الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دائرة الوعي الجهنمية

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 3 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هل مستويات الوعي الراهنة في العراق وفي عموم المجتمعات العربية، تؤهل هذه المجتمعات لبناء منظومة سياسية ـ اجتماعية متقدمه تتجاوز منظومة الأستبداد؟

أزعم ان الأجابة على هذا السؤال، وأساسه البحث في علاقة الوعي بالديمقراطية، تحتل موقعا مركزيا فيما يتصل بتجارب مجتمعاتنا وصراعاتها من أجل حل مهام الحاضر ورسم ملامح المستقبل. ودون الوصول الى أجابة سليمة عليه سنواصل أجترار ذات الراي عن عدم أهلية المجتمعات المتخلفة للديمقراطية، لأن افتقارها للنضج سيعيد انتاج تجاربنا الفاشلة، والرأي المضاد، الذي يؤقن بان الديمقراطية قادرة على تصحيح نفسها، بمزيد من الديمقراطية، وأن لابد من أطلاق الطفل في المياه لتعلم السباحة، ودون ذلك سنقر بالخضوع للتعسف والأستبداد الى الأبد.

في كلا الرأيين جانب أكيد من الوجاهة يجعلنا في حيرة من أمرنا، هل نغامر بالأعتماد على الديمقراطية حتى لو أفضت الى أوضاع تعيد مجتمعاتنا الى ما كانت عليه قبل أكثر من الف وأربعمائة عام على امل أعادة تصحيح الخيار عبر مزيد من الديمقراطية؟ أم نحتمي من ذلك بأنظمة الأستبداد على أمل ان تنجز يوما ما إصلاحات في مجال التعليم وفي المجال الحقوقي بما يساعد على نهضة مجتمعية تتيح إزاحة المستبدين؟

السبب في هذه الحيرة يتصل يكمن في نظرتنا الى الديمقراطية باعتبارها مجرد صندوق إقتراع تختار بواسطته الأغلبية حكامها وما يناسبها من قواعد وقوانين. والحقيقة أن صندوق الإقتراع ليس سوى نتيجة وتعبير عن أسس الديمقراطية وهي الحريات، وجوهر الحريات: حرية الفكر والتعبير. وبدونها لا ديمقراطية ولا حريات.

وما دام وعي الأنسان محكوما ومقيدا بأفكار وقيم أجتماعية ثابتة، ومعتقدات دينية وما يبنى عليها من فقه يحدد قواعد السلوك الفردي والجمعي، ويقمع ويمنع إي تعبير علني أو سري عن فكر جديد، سيبقى الأنسان ومجتمعه يدوران في دائرة مغلقة، لا يمكنهما تجاوزها، وستكون النتيجة مواصلة أجترار ذات الأفكار وذات المواقف، وذات الخيارات فكريا وعقائديا وسياسيا، والمراوحة في ذات المواقع المتخلفة عن ركب التطور البشري، والغرق في صراعات محلية وأقليمة لا تنتهي.

خروج مجتمعاتنا من من هذه الدائرة الجهنمية، يعتمد على أدراكنا ان جوهر الديمقراطية هو حرية الفكر والتعبير، وأن العمل ينبغي أن يتوجه لضمانهما قبل ضمان عملية الأقتراع، حتى لو كانت حرة ونزيهة، فبدونها سيتجه الناس الى صناديق الأقتراع بعقول مقيدة، تحدد خياراتهم، بما لا يختلف عن الدائرة الجهنمية التي يعيشون فيها والتي تنتج الإستبداد والظلم والتناحر والتخلف والفقر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لامخرج للعراق من نكرة تخلف وعي الجماهير وتبعيتها ل
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 3 / 17 - 20:29 )
لاساطير الاولين الا بتغيير اساس حياة الناس من التنبله والاتكاليه والفساد واللصوصيه الى مجتمع ينتج ليعيش وينتج ليس الا ببناء الصناعه وتحديث الزراعه وتوسيع وتحضير البنى التحتيه المادية ومعها البنى التحتيه الاجتماعيه خصوصا في التعليم والخدمات الصحيه والثقافة والترفيه-ومعها سيتغير المجتمع-ليس بطفره-ان فكرة الطفرة فشلت عالميا واننا غسرنا في العراق 100سنه منذ تاءسيس دولتنا الجديده بعد قرون من العبودية العثمانية ووقوعنا في شرك معاداة الغرب والراءسماليةوغيرها من شعارات الخباثة الدينية -مثلا فيما سمي خبثا بثورة العشرين-في حين كانت ردة الاسلام ضد التحول الى العصر الجديد العصر الذي سلكته شعوب الغرب التي تقدمت اقتصاديا وعلميا وثقافيا وتحررت من جبروت الدين دون ان تعلن الحرب عليه-حينما يتغير نمط حياة الناس يتغير كل شئ فيهم متلائما مع متطلبات العلم والتكنولوجيا والثقافة الجديده والتعرف والتقرب للمجتمعات التي عاشت قبلنا 300 سنه من التنوير وتطور العلم والمعرفه-ونحن حينما انبلج امام شئ من نور بعيد الحرب العالمية الاولى وسقوط ابشع نظام في العالم-اي العثماني-لاادري كيف تقشمرناوصرنا اتباعا للهمجية الروسي

اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ