الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثيرات السياسة الاقتصادية العشوائية على السوق العراقية من حوارنا مع البروفيسور الدكتور سعد الجيبه جي - الحلقة الثامنة – من الاقتصاد العراقي المأزق والحلول - في بؤرة ضوء

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2021 / 3 / 19
مقابلات و حوارات


8. ما التأثيرات التي تلمسها على إداء الإقتصاد العراقي وإمكانية نموِّه في ظل اعتماد السوق العراقية، بنحو كامل على الاستيرادات الخارجية؟

قيل قديمًا يقاس تقدم أي بلد من خلال قدرته على إنتاج ما يأ كل وتصنيع ما يلبس، ولنقل أن هذه المقولة تنطبق على الاقتصاد المغلق الكلاسيكي، أما فى وقتنا الحاضر يقاس تقدم أي بلد من خلال قسمة الصادرات على الاستيرادات، وهنا تظهر لنا ثلاثة أشكال من الاقتصادات.
الأول: يحقق فائض فى الصادرات.
والثاني: يحقق تكافئ.
والثالث: عجز الصادرات عن تغطية الاستيرادات فى العراق الحالي، الصادرات غير النفطية تقريبًا صفر والميزان التجاري يشكل من دون النفط عجزًا كبيرًا ومخيفًا، والسبب معروف حيث بعد الاحتلال فى 2003 تم تدمير هيكل الإنتاج غير النفطي، مثل الصناعة والزراعة وقطاع البناء والتشييد، فقبل هذا التاريخ كان العراق يمتلك بنية إنتاجية من الزراعة والصناعة، وقطاعات متقدمة فى البناء والتشييد من خلال شركات عملاقة، بنت الجسور وشيدت الدور والطرق والسدود وغيرها .
كما كانت الصناعة تتقدم بشكل كبير من خلال الصناعات المدنية والعسكرية، وكانت هناك شركات تنتج الإلكترونيات والسيارات والمعدات الثقيلة فى مجمع الإسكندرية العملاق، وشركات تنتج اللوازم المنزلية من ثلاجات ومبردات وأدوات كهربائية متنوعة وبجودة عالية بسبب مناشئها الغربية. وكذلك كان العراق ينتج الإطارات للسيارات والبطاريات وأنواع مختلفة من المنتوجات ذات الجودة المنافسة والأسعار المعقولة، ورغم ظروف الحصار استمر الإنتاج لتلبية احتياجات السوق المحلية، بعد أن كانت قبل الحصار يُصدر جزءًا منها إلى الخارج. كما كان فى العراق صناعات عسكرية متقدمة،وغيرها من الأسلحة الدفاعية رغم الحصار. والذي حدث أن الأمريكان دمروا بالقصف المتواصل كل البنية الصناعية منذ الأيام الأولى للحرب، وفتحوا الباب على مصراعيه لتدمير ماتبقى من خلال النهب الذى قام به الرعاع بفتاوى، إن ملك الدولة مباح، والهدف كان إظهار الشعب العراقي بمظهر الجائع والفوضوي والسعيد بالاحتلال وفقًا لما نشرته وسائل الإعلام الغربية، وبعض وسائل الإعلام العربية ، التي كان لها دور فى تأليب الشعب على منجزات حكومته الوطنية.
فمن هنا دخل متغير آخر بعد تشكيل حكومات عميلة (ومما زاد الطين بلة) ظهور عملاء إيران وسيطرتهم على السلطة بإسم المذهبية والأغلبية التي هي هُراء تنسفه الوقائع وتحت شعار المظلومية. نعم نفذ هولاء أجندة إيران وفتحوا المنافذ الحدودية لاستيراد كل شيء من إيران حتى الخضار وأعواد الثقاب، ومنعوا أي إعادة للإعمار أو إعادة المصانع للعمل أو تنشيط الزراعة، بكل الوسائل منها القتل والتهديد والتشريد وحرق وسرقة المصانع والحقول وتدمير حقول الدواجن والأسماك وتسميمها.
والأدهى أنه من الأيام الأاولى للعدوان نشطت مليشيات إيران وإسرائيل في قتل العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات والضباط الفنيين خاصة من القوات الجوية وغيرهم من الكفاءات العراقية التي كانت تمثل الخزين الاستراتيجي لاحتمال إعادة بناء العراق بسرعة كما حصل بعد 1991 حيث استطاعت الخبرات العراقية إعادة الإعمار في جميع المياديين في شهور قليلة، مثل إعادة الكهرباء والمصافي والجسور والمطارات وغيرها.
والهدف واضح هو لترسيخ هيمنة إيران على الاقتصاد العراقي، وتدفق أموال النفط عبر الاستيراد منها لكل صغيرة وكبيرة ومن مهازل القدر، أنّ إيران صدرت للعراق 17 ألف سيارة (صناعة تجميعية إيرانية) وباسعار عالية تنافس أسعار السيارات الكورية وبجودة سيئة، معروفة لدى الشعب العراقي.
ولم يقف الموضوع عند هذا الحد بل تعطلت كل المشاريع التي كانت من اختصاص الوزارات مثل الزراعة والصناعة والإسكان كونها وزارات إنتاجية مع استمرار تقاضي الوزرات هذه رواتب موظفيها (الشبه عاطلين عن العمل) بهدف إرهاق الميزانية والتوظيف السياسي، وإنشاء قطاع خاص مخادع ينفذ أجندة الحكام من خلال المشاريع الوهمية بإسم الاستثمار الأجنبي، وبالشراكة مع القطاع العام العراقي، فنهبت المليارات عبر منافذ مزاد العملة وكانت العمليات اليومية للمزاد تصل إلى 250 مليون دينار عراقي لتغطية حاجة البلد من السلع من الخارج فى حين أان ثلثي المبلغ كان يهرب لصالح (قادة البلد) حيتان الفساد وكانوا يستثمرونها فى العقارات وفى المشاريع المتدنية فى الخارج لصالحهم وبأسماء مختلفة، إضافة إلى قيامهم بإنشاء مصارف داخل العراق متخصصة بتهريب المال العام، والتحايل على النظم المصرفية الدولية أو بالتواطئ معها .
وحتى لايبنى جيل متعلم بالشكل الصحيح، عمدوا إلى تشريد أساتذة الجامعات تحت طائلة اجتثاث البعث والهدف كان مسك كل الخيوط اللازمة لإشاعة التخلف، فأنشؤا الجامعات والمدارس الخاصة التي تفتقر إلى أابسط معايير الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة بهدف السيطرة على عقول الشباب ومسح الذكرة الوطنية من ابناء الشعب، فتخريب التعليم أشد خطورة من الإرهاب.
يبقى السؤال بلد كانت مقومات تطوره هيكل انتاج واعد، إن لم نقل متقدمًا، قد دمر التعليم فيه، حيث كان من أرقى مستويات التعليم في المنطقة، حتى كان الطالب العراقي عندما يدرس فى الغرب لايحتاج إلى معادلة شهادته، لموازاة جودة التعليم العراقية بجودة التعليم ورصانته فى الغرب.
التعليم سفه بيد السفهاء.
إدارة كانت مخلصة ومبدعة ووطنية تم إزاحتها بكل الوسائل لتحل محلها إدارة فاسدة لا تمت للوطنية بصلة، هدفها الحصول على المال بأسرع وقت وبأكبر كمية.
إذن ما الذي ينتظر العراق غير المزيد من التخلف والتراجع واختلال هيكل الإنتاج والتحول إلى شعب (يأكل وينام ليصحى في الغد ليعود ليأكل وينام )كما قال الجواهري: نامي جياع الشعب نامي حرستك آلهة الطعام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر باريس حول السودان: ماكرون يعلن تعهد المانحين بتوفير مس


.. آلاف المستوطنين يعتدون على قرى فلسطينية في محافظتي رام الله




.. مطالبات بوقف إطلاق النار بغزة في منتدى الشباب الأوروبي


.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: هجوم إيران خلق فرص تعاون جديدة




.. وزارة الصحة في غزة: ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة إلى 33757