الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور التآمر وأدوات تنفيذه

عبد الحسين العطواني

2021 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


من حقائق التاريخ ان النزاع حول العراق كان في مقدمة البلدان العربية التي تمثل السمة البارزة في الاطماع الخارجية ، الدوليه منها والاقليمية ، وقلما خلت مرحلة في التاريخ من دون هذا النزاع ، اللهم الا عندما تنقاد قوى الاقليم لارادة القوى الغربية وتتحالف معها ، مثلما حصل في حلف بغداد الذي يعود تاريخه الى النصف الثاني من القرن العشرين بين كل من العراق وتركيا وايران وباكستان والمملكة المتحدة والذي تم حله عام 1979 ، ومن حقائق التاريخ ايضا ان النزاع بين هذه القوى طبع تاريخها بسمات تحولت واصبحت كأنها غريزية التكوين والتركيب .
لذلك علينا ان نستقرئ خلفيات وادوات واساليب التخطيط الكيدي او التآمري الخارجي الذي تكالب ولازال يتكالب على العراق منذ 2003 والذي يلجأ اليه العدوحينما يحاول الوصول الى تحقيق اجندته الخاصة ، وقد يتخذ هذا التآمر اشكالا لبلوغ اهدافه ، تأتي في مقدمته (الاحتلال ) ، ومن ثم ( التخفي ) وكلاهما تركرا تأثيراتهما الآليمة على مصيرومستقبل الشعب العراقي في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، فأما (الاحتلال) فهو عداء معلن ويقوم على السيطرة العسكرية المباشرة ، وهو مانفذته الولايات المتحدة على العراق ، وما آل اليه من انتهاك صارخ لقيم وكرامة الانسان العراقي وحقوقه ، ولا نريد الخوض في تفاصيل الدمار الذي لحق بالبنى التحتية العراقية في مختلف المؤسسات جراء القصف الامريكي العشوائي ، فضلا عن اثارة النعرات الطائفية بين مكونات الشعب كمرتكزللعبة السياسية الامريكية الاستبدادية .
واما (التخفي) فهوما تقوم به القوى المعادية بتجنيد عملائها في البلد المستهدف ، خاصة عندما تجد لها بيئة مناسبة اي تبنيا داخليا تمارسه الطوابير الخامسة والعناصر المدسوسة والعميلة للمتآمر، لكنه في نفس الوقت عادة ماتكون محاولاته بائسة بل ومؤكد فشلها في البيئات المستيقضة ، وسنبين انواعه ومسبباته، (فالتخفي) ، لايقتصرعلى نوع من المخلوقات وانما يُعتمد كوسيلة للخداع لدى جميع الكائنات الحية ، لكن لعبة التخفي عند البشر لها دوافع اخرى وتتخذ اشكالا واساليب مختلفة ، وهذا مايجعل احد افراد مجتمع ما هو انسب من يمكن تجنيده جاسوسا او عميلا لخدمة دولة معادية، فمن وراء وطنيته المزيفة يمارس كل انواع الخداع لتمرير مخططات الاعداء ، بحثا عن تأمين فرصة بالوصول الى اهدافهم ومصالحهم الاستراتيجية , واذا لم يكن بالامكان تجنيد احد افراد ذلك المجتمع ، فان انسب بديل له هو من يتقن الخداع بالتخفي والتزييف والتشبه والادعاء بانه يحمل هوية ذلك المجتمع وثقافته وهمومه وضميره ، وفي الحالتين يبقى هذا الخائن في منأى من الشكوك والظنون التي قد تفضح دوافعه الحقيقية للتخفي ، ويبقى ايضا في مأمن من العقوبة التي قد تقع عليه جزاء خديعته وخيانته ، وهذا الامر ليس بعيدا ، بل اصبح واقعا ملموسا في سلوكيات بعض المسؤولين بين ممارسة واجباتهم في الدولة وبين ما يخفون من تآمر في تنفيذ الاجندات الاقليمية تماشيا مع ولاءاتهم الطائفية ، او مع منافعهم الشخصية ، هذه السياسة الرعناء واللا مسؤولة سببت انحداركبير لهيبة الدولة واذلالها لاصغركيان داخلي ، واضعف دولة ضمن محيطه الاقليمي،وبالتالي فقدان السيطرة واسشتراء الفساد المالي والاداري، واستحواذ المتنفذين على موارد البلاد ، واغراقه بالديون من اجل مصالحهم الخاصة ومخصصاتهم الرئاسية والبرلمانية اللا معقولة ،على حساب تجويع الشعب وتعطيل المشاريع الاستراتيجية التي تهم امن ومستقبل وسيادة العراق .
كما ان الخلاف الذي لايستند الى ارضية علمية او الى مبررات اخلاقية او الى مسببات منهجية في القيم او المبادئ او المصالح ، عندما يعتقد الانسان جزافا بانه على حق وان مايقع خارج مزاجه النفسي والعقلي والادراكي على باطل ، لابدافع البحث عن الصواب والانحياز الى جانب الحق ، بل تماديا في ارتكاب اي فعل او تبني اي موقف يتصادم او يتعارض مع القواعد والمبادئ التي يجهلها ولا يريد ان يحول جهله بها الى معرفة ، فقط لان من يعتبره عدوا له يعتنقها ويؤمن بها ، وهذا يتسبب بالتالي في احداث تصدعات خطيرة في البنية الاجتماعية او يشكل تهديدا على وحدة الدولة وترابط جغرافيتها السياسية ، اوعلى طمس هويتها الثقافية ، كما هو الحال عندما حاول بعض المندسين والعملاء ممن يدعون الوطنية بتشجيع زمر داعش الارهابية بالسماح لهم بدخول بعض المدن العراقية بأسم الدين واللعب على الوتر الطائفي بدواعي المظلومية والاحقية بالحكم ، لينتج عنها ممارسة ابشع الجرائم الانسانية ضد ابناء هذه المدن ، لتأسس هذه الزمرالارهابية لنفسها منظومة تتبنى البناء الفقهي والايديولوجي والتأسيس لمشروعها المخالف لاحكام الشريعة الاسلامية والتأويلات الفقهية ، والفتاوى وغيرذلك ، وكله يأتي في نطاق الدعم الاقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية ، وهو نمط خارج اطار المفاهيم الانسانية والمواثيق الدولية المعتمدة .
ونتيجة لتلك الجرائم لم نجد لهؤلاء اي مساحة اعتبارعند عامة افراد المجتمع او تأثير على وعيهم الوطني ، لانها قامت على مفاهيم وعقائد ومبادئ متصادمة مع المنهج النبوي ،اوحاولت انتحال صفة مغشوشة من الدين لترويجها على انها هي الاصل لاستغلالها سياسيا او فكريا او اجتماعيا او ماليا ، في بث التفرقة ونبذ التعايش السلمي بين مكونات المجتمع، لكي لايطمئن كل صاحب مذهب على مذهبه وكل من اعتقد على معتقده ، لذلك فان الخيارات الايمانية المزيفة امام البشر مهما تعددت ومهما اعطت من نتائج مؤقتة تظل مجرد زيف عقلي وآنية في الفاعلية والاستغراق ، واما مآلات تفاصيلها بالخروج عن الدين الذي ارتضاه الله ستكون وخيمة ومأساوية بسبب مايرتكبون من اخطاء وجرائم ومظالم مبنية على ذلك التصور المعتل وذلك الخضوع الواهم وتلك النتائج الوقتية ، وبسبب ماسيجرونه على انفسهم من غضب الله ونقمته نتيجة للحيدة عن نهجه ، ونتيجة لارتكاب تلك الاخطاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي