الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبريل غلاسبي.. سفيرة الجحيم

علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)

2021 / 3 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاماً على الغزو العراقي للكويت والذي إستمر 7 أشهر فقط , إلا أن تبعات هذه الحرب ظلت تلاحق العراق - الدولة العربية الاغنى والأقوى عسكرياً- حتى يومنا هذا, بداية من حرب الخليج الثانية عام 1990 وسقوط بغداد في 2003 وحتى إعدام الزعيم العراقي صدام حسين صبيحة عيد الأضحى في 30 ديسمبر 2006.

كما ظل اسم إبريل غلاسبي سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق مرتبطاً بكل المآسي التي أصابت العراق منذ 1990 وحتى يومنا هذا , حيث كان لقاءها الأخير بصدام حسين قبيل الغزو بثمانية أيام وما دار خلاله من حديث هو ما شجع الأخير على إحتلال الكويت .

فما الذي دار في هذا اللقاء , ومن هي إبريل غلاسبي ؟ وكيف إنتهت حياتها السياسية ؟



أبريل غلاسبي (April Catherine Gillespie)

ولدت غلاسبي في فانكوفر بكولومبيا البريطانية وتخرجت من كلية ميلز في أوكلاند بكاليفورنيا في عام 1963 ومن مدرسة بول هـ. نيتز في الدراسات الدولية المتقدمة من جامعة جونز هوبكينز في عام 1965.

في عام 1966 دخلت غلاسبي الخدمة الخارجية للولايات المتحدة حيث أصبحت خبيرة في الشرق الأوسط. بعد تعيينات في الكويت وسوريا ومصر تم تعيين غلاسبي سفيرة في العراق في عام 1989. كانت أول امرأة تعين سفيرة لأمريكا في دولة عربية. كانت لها سمعة كمستعربة محترمة وكانت تعليماتها تنص على توسيع الاتصالات الثقافية والتجارية مع النظام العراقي.

في وقت لاحق تم نقل غلاسبي إلى بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك. ثم تم نقلها في وقت لاحق إلى جنوب أفريقيا كقنصل عام في كيب تاون. شغلت هذا المنصب حتى تقاعدها في عام 2002.



اللقاء الاخير

في لقاء أجرته جلاسبي مع جريدة الحياة اللندنية ونشر يومي السبت والأحد 18,19 ديسمبر 2010 نرصد أهم الأسئلة وإجاباتها التي غلب عليها التخبط وإنعدام الثقة .



• حول الحديث دار بينك وبين صدام , هل كنت مطلعة على تجميع القوات العراقية على إمتداد الحدود مع الكويت ؟ وهل كانت الأقمار الإصطناعية تلتقط هذا؟

- ليست الأقمار الصناعية فحسب , الكل في العراق كان يمكنه مشاهده القوات وهي تتجه جنوباً ولم نكن نعرف عددها بالضبط , لكنه ما شاهدناه كان كافياً لنفهم , مثلنا مثل الكويتيين ما كان يجرى مما أثار قلقاً عميقاً لدى الجميع , إذاً نعم كنا على علم بما كان يعد له .

• لكن الصيغة التي قدمتها بغداد عن اللقاء جاء فيها أنك قلت لصدام أن الحكومة الامريكية لا تتدخل في الخلافات الحدودية بين دولتين عربيتين , وهو ما إعتبر بمثابة ضوء أخضر أمريكي لمهاجمة الكويت ؟

- هذه الصيغة من إختراع طارق عزيز والمعروف عنه أنه سيد الكلام بصفته وزير إعلام سابق ورئيس تحرير لصحيفة, والمؤكد أنني لم اعط صدام أي فكرة من نوع أننا لن نتدخل في خلاف حدودي , بل إن ما قلته إنه " ينبغي ألا يتدخل لا في الكويت ولا في أي مكان آخر " ثم قطع اللقاء

طارق عزيز كان مع صدام في المقابلة ولم تنقل إليه ليتسنى لطارق أن يخترع صيغة ثم إن كانت تقصد أن تفسير طارق عزيز "الخاطىء" لمعنى كلامها فما كان كلامها ؟وكيف عرفت أن طارق هو من إخترع الصيغة ؟!

• لا يزال هناك سؤال لم تجيبي عليه بوضوح , وهو لماذا تعرضت للوم من قبل وزارة الخارجية ؟

- لم يلمني الرئيس ولا الناطق الإعلامي ولا زملائي , إذا كان هناك من لامني فيجب توجيه السؤال إليه, وربما أنه إذا استوجب لومي , فإنه لم يكن ليلام على ما أعتقد .

• لكن لوم جيمس بيكر كان غير عادل لدرجة أنه أثار هذا السؤال ؟

- لقد قال لنا الرئيس كندي أن ( الحياة غير عادلة) وأنا لا أعرف الرجل ولم ألتقه أبداً قبل الحرب . حتى أن المده الاولى التي تحدثت فيها معه كانت عندما إستدعاني الرئيس بوش لمقابلته التي ألتقي به .

• عندما إلتقيت به كيف جرت الأمور ؟

- لا أعرف كنت أتحدث إلى الرئيس فكان اللقاء مع الرئيس وقد رأيته مرات عده لاحقاً وكان اللقاء مع الرئيس مرضياً جداً .

• ألم يدل بيكر بأي تعليق خلال اللقاء ؟

- ليس بوسعي أن أتذكر

هذه الإجابات كافية تماماً , ومع ذلك كان يمكن محاصرةغلاسبي أكثر لو أن الصحفي سألها لماذا إذن هددت وقتها إن لم تتوقف الهجمات عليها فسوف تقول أسراراً خطيرة !!

عن سؤال آخر تتهرب منه مرة آخرى

• هل قلت لبيكر إنك ذاهبة في إجازة ؟

- كان بالطبع على علم بذلك .

• مالذي حملك على تغيير رأيك والمغادرة في إجازة ؟

- الحماقة !!

يعود الصحفي إلى مسألة إلقاء اللوم عليها من قبل الخارجية تتهرب بشكل أكثر إنكشافاً

• لماذا إذن كل هذا اللوم الذي صدر عن واشنطن حيالك وحيال جيمس بيكر ؟

- إن الرئيس بوش كان رائعاً . وطلب مني مقابلته , والحديث الذي دار بيني وبينه حول الشرق الأوسط جعلني أشعر كأنني أتحدث مع أي شخصية مهمة في الشرق الأوسط يمكن أن تخطر على بالي , كان مسترسلاً في التفكير , وبدا شديد التفهم وشديد القلق وفقاً لما إستوجبه الوضع , لكن كل شيء بقي عند هذا الحد , فما من أحد كان يرغب بتحمل اللوم أما أنا فسعيدة لتحمل اللوم .

وهاهي تلقي" اللوم"على الخطأ وأنها " ليست عربية " وغيرها من الحجج العجيبة.

• ماهي التعليمات التي تلقيتها من واشنطن وإعتبروا أنك لم تنفذيها ؟

- ليس هناك إطلاقاً ما لم أنفذه , فكل شيء كان معروفاً وكنا اجرينا هذه الإجتماعات في وزارة الخارجية قبل أن أقابل صدام , كانوا يعلمون أنني قمت بما طلب مني .

• لكن هل حصل خطأ ما من جانب أحد ما ؟ ولماذا هذا الحكم عليك كما لو أن هناك شيئاً خاطئاً ؟

- لأن الجميع إعتقد بأن أمامنا متسع لإلتقاط الأنفاس , فالرئيس مبارك أدلى بتصريح قال فيه أنه تحدث مع صدام وأن ما من شيء سيحدث , لذا أعتقد أننا كنا جميعاً على خطأ , وأن كل واحد منا كان مخطئاً , أنا لست عربية لكن بوسعي القول إنه حتى العرب كانوا مخطئين , فالكل إسترخى بعض الشيء معتبراً أنه لن ينفذ الهجوم على الفور .



سوء ترجمة !!

في منتصف سبتمبر 1990، وأثناء تحضير الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب للائتلاف الدولي من اجل تحرير الكويت، مررت دوائر حكومية عراقية بروتوكول المحادثة بين صدام والسفيرة الأمريكية إلى مراسل شبكةABC-News ، كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز في 23 سبتمبر 1990 ما قالت إنه نص المحادثة، مشيرة إلى المصدر المشكوك فيه، لكن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت التعليق عليه.

وطبقا للنسخة العربية الأصلية والتي تم تمريرها التي نشرتها الصحيفة الامريكية فإن السفيرة الأمريكية غلاسبي قالت لصدام حسين: "لا نملك أي رأي حول الصراعات العربية/ العربية، مثل خلافاتك الحدودية مع الكويت". وتتابع السفيرة "كنت في السفارة الأمريكية في الكويت في أواخر الستينيات، كانت التعليمات خلال هذه الفترة هي أنه ينبغي لنا ألا نعرب عن رأي بشأن هذه المسألة".

وفي النسخة الإنجليزية من البروتوكول التي نشرته مؤسسة مارجريت تاتشر في وقت لاحق، قالت أيضًا: ليس لدينا أي رأي حول الصراعات العربية/ العربية مثل نزاعك مع الكويت"، "وجهني الوزير بيكر إلى التأكيد على التعليمات التي أعطيت لأول مرة للعراق في الستينيات من القرن الماضي بأن قضية الكويت ليست مرتبطة بأمريكا".



في النسخة العراقية فإن غلاسبي قالت: "نرى أنكم نشرتم قوات ضخمة في الجنوب، عادة هذا أمر لا يخصنا، ولكن بربطه بتهديداتكم السابقة التي ذكرتموها أثناء الأعياد الوطنية، فمن المنطقي أن نشعر بالقلق، لهذا السبب تلقيت تعليمات بأن أسألك عن نواياك بروح الصداقة - وليس بروح المواجهة ".

أما النسخة الإنجليزية فإن غلاسبي تقول "نرى أنكم تركزون عددًا كبيرًا من القوات في الجنوب. هذا ليس من شأننا عادة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتهديدات ضد الكويت، فمن المنطقي أن نشعر بالقلق. لهذا السبب، تلقيت تعليمات بأن أسألك عن نواياك بروح من الصداقة، وليس المواجهة: لماذا قواتك قريبة جدًا من حدود الكويت؟

أي أن النسخة العربية أغفلت سؤال الولايات المتحدة الدقيق حول سبب حشد القوات العراقية قرب الحدود الكويتية، بحسب الصحيفة الألمانية دي فيلت.



خطة إسقاط العراق الكبرى

كان الزعيم العربي رمزاً للقوة والعنفوان و كان حزب البعث هو التنظيم العربي الأقوى القادرعلى مواجهة أيه أطماع غربية في العراق ومنطقة الخليج عامة.

وكان حزب البعث بعيداً عن الطائفية ولا يفرق بين سني وشيعي ، وهذا ما لم يعجب الغرب واسرائيل وخططا لضرب العراق قبل غزو العراق للكويت.

فاجتمع وزير خارجية العراق طارق عزيزبالسفيرة الاميركية غلاسبي بناء على طلبها .كانت غلاسبي مرحة وتتحدث بمحبة وغيرة على حقوق العراق .

وابلغت طارق عزيز بوثائق قدمت له ، ان الكويت نهبت من نفط العراق خلال حربه مع ايران كمية قيمتها تسعة مليارات دولار .شكرها ابو زياد ونقل المعلومات للقيادة .وازداد هنا احساس صدام حسين الخاطئ ، بان واشنطن تسعى لود العراق !!فامر بالتوجه سياسيا للطلب من الكويت دفع المبالغ المستحقة من النفط المنهوب .واشار العراق لمصدر تاكيد المعلومات .فقامت الكويت بابلاغ واشنطن بذلك.فكان جواب واشنطن ، لا تدفعوا ، ارفضوا الدفع ونحن نحميكم .وامسكت سنارة واشنطن بالسمكات اللواتي التهمن الطعم، مباشرة دعا سكوكروفت لاجتماع لمجلس الامن القومي وقال بالحرف الواحد ( ترجمة حرفية) ايها السادة (ونظر الى وجوه اعضاء مجلس الأمن القومي مبتسماً)، يبدو انه سيكون لدينا حرباً وشيكة في الشرق الاوسط، وشرح لهم الاهداف.. النفط -أمن اسرائيل تقسيم العراق- تحويل الصراع الى طائفي وعرقي، لانهاك العراق وتفليسه، وشرح ان مخزون العراق من النفط يوازي احتياطي ايران والسعودية وفنزويلا معاً .



لذلك يجب السيطرة عليه.. وابلغهم ان لدى الجهات والاجهزة المسؤولة علاقات متينة مع مسؤولين عراقيين في جيش ومخابرات صدام، وان علاقات واشنطن بالبرازاني اكثر من متينة وانهم على اتفاق معه، وحدد هدفاً هاماً وهو تحطيم الجيش العراقي، اقدم جيش عربي، وضمان عدم تهديده لاسرائيل وعدم قيام ضباطه بانقلاب لاحقاً، وان خطة واشنطن ستؤخر نمو العراق نصف قرن على الاقل

( نص من محضر اجتماع سكوكروفت لمجلس الامن القومي قبل الغزو)، كلف طارق عزيز بابلاغ غلاسبي بان الكويت ترفض دفع المستحقات وان هذا يؤثر على العلاقة وطلب من واشنطن اقناع الكويت بالدفع .



اجابت غلاسبي بعد اسبوع، بان واشنطن لا تتدخل ولن تتدخل في الشؤون الاقليمية بين دول المنطقة وان الامر يعود للعراقيين، واعتبر هذا ضوء اخضر اميركي وهذا ما كانت تقصده اميركا .

وعندما طرح الكويت (الامير الراحل لدولة الكويت سمو الشيخ صباح الجابر الأحمد الجابر الصباح كان وزيراً للخارجية وقتها) الامر على واشنطن وخشيته من التهديد العسكري العراقي، كان جواب واشنطن، لا ترضخوا، سوف نكون عندكم خلال اربعة ايام، ان قام صدام بعمل عسكري .

الشيخ سعد العبدالله ولي العهد الكويتي قال هذا بالحرف لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات كما جاء على لسانه في مقابلة الـ(إم بي سي) وكان ابو عمار يحاول منع نشوب حرب وهكذا رتبت امريكا خطواتها الاولى لغزو المنطقة.



وهكذا كانت غلاسبي سفيرة لفتح أبواب الجحيم على العراق والعالم العربي عامةً

بسقوط العراق والتي نهبت وجرفت من خيراتها لأكثر من ثلاثين عاماً وتبعتها الدول العربية سوريا وليبيا واليمن ولبنان .

وأصبح التواجد الأمريكي والأوروبي في المنطقة أمر واقع بل وملح للأسف وهذا ما سعت له تلك الدول من البداية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على