الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المقاربة الأمنية ضد أساتذة أفواج الكرامة تنهي دعاية حقوق الإنسان
المهدي بوتمزين
كاتب مغربي
(Elmahdi Boutoumzine)
2021 / 3 / 17
حقوق الانسان
يعود أساتذة المغرب أفواج الكرامة, الذين فرض عليهم نظام تشغيل رجعي و كولونيالي, إلى التظاهر مجددا في شوارع العاصمة المغربية أمام وزارة التربية الوطنية باعتباراها الوزارة الوصية و أمام البرلمان كمؤسسة ممثلة لموقف الشعب , إلا أن المقاربة الأمنية التي نهجها المخزن المغربي يومي 16 و 17 من الشهر الجاري , توثق حقيقية و عمق فكر المؤسسة الأمنية التي تشتغل بمكانيزمات مهترئة و مهلهلة, يتحكم فيها كليا منطق السلطة الأمنية المطلقة و الأحادية و التوليتارية , على عكس ما تروجه الأوتسترادات الإعلامية و الأقلام المأجورة في كل مكاتب الدولة .
العقيدة الأمنية في المغرب مازلت لم تقطع مع سنوات الجمر و الرصاص و مع نهج إدريس البصري و حميدو لعنيكري , حيث كادت أن تجر البلد إلى دوامة لا متناهية من الصراع في أحداث الريف خاصة و هو المشهد نفسه أعيدت صياغته في أكثر من قضية . انطلاقا من اطلاعي على العلوم الأمنية و المقاربات المعتمدة في دول عديدة ؛ أجد أن المغرب يشكل نموذجا سيئا في هذا الباب , إذ أنه ينأى بنفسه عن أية معطيات أو مقتضيات تتعلق بحقوق الإنسان و الديمقراطية و العهد الجديد .
الأساتذة أفواج الكرامة الذين فرض عليهم عقد مردوخ المشؤوم , الذي جاءت به حكومة مُسَيلِمَة الأفاك , يشكل تهديدا حقيقيا لسيادة البلد و تنميته , حيث يضرب عرض الحائط كل الممكنات المتاحة للرفع من مستوى التربية و التعيلم و الأمن الإجتماعي و النفسي و الإقتصادي لضحايا هذا التطرف السياسي و الرجعية الإدارية . إن قيمومة الأساتذة اليوم وطنية بكل المقاييس حيث تجابه بشكل رئيس اللوبي السياسي و أباطرة المال و الكمبرادورية و عملاء الدول الأجنبية المتغوليين داخل مؤسسات الدولة المغربية . فهذا الطابور الخامس الذي يريد بيع المدرسة العمومية هو نفسه القهرمان عن كل الفساد الذي أصاب الدولة من إرهاب مالي و نهب الملايير من الدراهم كل سنة , و التجارة في الرقيق الأبيض و الدعارة و المخدرات ... .
إن الدولة هي نفسها تجترح المنازع من خلال سياستها الأحادية و الشاقولية التي لا تشرك الأخر في صناعة القرار و تجحد بالديمقراطية التشاركية , ما يخلق أزمات عديدة على طول جغرافيا المغرب , و هذا التراكم الكمي قد يتحول إلى تغيير نوعي على مستوى كل الجوانب؛ منها الإقتصادي حيث أن الدين العمومي اليوم الذي ينتظر أن يصل في المجمل مع متم السنة الجارية إلى 107 ملايير و 200 مليون درهم , فمعدل مديونية الخزينة خلال السنة الجارية سيبلغ 75 في المائة من الناتج الداخلي الخام , وهذا ما يمكن أن يتحول إلى عجز و إفلاس , كما أن الحقن الإجتماعي و الغضب الشعبي المختمر و المتراكم يمكن أن يرتد إلى إنتفاضة على غرار انتفاضة الخبز لسنة 1984 م , التي حركها التلاميذ بعد فرض الحكومة رسوما على التعليم في الوقت الذي ارتفعت فيه كلفة المعيشة و ساءت الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية .
السلوك الأمني الجديد في حق الأساتذة يومي 16 و 17 مارس الساري , شهد تسخير أعوان السلطة المرتبين في درجة (مقدم) لتفريق والإعتداء على الأساتذة , و الحال أن المقدمين لا يتوفرون على أي نظام أساسي, و سلطاتهم تظل محصورة في نطاق نقل الأخبار و ليس التخابر و تسليم بعض الأوراق الإدارية إلى المواطنين , و هم نفسهم شكلوا تنسيقية للدفاع عن حقوقهم التي منها إخراج قانون ينظم عملهم . الطامة الكبرى هي توظيف البلطجية دون شارة لتفريق المتظاهرين , حيث استغل المقدمين بمعية البلطجية هذه السلطة اللاقانونية التي منحت لهم في بلد الإستثناءات و الأزمات , ليسرقوا الهواتف و الحقائب المالية و يمارسوا ساديتهم على الجماهير الأستاذية , إنها مهزلة و أي مهزلة .
كما صرحت أستاذة لمنبر إعلامي أن عناصر الشرطة يتعمدون لمس الأستاذات على مستوى منطقة الصدر و المؤخرة , و هذا فعل تعرضت له العديد من الأستاذات لكنهن يرفضن التصريح به , و هذا اعتداء نفسي يفوق بكثير الإعتداء الجسدي , حسب تصريح الأستاذة .
ينضاف لكل ذلك إقتحام المخزن المغربي للفنادق ليلا و إخراج الأطر التربوية منها قسرا , لمنعها من التظاهر في الغد , كل هذه المفاعيل كانت كفيلة بإثارة غضب الجماهير التربوية و إحلال سخط شعبي يهدد أمن البلد . فالتظاهر حق مشروع , كما أن المقاربة الأمنية مقبولة لكن في حدوها القانونية دون اعتداء على الكرامة الإنسانية و دون توهم الفوقية و الإستعلاء أو تملك الدولة , فالدولة للشعب و الحكم الديمقراطي للشعب . كما أن الفيصل في هكذا نوازل هي النصوص القانونية و ليس السلطة التقديرية للقواد و عناصر وزارة الداخلية . فلا يوجد سند قانوني يمنح للقواد استخدام المقدميين و البلطجية دون شارة لتفريق و شد و جذب الأساتذة , و هذا ما يفرض تدخلا عاجلا من النيابة العامة المختصة , و أن يعلن وزير التربية إستقالته , و يقدم نواب الأمة في البرلمان إعتذارا رسميا للأساتذة و تحقيق مطالبهم المشروعة .
صحيح أني لا أهتم بمقتصيات حقوق الإنسان في الدول العربية , التي يحكمها منطق القوة , لذلك كان من الواجب على تنسيقية الأساتذة تشكيل لجنة سياسية فاعلة , للرد على المخاتلات و الإلتفاف و المراوغة من جانب الدولة , فالسياسة تَحفر أركيولوجيا أكثر من المعطى القانوني . عطفا على ذلك نرى من الضروري إشراك لوبي الأبناك الذي سيستفيد من قروض عشرات الألاف من الأساتذة , الذين لا يمكنهم الإقدام عليه في ظل نظام توظيفي متكلس و واهن , لا يقدم أي ضمانات لا حاضرا و لا مستقبلا.
أعلن تضامني الكامل مع الأساتذة باعتباري معنيا مباشرا أيضا بالملف , كما أبدي إعجابي بصمود الأستاذات و الأساتذة ضد البلطجة و الإرهاب و التطرف الذي طالهم في مسيرة 16 و 17 مارس الجاري , و إن تحقيق الإدماج مطلب لن تستطيع الكمبرادورية منعه , و من أعجبه عقد مردوخ فليعلقه في عنقه و على أعناق أبناءه .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مجلس الأمن: ماذا عن مساعي الجزائر لمنح فلسطين عضوية الأمم ال
.. العالم الليلة | عبدالله باتيلي ثامن مبعوثي الأمم المتحدة إلى
.. هل تنجح المبادرات الأوروبية في إنقاذ اتفاقية الهجرة مع تونس؟
.. كارثة صحية.. مياه المجاري تهدد حياة النازحين في مخيمات النزو
.. People in Georgia are protesting