الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الهوية والتنقيب عن الجذور في الفيلم الفرنسي-الحامض النووي-DNA (ADN

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2021 / 3 / 21
الادب والفن


FILM (DNA) 2020


في عام 2006 تم اطلاق برنامج - 23&Me-( أنا و23) يهتم بموضوع الحامض النووي (DNA) ، وفي السنوات الأخيرة زاد عدد علماء الأنساب المتحمسين الذين اشتركوا في مجموعات الاختبار بأكثر من الضعف في عام 2019. ومن خلال تلك الطريقة والاسلوب تحاول الممثلة والمخرجة الفرنسية" مايوين " البحث عن جذورها وهويتها في فيلمها ( دي .أن . اية ) أوالحامض النووي الذي عرض لأول مرة خلال مهرجان تريبيكا السينمائي في العام الماضي ، فيلم (DNA) هو أحدث دراما من المخرجة الفرنسية مايوين ، والتي إشتهرت بكتابة وإخراج فيلم (بوليس) في عام 2011 الذي فازت بجائزة لجنة تحكيم ، وكذالك حصلت على 13 ترشيحًا لجوائز سيزار. الفيلم يحكي قصة امرأة في منتصف العمر مهووسة بالبحث في تاريخ عائلتها . "نيج" هي أم عزباء حزينة ، تنهمك في استعادة عرقها وجذورها بعد وفاة جدها وهو مهاجر جزائري إلى فرنسا ومناضل يساري( شيوعي ) تعرض الى السجن والتعذيب ، بعدها هاجر الى فرنسا ، مع نشر كتاب يتتبع حياة جدها فلاح ويلعب دوره الممثل والمخرج الفرنسي- الجزائري ( عمرمروان) ، أصبحت نيج (مايوين) مهتمة حديثًا بالطريقة التي هاجر بها من الجزائر إلى فرنسا ، والتقى بزوجته وأنجب منه ابنتان ، كارولين وفرانسواز (أردانت وشانيولو). ثم بعد وفاته ، اجتمع ثلاثة أجيال حزينة لدعم بعضهم البعض والتخطيط لجنازته. في غضون ذلك ، تبدأ(نيجي) وهي أم لولدين ومطلقة في في استكشاف جذورها في شمال إفريقيا ، بدءًا من اختبار الحمض النووي .
يفتتح الفيلم في تجمع عائلي وذالك بالأحتفاء بطبع كتاب عن الجد فلاح (عمر مروان) الذي يعاني من الشيخوخة ومن مرض الباركنسون وكذالك الزهايمر ، وتجتمع في اللقاء عدة أجيال من الابناء الى الاحفاد وفي دار المسنين ، والاحتفاء بطبع كتاب ( ليس للنشر) عن مسيرة حياة الجد ، يكون الاهداء فيه " الى أولادي وأحفادي وأبناء أحفادي الذين يسلكون طريقنا "، ويسرد الكتاب طفولة وشباب الجد في الجزائر ، ثم هجرته الى فرنسا ومقابلته للجدة والزواج بها ، وتبنية الفكر الشيوعي للدفاع عن المستضعفين والمهاجرين ، وكذلك ذكرياته عن حرب الجزائر ، كل ذالك قبل اصابته بمرض الزهايمر ، ولكن حين تقع عيني الجد أمير على صورة والدته في الكتاب يجهش بالبكاء ، يحاول الابناء والاحفاد تهدئته . الكتاب قامت بتأليفه وجمع صوره الحفيدة ( نيج) وتقوم بدورها الممثلة مايويين وهي في نفس الوقت مخرجة الفيلم، بعدها يتم إلتقاط صورة جماعية للجد أمير وهو يحتضن الكتاب الذي تزينه صورته وهو شباب . وكالعادة يحدث شجار بين الحفيدة (نيج) وأمها (كارولين) وتقوم بدورها الممثلة القديرة أسطورة الشاشة الفرنسية ( فاني أرادانت) ، يخالف كيفن (ديلان روبرت) ، البالغ من العمر 20 عامًا ، قواعد دار رعاية المسنين ويبقى ليلته مع جده الأكبر - ويقوم الحفيد كيفن (ديلان روبرت) بدورة برعاية جده ، ويظهر في مشهد في الحمام وهو يقوم بإستحمام جده ، وحين يسمع الجد لحنا جزائرياً يبكي بحرقة على وطن فارقه وسيموت بعيداّ عنه ، يطبع الحفيد قبلة على جبين الجد ويهمس في أذنه " سنعود الى الجزائر" . وعندما يحتج الحفيد من ارتفاع درجة الحرارة في دار الرعاية دون تشغيل أجهزة التكيف ، يخرج للبحت عن احد العاملين . عندها يجد أثنين من العاملات في الرعاية وهنً يثرثرنً ويدخنً ، فيقوم بتصويرهنً بكاميرة موبايلة حتى يشكوهما الى المدير ويهدده بانه سيرفع الصورة على صفحته في الفيس بوك ويعمل هاشتاغ كي يفضح الدار واهمالهم في رعاية المسنين. بعد قليل يلتفت الى جده ويجده قد فارق الرجل العجوز الحياة وبهدوء على كرسيه ، إن حزن الأسرة ثقيل . يبقون بجانب الجسد حتى وصول الطبيب الشرعي والممرضات جميعهم يجبرونهم على الخروج ؛ لكن جنازته الفرنسية-الجزائرية / العلمانية-الإسلامية-الكاثوليكية تسلط الضوء على كل الانقسامات داخل تلك العائلة ، حيث يدفع الناس بعضهم البعض بعيدًا عن المنبر ، وهناك من يريدون فرض رؤيتهم لما يجب أن تكون عليه الجنازة ، وعند الاتفاق على مراسيم يحتد الجدال بينهم ، منهم من يقترح تابوت من الخشب الصاج ، واخر يرغب بحرقه ولايحتاج أن الى صرف 1500 يورو على التابوت ، ويمكن الاحتفاظ برماد جثته ، وهذا هو رأي الحفيد "علي" والذي يجابة بالرفض ، تقترح البنت كارولين على إرتداء الجد جلابية وبابوش ، وتجابه بإعتراض الحفيد علي بأن جده الذي كان الممثل "الان ديلون" قدوته ويحب الممثل" إيف مونتان" وكان يحب ارتداء ملابس كلها عصرية لانه يحب الاندماج مثل "فرنسي صغير"، ليس من المعقول ان تلبسوه ملابس عربية بعد مماته "!! . وحين طلبت إحدى بناته أن يصلى عليه في المسجد ، إعترض أخرون وبرروا ذالك بان الجد لم يكن متدينا ولم يدخل مسجد طيلة حياته لانه لم يكن متديناّ ، ودائما كان توجهه ضد الدين وخرافاته ! . تعترض الحفيدة "نيج "بانهم أيضاً لايدخلون المسجد ولكنهم يناصرون الاسلام في قضاياه مثلما كان جدها أيضاً مناصراً شديد للاسلام في السنوات الاخيرة من حياته . وعليه يجب عدم الخلط بين ان يكون فرنسيا او مسلماّ متدينا . "ولانه بامكان أي شخص اتباع الثقافة الاسلامية دون التدين، ويجب أن نحترم جذوره "، ترد عليه إبنته كارولين وتقوم بدورها الممثلة الفرنسية ( فاني أردانت )" أظن أن الاذكياء هم من يتمتعون بعقول مُنفتحة ـ أما المتعصبون فهم حمقى". ويردها الابن " انت أصابك هوس إسلامي وتريدين أن تفرضيه على جدي" كانت الحفيدة"نيج" أكثر واحدة متاثرة في الفقدان للجد ، قليل من المشاهد العديدة تظهر الحفيدة مستلقية في وضع الجنين على الأريكة ، أو وهي ترتدي بيجامة جدها الميت وتحيط بها كومة من دراسات الحرب الجزائرية . لا يعني ذلك أنها تحاول الكشف عن الدلالات الاجتماعية و السياسية في سعي الحفيدة (نيج) والتي تعكس طبيعة العديد من العائلات في شمال إفريقيا التي انقطعت عن جذورها عندما انتقلت إلى فرنسا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي . فيلم الحمض النووي التي قامت باخراجه المخرجة والممثلة ( ماويوين) والمشاركة في كتابته مع ماتيو ديمي (إبن جاك ديمي وأغنيس فاردت) . تمكن السيناريو من تحقيق توازن رائع بين حدة الدراما والإيقاع الهزلي . إنه يضفي عمقًا على العديد من الشخصيات وعلاقاتهم ، ويعكس الفروق الدقيقة في الهوية الجزائرية للمتوفى (الصور، والأرشيفات التليفزيونية) ، كما يعالج بعض القضايا المجتمعية ذات الأهمية القصوى (الجنسية ، والاندماج ، والدين ، وواقع التداخل بين ثقافتين) . يجتمع كل ذلك معًا لتشكيل عمل مؤثر للغاية . وعند مراسم الدفن يحدث شجار كالعادة بين الحفيدة ( نيج) والدتها كارولين بشان كلمات النعي والمواساة، يرفع الاذان من الجامع، وعلى شاشة تعرض صور تمثل الفترات العمرية للجد وكذالك صور الاحبة و الاقارب ، تعقب الاذان أغنية فرنسية بعنوان ( أود التحدث مع ابي) ، ثم تبدأ قراءة خطابات التأبين ، من الابناء وألاحفاد التي أكدت حبه لوطنه الام الجزائر ، وكيف أرغم على الرحيل عن ومفارقته وهو في سن 22 عاماّ والوصول الى فرنسا ، ولطاما كان جدهم هو السند للعائلة الكبيرة من الابناء وألاحفاد ، والذي جمع العائلة بحكمته وطيبته ، كان داعما لنا وكان داعيا الى العلمانية، وعندما تنهض الحفيدة (نيج) لتقديم خطابها تغادر الأم كارولين على الفور ، ثم تعود ، وتدفع الأم الابنة عن المنصة ، وتقدم خطابها واضعة على رأسها اليشماغ العربي ، وبعد تعبيرها عن حبها لأبيها وانه "حارب من أجل الفقراء وأللاجئين في العيش بكرامة وقد منحتهم الكرامة ، كنت شيوعياً وكنت تفتخر بذالك "، وبعد فترة أعتذرت الام للأبنة ( نيج )عن تصرفها في يوم دفن الجد وتبرر ذالك بان الجد هو الذي جمع العائلة طول تلك المدة ، ولذا " يجب أن نبقى مجتمعين ونظل عائلة بالرغم من كل أختلافتنا "، وهي قلقة بعد رحيله بان الابنة(نيج) قد لا ترغب في لقائها ، "وأنا أريدك أن تكوني شجاعة لا تستسلمي ولا تصابين بالانكسار ، ولا اريدك أن تخافي"، ولكن الابنة "بيج" تخبرها بانها لاتزال تخافها ، وتخشى عقابها ، " انا أحبك يأمي ، لكن لمستك تخيفيني ، فلا، تلمسيني" ، وتعترف الام في فشلها في مد جسور التواصل مع إبنتها . أفضل مشهد في الفيلم يأتي من خلال المواجهة والحوار بين الأم كارولين وتقوم بدورها الرائعة (فاني أرادنت ) والابنة وتقوم بدورها مخرجة الفيلم نفسها (مايوين) حين تصف الابنة خوفها ورعبها من والدتها وحتى من رائحتها ولذا تطلب منها لاتلمسها ولاتحضنها ، موت الجدّ يثير أزمة هوية لدى نيج ، تباشر ألابنة في اجراء فحوصات الحامض النووي، وبعد أخذ مسحة من لعابها وإرسالها الى المختبر ، وبعد 3 الى 4 أسابيع للحصول ، يمكن الحصول على نتيجة الفحص التي تبعث برسالة بالبريد الالكتروني ، تقدم معظم الشركات هذه الخدمة الأساسية ، هذا الفحص يمنحك الكشف عن تراثك الجيني وإنتماءك ، علاوة على ذلك ، يستخدم العديد من الأشخاص هذه الميزة لاكتشاف الأقارب المفقودين منذ فترة طويلة ، وفيما يخص المخاطر الصحية - يمكن أن تكشف بعض اختبارات الحمض النووي عن سمات فريدة مضمنة في شفرتك الجينية والتي قد تعرضك لخطر الإصابة بحالات صحية معينة. يمكن أن يساعدك ذلك في تغيير نمط حياتك لمحاولة منعها ، وفي مجال تنظيم الأسرة - يمكن أن يساعدك اختبار الحمض النووي على التأكد من الجينات التي قد تنقلها إلى أطفالك ، للأفضل أو للأسوأ، و يمكن أن يخبرك عن تراثك الذي جاء من آباك وأجدادك وتاريخ العائلة - هذا جزء لا يتجزأ من السلالة . وإذا كنت مهتمًا بأسرار الأسرة ، فيمكن أن يساعدك اختبار الحمض النووي في حلها. إذا تم اختبار الحمض النووي لوالديك أيضًا ، فيمكنك أحيانًا تحديد الجينات التي تلقيتها من كل جانب من أفراد الأسرة ، يمكن أن يخبرك اختبار الحامض النووي، بالكثير عن هويتك ومن أين أنت . و من أجل ذالك تبدا الحفيدة بقراءة كتب من مكتبة جدها عن تاريخ الجزائر ومعركة الجزائر وغيرها من الكتب بعدها تذهب الى الاحياء العربية وبالتحديد للجالية الجزائرية للتعرف اكثر على عاداتهم وتقاليدهم وفي أحد المشاهد تحضر عرسا جزائرياً!!. ثم تذهب الى السفارة الجزائرية ، للحصول على الجنسية الجزائرية ، وبعد 4 أسابيع أصبحت نتائج الحامض النووي متاحة وقد كشفت أن نسبة 35,4 من جينات إيبيرية ، ونسبة 17,3يونانية ، وأيطالية15,7، ونسبة 14,8 من شمال أفريقيا ، وأصيبت الحفيدة بصدمة لانها لو تتوقع النسب المتدنية لجذورها الشمال أفريقية !!، لكنها إستمرت في قراءة الكتب عن الثورة الجزائرية ومسيرات التضامن معها في العالم . حملات الاعتقالات التي رافقتها للجزائرين في فرنسا، وحادثة غرق الجزائرين في فرنسا والذين قتلوا إثناء قمع ألاحتجاج السلمي الدامي ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر في 17 أكتوبر من عام 1961 ، وتزور موقع الحادثة وتلقي النظرة على نهر السين ، تسقط وهي مغمى عليها ولاتشعر الا صوت الممرضة تنده عليها " سيدتي اتعرفين أنت أين ؟ ، أنت الان في المستشفى لقد وجدناك فاقدة الوعي عند الجسر"، وعند زيارة ألاهل الاخوة والاخوات الى المستشفى تطلب منهم الكتب العربية ، وتطلب كتاب ( نجمة) التي كتبها الأديب الجزائري الراحل" كاتب ياسين " والتي صدرت بالفرنسية سنة 1956، وهو من الاقلام التي تصدت لموضوع تشويه الاستعمار الفرنسي للهوية الجزائرية ، وفي تلك الرواية صوّر الكاتب ( ياسين) الاستعمار الفرنسي وتداعياته ومخلّفاته ، وبخاصة التشويه الذي طال البشر والمدن ، وهدد بتفتيت التركيبة الاجتماعية ..!! . تهرب الحفيدة من المستشفى بعد أن تتلقي اتصالا هاتفياً من السفارة الجزائرية لاستلام جواز سفرها الجزائري ، وتقرر السفر الى الجزائر تاركة أطفالها الصغار مع أختها ، وتصل الجزائر وسط موجة التطاهرات والمسيرات الاحتجاجية ضد حكم بو تفليقة في عام 2019 ، والتي كانت تطالب التنحي وضد تمديد حكمه .
أختارت المخرجة بداية رحلة البحث عن الهوية من دار رعاية المسنين (ربما في هذا تكمن حلاوته) رغم أنّه يحدث في دار المسنّين تُحضِّر نيج (مايوين) مفاجأة لجدّها الجزائري أمير (عمر مروان)، المناضل الشيوعي السابق . ألبوم صُوَر تجمعه مع العائلة، المتحلّقة حوله أيضاً للاحتفال بعيد ميلاده. مناسبة كهذه، يلتقي فيها آباء وأولاد وأحفاد، أفضل ما يمكن لنبش خلافات وتناقضات وتحالفات وعداوات، وغضب وحبّ وضحك ودموع ، هذا كلّه تقدّمه مايوين، البارعة في تجسيد مَشاهد جماعية صاخبة، كما يجب، لكنْ من دون إطالة وإرباك للمُشاهد، قبل إدراكه، في النهاية، "من هو هذا ومن هو ذاك"، مع الحد الأدنى من التفاصيل الدقيقة لمقدمة الشخصية وبناء السرد.
النصف الأول من الفيلم مخصص إلى حد كبير للأيام الأخيرة ، وفاة وجنازة الأمير فلاح (عمر مروان) البطريرك الجزائري الذي انتقل إلى فرنسا في الستينيات واستقر مثل العديد من المهاجرين من شمال إفريقيا ومن الطبقة العاملة وفي ضواحي باريس . نكتشف كل هذا من خلال ألبوم عائلي جمعته الحفيدة . يستغرق الأمر وقتًا لفك تشابكات الأجيال الأساسية لعائلة فلاح الكبيرة التي تتشاجر بشكل دائم ، والتي يبدو أنها توافق فقط على حبها للأمير البطريرك الضعيف المصاب بمرض الزهايمر (عمر مروان) ، والذي هاجر إلى فرنسا من موطنه الجزائر في الخمسينيات من القرن الماضي . يبدو أن جميع الكتب في غرفة منزل الجد المتقاعد تدور حول الجزائر . أنارت المخرجة في بعض المشاهد على الاضطرابات في الجزائر في أوائل الستينيات من القرن الماضي وكذالك الكشف عن اثنين من الفظائع التاريخية التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية ضد المتظاهرين الجزائريين في باريس من خلال صور من الارشيف . بعد وفاة جدها المهاجر تحاول أمراة إستعادة عرقها أوجذورها ، المرأة هي الحفيدة التي لعبت دورها المخرجة نفسها(مايوين) والقصة مستوحاة من حياتها الخاصة . أفلام المخرجة والسيناريست والممثلة الفرنسية "مايوين " هي تعبيرٌ حرٌّ، فيه شذرات من سيرتها، لمن يعرف سيرتها. لا تحبّ مايوين وصف الفيلم "سيرة ذاتية"، بل تكرهه، كما تقول في ندوة بعد عرض الفيلم ، السيرة الذاتية نسخة طبق الأصل عن حياةٍ، بينما في فيلم ( DNA(ADN) ) هناك ما هو مُطابقٌ وهناك ما هو مُتخيَّل، ليس كوصفة حلوى بمقادير مُحدَّدة مُسبقاً ، إنه فيلم طبيعي ، لحظات إنسانية رائعة ، غامر ومتسامح مع نفسه ؛ الآن دعونا نرى أي من هذه العناصر يسود . يستكشف الأشخاص كيف يمكن للحمض النووي أن يكون له تأثير كبير على حياتهم وعائلاتهم وهوياتهم. وقبل ذالك قام الملايين من الأشخاص برحلتهم الداخلية للاكتشاف باستخدام اختبار الحمض النووي ، تتراوح الأفلام التي تشكل جزءًا من سلسلة "الهوية" من قصص حول العثور على عائلة مفقودة إلى مواجهة حقائق جديدة أو الكشف عن الروابط الثقافية المفقودة. أكثر من نصف صانعي الأفلام من النساء ، ويقدم البعض الآخر وجهات نظر ثقافية فريدة من نوعها ، مما يضيف مجموعة متنوعة من وجهات النظر إلى فكرة الفيلم، وهناك أفلام مليئة بالعاطفة ، وأخرى بلمسات من الفكاهة ، وبعضها مليء بالأهواء . أمراة مطلقة وأم لثلاثة أطفال ، تتعاطف مع جدها لكننا لم نمنح ما يكفي للاهتمام به حقًا أو بالدور الذي لعبه على ما يبدو في حياتها أسرة تفقد جدها الذي من هاجر من الجزائر إلى فرنسا . تحاول العائلة معالجة الخيارات العديدة لجنازته لمحاولة تمثيله بشكل أفضل ، بالطبع لكل منها اختلاف عما قد يفضله. في غضون ذلك ، تحاول الحفيدة التي لعبت دورها مايوين البحث عن خدمات الأنساب عبر الإنترنت ووسائل أخرى. على الرغم من أنه تم صنعه بشكل جيد وتمثيله بشكل جيد ، إلا أن الفيلم يحتوي على العديد من الأفكار وهي لطيفة جدًا ولكن لا يبدو أنها تتوافق جيدًا في هذا الفيلم ، بدلاً من ذلك ، نلقي في دراما عائلية عالية والموضوع الذي يبحث عن هوية المرأة لم يتحقق بالكامل بسبب افتقارها إلى الارتباط بجذورها الجزائرية ، والتي تحاول إجبار الموضوع على محادثة عائلية بطرق تثير غضب أشقائها وأشقائها. والدتها المبعثرة كارولين (أردانت). إذا كانت إيماءة ( نيج ) ، تتلاشى الروابط الأسرية المحيطة في خلفية سعيها الفردي لاستعادة جنسيتها الجزائرية – روحيًا ورسميًا على حد سواء ، حيث تتقدم بطلب للحصول على الجنسية وتخضع لاختبار الحمض النووي المرتبط بالطلب بالبريد لتحديد نسبها بالضبط. من الواضح أن هذه هي الدراما المهمة بالنسبة إلى ( مايووين) ، التي استوحى نصها - بالاشتراك مع ( ماثيو ديمي) ، من البحث في تراثها الفرنسي-الجزائري- الخاص بها ، ووفقًا للملاحظات الصحفية ، كانت الرحلة الأولى التي غيّرت حياتها إلى الجزائر . هذه الأسئلة حول كيفية تعريفنا لأنفسنا في تاريخ عائلتنا ، وتأثير الطبيعة أو التنشئة لتركيبنا الثقافي، هي من الناحية النظرية مثيرة للاهتمام ، ولكنها لا تكتسب أبدًا إلحاحًا عاطفيًا حقيقيًا - في جزء كبير منه لأن (نيج ) . يظهر حزنها ، في انشغال شديد بجذورها العائلية . تقرأ وتقرأ وتقرأ وتشاهد الأفلام الوثائقية وتمسح خدها من دموع سالت تاثرا بما وقعت عيناه عليه ، وترسل الخلايا إلى خدمة عبر الإنترنت حتى تتمكن من معرفة المزيد عن أسلافها. كما أنها توقفت عن الأكل. صديقها القديم فرانسوا (لويس جاريل) هو شريان حياتها ، وجود راسخ وعاقل يخفف من توترها بحس دعابة منتشر في كل مكان. هناك حاجة ماسة لذلك ، لأن والدتها بعيدة عنهاوهناك فجوة كبيرة بينهما ، وتخطت أختها الصغرى (مارين فاكت) الجنازة وكان والدها المنفصل في الغالب (آلان فرانكون) متعجرفًا وغير داعم . الحمض النووي) شارك رسمياً للدورة الـ73 (12 ـ 23 مايو/ أيار 2020) لمهرجان "كانّ" السينمائي، الملغى بسبب كورونا ولكنّه عُرض في صالات فرنسية أياماً عدّة قبل إغلاقها مجدّداً . النقد الفرنسي فاترٌ إزاءه، والجمهور بعض الشيء، رغم أنّ المعالجة مُبتكرة لفكرةٍ مُكرّرة. في الفيلم، أسئلة الهوية والانتماء والجذور، الراقدة في الأعماق، والمشتعلة جذوتها مع وفاة الجَدّ ، والحِداد عليه . هي سيرة ذاتية. وتتحدث قصتها عن فقدان جدها أمير (الممثل الفرنسي عمر مروان). رجل يفتخر بتراثه ودوره في الجيش والسياسة الجزائرية. عندما يموت ، تجتمع الأسرة معًا ، وتكتشف السبب بسرعة. أمير كان الغراء الذي أبقى العائلة متماسكة . النصف الأول من الفيلم مخصص إلى حد كبير للأيام الأخيرة ، وفاة وجنازة الأمير فلاح (عمر مروان) ، البطريرك الجزائري الذي انتقل إلى فرنسا في الستينيات ، واستقر ، مثل العديد من المهاجرين من شمال إفريقيا ، في الطبقة العاملة. ضواحي باريس ، ونكتشف كل هذا من خلال البوم عائلي جمعته الحفيدة (نيج ) . تأخذ هذه الدراما الفرنسية ذات النمط الوثائقي نهجًا تأمليًا فضفاضًا للهوية الشخصية من خلال عيون الممثلة والمخرجة مايوين . القصة لها شحنة عاطفية مفتوحة ، وتلتقط الروابط الوثيقة من الروابط العائلية بالإضافة إلى التأثير الصامت للتاريخ والإرث. مع الحوار الذي يبدو مرتجلًا ، يكون السرد متعرجًا بعض الشيء. لكنها مليئة باللحظات الرائعة التي تجعل الموضوعات تنبض بالحياة . وتمكن السيناريو من تحقيق توازن رائع بين حدة الدراما والإيقاع الهزلي القريب المرتبط بتحفيف جرعة الحزن الناتجة عن الفقدان . إنه يضفي عمقًا على العديد من الشخصيات وعلاقاتهم ، ويعكس الفروق الدقيقة في الهوية الجزائرية للمتوفى (الصور، والأرشيفات التليفزيونية) ، كما يعالج بعض القضايا المجتمعية ذات الأهمية القصوى (الجنسية ، والاندماج ، والدين ، وواقع التداخل بين ثقافتين) يجتمع كل ذلك معًا لتشكيل عمل مؤثر للغاية ."كان جدنا دائمًا العمود الفقري لعائلتنا". عندما يتوفى ألامير فلاح (عمر مروان) في دار باريسي مخصص للكبار السن ، يكون الأمر مدمرًا للجميع ، ولكن بشكل خاص لحفيدته نيج (التي تلعب دورها ماوين نفسها ، والتي نادرًا ما تكون على ما يرام). تجتمع ثلاثة أجيال لتقديم احترامها النهائي للمتوفى الذي وصل إلى فرنسا في سن الثانية والعشرين: ابنتاه (فاني أردانت وكارولين شانيولو) وأحفاده (ماوين ، مارين فاكت ، فلورنت لاكر وهنري نويل تاباري) أحفاد الأحفاد (بشكل أساسي ديلان روبرت) ، الذين انضم إليهم أيضًا شركاؤه السابقون (لويس جاريل وآلان فرانسون) في مشاهد من اللحظات العاطفية ، والذكريات المشتركة ، والتوترات ، والاسترخاء ، وسوء الفهم ، والمصالحات وتصفية الحسابات ... كل ألوانها. لكن بالنسبة لنيج ، كل شيء يبدو أكثر حدة . تتأرجح نحو الاكتئاب ، وتجري اختبار الحمض النووي لاكتشاف الطبيعة الدقيقة لأصولها والعثور على السلام الداخلي والحرية . في الفيلم نلمس أزمة الهوية التي تحدث مع زيادة التوترات بين الاسرة الممتدة الى الاحفاد ، فإن الاستياء والمرارة اللذين يظهران في هذا يأتيان مع رسالة (مسج) ينقلها الفيلم. يجب أن نعتز بالوقت الذي نحظى به معًا بعد فقدان أحد الأحباء. الحزن يجلب الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب والقبول بأي أمر. نتيجة لذلك ، نحن بحاجة إلى الحفر بعمق والوقوف بجانب بعضنا البعض. توضح مايوين من خلال الحمض النووي أنه يمكننا أن نعيش في ذواتنا السفلى أو ذواتنا العليا. يأتي الموت أحيانًا بشكل لا نتوقعه على الأقل وعندما نواجه الحزن التالي ، فإنه يجبرنا على تسليط الضوء على الذكريات التي تركناها للمساعدة في فهم كل شيء. تمامًا مثل الحياة نفسها ، تعتبر دراما مايوين الخاصة بالأجيال شخصية بعمق بسبب خطأ ونادرًا ما تستخدم أسسها الثقافية لبناء شيء ملموس عاطفياً ، ولكن ما تفتقر إليه في النطاق ، فإنه يعوض في إبراز أهمية الأسرة ، والروابط التي تربطنا ، ونعتز بالوقت الذي نقضيه معًا على هذه الأرض قبل أن تتمكن من التسلل بين أصابعنا .
في الختام : أوصي بشدة هذا الفيلم. بدلاً من التركيز على التركيب الجيني الذي يفصل بيننا ويجعلنا متميزين ، يجب أن نركز على ما يجعلنا متشابهين من أجل السلام. فيلم ( الحامص النووي) عمل هادئ وتأملي حول كيف يمكن لقوة الخسارة المؤلمة أن تسلط الضوء على الحب ومن أين أتيت. لا يكسر فيلمها بالضرورة أساطير الفيلم أو جدرانه إلى جانب تصوير إظهار الأسرة وهي تعتز بكبار السن وتحترمهم ، وهو أمر نادر الحدوث في السينما الأمريكية. يستخدم هذا الحدث ، الحب الرقيق للجد وفقدان ذلك الحب الذي لا يزول أبدًا ، لسرد قصة عن الهوية ومن نحن بعد فقدان الوصي على تاريخ العائلة . وفي النهاية ، الشريط الخامس للممثلة و المخرجة ( مايويين ) ذات الاصول الجزائرية
DNA (ADN
هو نوع من الدراما العائلية التي تقدم شريحة من الحياة بدلاً من أخذ قطعة من وصفة معروفة. منظورها الثقافي الفريد هو ما يحرك القصة. نعم ، كان من الممكن أن تبذل مزيدًا من التبصر والتعمق في الحياة الشخصية لبطلة الرواية ، وتقليل الانغماس في الذات ، في النهاية ، إنه أسلوب تأملي مريح وصادق ومتحرك في بعض الأحيان. هو بالتأكيد تجربة فيلم .

علي المسعود

المملكة المتحدة

هامش:
الجمل المحصورة بين الاقواس مأخوذة من حوارات الفيلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في