الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التميز بين الأولاد والبنات في التربية داخل الأسرة والمجتمع

بيان صالح
(Bayan Salih)

2021 / 3 / 29
التربية والتعليم والبحث العلمي


التمييز و التفرقة في تربية الأولاد و البنات داخل الأسرة و المجتمع من احد صفات مجتمعاتنا الشرقية، حيث من يوم الولادة تزرع مقولة القوة و الشجاعة في ذهن كل طفل ذكر و بأنه الأقوى، الأحسن، الصلب والمسيطر، الشجاع و الأذكى ، وهو القادر على حماية الآخرين . ان زرع بذرة القوة عند الولد يولد حالة نفسية عنده بأنه يجب ان يكون عند المسؤولية لحمل تلك الصفات الذي غرستها فيه الأسرة والمجتمع، ويجب عليه ان لا يخيب أمل الأسرة وبأنه عند حسن ظنهم دوما، بان يكون قويا وحكيما ومجردا من أحاسيس العطف و الحنان لان هذه الأشياء او المقولات صفات خاصة بالأنثى وعليه ان لا يكون هزيلا وضعيفا وان لا يبكي إذا فقد شيء او صادف سوءا (انك رجل والرجال لا يبكون)،هذه جمل نسمعها دائما.

وحتى تهديد الأمهات لأطفالهم بالإباء عند غيابهم في العمل خارج البيت، بان الأب فقط له القدرة الكاملة على عقاب الأطفال سواء كانت بنتا او ولدا. وإعطاء الولد دور حماية البيت والبنات وحتى الأم نفسها في حالة غياب الوالد، حتى اختيار اللعب التي تباع في الأسواق تساهم وتعزز من تقسيم الأدوار إلى ولد وبنت لا من الناحية البيولوجية فقط، بل من حيث تقسيم الأدوار الاجتماعية، الطفل الذكر يختار له اللعب الحربية (المسدس، السيف والبندقية .....الخ) او لعب السيارات والقطارات او جميع اللعب الذهنية كالشطرنج والألعاب الالكترونية. أما البنت يجب ان تختار أو يفرض عليها ان تختار تلك اللعب التي تعزز من دورها كأنثى ضعيفة (المرأة المقموعة المسلوبة الإرادة ) حيث عليها اختيار دمى العرائس وتقمص شخصية الأم المسئولة عن تربية الأطفال او لعب مثل أدوات المطبخ لتكون ام ناجحة تجيد الطبخ في المستقبل ،او أدوات التجميل والخياطة.

منذ الولادة نجد أن هذه الأدوار قد وزعت علينا وإذا أردنا مخالفة تلك الأدوار فأننا غير طبيعيين في نظر من حدد لنا تلك الأدوار من التقاليد والأعراف والموروث الديني، مثلا إذا اختار الولد دمية فستتم أهانته لأنه ولد والأولاد لا يلعبون بالدمى بل هي لعبة البنات وانه يريد ان يجعل من نفسه بنت!.
يتم تربية الفتيات في المجتمع الشرقي بمنعهن من ممارسة حقها في الحياة الحرة بحجة حمايتهن ، فهي تمنع من الخروج و السفر لوحدها لحمايتها من التحرش، وبشكل عام تمنع من ممارسة معظم الألعاب الرياضية خوفا من فقدان غشاء بكارتها، تمنع من اختيار شريك حياتها  خوفا من عدم صحة اختيارها، تمنع من اختيار عملها خوفا من اختيار عمل لا يناسب حياتها في المستقبل لتكون زوجة وام صالحة، تمنع من اختيار ملابسها لتكون مقبولة اجتماعيا، تمنع من ممارسة شخصيتها و دورها كشخص كامل لا ينقصه حماية .
 
للعلم موضوع التمييز في التربية بين البنت و الولد متواجد حتى في الدول الأوربية المتقدمة ومنها الدنمرك لحد ألان وان كان بنسب مختلفة داخل الأسر و حتى في مؤسسات الرعاية والتربوية من رياض الأطفال والمدارس، حيث نشاهد كيفية فهم و تفسير الكبار لشخصية الطفل علي أساس جنسه، و مدي تأثير ذلك علي فهم الطفل لنفسه و محيطه.
مثلا في احدي التجارب التي تم إجراءها في سبعينيات القرن الماضي  في الدنمرك حيث عرض علي المشاركين مقطع فيديو لطفل يرتدي ملابس محايدة جنسيا يبكي، قيل للمشاركين أنه كان فتى أو بنتا على التوالي. أولئك الذين اعتقدوا أنه صبي فسروا البكاء على أنه غضب ، بينما اعتقد أولئك الذين اعتقدوا أنها فتاة أن الطفل يبكي من الخوف وخلصت الدراسة إلى أن الوعي بجنس الأطفال يؤثر على سلوك البالغين تجاه الطفل.
تشير الباحثة الدنمركية في النوع الاجتماعي والثقافة - شارلوت كرولوك -، التي أظهرت في دراسة للمسح بالموجات فوق الصوتية في عام 2008 أن حركات الجنين ومظهره يتم تفسيرهما على أساس جنسه حتى قبل الولادة؛ إذا كان صبيًا ، على سبيل المثال ، يتم الحديث عن الركلات باعتبارها إحدى قدرات الولد في لعب كرة القدم.
حتى اختيار الملابس له دور كبير في تكوين هوية معينة وخلق توقعات للأدوار التقليدية للجنسين، وذلك من خلال اختيار ألوان الملابس ونوع الصور الموجودة علي الملابس  كالحيوانات الخطرة، الدراجات، السيارات و الألوان الداكنة (للولد) و الألوان الفاتحة و الزهرية، وصور الورود و الأميرات (للبنات) ، على التوالي ، يتم وضع الصبي في إطار رائع وشجاع ، في حين يقتصر تعبير الفتاة على أن تكون رائعة ولطيفة. كل هذا يساعد في التأثير على تنمية هوية الطفل الفردية فيما يتعلق بالجنس.

 كما قالت النسوية الفرنسية - سيمون دي بوفوار - في كتابها المشهور الجنس الآخر:
 - ان السلبية التي تمييز بصورة رئيسية المرأة الأنثى هي ظاهرة تتطور لديها منذ السنين الأولى، ولكنه من الخطأ أن نعمم بان هذه الظاهرة هي بنية بيولوجية، فالحقيقة هي ان القائمين على تربيتها والمجتمع التي تعيش فيه، يفرض عليها هذا المصير. -

لهذا نحتاج إلى تغيير كامل في طرق التربية داخل الأسرة و المجتمع، بدءا من دور الحضانة ورياض الأطفال، المدارس و المؤسسات التعليمية، نحتاج الى ان نربي بناتنا و أولادنا في بيئة صحية بعيدة عن تقسيم الأدوار علي أساس جنس الطفل، خلق بيئة مساواة و تكافؤ الفرص أمام الاثنين، تربيتهم بالاعتماد علي كفاءتهم الشخصية و الثقة بالنفس.
                       








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تسلم أيدك عزيزتي
Sirwa Farik ( 2021 / 3 / 30 - 09:17 )

تسلم أيدك عزيزتي على هذه المقاله الجيدة 💐-;-أوافقكم و نفس الرأي ، بأن نحتاج الى تغيير أساسي يبدا من الروضة.(نحتاج إلى تغيير كامل في طرق التربية داخل الأسرة و المجتمع، بدءا من دور الحضانة ورياض الأطفال، المدارس و المؤسسات التعليمية)

اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان