الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قل لي متى تفيق

جوزفين كوركيس البوتاني

2021 / 3 / 18
الادب والفن


لقد صفقت لك طويلا وصفقت لنفسي مهنئة لها ولك... وصفقت ايضًا للحاضرين الذين صفقوا لك بكل ما لديهم من القوة، مهنئين انفسهم بك. آه، لقد كانت محاضرتك رائعة و(مروجة) وموجزة بشكل مبسط كي يفهمها جميع الحاضرين بمختلف مستوياتهم الثقافية. كانت تدور حول تاريخ البلد- لقد تحدثت عن وادي الرافدين، وعن عظمة أجدادك، متناسيًا بؤس أولادك، ومتجاهلاً مستقبل أحفادك. كنت تدافع عن شيء لم يعد له وجود... تتحدث بعزة ولذة، كمن يتحدث عن مغامرة سرية مر بها صدفة. تتحدث وأنت مغمض العينين، كأنك تخشى رؤية الواقع. أراك تمتدح ملوكًا غابرين وفرسانًا عابرين، محاولاً خلق خلفية وهمية كي تمجد فيها حاضرك المرير. واتساءل، وأنا بغمرة تعجبي: ترى متى ستفيق؟ متى ستشبع نفسك من لذة التصفيق؟ فكل ما قلته، وما ستقوله ليس إلا تلفيق. وليتك تفيق وتدرك جيدًا بأننا في زمن لا يؤمن إلا في (البقاء للاصلح). وأنت، كما أرى، لم تعد تصلح...
**
وتذكر، إن أحد البنود في الامم المتحدة يقول ما يمكن ترجمة معناه إلى: أن البقاء لمن هم أغلبية؟... لمن هم الأقوى؟ وانت يا صاحبي لم تعد كذلك، لأنك وحيد وضعيف، ولأنه ليس لك من يسندك. فبدلاً من أن تمدح أمة أكل الدهر عليها وشرب، تذكر أيضًا انك تساهم في أمور لا ناقة لك بها ولا جمل. لذلك اقول لك: إبحث عن حلاً آخر، حاول ان تعيد هذه الامة الضائعة المشتتة بين الامم. إبحث عنها، لملمها بقدر المستطاع. وإن لم تفلح بذلك، إبحث عن شيء يسليك وينسيك ما نمر به من الضياع، أو حاول، بأية طريقة، أن تلم هذه الامة التي انفرطت كحبات الرمان، وتفرقت كقطيع بلا راعي. وبعد ان تقوم بلمها، ربما عندها قد نعود كما كنا. وعندها ستليق بك هذه المكانة. لا تشعر بالاهانة، المطلوب هو زرع شعور القوة في ملتنا؛ هذه الملة التي باتت مملة، تعيش من دون خجل على المعونات في أزقة الدول المجاورة -بحجة الهروب من الحرب والتفجيرات وغيرها من الأعذار الشرعية والوهمية. أمة تقضي معظم وقتها وهي تتجادل حول من الذي سيقود رقصة ما نسمية بالآرامية المعاصرة برقصة( الخكة). أمة لا يخجل أهلها من التسكع، ولكم يؤلمني هذا. لعلك في يوم ما تستفيق وتعيد النظر بما تقوله. وقد تشد الرحال يومها كي تقوم بلمنا، وإن فعلت ذلك، عندها كم سيليق بك التصفيق! وانت ماذا تقول هه؟
**
لا أعتقد بأنك تسمعني، فصوت التصفيق يطغي على كل شيء. إذًا سأعاود التصفيق، وأنت استمر في محاضرتك التي لن تجدي نفعًا. فبدل أن تتحدث عن التاريخ والتمجيد، أطلب الذي تريده بالتحديد...أطلب التجديد وإعادة النظر، في ظل هذه الظروف الراهنة، وفجر صمتنا...هيا تحدث عن مأسات قرانا التي تهدمت في زمن (صدام حسين)، عن كنائسنا ومئات الاديرة التي لم يعد يسكنها سوى الغربان. هيا حفزهم، ادعمهم لبناء قراهم، وازرع الانتعاش فيهم. حاول أن تحدهم عن الهجرة، وحدثهم عن اليد الخفية التي تحاول قلع جذورهم بمساعدة من يبيعون اراضيهم للغرباء، كما لو انهم يبيعون ضمائرهم مقابل بضعة دولارات. وكما تعلم، فأن ارض الاجداد لا تشترى ولا تباع...وها أنا اقول لك يا سيدي: ضع تاريخك جنبًا...فأنا لست ضد تاريخي، ولكنني ضد ذلك التنويم المغناطيسي، ضد من يهدأ من روع أناس تم استغلالهم علنًا. أريدك ان تطالب بحقهم، وأن كان ذلك بالقوة. لكي يزدهر مستقبلنا، علينا بصرخة مدوية؛ فأكيد هناك من سيسمعنا وسيلبي طلبنا، وكما يقول المثل: "أن صرخة المظلوم تُسمع أينما كانت." ودمت لهذه الأمة التي باتت في فعل كان، أم تراني مخطئة؟ هه، ماذا تقول هه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/