الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوضى عيد الأمّ و عيد النوروز على وسائل التّواصل

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 3 / 21
المجتمع المدني


هل تميل الأجيال الحالية إلى النّفاق الاجتماعي، أم أنّه العالم الافتراضي هو الذي جعلنا مزيفين؟
وسائل التّواصل الاجتماعي التي تحمل ثقافة البغضاء هي التي تشكّل ثقافتنا الحالية ، فنحن نأكل ونشرب على الفيس بوك، ونستفزّك بمنجزاتنا الغير عادية ، فلا تكاد تخلو صفحة شخص من أنه دكتور، أو كاتب، أو شخص غير عادي، الجميع سوبر ، وهكذا كان عيد الأمّ وعيد النوروز سوبر كما صفحاتنا.
هل صحيح أنّنا أحببنا أمهاتنا بنفس القدر الذي صورناه على الفيس ؟ بالطبع لا. لسبب بسيط وهو أنّ الحبّ يشبه الله لا يمكن أن نلمسه، هو مشاعر من الصعب أن تعبّر عنها ، إضافة إلى ذلك فأن الأغلب ليس على وفاق مع تفكير أمّه ، وهنا لا بد من استحضار موضوع صراع الأجيال، لكن الحبّ موجود في العقل الباطن.
أما عن عيد النيروز ، فقد ضجت الدنيا بالأعلام ، فقط على الفيس ، بينما أغلب المتحمسين قد يكونوا يحتسون الخمر وحيدين في منازلهم، أو يحصون عدد الإعجابات على منشوراتهم، و الذي لا يراه سوى أصدقائهم . أي أنّهم وضعوا العلم، فوضع لهم أصحاب الأعلام إعجاباً، ولو أحصيت من هم لرأيت أنهم أنفسهم على كل صفحة، وهنا أذكر أن أوّل نوروز حضرته كان في عام 1982، كنا مدعويين عند الحزب البارتي الذي يترأسه حميد حاج درويش. كان الحضور ليس ضخماً، وكان أسلوب الاحتفال راق حيث تم تمثيل مسرحية كاوا الحداد، و اجتمعنا جميعاً على مائدة واحدة تقريباً، أو موائد متّصلة، وقد أحاطونا جميعاً بالحبّ والرّعاية، فعدنا ونحن نشعر بالانتماء.
لم يعد ذلك الود القديم في العالم الافتراضي، لكن السّؤال: لماذا نبالغ؟ وما سرّ هذا التّوافق بين الأمهات و الأولاد . أليس الشّاب هو نفسه الذي يعتقد أن أمّه مجرد امرأة خاطئة؟ أليست الفتاة هي نفسها التي منعتها أمّها من عيش حياتها بطريقتها؟
إنّني كأمّ أخجل فيما لو أحبني أولادي بنفس الطريقة الفيسبوكية المبتذلة. مع هذا أطمح أن ألقى تقديرهم، و أن أعتذر بدوري منهم عن بعض مافعلته لو كان خاطئاً. الأمّ ليس ملاكاً. هي بشر ، ونحن لسنا كرم على درب نمنح عواطفنا كيفما اتفق فقط كي يقولوا مثلاً: " استطعت أن أحبّ أمّي أكثر منك"
لا نستطيع أن نغلق جميع وسائل التواصل ، فهي سمة العصر، لكن ليس من الضرري أن نكون متفاعلين على مدى أربع وعشرين ساعة في التعازي و التهاني، وعدّ الإعجابات ، و إرسال القلوب الحمر، و الصفقات الطلائعية ، و كلمات كما روعاتك.
خففوا من غلوائكم أيّها الأصدقاء ، نحن جميعنا لم نرتو بحنان أمهاتنا، ولم نمارس حقوقنا القومية، و ليس من الضَروري أن نعبّر عن نقصنا بتضخيم ذواتنا، نحن لسنا بخير منذ عشرة أعوام على الأقل، فكيف سوف نقول لكم: دمتم بخير؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل: إسرائيل لم تقدم إلى الآن أدلة على انتماء موظفين


.. البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل يتيح ترحيل المهاجر




.. كاريس بشار: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى البعض..


.. مشاهد لاعتقال العشرات من اعتصام تضامني مع غزة بجامعة نيويورك




.. قانون ترحيل طالبي اللجوء من بريطانيا لرواندا ينتظر مصادقة ال