الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام السوق لا ينفع في اوقات الازمات

محمد رضا عباس

2021 / 3 / 14
الادارة و الاقتصاد


نظام السوق لا يوفر الحل السريع والكفؤ لكل المشاكل الاقتصادية، خاصة في الأوقات الاستثنائية مثل الامراض الوبائية والحروب. تصور لو ان الحكومة العراقية تركت امر محاربة داعش الى أبناء العشائر، ماذا سيكون؟ بدون شك سيكون هناك انقسام بينهم، ما بين مؤيد ورافض للتنظيم. بل حتى الرافضين للتنظيم سوف يختلفون في طرق محاربته تحت تأثيرات محلية واجنبية، ولهذا السبب فان المشاكل التي تهدد المجتمع لا يمكن محاربتها والقضاء عليها الا عن طريق الحكومات والتي تمثل المجتمع. في مثل هذه الأحوال سيكون هناك قرار واحد وتمويل واحد وهدف واحد وعلى المجتمع الموافقة عليها. الحكومة العراقية وضعت جميع امكانيتها الاقتصادية والإعلامية والعسكرية من اجل دحر داعش، وانتصرت.
نظام السوق فشل بامتياز بتوفير ملتزمات محاربة فايروس كورونا الذي استشرى في كل بقاع العالم في 2020 , لإنه لم يعرف عنه او متى قدومه، ومن غير المعقول تحمل صرف المليارات من الدولارات من اجل اكتشاف عقار قد ينجح او يفشل للقضاء على وباء غير موجود. القطاع الخاص تتحكم به قانون الربح والخسارة وان الولوج الى صرف المليارات من الدولارات من اجل اختراع دواء لمحاربة فايروس غير موجود يعد تصرف اخرق ويؤدي الى خسائر فادحة للمستثمرين. التعامل مع حالات على مستوى الامة وطارئة ببساطة تكون من العادة باهظة التكاليف ولا يستطع تحمل مخاطرها الا المجتمع والتي تمثله حكومته. انتاج وسائل لمنع انتشار اوبئة قاتلة او محاربتها تحتاج الملايين وربما المليارات من الدولارات خاصة عندما يكون الطلب عليه كبير وغير محدود، ولكن هذه الكلفة سوف تتقزم عندما توزع كلفة انتاجها على جميع مواطنين البلد. الامريكيون والانكليز والروس والصينين وافقوا على صرف المليارات من الدولارات من اجل اكتشاف عقار ضد وباء كورونا، لأنهم يعلمون ان منافع العقار على مجتمعاتهم والعالم يفوق كلفة صنعه.
نظام السوق هو الاخر ينظر الى المنافع. السوق سوف ينتج السلعة عندما يعرف ان المنافع التي سوف يجنيها منها (المبيعات) تفوق كلفة انتاجها. النظام سوف لن ينتج سلعة ليس بحاجة المجتمع، لان ذلك يعد هدر للرأسمال وخسائر متوقعة، وغضب من قبل المساهمين والمالكين للشركة. لا يمكن لشركة أهلية الدخول في مشروع لاكتشاف مضادات لأوبئة غير معروفة وربما لا تظهر بدون ضمانات، والمواطن سوف لن يدفع مبلغ معين من دخله الى شركات العقار من اجل تغطية كلفة المشروع، ولكن المجتمع سيكون في اتم الاستعداد والراحة تامة وهو يدفع كلفة المشروع، تماما مثل ما يتحمل المجتمع كلفة الدمار الناتج عن الحروب والاعاصير والفيضانات والحرائق والزلازل. وهذا يقودنا الى القول ان نظام السوق معروف باستجابته السريعة لإنتاج السلع التي تعود عليه بالمنفعة المباشرة او سهولة تغطية كلفتها، اما صناعة سلع تعود للنفع العام فليس باستطاعته انتاجها بدون الدعم الحكومي له، وفي حالة انتاج مضادات ضد وباء كورونا، فان الإنتاج هذه العقارات يحتاج مساعدات حكومية ضخمة. بكلام اخر ان نظام السوق يتحرك بكل راحة وهدوء وسلاسة في انتاج السلع والخدمات الذي تخص السوق، واما انتاج سلع تخص المجتمع بكامله فلا قدرة له وخاصة وهناك فئة كبيرة من المواطنين سيستفيدون منها بدون مقابل (Free Riders) .
ولاية نيويورك، مركز تفشي الوباء في الولايات المتحدة الامريكية، عانت من نقص توفر وسائل محاربة الوباء، فيما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصرح " لا تنتظروا الحل من الحكومة “. لقد نصح الرئيس رؤساء الولايات التنافس بسبب عدم قدرة القطاع الخاص توفيرها في السوق وفي الوقت المناسب وهي علامة من علامات اخفاق نظام السوق في الاستجابة لحاجات المجتمع في وقت الحاجة. حامل جائزة نوبل في الاقتصاد ٍStiglitz شبه محاربة فايروس كورونا بالحروب الكونية في تبريره فشل نظام السوق في توفير ما يحتاجه المجتمع من وسائل محاربة والوقاية من الوباء. فمثلما لا ينتظر البلد من نظام السوق اختيار صنع طيارة حربية او دبابة، تحديد عدد الجنود المرسلين الى ساحات الحروب وعدد من يبقى داخل البلاد لأغراض الخدمة والإنتاج في أوقات الحروب. فان أوقات انتشار الأوبئة والكوارث الطبيعية لا تحتاج الى قرارات السوق البطيئة، وانما الى قرارات حكومية حاسمة.
هذا يقودنا أيضا الى سبب تراخي شركات الادوية في الركض لإيجاد مضاد لفايروس كورونا، الا بعد التدخل الحكومي، لان حتى لو عثرت شركات الادوية على هذا العقار وتم انتاجه فان أسعاره ستكون مرتفعة جدا مما سيجلب ضدها سنامي من الغضب الشعبي ويتهمونها بالاحتكار ومص الدماء، والمتاجرة بأرواح المواطنين. شركات الدواء تفترض ان ظهور الأوبئة هي حالة لا تظهر باستمرار (مرة واحدة)، وان انتاج العقارات المضادة لها حتى بالطاقة القصوى من اجل الوصل الى أسعار معقولة غير ممكن، ولا يشجع الشركات الخوض في بحره.
الحائز على جائزة نوبل Stiglitz اقترح ان تتحمل الحكومات والتي تمثل المجتمع كلفة انتاج مثل هذه المضادات، وفي هذه الحالة سوف لا ترفض شركات الادوية من تحمل مسؤوليتها في استخدام كل ما لديها من إمكانيات وطاقات علمية من اجل اكتشاف المضاد للوباء. وفي حالة عدم استطاعت شركات الادوية تحقيق هذا الهدف، على الحكومات ان تستخدم صلاحياتها في أوقات الحروب في تحويل وسائل الإنتاج بالكيفية التي تراها مناسبة لوقف الوباء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110


.. كيف أثرت المواجهات الإسرائيلية الإيرانية على أسواق العالم..




.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024


.. انخفاض جديد فى أسعار الذهب ... وهذا أنسب موعد للشراء




.. الذهب يفقد 180 جنيها فى يومين .. واستمرار انخفاض الدولار أم