الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصافي النجفي و رباعيات الخيام

احمد الحمد المندلاوي

2021 / 3 / 25
الادب والفن


# ولد الشاعر الموهوب احمد الصافي النجفي عام 1897 م في مدينة النجف الأشرف، والتي اعتبرت أنذاك قبلة للادباء والشعراء والعلماء لكثرة دواوينها العلمية و الأدبية ومنابرها الوطنية. وكان اكثرها شهرة هو ديوان السيد محمد رضا الصافي عميد اسرة آل الصافي الاديب والشاعر ، وهكذا نشأ الشاعر احمد الصافي في هذه الاجواء، وفي كنف شقيقه السيد محمد رضا (صاحب الديوان)، فقرض الشعر في العاشرة من عمره، وترعرع في جو عائلي يكاد يكون علمياً خالصاً، من الآباء و الاجداد والأصدقاء، فشب على عمر يقترن فيه العلم بالحرية، والثورة بالحياة حفظ القرآن الكريم صغيراً وأتقن العربية وعلومها حتى درس فيما بعد الأدب العربي بطهران اثناء تواجده فيه ـ سيأتي الحديث عنه لاحقاًـ . اشترك الصافي النجفي في تجمع أدبي ضم نخبة من شباب النجف، اتخذوا من مدرسة آل الخليلي الكبرى مقراً، فشرع يقرأ بشغف الكثير من الدواوين الشعرية والقصص الادبية.
الصافي و رباعيات الخيام
واثناء مطالعاته الكثيرة للاداب المختلفة في التجمع المذكور، شغف بترجمة الاديب اللبناني وديع البستاني لرباعيات الشاعر الايراني الحكيم عمر الخيام التي نقلها (البستاني) عن اللغة الانجليزية لـ (فيتز جيرالد) ولقد أسف الصافي وقتها لا لأنَّ المترجم وديع البستاني لم يترجم من رباعيات الخيام الا سبعين رباعية وتمنى لو كان قد أتم هذه الرباعيات التي تجاوزت المائتين في تحقيق المستشرق الالماني (خولدكه) هذا وظل الصافي تراوده فكرة ترجمة هذه الرباعيات على أمل تحقيقها والجدير ذكره ان ترجمة وديع البستاني لرباعيات الخيام تعتبر اقدم ترجمة للعربية، ثم جاءت ترجمة الشاعر احمد الصافي ، والشاعر العراقي طالب الحيدري والشاعر المصري أحمد رامي، والشاعر المعروف جميل صدقي الزهاوي.و فاضل عبد الحق المصري و الشاعر البحريني ابراهيم العريض و غيرهم .
الصافي يترجم رباعيات الخيام في ايران
و هكذا بدأت قصة ترجمة الصافي النجفي لرباعيات الخيام ، وأخذت تتبلور لتظهر في عالم الأدب الرفيع بصورتها الرائعة ، ففي العشرين من عمره اشترك الصافي مع صديقه عباس الخليلي في التجارة فاشتريا محتويات سفينة جاءت من البصرة الى الكوفة محملة بالاقمشة وهي أول سفينة أتت من البصرة عقب احتلال الانجليز لبغداد، وحين حكم على صديقه الخليلي بالاعدام لاشتراكه في ثورة العشرين المعروفة (30/6/1920) تسلم الصافي البضاعة خوفاً من مصادرة سلطة الأحتلال لها، وحين دوهمت بيوت آل الخليلي بحثاً عن عباس الخليلي الهارب دوهم بيت الشاعر أيضاً فخاف الصافي على نفسه وفر الى ايران ملتحقاً بصديقه الذي وصلها قبله ليستقر فيها وفي مدرسة (مرو) بشارع ناصر خسرو في قلب العاصمة طهران حصل الصافي على غرفة مستقلة مع مخصصات شهرية مكنته من العيش الى حد ما فجدَّ في تعلم اللغة الفارسية وقرأ بها الكثير من الادب الفارسي حتى أتقنها بصورة جيدة وانكب على رباعيات عمر الخيام التي وجد أنها اكثر من أربعمائة رباعية وبدأ بترجمتها بشغف وحب شديدين ليحقق حلمه القديم والتقى الصافي النجفي بكبار رجال السياسة والعلماء والشعراء ووجوه البلد في ديوان أحد الوجهاء الايرانيين عن طريق صديقه القديم عباس الخليلي فعرفوا فضله ومقدرته الادبية والعلمية خاصة بعد ان اتم ترجمة رباعيات الخيام وكانت اجود ترجمة لرباعيات الشاعر الفيلسوف عمر الخيام على يديه حيث طبعت خمس مرات وبثلاثمائة و أحدى وخمسين رباعية بمتانة جيدة وتعبير دقيق لأغراض الشعر وعلى أثرها قلد وسام العضوية في النادي الادبي بطهران وعمل في الصحافة والترجمة كما درَّس الادب العربي في جامعة طهران وبعد سبع سنوات قضاها في ايران عاد الى النجف الاشرف عام 1927م وكان له علاقة كبيرة برباعيات الخيام المترجمة ويحملها معه في حله وترحاله فهي معه اثناء عودته الى النجف الاشرف ومنها الى بغداد وأخيراً في حقيبة سفره مع اشعاره الى سوريا فلبنان لكثرة تعلقه وشغفه بها ومن مواقفه في هذا المجال انه رفض استلام مبلغ (500) دينار عراقي من بعض دور النشر في بغداد وبيروت لاعادة طباعة ترجمته لرباعيات الخيام معللا ذلك أنَّـها كانت تردد على افواه الجهلة في نوادي اللهو والمجون ولانَّ رباعيات الخيام ارفع واسمى من ذلك . ونذكر هنا احدى الرباعيات المترجمة لشاعرنا المبدع الصافي النجفي (رحمه الله )*:
ويترجمها احمد الصافي النجفي:
قد انطوى سفرُ الشبابِ واغتدى ربيعُ أفراحي شتاءً مجدبا
لهفاً لطيرٍ كانَ يدعى بالصِّـبا متى أتى وأي وقتٍ ذهبا
عمر الخيام و قصة رباعياته
بقي ان نذكر نبذة قصيرة عن عمر الخيام صاحب الرباعيات الشهيرة فهو حجة الحق الحكيم أبو الفتح عمر بن ابراهيم النيشابوري فيلسوف ورياضي ومنجم وشاعر ايراني في نهاية القرن الخامس الهجري وتعود شهرته الواسعة في العالم الى شعره الرباعي في حين كان اهتمامه العلمي يفوق اهتمامه الادبي والشعري بشكل خاص بل انه كان يلجأ الى الشعر حينما كان تداهمه موجة من الارهاق والتعب ـ حسب ما يذكره لنا التاريخ ـ من شدة الانهماك العلمي ويتخذ من الشعر الوجداني وسيلة للراحة لما فيه إيقاعات موسيقية وآفاق واسعة تثير البهجة والسرور في اعماق النفس فيرتمي في احضانها هربا من الجدية العلمية ذات العناء الشديد فكان حصيلة ذلك الهروب اللطيف تلك الرباعيات الجميلة التي طبقت شهرتها الافاق حتى ترجمت الى عدة لغات عالمية بعد ان شغف بها العديد من العلماء والشعراء في شتى انحاء العالم ومن بينهم شاعرنا المبدع احمد الصافي النجفي المتوفى عام 1977م .
أصل الرباعية باللغة الفارسية :
افسوس كه نامه جوانى طى شد
وين تازه بهار شادمانى دى شد
آن مرغ طرب كه نام او بود شباب
صد حيف، ندانم كه كى آمد كى شد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج