الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنفيذ الموازنة العامة ومن الذي يتحمل الاعباء

إلهامي الميرغني

2021 / 3 / 28
الادارة و الاقتصاد


وافق مجلس الوزارء في جلسته المنعقدة يوم 24 مارس 2021 علي مشروع موازنة العام المالي 2021/2022 واحالها لمجلس النواب وفقاً لدستور مصر 2014.
نصت المادة (124) من الدستور علي ان تشمل الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها ومصروفاتها دون إستثناء، ويُعرض مشروعها علي مجلس النواب قبل تسعين يوماً علي الأقل من بدء السنة المالية، ولا تكون نافذة إلا بالموافقة عليها ، ويتم التصويت عليه باباً باباً.وفي نفس المادة ينص علي أنه " في جميع الأحوال لا يجوز أن يتضمن قانون الموازنة أي نص يكون من شأنه تحميل المواطنين أعباء جديدة !!!!!".أما المادة ( 127) فتنص علي أنه " لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض ، أو الحصول علي تمويل ، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة ، إلا بعد موافقة مجلس النواب".
منذ مطلع الالفية وحتي ما بعد ثورة 25 يناير كانت أزمة الموازنة العامة في مصر خروج الصناديق الخاصة من سيطرة الموازنة العامة التي يفترض ان تضم كل ايرادات ومصروفات الدولة.إضافة لخروج شركات قطاع الأعمال والقطاع العام والهيئات العامة الاقتصادية من الموازنة رغم وجود بعض التشابكات. ومع استقلال القوات المسلحة وحصانتها بعد 2014 أصبحت موازنتها خارج الموازنة العامة للدولة ، كما أن إيرادات بيع الأراضي وعوائد المشروعات المملوكة لها لا تدخل الموازنة العامة للدولة.كذلك فإن المسئولين في مختلف المناسبات يؤكدون أن تمويل ما يسمي المشروعات القومية الكبري يتم من خارج الموازنة العامة سواء العاصمة الإدارية الجديدة أو مدينة العلمين الجديدة او قطار المونوريل المعلق.وبذلك فقدت الموازنة العامة للدولة دورها في حصر كل مصروفات وايرادات الدولة واصبح الظاهر في الموازنة هو مجرد جزء من الاقتصاد الخفي والمحمي بالقوانين والتشريعات ففقدت الموازنة دورها الأساسي في توجيه السياسة المالية التي اصبحت تدار من خارج الموازنة.
وقبل أن ندخل للموازنة الجديدة التي ستقدم لمجلس النواب قبل آخر مارس اعمالا لنص المادة 124. نراجع بعض الحقائق الهامة المنشورة في تقرير المتابعة نصف السنوي للموازنة العامة والذي نشرته وزارة المالية منذ أيام.رغم أنه يرصد تنفيذ الموازنة واعتمادات الصرف من 1 يولية 2020 وحتي 31 ديسمبر 2020.ومفترض انه أحد الوثائق الاساسية للموازنة وفقاً لتعريف الأمم المتحدة ويجب ان تنشر في اول يناير لكي تقوم الحكومة باتخاذ إجراءات تصويبية يتم تنفيذها في النصف الثاني من الموازنة من 1 يناير 2021 وحتي 30 يونية 2021. ولكن التقرير نشر في نهاية مارس اي بعد 3 شهور من نهاية نصف الموازنة ومؤكد أن وزارة المالية اتخذت إجراءات لم تعلن عنها ولم نعرف عنها شئ. ولكن من المفيد أن نتابع نتائج التقرير كمؤشر هام علي تنفيذ الموازنة خلال نصف عام.
أهم الملاحظات علي التقرير نصف السنوي عن الأداء الاقتصادي والمالي خلال العام 2020 / 2021
كان مشروع الموازنة قد تضمن مصروفات بلغت 1.7 تريليون جنيه مقابل 1.2 تريليون جنيه ايرادات وعجز بلغ 432 مليار جنيه.وتضمن المشروع سداد فوائد للديون تبلغ 566 مليار جنيه وتمثل 33% من أجمالي مصروفات الموازنة يضاف إليها 555.6 مليار جنيه اقساط ديون مستحقة أي 65% من مصروفات الموازنة عن العام الحالي.إضافة الي الحصول علي قروض جديدة إضافية قيمتها 987.7 مليار جنيه . بينما تصريحات كبار المسئولين تؤكد دوماً أن تمويل المشروعات الكبري يتم من خارج الموازنة ومؤكد انه من مصادر عامة وليس مصادر تمويل خاصة ولكنها خارج الموازنة وخارج رقابة مجلس النواب وباقي الأجهزة الرقابية .شكلت موازنة 2020/2021 موازنة هامة في ظل مواجهة وباء كورونا وتدعياته الاقتصادية.واذا تابعنا ابرز الملاحظات علي تقرير المتابعة نجد الآتي :
• لمواجهة كورونا اتبعت سياسة ضريبية تعتمد علي زيادة حد الإعفاء الضريبي لذوي الدخول المنخفضة وتحديد الحد الاقصي للضريبة 25%. ونتوقف هنا لتوضيح ان أصحاب الدخول المنخفضة هم أنفسهم الذين اجبروا علي سداد 1% من أجورهم لمواجهة آثار كورونا ، وهم الذين تحملوا رفع أسعار الكهرباء علي الشرائح الأقل من 100 كيلووات ساعة في الشهر وفي نفس الوقت تحديد الحد الاقصي للسعر الضريبة منخفض جداً جداً وهو يصل في الولايات المتحدة إلي 65% من الدخل وفي دول اوروبا ما بين 45% و 65% ولذلك فتثبيت سعر الضريبة للاثرياء ورفض فرض ضريبة الثروة والضرائب التصاعدية هو دعم لرجال الأعمال واهدار لموارد كان من الممكن ضخها في الموازنة العامة وتقليل الاستدانة. ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل تم تثبيت أسعار الكهرباء للمصانع الكثيفة الاستهلاك للكهرباء لمدة خمس سنوات وبحيث تتحمل الخزانة العامة 4.5 مليار جنيه سنوياً لصالح المستثمرين ورجال الأعمال.
• رغم الحديث عن الاعتمادات الاضافية للتعليم والصحة نجد ان الانفاق علي بعض بنود الصحة في العام المالي الماضي هو نفسه في العام الحالي وكأن كورونا غير موجودة ( جدول صفحة 14 من التقرير).
• يقول التقرير في صفحة 17 أنه قدم مساعدات لمساندة النشاط الاقتصادي جراء كورونا وهنا يلزم الوقوف والتركيز مع الارقام فقد تم توجيه 17.5 مليار للقطاع الصناعي و 21 مليار لتنمية الصادرات 3.4 مليار لقطاع السياحة و5.5 مليار لقطاع الطيران و 14 مليار لقطاع المقاولات .انفق 61.4 مليار لدعم القطاعات الاقتصادية المتضررة من كورونا .واذا تأملنا ارقام ميزان المدفوعات نجد ثبات و تراجع الصادرات رغم الدعم الذي تقدمه الحكومة لغير مستحقيه.واذا كانت مصر تعاني أزمة في الانتاج الزراعي والصناعي فمن الطبيعي ان تتراجع الصادرات رغم الدعم.
• صفحة 15 من التقرير بيان ببعض المبالغ التي تم تدبيرها لوزراة الصحة خلال الموازنة وصفحة مليئة بالأرقام ومن يتصفح سريعاً قد يري اهتمام بالصحة في موازنة الكورونا ولكن الحقيقة غير ذلك لأن مجمل الاعتماد الاضافي للصحة لم يتجاوز 5.3 مليار جنيه 57% موجه للعلاج علي نفقة الدولة والمتبقي للصحة 2.2 مليار فقط بينما توجه 3.4 مليار للسياحة و 21 مليار لتنمية الصادرات !!!!!
• المفترض أن الاعتمادات لمختلف بنود الموازنة تستهلك بشكل شهري او ربع سنوي بحيث يكون نصف السنة المالية معبراً عما تم انفاقه من اعتمادات الموازنة ولكن بالعودة الي الجداول المرفقة بتقرير المتابعة نصف السنوي لموازنة 2020/2021 يوضح العكس رغم انه يرصد النتائج في الشهور الستة الأولي من السنة وبنهاية مارس لا يتبقي الا 25% فقط من السنة . إذا ماذا تقول الأرقام؟!!
• تفيد المتابعة المالية أنه بنهاية النصف الأول من العام المالي لم يحصل من الايرادات الضريبية المتوقعة في الموازنة سوي 34.7% وبما يعكس ضعف التحصيل الضريبي المستهدف كوسيلة رئيسية لتمويل المصروفات والانفاق الحكومي.
• أما المصروفات فنجد بندين فقط تحققت فيهم نسب صرف معقولة وهما الأجور وتعويضات العاملين 47.4% وفوائد الديون 43.4% وهي التزام لضمان الحصول علي قروض جديدة . لكننا نجد المنفق علي شراء السلع والخدمات لا يتجاوز 27.6% من الاعتمادات وهو ما يعكس وجود اعتمادات لم يتم استخدامها بينما تعاني العديد من الجهات الحكومية من نقص وعجز في المستلزمات.وكذلك بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية فلم ينفق منه خلال الشهور الستة الأولي سوي 30.6% وهو ما يعكس ان ارقام الدعم الواردة بالموازنة لم تنفق كلها علي الدعم .
• يعكس التقرير بالنسبة للضرائب علي دخول الاشخاص الطبيعية تفاوت كبيرة في التحصيل حيث نجد النسبة 45.4% من ضرائب الأجور والمرتبات بينما لم تتعدي نسبة التحصيل 20.1% من ضريبة المهن الحرة التي تشمل الأطباء والصيادلة والمهندسين والمحاميين والمحاسبين والفنانين ولاعبي كرة القدم ، وكذلك ضريبة الأرباح التجارية والصناعية التي تشمل المحلات التجارية والورش الحرفية والمشروعات الفردية وبلغت نسبة التحصيل 32.5% فقط . وبذلك نجد الموظفين والعمال هما الفئة الأكثر سداداً للضرائب في مصر. أما حصيلة الضرائب علي أرباح شركات الأموال فلم تتجاوز 28.6% فقط من الإيرادات المتوقعة في مشروع الموازنة.
• بلغت حصيلة الضرائب ورسوم السيارات 56.1% من الاعتمادات المخططة وهو ما يعكس زيادة فرض الضرائب والرسوم وكفاءة تحصيلها وهي جزء من السياسة الجبائية التي تعتمدها الحكومة خاصة في السنوات الأخيرة. ونفس الوضع ينطبق علي ضريبة التبغ والدخان التي تم تحصيل 51.1% من المستهدف خلال النصف الأول من الموازنة.
• رسوم التنمية علي محررات الشهر العقاري بلغت 80% من المستهدف الكلي خلال ست شهور.وكذلك الإيرادات والرسوم ذات الصفة المحلية 62.1%.
• كذلك إذا تابعنا الانفاق علي الدعم والحماية الاجتماعية نجد أن الانفاق علي دعم السلع التموينية لم يتجاوز 35.1% ودعم المزارعين لم ينفق منه سوي 11.3% ودعم إسكان محدودي الدخل 11.2% . اي توجد اعتمادات ولم يتم إنفاقها .
• كما بلغ الانفاق علي دعم التأمين الصحي والأدوية 64% وذلك طبيعي في ظل مواجهة تداعيات فيروس كورونا .
يعكس تقرير الأداء المالي للموازنة عن الشهور الستة الأولي وجود تفاوت كبير في بعض بنود الانفاق بين الاعتمادات الواردة في الموازنة والانفاق والتحصيل الفعلي الذي تم كما يعكس غياب العدالة من حيث تحميل كاسبي الأجور والكادحين غالبية الأعباء لصالح المزيد من المكتسبات والمزايا للمستثمرين ورجال الأعمال. ولا يزال التقرير يعتمد بنود التصنيف الاقتصادي ولا يعرض نتائج التصنيف الوظيفي لنعرف الانفاق الفعلي علي الصحة والتعليم والمرافق العامة خلال الفترة.كان من الضروري ان نتعرف علي نتائج تطبيق الموازنة الحالية قبل الدخول الي مشروع الموازنة الجديدة الذي يناقشه مجلس النواب خلال الاسابيع القادمة.
28/3/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميتا- تعلق -ثريدز- في تركيا بعد قرار من هيئة المنافسة التركي


.. إنتاج مصر من القمح يكفي لسد 50 % من احتياجاته السنوية | #مرا




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 20-4-2024 بالصاغة


.. سفير غير معروف.. المعارضة في فنزويلا تختار مرشحها لمنافسة ما




.. أسعار النفط العالمية تقفز بأكثر من 4% بعد الهجوم على إيران