الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرة أعوام مضت على الثورة السّورية

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


هل بقي شيء لم يقال ؟
عشر سنوات من القتل من أجل تأديب شعب اندفع عفوياً في ثورة شعبية عارمة ضدّ الظلم .
بالنسبة لي : فقدت الكثير من الأقارب و الأصدقاء ، كان الأمر مؤلماً، لكن الأكثر إيلاماً هو وضع المخطوفين و السّجناء، فهم في حالة أسوأ من الموت.
الموضوع ليس من عشرة أعوام فقط بل منذ خمسين عاماً ، فقد كان حافظ الأسد الذي تزعمّ المرحلة السّابقة قد حوّل سورية إلى كوريا الشّمالية، حتى في كتب التربية الإسلامية كان حضوره قوّياً ، كان لا يرغب أن يصبح إلهاً، بل كان يعتقد فعلاً أنّه إله. نحن أجيال ما قبل بشار الأسد كنا نشبه السبايا حيث سرق عمرنا وشبابنا ، وجعلنا نخاف من ظلالنا كي لا يفتك بنا ، وتجنباً من أن يحدث لأولادنا ما حدث لنا من سجون و إفقار. كان أغلبية المجتمع تحاول أن تدخل أولادها في اللعبة كي لا يصيبهم الضّرر، لكنّ الضّرر أصابهم ، هم أنفسهم من أصبحوا ثوّاراً في عهد بشّار الأسد فسجنهم، وسلخ جلودهم ، و أباد من تبقى من عوائلهم بالبراميل و الكيماوي .
بالنسبة لي ربما كنت عكس التّيار ، فلم يدخل أولادي حزب البعث ، و حتى أنّني تركت الحزب الشيوعي الذي كان من ضمن الجبهة، و رفاقي حصلوا على وظائف هامة ، فقد كان لهم مفاتيح من خلال الجبهة ، وكانوا يقدمون لنا الوطنيات في علب لا يجوز فتحها .
كانت سورية سجناً كبيراً ، عندما تخرج من السّجن لا تعرف ماذا يجري في العالم ، وهذ ما جرى لي ، وبخاصة بعد انتفاضة الأكراد في 12 آذار 2004 و التي وقف القومجيون العرب ضدها ، وكان يجب أن تندلع وقتها في كل أنحاء سورية حيث الظروف الدولية ربما كانت مناسبة أكثر . عندما رأيت المسيرة التي تمتد على طول الشارع الرئيسي في القامشلي شعرت بعظمة هؤلاء الفقراء الذين زحفوا مع الفجر ليعلنوا عن هويتهم ورفضهم للظلم، لكن ماذا جرى؟
ما جرى بعدها كان محزناً ، و بالنسبة لنا كعائلة تمت معاقبتنا من قبل النّظام لأنّنا كنا مساندين لتلك الانتفاضة ، فسلطوا علينا شبيحتهم من الأكراد مما جعلنا نترك القامشلي إلى غير رجعة.
كانت محطتي الأولى في الإمارات، رأيت نفسي في عالم آخر ، كما أنّني شعرت بحاجتي لا ستعادة قدراتي الأدبية حيث كنت قد تخليت عن الكتابة وحرقت جميع أوراقي . هناك تعلمت أن أبحث على جوجل، أو أعيد مقدرتي في اللغة الإبكليزية. أردت أن أعوض سنين " السجن الطوعي" في سورية، ثم فتحت نوافذ الانترنت أمامي .
في السجن يتمّ غسل الأدمغة، وقد تمّ فعلاً غسل أدمغتنا حيث سمينا الإرهاب عملاً فدائياً تماماً كما يسمي الاسلامويين الإرهابيين استشهاديين ، كانت عقولنا تغذى بالإرهاب ، حيث مطلوب منّا أن نتخلى عن غرائزنا كي نخدم الدكتاتور ، و لن أنسى موقفاً أبكاني عندما قتلت حماس، -وهي من تاج الأسد -سبعة شبّان قصّر بتهمة الخيانة ، ثم جلبت أمّ أحدهم لتدوس في بطن ابنها، وكانوا يتحركون كما الديدان، كنت أسأل نفسي : أليس هذا مراهقاً؟ ماذا لديه من معلومات ليقدمها ل" العدو"؟
ما تبقى من الشّعب السوري داخل سورية اليوم محاصر، فالحدود مغلقة، ورغيف الخبز غير متوفّر، وعندما تفقر النّاس يشعرون باستحالة قدرتهم على التّغيير ، بل يحتاجون لمدّ يد العون لهم، ويد العون لن تكون إلا بسقوط نظام الأسد، ونظام الأسد لن يسقط بالجامعة العربية، ولا الأمم المتحدة، فكلاهم مؤسستان كرتونيتان. هو يحتاج لقرار أمريكي، و أمريكا ليست مستعجلة.
الثورة مستمرة رغم أنها تبدو وكأنّها انتهت، لكنّ لن تكون نتائجها على المدى القريب ، فهناك صراع بين الإسلاموية، و القومجية، وكلاهما خطر، كلاهما أيضاً أغلبية ، ربما يحتاج الأمر لأجيال، لكن هناك جيل جديد قد يحاول التّغيير، ولا بد أن يحدث التّغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف