الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الانتخابات والاحتلال في العراق

كاظم الموسوي

2021 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


حدد موعد إنتخابات تشريعية بعد إعلان موعد سمي مبكرا، وهذا الموعد الجديد، (في تشرين الاول/ اكتوبر 2021) يسبق موعد الانتخابات البرلمانية الاعتيادية (نيسان/ ابريل 2022) باشهر معدودة، قد لا تؤثر زمنيا على مسير العملية السياسية في السياق الزمني، وتنفيذ ما خطط وما برمج لعراق جدبد، اخر، (حيث أطلقت هذه التسمية بعد الغزو والاحتلال عام 2003 ) منزوع الدسم، ومتورط بازمات حادة، لا يخرج منها سالما ولا يستطيع العيش بالعلاجات المطروحة.
جرت في العراق بعد احتلاله عام 2003 وما قبله، انتخابات واستفتاءات عديدة خلال تلك الفترة، واغلب الانطباع العام عنها، انها غطاء شكلي لمفهوم الديمقراطية، التي تدعي القوى المتنفذة في العراق بها أو التي يتحدث عنها اكثر من تطبيقها العملي بقواعدها الحقيقية. فضلا عن الحديث عن التزوير والتلاعب في النتائج والأولويات وصولا إلى خرق مستمر لما تم الاتفاق عليه بين من اشترك في العملية السياسية، كما يسمونها، والتي لم تقدم حلا بديلا لكل الادعاءات التي أعلنت أو سوقت للشارع العراقي. ويجري في الوقت نفسه اعتبار الانتخابات هي الحل الديمقراطي البديل، والاكتفاء بها دون احترام الآليات الديمقراطية الاخرى، واهمها أو قبلها الثقافة الديمقراطية لمن يزعم بها أو يتحدث عنها دون وعي أو دور. فلا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، وقبول شعبي عريض بممارستها عمليا وفعليا، وتقديم نموذج واقعي لا لفظي فقط.
والدليل هو الحراكات الشعبية المستمرة والتي قدمت قرابين تعدت المئات من الأبرياء والالاف من المصابين، الذين خرجوا احتجاجا على زيف العملية السياسية وفشل الإدارات الحكومية التي تقدمت المشهد السياسي، وباعتراف وجوه بارزة فيها. وكانت أخرها ما حصل في المدن الجنوبية والوسطى والعاصمة بغداد منذ تشرين الاول/ اكتوبر العام الماضي، والتي رفعت شعارات واضحة عن خيبة الشعب العراقي من العملية السياسية، مع محاولة ابراز أمل في التغيير والاصلاح الشامل.
من بين الإجراءات التي تمت إسقاط الحكومة السابقة ( التي رأسها عادل عبد المهدي) والاتيان بحكومة جديدة، (برئاسة مصطفى الكاظمي)، خارج سياق التصريحات السابقة، الدستورية والعرف السياسي، وحتى شعارات ساحات الحراك الشعبي، وطرحت لتجميل صورتها موعدا لانتخابات مبكرة، اولا، في حزيران/ يونيو. ولكنها كسابقاتها تقول بالوعود ولا توفر كل الإمكانات المطلوبة والقواعد القانونية والعملية لها، حيث واصلت الكلام عن الانتخابات بتصريحات إعلامية اكثر منه عملا جديا، وتغير الموعد الاول، وما أعلن لحد الان من تحضيرات ونشاطات وبيانات لم تصل إلى مستوى الجاهزية الوطنية لعملية سياسية تضمن خيارات شعبية وتنفيذ مطالب تاريخية، قدمت تضحيات جسيمة أمامها. وفي الواقع لا يمكن أن تتم الانتخابات دون قانون لها معترف به وجديد في صياغته وأسلوبه ليحقق فعلا انتخابا وتمثيلا نزيها، ولابد من تفعيل قانون الأحزاب التي تتزايد كالفطر دون برامج سياسية ولا مصداقية واقعية لضرورتها التاريخية، كما يتطلب مراقبة محكمة اتحادية مكتملة النصاب، وجديرة باسمها، وقادرة على الاشراف على الانتخابات بنزاهة وأمانة واستقلالية حقيقية، وفوق كل هذا، كما هو معروف ومكشوف، لا شفافية في سير العملية الانتخابية، بدءا من مفوضيتها العليا الى سيرها العملي وتطبيقاتها. الأمر الذي يشير بأنها عملية قيصرية لولادة عسيرة لمجلس نواب اخر، لا يغير من تركيبته الطائفية والإثنية، ولا يصلح ما آلت اليه أوضاع البلاد والعباد. في الوقت الذي ينعم فيه أعضاء المجلس برواتب ومخصصات خيالية وامتيازات لم يحظ بها أي عضو برلمان في أية دولة في العالم، من اغناها إلى افقرها. وهو ما يضيف على كلف الانتخابات عبئا يرهق ميزانية الدولة ولا يقدم البديل الوطني الذي يخدم الدولة العراقية ويغير في المشهد السياسي القائم . فضلا عن العجز في أداء مهمات البرلمان وتطبيق قراراته. وكذلك توسع تدخلات أجنبية بأساليب صارخة، سواء من سفراء الدول صاحبة النفوذ، والمحتلة للفضاءات الاعلامية والعسكرية والاستشارات أو أخرى تمارس أدوارا وظيفية لا تخدم المصالح الوطنية العراقية، باي شكل من الأشكال. وهو الأمر الذي يوسم الوضع باستمرار الإحتلال بأساليب اخرى. وكذلك الانتخابات.
الانتخابات الحقيقية تعبر عن إرادة وطنية، تبعد اي نفوذ خارجي، وهي التي تتم على أساس قانون انتخابات عادل، ومفوضية مستقلة وقانون أحزاب ديمقراطي وشفافية كاملة ومصداقية وطنية، يتحقق منها تمثيلا فعليا للشعب، وتجدد العملية السياسية بما يخدم الوطن الحر والمستقل. وهذا مطلب الانتفاضة والحراك الشعبي، والاصرار عليها كطريق حضاري سلمي للإصلاح أجمع كل العاملين في المشهد السياسي الان عليه، ولابد منها لانقاذ العراق من سوء ما وصلت إليه احواله، بالتخلص من المحاصصة الطائفية والاثنية والفساد والزبونية وضياع هيبة الدولة وصراع الزعامات على حساب تشويه صورة العراق في الواقع المحلي وعند المحافل الدولية.
هل ستاتي الانتخابات المبكرة بهدفها الرئيس؟، ولماذا المطالبة بها الان؟. أن التجربة التي مرت على العراق خلال سنوات ما بعد 2003 قدمت نماذج سلبية ومخيبة للامال الوطنية وكشفت عن خسارات كبيرة على جميع الصعد والمستويات، واهمها بناء الدولة الوطنية، الحرة والمستقلة. وهنا السؤال عنها والجواب عليه بالعمل الجاد من أجل مشاركة شعبية عريضة على أساس برامج وطنية ومشاريع تقدمية واضحة ومنطلقة من حرص وطني ومصداقية أخلاقية وفعالية سياسية مشهود بها ولها وقادرة فعليا على الانتقال الفعلي لعراق جديد حقا، يفخر به، ولا يسخر من مفرداته التي لحقته دون خياره، وأن تكون بمواصفات مرحلة تاريخية جديدة ايضا تسجل في تاريخ العراق. وتعتبر امتحانا للوطنية وشهادة لها، ولابد من الاعتبار مما سجل التاريخ من تجارب سابقة وصفحات لا تمحى ولا تغطى برهانات خارجية وطلاء مخادع.. فهل يصلح عطار الانتخابات ما أفسدته الأحزاب الحاكمة والقوى المتنفذة في العراق؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية