الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/11

عبدالامير الركابي

2021 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تبدا الظاهرة المجتمعية محكومة الى التحوليّة مابعد الجسدية الارضوية، وتكون خاضعة لقانون "العيش على حافة الفناء" بيئيا، كما هو عليه الحال واشتراطات الوجود في ارض مابين النهرين على امتداد ارض السواد، ومع ان آليات التحول تطبع حياة المجتمعية السومرية الأولى، فتتجلى عبر اجمالي تعبيريتها، وواقع حياتها اللاارضوية، الاان التحوّل يتوقف دون ان يصل حد التحقق (1)، فتنتهي الدورة الأولى من تاريخ هذا الموضع من المعمورة المحكوم لقانون الدورات والانقطاعات، بغلبة الأحادية الارضوية، الموكوله لاشتراطات الحاجة البقائية الجسدية، والتاقلم مع الشروط الحياتيه الطبيعية، ومع الايقاعية الكوكبية.
هنا يتسع مدى التحول المجتمعي ليصير شاملا وموحدا، فيتعدى النطاق الرافديني الى المعمورة كلها، باعتبار شمول التحولية للظاهرة المجتمعية ككل، مع تدرجات قربها او بعدها الأساس تكوينا وبنية عن الهدف المحكومة بالسير اليه، والغاية المضمره الناظمه لوجودها، وبناء عليه لتفاعليتها ضمن خارطة توزعها عموما بحسب ما هي، ازدواجية، او أحادية / أحادية دولة، كحال ارض النيل، او أحادية لادولة، كما حال الجزيرة العربيه ومثيلاتهما/ مع الازدواجية الوحيدة المفردة الرافدينيه المابين نهرينيه، التاسيسيه المنطلق والابتداء التحولي البيئي، المنتكس المتوقف دون التحقق تحت طائلة، وبسبب نقص والافتقار للوسيلة التحوليه المادية الضرورية التي لاانتقال ولاتحول من دونها.
وحيثما يتبين لمفكر احادي مثل ماركس، ان التركيب المجتمعي الأحادي الطبقي يمكن ان ينطوي على مسار انقلابي تغييري، يعده هو نهاية موافقه لقانون وجده مضمرا في العملية المجتمعية، لم يكن ليخطر له، ولا كان مهيئا موضوعيا لان يتعدى نطاق بنية مجاله ومحيطة المجتمعي، بحيث يتبين مايتعداه، وماهو موجود لادائة ضمن العملية الوجودية الاشمل الناظمة للظاهرة المجتمعية، والاخذه بها الى مابعدها، والى زوالها كظاهرة وجدت لا لكي تبقى الى الابد، بل لكي تؤدي مهمة ودورا، الوصول اليه يعني مابعده، ومايخالفة نوعا وكينونة، الامر الذي بموجبه وبناء لمقتضياته تتعين وظيفة ودور وحدود فعل واسهام المجتمعية المقصودة، او الماخوذه كعينه بما هي وحدة فعالية ضمن الأغراض الاشمل التحوليه، مابعد الطبقية التي ركز ماركس همه متوقفا عندها، معتبرا إياها النهاية والمآل.
تختص اوربا بمهمه أساس ضمن العملية التحولية الاشمل، تتمثل بالدرجة الأولى في انتاج الاله، الوسيلة غير الممكن انتاجها ضمن بنيه الازدواج التحولي، لتعذرها بنيويا، ولكونها مناقضة طبيعة وفعلا للحقيقة البنيوية التحوليه كما هي متشكله في الموضع الرافديني ( 2) على عكس الحال الأوربي الانشطاري الطبقي، الذي وبعكس مااعتقد ماركس، موجود لكي يفقد ديناميات"طبقيته"، ويندرج بنية ضمن اليات التحول، بما انه افرز الآلة، الوسيلة التي يتغير بموجبها، ومع ظهورها ودخولها العمليه الإنتاجية، قانون الطبقية وصراعها، بدخول عنصر فعال جديد عليها، قابل للاستعمال من لدن الانسان وراس المال، بما من شانه التاثير في، وتغيير قوانين الصراع، فينزع عنها خاصيتها اليدوية التصارعية الطبقية الخام، والخاضعة من حيث الوسائل للبيئية اليدوية وممكناتها، وماينتظمها من ديالكتيك، بدا لماركس ابديا، وغير خاضع عند لحظة بعينها للتبدل بناء لتبدل واختلاف عناصر اللوحة الصراعيه، والاولويات الطارئة عليها بعد الاختلال الذي تتسبب الاله في إدخاله على العملية الإنتاجية المجتمعية.
وليس ماننوه عنه، او نشير اليه بخصوص ماركس و نظريته، من باب، او مايدخل عالم المناكفة والمماحكات، ومن دون شك وبلا ادنى تردد، فاننا نعتبر الرجل الجاري الحديث عنه وعن منجزه، واحده من القمم العقلية الفكرية الكبرى الأحادية، المحكومه خارج ارادتها لاشتراطات تتجاوزها موضوعيا وتراكميا تاريخيا، وانه رغم ذلك لم يكن بدون دالة وحضور لازم وضروري، ولاغنى عنه لاجل تبين الابعاد الكامنه وراء التفاعليه المجتمعية، ولايدخل في هذا وبنفس الدرجة او المقياس، الحكم على شخص يدعي الشيوعيه في ارض الرافدين، لايمكن ان تحركة على الاطلاق، لا المبررات "الطبقية" المتوهمه، ولا اشتراطات ظهور الاله، وهو بالأحرى ابن الموضع الأعلى بنية، والأكثر من اي موضع على وجه المعمورة صلة، او علاقة بالمسالة الأهم الأبرز، والضرورة الكبرى المطلوبة والمنتظرة من هذا المكان على وجه التعيين.
بمعنى ان العراقي، او العقل الفعال العراقي، لو وجد، كان حين ظهرت الالة قد صار معنيا من جهته بالتفاعل مع اشتراطات وضرورات المنتهى والمقصد الأخير للظاهرة المجتمعية، وفي حين كان ماركس من جهته، وبناء على اشتراطات وبنية وتاريخ الموضع الأوربي الذي هو منه، معنيا بالطبقية والصراعية الطبقية وقانونها المحرك، ومترتباته، كان ابن الرافدين، ابن الازدواجية المجتمعية التحولية، ومايترتب على المرور التاريخي بثلاث دورات تاريخيه وانقطاعين، معنيا بان يعبر ويتجاوز العقبة الكبرى العقلية البشرية المتوارثة، بان يميط اللثام عن الظاهرة المجتمعية والكينونه البشرية وماتنطوي عليه، وماهي مهياة وموهله لكي تبلغه، الامر المتفق مع الحقيقة التاريخيه المجتمعية الرافدينيه، ومع كينونتها وبنيتها الأساس.
يخالف من يعتبر نفسه "ماركسيا" وشيوعيا في العراق، لا حقيقته الذاتيه/ الوطنيه/ وحسب، بل ويقصر بإزاء مهمة موكوله للموضع الذي هومنه كونيا، وقامت الغائية العليا الكونية بتشريفه بان اوكلتها له، فوجود بؤرة تحولية غير متحققه، مكتوب عليها المرور باهوال ثلاث دورات يتخللهما اختفاءان، ليس مما يمكن التغاضي عنه، او ادراجه ضمن الحدثان الشائعة، كما انه قطعا ليس من قبيل الصدفه، او مما لاعلاقة توصله بقوة القانون الناظم للتفاعليه التحولية، واذا كان بدء التحولية السومري البابلي الابراهيمي، هو بالدرجة الأساس، حالة انتكاس تحقق موضع كياني تحولي بالدرجة الاولى، مع اثار ومنجز كوني اعتقادي، انتشاره الكاسح والثابت دال على الازدواج الكوكبي، لاالذاتي البحت، فان وجود الالة وانبثاقها اللاحق خارجه، وعلى الطرف الاخر من المتوسط، بما يعنبه من توفير أسباب الانتقال التحولي المادي الناقص، صار يضع ارض الرافدين مجددا في البؤرة، وبمكان الفعالية الكونية الرئيسية المستجدة، برغم مايظل يظهر من صدارة الموضع الأوربي المنشطر طبقا، ومع مايكون بائنا من عظمة وكونية هذا المنجزمؤقتا.
وكما ان الغرب الأوربي ميسر لانتاج الالة، فان بؤرة الازدواج التحولي المجتمعي، ميسرة للتحول الذي هو الغاية التي توافق القانون الناظم للظاهرة المجتمعية عموما، واذا كانت الثورة البرجوازيه الاليه قد انتجت النظرية الداله على خضوع المجتمعية لقانون ومراحل تاريخيه صعوديه، فانها هي نفسها، ومع حضورها العالمي الاصطراعي، بالاخص في ارض الرافدين، تحفز وتوجب نطق التحوليه، واعقال الذاتيه المضمرة التحولية، الامر الذي يغير من دلاله ومغزى وحقيقة الاله والتكنولوجيا، ويدمجهما باطارهما الطبيعي المجتمعي التحولي، الامر الذي لايمكن حدوثه من دون وثبة عقلية تحولية، من المستحيل حصولها الا في ارضها، كما كانت رؤية ماركس، غير ممكنه، ومستحيله في غير اوربا، وابان الانتقال البرجوازي الالي.
لم يكن "فهد"، باية حال ماركسيا، بل اتباعي من صنف موجه الانتقال الالي من دون طبقة برجوازية، اللينيني الماوي شكلا، لانه ابن موضع متجاوز بالاصل، وبنيويا، للنظرية الطبقية، ولا امل لهذا بان يكون ماركسيا بالتقابل، الا بعد ان يضع ماركس ومنجزه في الموضع الذي يستحقه داخل محيطه وزمنه، وما يتفق مع حقيقته كعتبه ومحطة أولى، قبل تبلور وظهور "نظرية التحول"، وانبثاقها في ارضها التي هي مهيأة لها، ارض الازدواج المجتمعي التحولي الإمبراطوري، التاريخي، مع ظهور "قرآن العراق" المؤجل المخفي، المنتظر منذ سبعة الاف عام.
ـ يتبع ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مع بعض الدلائل والاشارات المثيرة للتساؤل فاننا نستبعد من دون جزم ان تكون اشكالا ما، او حالات من التحول قد وقعت في أي من مراحل تاريخ ارض سومر في الدورة الأولى، حتى لو ان مثل هذا الجموح والبعض منه مما يصل لحد التخيل قد وجدت عليه إشارات داله على المرغوب الأقصى، او المتلبس، ومنه مايلحظ بين ثنايا الاساطير السومرية الأولى، وصولا الى المطمح الجلجامشي المتاخر، الأكثر واقعية والدال على الهزيمه، بما هي قبول التعايش مع واقع وضرورة المرور بالطور الارضوي الأحادي.
(2) تساءل المرحوم الدكتور "الطيب تيزيني" في واحد من مؤلفاته، عن أسباب عدم االانتقال ابان الإمبراطورية العباسية، الى الآله، والى الثورة البرجوازية، مدللا بذلك من جهه على تحسس بضرورة وامكانيه وارده، وكان المفترض، او الواجب عموما وظاهرا، حدوثها من ناحية، وعن جهل بالخاصيات المجتمعية النمطية الثلاثية، ومن ثم بالادوار المنوطة بالبنى بحسب نوعها، ومايمكن لها ان تتمخض عنه، و تنتجه ضمن العملية التفاعليه التحولية الاعم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو