الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هو الخائن الحقيقي بالمغرب يا ترى؟

علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)

2021 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كان تعريف الخيانة هو انتهاك أو خرق لعهد ما ، أو عدم الوفاء بالأمانة ، أواستغلال الثقة المتبادلة و البوح بالأسرار التي تطغى على العلاقات التي تربط بين الأفراد أو المنظمات أو الجماعات ، أو العمل على استدراج الأخر للاقاع به ، أو استغلال السلطة ، و المسؤولية من أجل تحقيق أغراض شخصية وعائلية على حساب الأخرين . فإن هذا التعريف ينطبق أساسا على القبيلة العلوية ، و أعوانها من عملاء فرنسا ، الذين انتهكوا حتى العهد الذي قطعوه على أنفسم من أجل العمل على تقدم المغرب على جميع المستويات و الأصعدة ، الشيء الذي لم يحصل إلى حد الأن ، ثم عدم وفائهم بالأمانة و المسؤولية التي حملوها على أكتافهم ، المتجلية في بناء مغرب مستقل يتم فيه إحقاق العدل ، و أنصاف المظلوم ، وارجاع الحقوق لأصحابها ، كما استغلوا الثقة التي وضعها فيهم كل من فاوض و تفاوض من أجل تربعهم على العرش بالمغرب ، للعمل على بناء مغرب حر تسود فيه الديمقراطية و الحرية ، و الحقوق وهو ما لم يحدث ، ناهيك على أنهم باحُوا حتى بالأسرار التي أدت إلى تصفية المقاومين وجيش التحرير من قبل الحماية الفرنسية . ثم عدم تحليهم بالمسؤولية لما جلبوا تلك الحماية و وقيعوا على معاهدتها . ,اخيرا استغلوا مواقعهم للإغتناء الفاحش على حساب تفقير الشعب .
فمنذ توقيع معاهدة الحماية الفرنسية لاحتلال المغرب في 30 مارس 1912 من طرف السلطان عبد الحفيظ ، مرورا بيوم 18 نوفمبر 1956 حيث قرر الفرنسيون مغادرتهم المغرب على الصعيد العسكري فقط ، فإن المغرب لازال لم يحصل على استقلاله التام ، و الكامل و الشامل من فرنسا بعد على مُختلف الأصعدة ، لما فرضته مفاوضات إيكس ليبان التي جرت خلال الفترة الممتدة ما بين 20 و30 أغسطس 1955 بين بعض الأعضاء المننتسبين لما كان يسمى بالحركة الوطنية المغربية من جانب ، ومن جانب أخر ممثلين عن السلطات الفرنسية . دامت تلك المفاوضات خمسة أيام ، حضرها من جانب الوفد الفرنسي كل من إدغار فور رئيس الحكومة ، و بيناي ، وزير الشؤون الخارجية والجنرال كوينغ وزير الدفاع ، و روبيرت شومان ، و بيير جولي . بينما كان الوفد المنسوب للمغرب يتشكل من 37 شخص من بينهم مبارك البكاي ، والفاطمي بن سليمان ، و محمد المقري ، ثم ممثلي الأحزاب : عبد الرحيم بوعبيد ، و محمد اليازيدي ، وعمر بنعبد الجليل ، والمهدي بن بركة ، و عبد القادر بن جلون ، وأحمد بن سودة ، وعبد الهادي بوطالب ، ومحمد الشرقاوي ، بالإضافة إلى بعض الفقهاء و القُوَّاد .
لم يرض جيش التحرير والمقاومة المسلحة عن تلك المفاوضات لأسباب عديدة و متعددة من بينها : قوة الجانب الفرنسي في المفاوضات ، وتفاوضه مع المغاربة الخونة المتعاونيين مع سلطات نفس الحماية الفرنسية ، إذ أنها مجرد مفاوضات تصب في صالح فرنسا ، اعتبرها و لازال يعتبرها الأحرار المغاربة بالخيانة التاريخية ، بعد خيانة توقيع معاهدة الحماية لإحتلال المغرب ، وقتل شعبه . وهي مفاوضات أساسها سحب محمد بن عرفة ، و إنشاء مجلس للحفاظ على العرش ، و تعيين ما كان يسمى بالسلطان محمد بن يوسف لحكومة تعمل على تنفيذ قرارات تلك المفاوضات بعد عودته من مدغشقر إلى فرنسا ، ثم خلق مجلس وصاية العرش ، الذي عُين فيه رسميا في 15 أكتوبر 1955 كل من الصدر الأعظم المقري، والباشا الصبيحي ، والقبطان الطاهر أوعسو ، والباشا البكاي . وفي 3 نونبر 1955 قدم مجلس وصاية العرش استقالته إلى الإقامة العامة الفرنسية ، وفي 16 نونبر 1955 هبطت طائرة محمد الخامس بمطار الرباط سلا عائدا إلى المغرب ، بعدما قبل طبعا بكل شروط فرنسا ، والتزامه بتنفيد أوامرها ، و هو ما جعل فرنسا تقرر مغادرتها المغرب على الصعيد العسكري فقط ، دون أن تغادره على الصعيد السياسي ، والاستخباراتي ، والمالي ، والتجاري ، والاقتصادي ، والثقافي ، و اللغوي . إلى أجل غير مسمى ، إذ لم تعد في حاجة إلى ضرورة بقاء جيشها بالمغرب لاستعمال السلاح ضد الوطنيين الحقيقيين ، وجيش التحرير ، بعدما تمكنت من تعينها لمقيمها العام الجديد ، و الدائم بجلباب إسلامي ، الذي هو محمد الخامس و أسرته العلوية ، ليتولوا بعد ذلك مأمورية سحق المقاومين ، و كل من يعارض ما أقرته فرنسا و ما ستقره في المستقبل عبر مقيمها العام المغربي .
إن عدم استقرار المغرب على جميع الأصعدة : أمنيا ، وسياسيا ، وماليا ، واقتصاديا ، وثقافيا ، ولغويا ، لا في الماضي ، ولا في الحاضر و لا في المستقبل قد ترجع بعض أسبابه المعاصرة ، و جذوره أساسا إلى ما خلفته تلك المفارضات من فرض مخطط فرنسي لم يرض فئة من الشعب المغربي ، مما خلف بذلك جروحا في قلوب ، وعقول ، وذاكرة هذه الفئة ، لا يمكن علاجها إلا بتنحية المقيم العام الفرنسي الذي هو القبيلة العلوية و عملائها عن الحكم بالمغرب. فقد تم تقسيم المغرب في القرون الماضية إلى " مغرب السيبة ، و مغرب المخزن " ، ثم بعد ذلك تغيرت تلك التسمية لتصبح " المغرب النافع و المغرب الغير النافع " ، نتج عن ذلك تقسيم المغاربة إلى فئتين متناقضين " قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَار " أي قَدْ كَانَ لَكُمْ مغرب فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ، فِئَةٌ المحكومين الأبرار ، و الأحرار ، التي تناضالُ من أجل تحرير الإنسان و الوطن من قبضة الخونة من العملاء العلويين الدخلاء ، و فئة من الحاكمين الخونة الأشرار الحاقدين ، و من يساندهم من أقنانهم و عملائهم ، غرضها استغلال الشعب ، و نهب ثرواته ، واستعباده من أجل خدمة مصالحها الخاصة الضيقة ، التي لا تنفصل عن مصالح القوى الخارجية التي تحميها ، يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ و الحماية الفرنسية و الصهاينة يُؤَيِّدُون بِنَصْرِهِم مَن يَشَاؤون إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ و الألباب.
إن الصراع بالمغرب بين هاتين الفيئتين رغم عدم التكافؤ و التوازن فيما بينهما قد أهلك العديد من الأفراد ، و الجماعات ، و أضر بالكثير من الأسر من فئة المحكومين ، بسبب طُغيان و جبروت فئة الحاكمين من الخونة و العملاء ، فئة تدرك ، وتعلم علم اليقين أن أغلبية المحكومين من الشعب المغربي غير راضية عن حكمها ، و على أنها مجرد مقيم عام فرنسي، و هي فئة لا تقبل ، ولا تتقبل النقد ، و الانتقاد أبدا لا لتاريخها المزيف ، و لا لمخططاتها الهدامة ، و لا لشرعيتها الوهمية ، و لا لمشروعيتها المبنية على الغش و التزوير و الخيانة ، و هي فئة لا تتوفر على أي مواصفات من مواصفات الإنسان و الإنسانية كالصدق ، و الأَمانَة ، و الوَفاء ، و الثِّقَة ، و الأمانٌ و الإِخْلاصٌ ، و الاستقامَةٌ ، و النَزاهَة ،كما أنها في واقع الأمر فئة ضعيفة على جميع المستويات مُقارنة مع قوة الشعب ، لكنها تستمد غطرستها عبر استقوائها بالقوى الخارجية كفرنسا و إسرائيل من جهة ، ثم من قبل ببعض الانهازيين ، و العملاء ، و الخونة من فئة المحكومين أي من بعض أبناء الشعب ، ممن يساعدها على البقاء في الحكم .
فالخونة يستخدمون مصطلح هيبة الدولة للقضاء على كل الأصوات الحرة ، و الزج بها في السجون ، و إطلاق العنان للأبواق الإعلامية المسخرة و المأجورية لشرعنة الجرائم باستعمال تسميات لا أساس لها على أرض الواقع كتطبيق ما يسمى بالمساطير القانونية ، و المحاكم ، و استقلال القضاء ، و الفصل بين السلط ، و صلاحيات البرلمان ، و دورالمجالس القروية و الحضارية ، و تنظيم الانتخابات ، ودور الأحزاب ، و النقابات و الجمعيات و المنظمات ، و التبجح بوجود ما يسمونه بالمجتمع المدني ، و النزاهة ، و الإعلام الحر ، و المصداقية ، و المواطنة ، و حرية التعبير ، و مجلس حقوق الأنسان ، و الأنصاف و المصالحة ، و مجلس المظالم ، و المجلس الأعلى للقضاء ، كلها مجرد تسميات الهدف الأساسي منها هو رغبة الخونة إظهار المغرب للمنتطم الدولي على أنه دولة مدنية تتوفر على مختلف الأجهزة ، و المؤسسات ، بالرغم من كون المغرب في حقيقة الأمرمجرد مجتمع لا ينطبق عليه مفهوم الدولة بعد ، مجتمع محكوم من قبل الأجهزة القمعية الأمنية ، و العسكرية ، و الأستخباراتية ، التي تتحكم في كل شيء ، وتصنع كل شيء ، و تسمي كل شيء ، و كل من يريد فضح ذلك كان مأله الاغتيال أو التشريد أو الزج به بالمؤسسة السجنية عبر تلفيق تهم لا أساس لها من الصحة ، وذلك هو مفهوم هيبة الدولة لدى الخونة العلويين ، إذ أن سجونهم الملكية ، ومخافر شرطتهم الملكية ، و سراديب مخابراتهم الملكية لم تُفرغ في يوم من الأيام عبر تاريخ حكمهم للمغرب من المعتقلين الضحايا ، إذ صار لكل حاكم أو سلطان ، أو ملك علوي جرائمه و معتقليه ، وضحاياه .
لهذا فإن تعريف الخيانة لا ينطبق أبدا و بالمطلق على المغاربة الأحرار الذين يقاومون بشتى الوسائل وبكل الإمكانيات التي يتوفرون عليها ، وهم يواجهون بفئة الطغاة من الحاكمين و على رأسهم الملك الديكتاتور ، لأنهم لم يعاهدوا ، ولم يبايعوا أحدا ، ولم يخونوا أية أمانة ، أو استغلوا ثقة أحد ، أو قاموا باستدراج أحد للإقاع به ، أو سبق لهم أن تحملوا مسؤولية ما و أخلوا بها ، بل بالعكس يقاومون ويضحون من أجل أصلاح ما أفسده الخونة ، ويناضلون من أجل تحرير الشعب من العبودية و الاستعباد ، و الاستغلال ، و الادلال ، و يرغبون في بناء مغرب تكون هبته الحقيقية هي العدل ، و المساواة ، و الديمقراطية ، وتقسيم الثروة ، و حرية الإنسان ، و حقوقه الكاملة بدءا بحقه في الشغل و التعويض عن البطالة ، حقه في السكن ، و التعليم ، و التطبيب ، و التأمين ، و التنقل ، و الرأي ، لأنه بدون استفادة الإنسان من هذه الضروريات الأساسية ، فلن تكون هناك أجواء صافية بل ستبقى أجواء عكرة يهيمن عليها الفاساد ، و المحسوبية و الزبونية ، والرشوة ، والانتهاكات الصارخة للقوانين و غيره من تجاوزات.
أمستردام هولندا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتهاء من تفريغ الخزان بشكلٍ آمن وإنهاء حالة الطوارئ المعل


.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران


.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-




.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة