الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطاع المصارف : المعوقات والمصاعب..من حوارنا مع البروفيسور الدكتور سعد الجيبه جي - الحلقة العاشرة – من الاقتصاد العراقي المأزق والحلول - في بؤرة ضوء

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2021 / 3 / 30
مقابلات و حوارات


11. كيف تحددون أهم المعوقات والمصاعب التي واجهت وتواجه قطاع المصارف التقليدية (التجارية) في العراق؟ وهل حداثة التجربة أم السياسات الإقتصادية والمالية للدولة كانت وراء ذلك أم أسباب أخرى؟

النظام المصرفي في العراق من أقدم الأنظمة في المنطقة وتعود إلى القرن الماضي والنظام المصرفي في العراق يستند على ثلاث أنواع من المصارف الأول المصارف التابعة للقطاع العام ،الثاني المصارف الخاصة، الثالث المصارف الأجنبية.
ويعود تاريخ المصارف في العراق إلى العام 1867 عند إنشاء البنك العثماني.
في عام 1935 تم إنشاء المصرف الزراعي الصناعي.
في عام 1941 تم إنشاء مصرف الرافدين.
في عام1947تم إنشاء البنك المرکزي.
وفي عام 1948 تم تأسيس المصرف العقاري والمصرف التعاوني ومصرف الرهون والعديد من المصارف العراقية الخاصة وكل المصارف في العراق استندت إلى المعايير العالمية في عملها وخضعت إلى رقابة البنك المركزي وسياساته.
وكانت البنوك العراقية من أعلى البنوك مصداقية في المنطقة وتعمل بكل شفافية في الإعلان عن حساباتها وعن أنشطتها.
مصارف القطاع العام، كانت تلعب دورًا مهمًا في السياسة النقدية والمالية للعراق عبر عقود من الزمن عبر تخصاصاتها وخاصة المصرف الزراعي والصناعي والعقاري والتجاري،
وساهمت بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق حتى أن مصرف الرافدين كان يعتبر أكبر مصرف في الشرق الأوسط في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي؛ويصنف من حيث درجة الثقة بالمرتبة الأولی بين بنكوك العالم، وكانت السيولة النقدية الأكبر في العراق تتجه نحو المصارف إلا أن العراقيين وبسبب إنهيار النظام الاقتصادي بعد عام 03 20 اتجهوا إلى الاحتفاظ بالسيولة خارج النظام المصرفي أو في البنوك والمصارف خارج البلد. فتجربة المصارف العراقية ليست حديثة وحتى المصارف الخاصة وخاصة الإسلامية يعود تاريخها إلى العام 1993 ، وكانت مصارف فعالة اعتمدت النمط الماليزي في آلية عملها.
منذ تأسيس الدولة العراقية كان هناك فلسفة اقتصادية تحكم آلية عمل المؤسسات وهي فلسفة راسمالية الدولة، تباین دور الدولة على مستوى الاقتصاد الكلي واستخدام سياساته المالية والنقدية ، تارة نحو زيادة المركزية كما حدث بعد عام 1958 لغاية عام 2003 وتارة للمزيد من الحرية للقطاع الخاص مع ابقاء دور الدولة القیادي من خلال المشاريع الاستراتيجية كما كان الحال في فترة مجلس الأعمار1953.
إلا أنه بعد عام 03 20 فقدت هوية الفلسفة الاقتصادية للعراق رغم الإدعاء بتبني آلية السوق المفتوحة إلا أنها كانت بأبشع الصور حيث لم يعد للدولة بشكل عام وفي جميع المجالات دور ريادي في إدارة الاقتصاد، إنما سُلم الاقتصاد إلى عصابات السطو والنهب للسيطرة على موارد البلد الهائلة التي قدرت بحدود ترليون ونصف الترليون دولار من عوائد النفط على مدى ال18عامًا مابعد الغزو الأمريكي وتسليم مقدرات البلد إلى العصابات والملیشيات التي استطاعت أن تستحوذ على المليارات من الدولارات وبسبب الصعوبات لإخراجها بشكل كامل من البلد، رغم أن بعض المعلومات التي وردت على لسان مسؤوليين نافذين تشير أن نصف هذه الثروات قد هاجرت أو هربت إلى الخارج وتحولت إلى حسابات شخصية أو استثمارات عقارية أو غيرها.
كان لابد لمن استحوذ على المال أن يفكر بطريقة لتنمية أمواله لأن النقود عقيمة ولا تلد نقودًا، فكان الحل بتأسيس بنوك، مالكيها أغلبهم لصوص السلطة واتباعهم ممن تولى مناصب قيادية في البلد، فصدرت مجموع من القوانيين أجازت إنشاء هذه المصارف خارج المعايير الدولية.
لقد بلغ عدد المصارف في العراق 77 مصرفًا. ولا تشكل الإيداعات في المصارف الأهلية أكثر من 15% من مجموع الإيداعات التي تستحوذ المصارف الحكومية على 85% منها في العام 2018 ، وأغلب إيداعات المصارف الأهلية هي من القطاع الخاص، وتشير معلومات إلى أن الإئتمانات الممنوحة من النوعين من المصارف ذهبت لتمويل التجارة وقطاع الإنشاءات وقطاع الفندقة دون ذكر للقطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة بمعنی أنها كانت ممنوعة في توجيه استثماراتها لتطوير هيكل الإنتاج كجزء مهم من مهام المصارف في تنشيط الاقتصاد وخلق الدخول الجديدة والأضافية
وللتأكيد على تشوه آلية عمل المصارف التي هي تقديم القروض وتدوير رأس المال، فإنه في عام 2019 كانت الموجودات تقدر بــ122مليار والائتمان النقدي المقدم 32 مليار ،في حين (وفقًا للنظرية الاقتصادية النقدية) بإمكان البنوك الاحتفاظ بنسب تقل عن 20% کاحتياطي وتتصرف بالباقي كائتمانات لتنمية رؤوس الأموال، وبلغت نسبة الديون المشكوك باستحصالها عام 2020 بحدود 19% مما يدلل على فساد الإدارات المصرفية وعدم قدرتها على التأكد من الأهلية المالية أو التغاضي تحت ضغوط أو اتفاقات .
ومن الغريب في النظام المصرفي الأهلي العراقي رغم أن كل موارده من أموال الفساد
الإداري، استطاع أن يمول بجزء ميزانية عام 2021 بالدين الداخلي بمعدل فائدة غیر
منطقية وبفترات قصيرة لزيادة أرباحه كون القروض الممنوحة للحكومة أكثر مجدية
ومضمونة.
ومن الانحرافات التي أحاطت بعمل المصارف العراقية هي الشراكة في فساد
البنك المركزي العراقي فيما يسمي بمزاد العملة حيث مُنحت هذه المصارف حسب نفوذها مع حق شراء الدولار بالمزاد بأسعار تفضيلية بحجة تموبل الميزانية العامة بالعملة الوطنية ولكن كان سعر شراء الدولار أقل من قيمته السوقية مما أتاح لهذه البنوك والتي أغلبها يعود لحيتان الفساد تحقيق هوامش كبيرة من الأرباح بفعل الفرق بين سعر الشراء من مزاد العملة وسعر البيع في السوق إلى مكاتب الصرافة مما أفقد العراق ثروات هائلة لصالح مجموعة مستفيدة دَمجت بين قوة المال وقوة السلاح.
أن السلوك المصرفي في العراق أبعد المواطن العراقي من التعامل بنزاهتها مما جعل الكتلة النقدية الأعظم خارج النظام المصرفي وهي حالة مرضية جدًا تؤدي إلى ما نسمیه اقتصاديًا (فخ السيولة) مما يترتب عليه إرتفاع الأسعار وخاصة للأصول الثابتة
مثل الأراضي والعقارات وغيرها. ومن آثار الأداء السيئ للمصارف هو تكوّن فجوة في
النقد سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية وخروجه خارج البلد وهذا ما نراه من إقبال العراقيين على شراء العقارات في الدول المجاورة حتى أن العراقيين يشكلون الرقم الأكبر في شراء العقارات في كل من تركيا والأردن ولندن وغيرها وباستثمارات تقدر بالمليارات وإخراج هذه الأموال بكل الطرق مما يقلل من رأس المال الثابت في العراق وخاصة مع أسباب تتعلق بإنعدام الأمن والاستقرار وتذبذب قيمة العملة.
ومن الملاحظ أن الجمهور في العراق يفتقد إلى الثقة بالحكومة ويتهمها بالفساد والاستحواذ على المال العام وعدم النزاهة وغياب الشفافية مما أثر على حجم السيولة النقدية في السوق وانعكس بشكل کساد اقتصادي شامل وأنعش تأثيره على مستويات البطالة التي بلغت أكثر من %30 وزاد من فجوة الفقر وعزز السوء والفجوة في إعادة توزيع الدخل مما قد يؤدي مستقبلًا إلى ارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من 40%.
النظام المصرفي العراقي مازال نظام کلاسيكي تقليدي لم يرتق إلى النظام المصرفي العالمي
Digital) ) الذي اعتمد الرقمية فهو نظام متخلف يتطلب وقت ومعاملات وروتين وبيروقراطية (banking system) .
ومن أبرز المخاطر التي تواجه العراق هو الميل إلى الأكتناز النقدي بدلًا من
الإيداع في البنوك بسبب المخاوف من السطو والارهاب المليشاوي والاختطاف والمحاولة
السرية في كشف المعلومات عن الثروات الشخصية للأفراد وتصل نسبة الاكتناز النقدي إلى 75% من اجمالي النقد الصادر من البنك المركزى العراقي ( مثلًا لعام 2018) والتي بلغت 80 ترليون دينار عراقي ضخ في السوق للتداول إلا أن البنوك لا تحوي خزائنها أكثر من 20 ترليون دينار عراقي.


وتتعمد البنوك إلى عدم استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني التي باتت موجودة في أفقر البلدان بسبب عدم أهلية الإدارات للتعامل مثل هكذا تقنية وعدم إيمانها أساسًا بالتطور التقني وضعف التأهيل سواء لدى الإدارة أو العميل .
وبسبب الفضائح التي شهدها البنك المركزي وخضوعه وهو مؤسسة مستقلة لإرادة السياسة، وافتقاره إلى الشفافية بشكل كامل وعدم اتباعه المعايير العالمية في الإداء وفقًا لسياسة مالية ونقدية مبنية على أسس علمية دقيقة ومستندة على بحوث ودراسات وتعاون من المؤسسات البحثية المحلية والدولية في سياسات الإصدار النقدي والرقابة على البنوك ورسم السياسات للعمليات والفعاليات المصرفية باعتبارها أدوات هامة في تنشيط الاستثمار ودعم دخول المواطنين وتحفيز ميلهم الجدي للإدخار بالحوافز والمبادرات وتسهيل الحياة اليومية بدلًا من تعقيدها.
ومن الغريب بالأمر أن أغلب التحويلات للأموال في العراق تتم إما عن طريق مكاتب وشركات صرافة يمتلكها متنفذين في القرار السياسي أو عن طريق وسطاء شخصيين مما أدى إلى تهريب المليارات إلى الخارج وبطريقة مبتكرة لغسيل الأموال .
إذن أن الجهل والسياسة المتعمدة للدولة وفسادها أدت إلى تعطيل النظام المصرفي وتشووه وهروب رؤوس الأموال إلى بلدان أكثر أمنًا أو هروب أموال الفساد إلى الخارج بشكل وآخر وحرمان الشعب من فوائد المصارف ودورها في دعم المواطن وخاصة الشرائح ذات الدخل المحدود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي