الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسألة العربية ١

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2021 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


حينما تريد اختزال شعب وحصره فى فكرة ضيقة، يكون ذلك بدفعه نحو فعل التثوير ومن ثم تغليف ذلك الفعل الراديكالي بغطاء الثورة والاصطلحات الزائفة، لحشد القطيع نحو مسار لا يمكن الفكاك منه، وللأنظمة العربية الديكتاتورية دور فعال فى خلق ذلك المسار الفوضوي، فلو أن هناك تعاطي ديموقراطي حقيقي فى مصر، ما قامت ثورة يناير التي تم تغذيتها من الخارج واللعب على رؤية توريث الحكم وما آلت إليه أوضاع الناس بسبب سياسات نجل مبارك وحاشيته. نفس المسار الذي أدى إلى تدمير سوريا بخلق التثوير وصناعة الورطة، فلا تم التخلص من الأسد ولا تقدمت سوريا شبرا واحدا، بل تم تدمير دولة من أهم دول المنطقة، فى استغلال واضح لمشاعر الجماهير التي أحست بالإهانة من توريث الحكم فى سوريا، وقد يرى المدافعون عن نظام بشار غير ذلك، لكن فعل التوريث قد تم بقراءة آنية ومعاشية للأحداث كما حدث فى مصر، كان الدفع بالجمهور تجاه أوجاعه وآلامه والعزف عليها بنصل حاد، حتى سقطت دولنا وتدمرت اقتصاديا وتحللت اجتماعيا وتعفنت سياسيا، وأصبحت مرتعا لجميع اللاعبين الكبار فى مارثون خارج دولهم لمصلحة الفكرة التوسعية الجديدة وهي فكرة التوسع الرأسي وحاشا لله أن نستثني نظاما عربيا واحدا من تلك الرؤية
من هنا نقرأ المشهد الإيراني وما تبعه من دفاع عبيط من القوميين العرب، الذين يرددون كالببغاوات، مقولة أن إيران ليس لها مشروعا توسعيا فى محيطها. ضاربون بكل أفكار الحداثة عبر الحائط. فلم يعد التوسع أفقيا بأي حال من الأحوال ولم تعد فكرة الامتداد الأفقي بكسب أراض جديدة واردة فى أدبيات الدول الكبرى. فإيران شأنها وحقها المشروع أن تدافع عن وجودها وحقها فى التواجد القوي على الخارطة العالمية، وقد بدأت إيران فى مشروعها التوسعي الرأسي بعمل تحالفات فى المنطقة. مستندون على ذات الفكرة الوجدانية للآخر وقياسنا هنا مع الفارق، أن إيران أتى مشروعها على خط المواجهة الذي التقى مع خط حزب الله، الذي نشأ كغيره من الجماعات المسلحة فى محيط لا يؤمن سوى بالطائفية. فحزب الله ليس جسدا سرطانيا أو بدعا من الجماعات التي تغذيها تلك البيئة ولم يكن سوى جماعة حالمة بتعديل أوضاع الشيعة المزري فى لبنان شأن حركة المحرومين وجماعة أمل، لكن الظروف المحيطة جعلته على خط المقاومة، فكان النتاج صداميا ومشتعلا مع عملاء أمريكا وإسرائيل، فكان استناده على إيران مشروعا، كاستناد الآخر علي الإمبريالية العالمية. لكن ذلك الاستناد ليس من طرف واحد، لكنها المصلحة المشتركة بين إيران والحزب. فالسياسة كما أفضل تعريفها طبقا لمفهوم لازويل: من يحصل على ماذا؟ السياسة لا تعرف الشيعة والسنة والدروز والمسيحيين، لكنها تعرف التقاء المصالح، ومن هنا كانت التحالفات الجديدة فى منطقتنا العربية، ونحن نلعب فى مباراة الاقتتال والتخوين، فلولا غاز شرق المتوسط، ما كان لروسيا مصلحة فى التقارب السوري الإيراني وحزب الله، ولولا أن إيران تدافع عن مشروعها النهضوي سواء اتقفنا أو اختلفنا معه، ما كانت فى صف سوريا، ولولا المكتسبات التي حققها حزب الله فى التواجد كقوة فاعلة فى المشهد العربي والعداء الواضح للكيان الصهيوني، ما كان التقارب بينه وبين إيران وسوريا. المطالبون بنزع سلاح حزب الله يسيرون فى مساراتهم المصلحية كجماعات وظيفية صهيونية وإمبريالية، وسيظلون فى مشهد أقل ما يوصف بالنباح الذي لن يتجاوز إلى العقر والعض. لكن النباح المستفز أكثر، حينما يحاول العنصريون العرب بإيهامك أن بشار الأسد نموذجا للعروبة الصارخة. ذلك الشخص الذي فضل سلطته على مصلحة بلاده، فلو انتصر على كل جيوش العالم لن يغير من كونه مغتصبا للسلطة وديكتاتورا تعاطفنا معه لا لشئ سوى مواجهته للصهاينة، وقد تكون رواية كتيبة سوداء لمحمد المنسي قنديل مفيدة له ولأدعياء العروبة أو العروبيين العنصريين، كي يفهموا معنى فلسفة الورطة دون التشدق الأجوف بمصطلحات لا تغنى من جوع. العروبة الحقيقية هي محاولة إنتاج أفكار تقدمية تجمع شتات المواطن العربي الذي تم تخريب وتجريف هويته الثقافية لصالح الدول المصلحية، فى مشهد بائس. المسألة العربية فى حاجة إلى مراجعات وإنتاجات فلسفية جديدة، وليست منح المبررات لهذا أو لذاك. لن يتخلى حزب الله عن سلاحه، لصالح رجعيات منبطحة، تلك الرجعيات التي إذا ما أرادت أن تنزع سلاح حزب، كان عليها دعم الجيش اللبناني بثمن لوحة المخلص التي اشتراها بن سلمان أو بثمن يخته أو هداياه للشواذ والمثليين، وفى المقابل نقول للقوميين العرب: رفقا بأدمغتنا فقد مللنا قيئكم. إيران لها مشروعها الخاص، أما حزب الله فهو جزء من المشروع العروبي الحقيقي، فلا تمنحوا إيران وساما لا تستحقه ولا تمنحوا أنفسكم لوح الله المحفوظ، فتقسمون الوطنية والعمالة كما تشاؤون، ودعوا عنكم تحليلاتكم التي يجيدها ماسحوا الأحذية وبائعوا الذرة فى الميادين. من لا يؤمن بقدرة الفلسفة وقدرتها وحدها على تجاوز الأزمات، فليوفر غثائه لحلقة تليفزيونية رتيبة، مقدمه لجمهور هش. حقا كما قال مظفر
أكلتنا الردة
إن الواحد منا
يحمل فى الداخل ضدا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة