الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصداقة بين الإمكان والإستحالة

يونس عنوري

2021 / 3 / 20
مقابلات و حوارات


لطالما شكل مفهوم "الصداقة" موضوع سجال وخلاف وجدال بين الأشخاص حول ماهية الصداقة والأساس الذي تنبني عليه. هل هي علاقة إنسانية منزهة عن كل منفعة أم هي قائمة على مصلحة؟ على إثر هذه الإشكالات أقيم حوار بين أخوين حول "الصداقة" وكان على الشاكلة الىتية:

ي:

تصوري للسعادة يتحقق بثلاث؛ الصحة، الاستقلال المادي، الحب والعلاقات الصادقة، وهي نفس فكرة برتراند راسل.


ش:

أتفق في الأولى والثانية، وأختلف في جانب العلاقات الصادقة مع الآخرين.
العلاقات مع الناس الآخرين عبارة عن مصالح.. وبالتالي لا وجود لأي شيء يسمى بـ"العلاقات الصادقة".



ي:

المجازفة بالتلفظ بمفهوم "الصديق" أو "صديقي" تجاه الغير هو في الحد ذاته دلالة صريحة عن كون ما نتلفظ به من ملفوظات خصوصا تلك التي تلازم مجاملة "الأغيار"، في غياب تام لركائز الصداقة؛ فالصديق ليس من يلازمنا لفترة أو مرحلة زمنية بعينها، أو مشترك نشترك فيه. بل هو في نظري: الذي جرد علاقتنا به من كل منفعة زائلة. فالصداقة المؤسسة على منفعة تزول حين تنتهي المنفعة. فالصديق الحق، الذي لازمنا ولازال كذلك، لم يكن بيننا وبينه علاقة منفعة.

ش:
أختلف معك في أنه، بالنسبة لي، العلاقات عبارة عن مصالح؛ مادية أو معنوية، وحين تزول المصالح تزول معها العلاقات، وبالتالي صفة صديق ليست ثابتة بل متغيرة، والمتغير لابد من التعامل معه كمتغير..


ي:

أتفق معك في كون العلاقات متغيرة، والمتغير وجب التعاطي معه كمتغير. ولكن هل في نظرك يمكن القول إن الصداقة مفهوم هولامي طوباوي لا وجود له سوى في عقول العامة؟ إذا كان الأمر كذلك لا معنى للحديث عن "الصداقة".


ش:

الصداقة بالنسبة لي مصطلح نُطلقه على من شئنا من الناس، حتى وإن تعرفنا على المنادى قبل ساعة، وفي حديثي دائماً أكتب: صديقي..

أي أني لست معنيا بإشكالية أين يندرج مفهوم الصداقة.. لأنه ببساطة مصطلح، قد أشبهه بـ: جميل، حسن، أنيق.. وهي كلمات قد نقولها لأشخاص بغض النظر عن مدى صحة كون الغير جميلاً أو حسناً أو أنيقا.

ي:
هي ملفوظات عادية ولكن وجب التدقيق فيها حتى لا نكون دولوزيين في التفكير.
إذا لم ندقق في المفاهيم، فسنظل نطلق مفاهيم هنا وهناك دون استغوار معناها والتدقيق فيها وفي ماهيتها.


ش:
حتى لا نكون كذا"، عبارة غير دقيقة لأنها تستعمل للوصاية على الأشخاص، وهي دخيلة على الفلسفة، باعتبار أن أغلب استعمالاتها تكون في أوساط رجال الدين، الذين يوجهون الناس بالقول: "علينا فعل كذا. حتى لا نكون من الذين.. أو الذين.. أو...".

ولكن عموماً: ما إشكالية أن أكون دولوزياً أو كلبيا أو حماريا أو جحشيا؟ لأن الدوائر التي تراها غير جديرة بالتواجد داخلها، قد لا تكون كذلك بالنسبة للغير.

مسألة أخرى أجدد التأكيد عليها لمعرفة معنى تعريفي للصديق، ورداً على قولك أنه غير دقيق، عد لفوق حين قلت إن العلاقات عبارة عن مصالح مادية ومعنوية، وبالتالي هي متغيرة، أي الصداقة متغيرة. إذا بالنسبة لي لا فرق بين أن أطلق على شخص تعرفت عليه قبل ساعة صديق، وبين آخر أعرفه منذ سنوات وعلاقتي به ليست مادية نهائياً، لأن كلاهما سيان في نظري، الأول أتواصل معه كصديق آني لقضاء مصلحة مادية لي أو له، والثاني أتواصل معه كصديق قديم تربطني به مصلحة معنوية وهي؛ الضحك أو اللعب أو النقاش أو أي شيء يجعلني مرتاحاً أو سعيداً؛ أي مصلحة معنوية..

يعني الصديق هو: شخص تجمعني به مصلحة مادية أو معنوية، آنية أو مستمرة.

ي:
الصداقة تعاشُ ولا تقالُ ولا تقاسُ.

الصداقة من وجهة نظري؛ هي علاقة إنسانية بالدرجة الأولى المجردة من كل منفعة زائلة. لماذا؟ لأن المنفعة متغيرة والمتغير زائل ومتحور؛ والصداقة المؤسسة على المنفعة المتبادلة زائلة.

قد أكون رغبويا في ضع حد لمفهوم الصداقة ولكن تلك وجهة نظري وحتى لو اختلف معي الأغيار، شيء عادي جدا لأن الأصل بين البشر هو الاختلاف.
رغبويا من أي ناحية؛ من أنني أنزع الصداقة عن كل منفعة زائلة رغم أنه قد لا يكون ذلك هو الصواب، ربما قد يكون العكس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد