الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل البرامج الحكومية في أساليب إدارة الاقتصاد..من حوارنا مع البروفيسور الدكتور سعد الجيبه جي - الحلقة العاشرة – من الاقتصاد العراقي المأزق والحلول - في بؤرة ضوء

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2021 / 3 / 26
مقابلات و حوارات


10. غياب وجود الخطط التنموية على أرض الواقع، والتطبيق في توجهات الحكومات المتعاقبة في العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم، هل يعكس فشلًا في البرامج الحكومية ومن يتولاها؟ أم أن ذلك يعد اليوم أسلوبًا جديدًا من أساليب إدارة الاقتصاد، وتحقيق الازدهار بوسائل وطرق غير تقليدية كما يدعي البعض؟

أولًا يجب أن نعرف أن الخطط تبدأ برؤية؛ والرؤية هي صورة لواقع يرغب المخطوطون أن تكون به الحالة مستقبلًا، ويجب أن تكون قابلة للتحقیق ويشرفني أنني كنت من ساهم في إعداد الخطط الاستراتيجية لعدة دول كجزء من صمیم تخصصي الأكاديمي في رسم السیاسات والاستراتيجيات الاقتصادية.
ويعقب الرؤية رسالة تتضمن خلاصة إلى مایصبو إليه المخطط ثم الأهداف والغايات وبعد ذلك توضع الخطط التشغيلية متضمنة البرامج والمبادرات لحل مشكلات أو تحقيق تطورات، ويأتي فيما بعد مانسميه مؤشرات الأداء مثل نسب الإنجاز أو تواريخها أو عددها، كأن بلد يقر ر بناء 50 مدرسة ويثبت ذلك ويتم إعداد موازنة له ثم تحدد المسوؤليات والزمن اللازم للانجاز النهائي وبعد ذلك تشكل فرق العمل وتنطلق الخطط بعد إقرارها.
والتخطيط الاستراتیجي هو خارطة طريق للوصول إلى الأهداف في عصرنا الحالي قلة من الدول الفاشلة التي لم تتبنَ التخطيط. العراق منذ1953 وبمجلس الإعمار كان لديه خطط واضحة شاملة انجز قسمًا منها، والقسم الآخر لم ينجز لأسباب تتعلق بعدم الاستقرار السياسي ولكن التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد تبنته الدولة العراقية في أول خطة خمسية للفترة(1970-1975) ثم من(1976- 1980)، وكانت خطط عملاقية (سميت بالانفجارية)، لأنها كانت تهدف إلى خلق قاعدة مادية للخروج من حلقة الفقر وتوظيف عوائد النفط في القطاعات الإنتاجية وفي الموارد البشرية، فجرى بناء الجسور والطرق والمصانع والجامعات والمستشفيات وتم ابتعاث آلاف الطلبة في تخصصات مختلفة خاصة العلمية للدراسات العليا في الدول المتقدمة. كما أن الخطط إلتفتت إلى رفاهية الإنسان من حيث مشروعية حصوله على عمل ومسكن وتكوين أسرة
وتوفير فرص الرفاهية من متنزهات، كمتنزه الزوراء والمدن السياحية في الحبانية
والمدن السياحة في الشمال، وفنادق الدرجة الأولى العالمية والموزعة على جميع
أرض العراق والمطارات الحديثة والحافلات الإنكليزية المنشأ ومسارح وسينمات
وأندية رياضية وترفيهية وغيرها حتى أن العراق صنف من أفضل 10 دول نصف صناعية عام 1984 وسجل تطورًا على كوريا الجنوبية وتركيا بفارق كبير
في مؤشرات التنمية الشاملة والمستدامة بامتلاكه قاعدة علمية رصينة وتصفير
الأمية وتحسن الخدمات الصحية وتوفر البنية التحتية المتطورة والمنافسة مع ما موجود
في الدول المتقدمة وغيرها من المؤشرات المعروفة لدى المؤسسات العالمية.
والأجدر من كل ذلك في دراسة قمنا بإعدادها في أحد مراكز البحوث الغربية عام
1984 كان معامل جيني الذي يقيس تفاوت توزيع الدخل والذي شمل عدد من
البلدان المنتجة للنفط ذات الكثافة السكانية، كان العراق أفضل دولة في توزيع الدخل
بضآلة نسب الفقر وتصفير البطالة والأمية وتطور الطبقة الوسطى وانخفاض ترکز
الدخل بيد الأفراد بما يؤشر دور الدولة الإيجابي في جميع المياديين.
رغم ظروف الحرب مع ایران لم تتوقف التنمية وخاصة في مجال الصناعة
والزراعة، وكان العراق تقريبًا يمتلك الاكتفاء الذاتي في الغذاء واكتفاء مناسب في
الصناعات الخفيفة والدوائية وفي مجال المستلزمات البيتية مثل أجهزة التبريد
والطبخ ومواد البناء والأجهزة الإلكترونية وبعض مستلزمات السيارات
ومستلزمات التعليم والمستشفيات وغيرها.
مع وضع العراق تحت طائلة الحصار الظالم عام 1991 تأثر الاقتصاد العراقي
بشكل كبير بسبب انقطاع موارد النفط ومحاصرته من قبل جميع الدول وأولها الدول
العربية الشقيقة تنفيذًا وامتثالًا لقرارات الأمم المتحدة في كل شي (الغذاء والدواء
والتعليم وكل ما هو متعلق بحياة الناس) ولمدة 13 عامًا.
وقد أدى الحصار إلى ظهور معالجات لمواجهته أهمها البطاقة التموينية التي كانت
تحوى 22 مادة ضرورية وفقًا لاحتياجات الإنسان اليومية لاستمرار الحياة وقد
خففت هذه البطاقة إلى حد ما آثار الحصار على المواطن ذو الدخل المحدود.
وواجهت الدولة الحصار الاقتصادي بتنشيط الزراعة التي انتجت اكتفاءً ذاتيًا في
مجال الغذاء. وأبدع العراقيون في محاكاة التكنولوجيا المستوردة حتى يومًا أطلق
أحد كبار المسؤولين في مؤتمر الاقتصاديين العرب في وجدة في المغرب عام2000عليهم بـــ(يابانيّ العرب)، نعم كانت الأضرار كبيرة لدی الشعب لمواجهة آثار
الحصار والمعاناة اليومية ولكن كانت هناك دولة تتحمل المسؤولية وتبذل المستحيل
للتضامن مع شعبها وكانت المعونات تتوزع بعدالة على الجميع.
في 03 20 مع غزو العراق واستلام عملائه السلطة، رفعت العقوبات وبدأ العراق يصدر النفط وبلغت معدلات التصدير إلى 4 مليون برميل ومع قفزة الأسعار أوصلت سعر البرميل الواحد من النفط إلى أكثر من 140 دولار في بعض المراحل تشير بعض المصادر أن العراق حقق إيرادات من النفط تصل إلى ترليونيّ دولار خلال ال18 عامًا التي أعقبت احتلال العراق.
عوائد هائلة من تصدير النفط ولا استراتيجية لاستثمارها بعد 2003 لماذا؟
عبر التاريخ؛ الاحتلال العسكري هو أجندة تدميرية لأي بلد باعتباره عدو يستحق أن تستخدم الآلة العسكرية لتدمير اقتصاد البلد وإيقافه من التطور المحتمل وطبعًا تحت شعارات مختلفة أغلبها شعارات كاذبة عبر التاريخ مثلًا التحرير وإرساء ديمقراطية أو مناصرة مجموعة مظلومة وغيرها.
وكلها أكاذيب لاتنخدع بها الشعوب وتفرض الإرادة للمحتل كأمر واقع ملزم التعامل معه بالقوة القاهرة والمفرطة وبالتعاون مع العملاء الذين ينفذون أجندة المحتل بشكل أعلى من المتوقع ولنا في التاريخ شواهد كثيرة.
كان العراق يتمتع بوجود وزارة فنية للتخطيط عمل فيها عمالقة الاقتصاد واستعانت بخبرات عالمية وكان لها دور كبير في صنع التطورات الاقتصادية والاجتماعية ووضعت خطط مهمة ؛ قفزت بالعراق إلى مصاف متقدم بين الدول في ظل جميع الظروف.
بعد 2003 جرى سعي حثيث لاضعاف دور هذه الوزارة وتسخيف مهامها سواء بتسمية وزرائها أو إداراتها العليا وسعت حكومات الاحتلال إلى تهميش دورها حتى أنه حسب تصريح وزيرها الحالي تفتقر إلى احصاءات القوى العاملة ، هذه الوزارة التي يجب أن تكون الكشاف الشامل لجميع أنشطة الاقتصاد والمجتمع وتقدم خطط لمعالجة الفجوات. ويكون لها دور في توزيع الميزانيات جغرافيًا وقطاعيًا وعلى مستوى الدخل الفردي . وتعالج فجوات البطالة والفقر عبر اقتراح مشاريع انتاجية من شأنها تشغيل اليد العاملة وضمان تدفق الدخل وتحفيز الطلب الكلي الفعال وديمومة الدورة الاقتصادية . ولكن يبدو أن هذه الوزارة كانت شريك بجميع تفاصيل الفساد والإنحراف الإداري وكانت معدومة الدور في عمليات الأصلاح الاقتصادي ، ففاقد الشيء لايعطيه.
حتى أن مجموعاتها الاحصائية التي هي مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إصدارها على الأقل سنويًا لم تكن مستوفية ولا دقيقة وغالبًا كان الباحثون والمؤسسات الدولية تعاني من دقتها في مجال ميزانيات الأسرة وتوزيع الدخل واحصاءات الدخل والناتج القومي ومعدلات التضخم والبطالة واتجاهات الإنفاق العام وغيرها من التفاصيل، لذا التخطيط شكليًا موجود في العراق أبعد ما يكون عن تبني خطط حقيقية مربوطة ببرامج وسياسات وخارطة تنفيذ لكل خطة مع مؤشراتها ومعايير قياسها لإرساء نظام حوكمة شفافة وتفعيل قوانين الكفاءة والنزاهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو