الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإباحية الحلال

عبدالله محمد ابو شحاتة

2021 / 3 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هيستريا العفة والاحتشام التي يعاني منها المسلم الأصولي والتي صدع بها رؤوسنا، و اتهامات الدعوة للتعري وهدم قيم المجتمع التي يلقيها يميناً ويساراً. بل إني لا أبالغ إن قلت إن هذا الخطاب المهترئ لتلك الفئة يكاد يكون هو القشة التي دار حولها الازاهرة وجماعات الاسلام السياسي طوال قرن من الزمن ولا يزالوا يدورون حولها دون كلل أو ملل. أنظر على سبيل المثال لشيوخ التريند اليوم وراقب كيف تستحوذ تلك البلاهة على خطابهم بشكل مثير للسخرية. فلا يكاد أحدهم يدعم موقفه أو يهاجم معارضيه إلا انطلاقاً من محور الجنس والمرأة والتعري والإباحية حتى حينما يكون النقاش بعيداً كل البعد عن تلك النقاط.

والحقيقة أني لا اعرف حقيقة أين يقف هذا العقل الخرافي من فقهاءه الذين قرروا من قبل أن عورة الجارية من السرة للركبة، وأين يقف أصحاب هذا الخطاب السخيف من سوق الجواري بالقاهرة حيث كانت تقف النساء عرايا ليتفحصهم المشتري بجوار جامعهم الازهر دون أن يبدي شيوخهم المُبجلين أي اعتراض أو امتعاض. فهل كانت الاباحية وقتها حلال وأصبحت الآن حرام ؟. وهل كان عري الأمس مكرمة أما عري اليوم فمفسده ؟!
اليس هذا العقل المنحط مثير للسخرية ؟ هذا العقل الذي ينتفض حين يتعرى شخصاً بإرادته ولا يحرك ساكناً حين يتعرى عنوة ؟. إنه ذات المرض العقلي الذي يدفع العقل المنحط للانتفاض ضد امرأة تمارس حريتها ولا ينتفض لنصرة امرأة تم اغتصابها أو التحرش بها، بل و يسوق المبررات للجاني.
فمشكلة هذا العقل المنحط في الحقيقة ليست إلا مع الحرية كما أقول دائماً ، إن مشكلته الوحيدة مع الإرادة، فهو لا يهمه طبيعة الفعل نفسه أياً كانت، هو فقط لا يهمه شيء سوى جعل الإنسان عبداً معدوم الإرادة. فلا يحق لك أن تتعرى بإرادتك ولكن لا مشكلة في أن نعريك نحن عنوة، ولا يحق لكي كأمرأة أن تتركي شخصاً يلمس جسدك بإرادتك، ولكن يحق لنا نحن أن نتلمسه ونعبث به عنوة. فهؤلاء لا يفزعون من التعري ولا الاباحية بل فقط يفزعون من الحرية. يفزعون من أن يكون للإنسان إرادة فعالة، فأيدلوجيتهم في أساسها قائمة على العبودية والطاعة، فأنا لهم أن يسمحوا للإنسان بأن يكون حراً ؟


*لوحات تصور تجارة العبيد بالقاهرة لجان ليون جيروم، و مكسيم داغستوغ*

http://antiquefacebook.blogspot.com/2018/01/blog-post_24.html?m=1








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي