الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يريد العرب التقدم للأمام ؟

عبدالله محمد ابو شحاتة

2021 / 3 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل العرب فعلاً يبحثون عن التقدم والتحديث سؤال سأله " زكي نجيب محمود " في كتاب "ثقافتنا في مواجهة العصر" ولقد كانت إجابته هي ذات الأجابة التي كنت متمسكاً بها دائماً، وهي أن العرب ومن على شاكلتهم من مسلمي هذا العصر لا يؤمنون بالتقدم ولا بالحضارة، حتى وإن قالوا بألسنتهم عكس ذلك، فإنهم لا يتعدوا كونهم يرددون شعارات فارغة تتناقض تماماً مع ما يؤمنون به ويقرونه في قرارة نفوسهم.
ولقد اقترح ذكي نجيب محمود لإثبات تلك الحقيقة ( أي كون العرب لا يؤمنون إلا بالرجعية والتخلف ) أن نحدد ونحلل المفاهيم، فلا نقول "التقدم" ثم نترك اللفظ على عواهنه دون أن نبين ما هو التقدم الذي نعنيه، بل علينا أن نضع تعريفاً محدداً حتى يظهر أمامنا بشكل محدد موقفنا وموقف الآخرين جلياً واضحاً.
فالتقدم في معناه الشامل قائم على إقرار بديهي، وهو أن الحضارة لها وجهة واحدة للأمام، بمعنى أن الحاضر بالضرورة أفضل من الماضي إذا قارناهم بشكل شامل، وعلى هذا أيضا يضع التقدم هدفه بأن يجعل المستقبل أفضل من الحاضر.
وعند وضع هذا التقرير البسيط لمعنى التقدم يظهر أمامك بشكل جلي كيف أن هؤلاء الاصوليين الذين لهم الغلبة في مجتمعنا اليوم لا يمكن إلا أن يكونوا أبعد ما يكون عن التقدمية وعن الحضارة، ولكنهم بارعين في الاتفاق لفظاً والمناقضة معنى،
فالنفاق يسري فيهم سريان الدم في الوريد. فتجد أحدهم يقول لك نحن لسنا ضد العلم، ثم تجده يؤمن بالمس واللبس والخوارق ويريدنا أن نُسير حياتنا وفقاً لأشياء لا يمكن اختبارها ولا تمت للمنهج العلمي بصلة. وهكذا هذا المدعي المنافق يقول بأعلى صوته نحن تقدميون نحن مع التقدم، ثم تجده يؤمن بنقيض التقدم، تجده يؤمن بأن الماضي أفضل من الحاضر، بل ويتغنى بالماضي ويعتبره المثال والذي علينا أن نُشكل الحاضر وفقاً له ؟ يحدثك عن التقدم الذي يفترض تغير وتحديث دائم في قواعد وأحكام الحياة، ثم تجده يؤمن بأن كافة قواعد حياته من أول دخول الحمام إلى العمل والسياسة والحكم قد قُررت سلفاً منذ ألف أربعمائة عام، فأي تقدم هذا الذي يدعيه هذا المُهرج.
أي تقدمية تلك التي يبحث عنها هذا البهلوان المثير للشفقة والذي يؤمن بحديث يقول له " لا يأتيكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقون ربكم"؟
فكيف يمكن أن يؤمن بالتقدم وهو يفترض سلفاً أن المستقبل سيكون حتماً اسوء من الماضي والحاضر، إنها عدمية لم ارى لها مثيل، وانطلاقا من تلك العدمية المنحطة يحاول جاهداً أن يُحقر من كل فكرة ومبدأ حديث ليمجد في المقابل كل فكرة ومبدأ قديم، فهو يرى مثلاً أن نظام الخلافة لابد وأنه أفضل من الديمقراطية والنيابية الحديثة، والعقوبات البدنية هي الصواب بينما السجون والمؤسسات الإصلاحية فاسدة وغير فعالة، وعلى هذا المنوال يستمر في تقديس ماضيه واحتقار حاضرة واليأس من مستقبله، الذي قرر سلفاً أنه سيكون أكثر سوء ، فيعمل هذا الاقرار في النهاية بمثابة التوقع المُحقق لذاته، وبهذا يخلق مستقبلاً ظلامياً منحطاً.
فهؤلاء ليسوا إلا أرباب الرجعية وعليهم أن يمتلكوا الشجاعة أخيراً للاعتراف بذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س