الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الفرق بين مكة ونيويورك

محمد الطويل

2021 / 3 / 17
كتابات ساخرة


عن الفرق بين تمثال الحرية بنيويورك ومكعب مكة!

.. لا فرق، ماداما كلاهما يقدمان "الله" سلعة؛ الأول ماركة عمرها مئة سنة، مسار كثيف من الليبرالية والتقدم الحقوقي قطار من العهود، والمواثيق، والبنود الأممية، جعلت من أمريكا "بلد حريات" _في نظر بعض من الزبائن_ موطن طمعٍ لكل مقهور، مستلب، حالم بزيارتها التبرك والطواف والسعي والإقامة ما طال الزمن إن وسع الحال.
أما الثاني ماركة مسجلة منذ ألف وأربعمة سنة، ونيف، باسم الذنوب والخطايا .. لأولئك المعذبين بذنوبهم المكبلين بعقائدهم المستلبين بكمِّ حاجتهم للثواب..
لا يخرج الحال عن قانون العرض والطلب والتسابق للدعاية والترويج أمام أربعة مليار شخص يعمرون ذرة غبار في طرف مجرة من ملايين المجرات في هذا الوجود المسمى "كون".
لعل الفرق جلي بين زبناء الماركتين، من حيث التاريخ والحاجة إليها من حيث قيمة الترويج، هذا الأخير الذي يعكس الفرق بينهما إذ تضم الواحدة منهما أسرار فشل الأخرى، فمثلا لا يمكن للزبون أن يكون حُرّا وهو مورط مذنب في الآن ذاته، والحاجة أكبر من الرغبة، الحاجة أول أسباب انتفاء الحرية؛ وهو المجال الذي برعت الماركة "مكة" فيه: وهو إدمان الزبناء الخطايا تكبيلهم بالمحرمات والخطوط الحمراء عوض تحريرهم .. الاستثمار في الذنوب في دخولك ذات مرة الحمام باليمنى، من نسيانك البسملة أول طعامك، من صلواتك المؤخرة، من رغباتك المحظورة ونظرك المقصود نحو النساء، وخيالاتك إزاءهن، و غفوك عن الحمدلة بعد العطسة الثالثة ... الخ، وهو ذاته ما فشلت ولم تفلح فيه ماركة نيويورك.. كم هو استثمار غبي في الحرية !
هكذا ستبدو حجارة، ومزابل و حرارة مكة، بطعم الخلاص وتظهر آلام الزحام ومظالم التنقل، بطعم التطهر المزعوم و يبدو ما هو عرضٌ رخيصٌ: طقسا مقدسا لازما ملزما..
أما والذي هو باسم الحرية والثورة: تمثال سيدة تحمل مشعلا بيد وكتابا بأخرى، إضافة لسياقات أخرى كالمكوث والتنقل وفنادق مانهاتن أو الإقامة الدائمة هناك.. يبدو بلا فائدة وفسقا وفجورا ومضيعة للأموال في حجارة تحمل حجارة.. وكفرا في بلاد كفر ليس إلا.
كل الأمر محض عبادة، ولو اختلفت الطقوس.. فالمعبود واحد، وإن اختلف الزبائن فالطلب واحد؛ التوق للحرية والخلاص، ولو اختلفت العروض فالربح واحد، وبين هذا وذاك فارق كبير في الرؤية والفهم للحاجة الحقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني