير المحدودة للحصول على أقصى منفعة بأقصى حرية , بمنأى عن تدخل الدولة في آليات الحياة الاقتصادية ، إلا فيما يتصل بمصالح الأمن القومى.
بينما يقرر النظام الاقتصادي الجماعي الموجه هيمنه الدولة على آليات النشاط الاقتصادي وأدوات الإنتاج ، وهي وحدها المؤهلة للقيام بعبء التوزيع, كما أنها تنفرد بالاستيراد والتصدير.
أما النظام الاقتصادي المختلط فمأخوذ من النظامين السابقين، حيث يتواجد القطاعان: الخاص، والعام جنباً إلى جنب في النشاط الاقتصادي لمُجتمع ما، كما تلعب الدولة فيه أيضاً دوراً مهمّاً ؛ إذ تراقب نَشاط القطاع الخاص إلى جانب توفيرها الحماية للمستهلك، ومنعها للاحتكارات التي تمارسها بعض الجهات، كما تهتمّ الدولة في هذا النظام بمَصالح المواطنين خاصّةً المُعرّضين لخطر البطالة.
ولقد كشفت جائحة كورونا عن مواطِن ضعف كبيرة داخل الاقتصادات العالمية، حيث كان القاسم المشترك بين الدول شرق الكرة الأرضية وغربها؛ حيث انتشر فيروس كورونا في جميع الاقتصاديات بداية من الصين حتى الولايات المتحدة، مرورا بالشرق الأوسط وإفريقيا والدول الأوروبية، وأحدث خسائر اقتصادية وبشرية دون استثناء
ولقد الحق الانكماش الناتج عن جائحة كوفيد أضرارا كبيرة في العديد من الاقتصادات العالمية، خصوصا تلك المعتمدة على السياحة أو النشاطات الترفيهية أو التي تشكل مراكز للربط بين خطوط النقل العالمية، وكذلك الدول التي تعتمد على إيراداتها من الصادرات.
وكشفت الجائحة أن النظم الرأسمالية الكبرى تعاني من خلل كبير في نظرتها لماهية الأمن القومي، حيث قامت بالتركيز على الجوانب العسكرية والأمنية وانفقت مبالغ طائلة في صنع وتكديس الأسلحة بكافة أنواعها بينما تم تجاهلت الأبعاد الإنسانية والغذائية والصحية والاجتماعية كمرتكزات أساسية للأمن القومي، وظهر ذلك لدول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا وبريطانيا التى عانت من نقص حاد في أجهزة التنفس الاصطناعي والمشافي والكمامات، فضلا عن غياب الخطط الواضحة في التعامل مع الفيروس القاتل.
كما كشفت جائحة كورونا كيف يموت الناس في الغرب من الجوع والمرض وكيف يبحث الأغنياء عن ملاذات آمنة تحميهم شخصيا وتحمي أموالهم من الضياع ووقفت الدول عاجزة عن مواجهة متطلبات المجتمع من دواء وغذاء وغيره بعد أن نضبت موارد الموازنة العامة ولم تنجح في ذلك إلا ألمانيا والقليل من الدول التي اتخذت قرارات اقرب للحماية الاجتماعية.
ومن الجدير بالذكر أن الرأسمالية فشلت في مواجهة معظم الأزمات التي واجهتها تاريخيا، واضطرت في مرات عديدة إلى التخلي عن بعض من مبادئها الرئيسية، وارتداء بعض الأفكار التكتيكية التي سرعان ما خلعتها بعد مرور الأزمة، ورغم عمق وضراوة الأزمة الحالية، واكتفاء الرأسمالية بموقع رد الفعل، ورغم التوقعات بالمزيد من التداعيات على مستوى خسائر وإفلاس الشركات، الا انه لا شك أن البشرية سوف تتخلص من أخطار كوفيد، لكن أخطار السياسات الانعزالية سيكون أكثر فتكا في الاقتصاد والوئام العالمي من أي فيروس خطير
أن أزمة كورونا الحالية جاءت لتؤكد أن الوحدة الاقتصادية والسياسية تتمثل في الدولة القومية، ذلك بعد غلق الحدود، وتوقف التجارة والسفر بين الدول، فالاعتماد المتبادل الذي عايشه العالم لمدة أكثر من خمسين عامٍ لم يكن فعالًا في الأزمة، حيث مع توقف الإمدادات بين الدول، سيجعل الدول تعيد حساباتها لتحقيق توازن أفضل من خلال الاعتماد على الذات في سد احتياجاتها، كما أن النتائج المتوقعة لهذا الانغلاق والذي يمثل الخطر الحقيقي ويتمثل فى استغلال السياسيين لمخاوف الشعوب بشأن الحدود المفتوحة، والتي تُمَّكِنهم من فرض قيود وحماية على التجارة تحت ستار الاكتفاء الذاتي، وتقييد حركة الأشخاص بحجة الصحة العامة.

أن النظام العالمي قبل الجائحة لن يستمر كما كان قبلها طويلا، وأن التداعيات السياسية والاقتصادية للجائحة على مستوى العالم ربما تمثل بداية لتشكل نظام جديد قد يزول فيه نفوذ دول عظمى (امريكا) ويتنامى وجود دول أخرى (الصين) بينما تتراجع الأنظمة الاقتصادية والسياسية لصالح أنظمة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال


.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة




.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام


.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با




.. كلمة أخيرة - 60 طن ذهب..رئيس-أيفولف-: مصر الأولى عربيا والثا