الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى رحيل أمنا السعدية، أم الشهيد بوبكر الدريدي

حسن أحراث

2021 / 3 / 16
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


رحلت سنديانة شامخة يوم 17 مارس 1990..
من لا يعود الى التاريخ ودروس التاريخ، ومن لا يكتب عن التاريخ بدعوى أنه معني بالحاضر والمستقبل فقط، كالمنهزم (لا أريد أن أقول اللقيط، لأن هذا الأخير أشرف منه) الذي يتناسى أو يتجاهل تاريخه خجلا من انبطاحه وسلبيته. وحتى من يدعي لحاجة في نفسه الاهتمام بالحاضر والمستقبل اليوم، سيصيران بعد حين ماضيا. إن عجلة التاريخ لا تتوقف، وتعتبر كلا لا يتجزأ. فمن ساهم في صُنع الحاضر ويُساهم في صُنع المستقبل يفتخر بالعودة الى التاريخ (استعملت مصطلح التاريخ بدل الماضي، تفاديا لأي فهم قدحي للمصطلح الأخير)، ليس استكانا أو نكوصا، بل تثبيتا للأقدام النظيفة والمواقف النضالية وتخصيبا للتراكم النضالي الذي يغذي الصراع الطبقي ببلادنا، ووفاء أيضا للتضحيات وإخلاصا للعهد والتزاما بمواصلة درب الكفاح بكل ما يتطلبه التقييم العلمي للماضي بانتكاساته ونجاحاته. وبدون شك، فالغرق في الماضي يقتل، وكذلك الإسهال في تمجيد الماضي والتباهي به هروبا من تحمل المسؤولية في الحاضر والمستقبل...
والعودة الى التاريخ ليس رحلة استجمام أو استرخاء، إنها مسؤولية وتحفيز واعتراف ببطولات بنات وأبناء شعبنا. فلم يسبق لجبان أن عاد لتناول أسماء بصمت التاريخ بدمائها، إلا تشويها وحقدا وتشويشا. إن الجبناء يكرهون التاريخ ومن يعود الى التاريخ، لأن ذلك يفضح ماضيهم المخزي. إن الجبناء ذوي الأيادي المرتعشة لا يصنعون التاريخ. كذلك المرتدين، إنهم يكرهون الشهداء والمناضلين داخل السجون وخارجها. ويُعتبر المناضل كابوسا يُرعب كافة المتخاذلين...
أعود هنا الى التاريخ في ذكرى رحيل أمنا السعدية بنرزوق، والدة الشهيد بوبكر الدريدي التي ساهمت بقدر كبير ورفيقاتها من الأمهات الأخريات في انتصار معركة الشهيدين مصطفى بلهواري وبوبكر الدريدي. والعودة هذه المرة في صيغة دعوة الى إغناء ذاكرة شعبنا من خلال تناول وتوثيق تجارب عائلات الشهداء والمعتقلين السياسيين السابقين والحاليين (أمهات وآباء ورفيقات/زوجات وبنات وأبناء وأخوات وإخوة...). أكيد، تابعنا عدة محطات موثقة؛ إلا أنها غير كافية أمام الكم الهائل من التجارب... والدعوة موجهة الى المناضلين عموما، والى المناضلين المرتبطين بشكل أو بآخر بهذه العائلات، ومنهم بالخصوص من عاش معاناة الاعتقال السياسي. تأخرنا كثيرا، خاصة ورحيل العديد من الأمهات والآباء، لكن النبش في الذاكرة لا يتقادم. أعرف أن من لا يعنيه حاضر ومستقبل شعبنا لا يعنيه التاريخ أيضا. لذا أتوجه بالدعوة الى المناضلين القابضين على الجمر. إننا في حاجة الى إبداع أشكال نضالية جديدة في ظل الأوضاع الراهنة، وفي حاجة أيضا الى الاستفادة من كل التجارب السابقة. إننا في حاجة الى ربط الماضي بحلوه ومره بالحاضر لاستشراف المستقبل. إن نضالات اليوم من نضالات الأمس، كما ستكون نضالات الغد من نضالات اليوم. وكم يحز في النفس الجهل بالتاريخ المشرق لشعبنا!! إن معارك شعبنا سلسلة متينة مرتبطة حلقاتها ببعضها البعض. إن الانتهازيين وحدهم من يتنكروا لإنجازات الجماهير الشعبية المضطهدة الماضية، وينسبون الحاضر منها الى ذواتهم المريضة.
إن الارتباط السياسي الفعلي والفعال بقضايا شعبنا ماضيا وحاضرا ومستقبلا هو أولا الانخراط المنظم والمنتظم في معارك بنات وأبناء شعبنا، وفي مقدمتهم العمال والفلاحين الفقراء والمعتقلين السياسيين...، وثانيا الدعم الملموس لهذه المعارك من مختلف المواقع وبكل الوسائل. إنها المهام الكبرى الملقاة على عاتق المناضلين اليوم...
جميل أن نُحلق عاليا وأن نغرد فوق الأغصان الباسقة، لكن أجمل من ذلك أن نسقي الأرض، معاملا وحقولا، بعرقنا الطيب ودمنا الطاهر لتنمو قُرُنفُلا وياسمينا...
فيما يلي كلمة في حق الشاهدة الشهيدة أمنا السعدية، عن كتاب حسن أحراث "تجربة اعتقال قاسية":
"صفة الأم هنا ليست مجاملة.
إنها أم حقيقية..
عرفتها قبل الاعتقال؛
عرفت بيتها، عرفت طبخها، عرفت دفئها...
عرفتها بعد الاعتقال؛
عرفت قوتها، عرفت حيويتها، عرفت صمودها...
كانت أمنا جميعا؛
أم المضربين وغير المضربين؛
أم مجموعة مراكش وباقي المجموعات.
آزرتنا وآزرت عائلاتنا؛
ساندتنا وساندت عائلاتنا؛
شرفتنا وشرفت عائلاتنا.
أزعجت المجرمين وأربكت حسابات المتخاذلين؛
انتصبت شامخة؛
وماتت شامخة.
لم تنتظر معانقتنا؛
أو الأصح، طال انتظارها، بعدما تأخرنا؛
بعدما تأخر انتصارنا.
إننا نعانق شموخها؛
إننا نحيي انتصارها؛
أمنا السعدية..".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي