الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فايروس كورونا... صديق الرأسمالية

صبري الرابحي
كاتب تونسي

(Sabry Al-rabhy)

2021 / 3 / 25
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


يقول أحدهم عندما كنت تلميذا كانت الرأسمالية بالنسبة لي مجرد مرحلة اقتصادية و مجتمعية في اللوحة الخماسية لكارل ماركس، و لما صرت طالبا كان جليا بالنسبة لي أن الرأسمالية مؤذية لأبي الكادح من أجلنا، أما لما صرت عاملا فأدركت أن الرأسمالية هي الواقع المرير الذي يرسم يومي أنا و ملايين العمال مثلي الذين حولتهم بلا هوادة الى قطع لحم من فولاذ.لقد أكد هذا الخيار أهمية الرأسمال العيني أمام الرأسمال البشري و لعل هذه المفردات لا يمكن لها الا أن تصنع التضادد الى الأبد.في هذه الأيام و بينما ترد علينا أخبار الكورونا من كل بقاع العالم و هي احدى أعتى الجوائح في التاريخ المعاصر التي امتطت العولمة لتكسر الحدود الجغرافية للدول و تسافر في متعلقات أحد المسافرين من أقصى الدول الى أدناها، في هذه المرحلة بالذات اصطدمت جائحة الكورونا بالرأسمالية العالمية حيث وجدت اقتصاديات عديد الدول نفسها مهددة من طرف هذا الوباء الخفي الغادر المنهك لمقدرات الدول خاصة منها النامية، فكان أحد خيارات هذه الدول خاصة المحافظة باحتشام على دورها الاجتماعي أن تحمي عمالها بأن سعت الى تعطيل الانتاج و لو بصفة جزئية و هو خيار يرمي الى حماية العنصر البشري كما يرمي الى حماية طاقته الانتاجية و ادخارها لمرحلة ما بعد الكورونا على صعوبتها في الأفق.أما الخيار الثاني للدول فكان التعنت في التعامل مع الكورونا الممزوج بممانعة البغايا بحيث دخلت مع الكورونا في صداقة عجيبة بحيث توفر لها البيئة المناسبة للانتشار في الأوساط العمالية و في المقابل تحرص على عدم تعطيل الانتاج في هذه الدول.لفترة غير بعيدة لم يكن بٍِِامكان "مواطن العالم" تخيل أنه يمكن أن يطرأ ما يقوض أسس الاقتصاد الأمريكي عراب الرأسمالية العالمية الصلب منذ الآباء المؤسسون، لتأتي الكورونا لتجتاح أرض الهنود الحمر و تهدد الانتاج فيها فما كان من القرار الامريكي الا أن يغازلها و أن لا يعبئ بحياة ملايين العمال و يصر على تواصل العمل و الانتاج للاستفادة من طفرة اقتصادية ظرفية تمكنها من الاستفادة من هذه الأزمة كسابقاتها على الأقل في نصف القرن الأخيرة منذ حربها على تنظم الشيوعية الى حربها على الارهاب مرورا بأزمة الرهن العقاري.و هنا يصبح بامكاننا من جديد تبين وطأة الرأسمالية على الحياة البشرية التي تراهن اليوم على وجودها من عدمه بمعنى أن يصبح على الدول ترتيب أولوياتها حسب الأهمية بين حياة العامل و ديمومة الأعمال بأن تدعه يعمل وتدعه يمرض و تدعه يمر ان كتب له ذلك.و في السياق نفسه و في تعبيرة مفضوحة انكشف للجميع أن الاتحاد الأوروبي مثلا كتكتل اقتصادي مهم منبثق عن السوق الأوروبية المشتركة ليس سوى تكتل مصلحي لاقتصاديات الدول المتجاورة حيث ظهر ذلك جليا من خلال تخلي الدول الأعضاء على ايطاليا.ايطاليا ذلك الشريك الاقتصادي المنهار و الذي كان لوقت قريب سوقا لليد العاملة و للاستهلاك في فضاء اليورو، غير أن الواقع يثبت أن الدول الرأسمالية قد بنت اقتصادياتها كما سياساتها الخارجية و الاقليمية على أسس البراغماتية و لم تتوانى للحظة عن تكشير أنيابها أمام أي حلقة من حلقات الانتاج المعطبة بفعل الكورونا أو غيرها لتواصل دوران آلتها و تدوير شركائها القدامى الى مقابر للانسانية ليفهم "مواطن العالم" أنه ان لم يكن قطعة غيار صالحة في آلة الاقتصاد الرأسمالي فانه سوف يتم التخلي عنه حال الانتهاء من استعماله وفقا لقوانين المستودع الكبير لاستنزاف المجهود البشري بلا أخلاق و المسمى ببساطة بالرأسمالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله اللبناني يوسع عملياته داخل إسرائيل ويستهدف قواعد عس


.. حزب الله يعلن استهداف -مقر قيادة لواء غولاني- الإسرائيلي شما




.. تونس.. شبان ضحايا لوعود وهمية للعمل في السوق الأوروبية


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.. وطلاب معهد




.. #الأوروبيون يستفزون #بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال ا