الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان : من مقولات - الترابي - الجهادية الى مفاهيم الحكومة الانتقالية العلمانية

اسماعيل شاكر الرفاعي

2021 / 3 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1 -
اذا واصل السودانيون اتخاذ قرارات عقلانية كهذه ، فسيعبرون المرحلة الانتقالية وقد انتزعوا من دولتهم وظيفتها القديمة المتمثلة - بعد ان ركبها الشماليون - بالجهاد ضد الأقوام والقبائل السودانية جنوبهم حتى ينطقوا بشهادتي : لا اله الا الله ، محمد رسول الله ، وحتى يكون لسانهم : عربياً وتتم عملية تعريب رؤيتهم الى العالم : فيتحولوا - على طريقة " بوكو حرام " الى مجاهدين .
2 -
وستساعدهم هذه القرارات العقلانية على ان يضعوا وظيفتين جديدتين لدولتهم : تتمثل الاولى بالعمل الدؤوب على تحقيق المصالحة العامة الشاملة : بجعل ثقافة الاعتراف المتبادل بالوجود القبائلي والاثني والديني هي ثقافة الأهالي الاساسية في المرحلة الانتقالية ، بحيث يتم القضاء على الشعور القبائلي القائل : " قبيلتي هي الوحيدة على ارض السودان التي تمتلك حق الرعي والتنقل بقطعانها ، وديني أو طائفتي الدينية هي الطائفة الوحيدة الناجية في الآخرة " عن طريق تشريع الدولة - في المرحلة الانتقالية - لجملة من التشريعات والقوانين التي تؤكد على وجود تعددية اقوامية وقبائلية متساوية في حق الرعي والتنقل في الارض المشاع . وتتمثل الوظيفة الثانية بأن تعمل الحكومة الانتقالية على ان يكون هذا الاعتراف الاجتماعي المتبادل جارياً جنباً الى جنب : الاعتراف بحق جميع القبائل والأقوام السودانية في الاعتقاد وفي ممارسة الطقوس الدينية التي يرونها ملائمة لاعتقاداتهم الدينية والمذهبية . هذان الاعترافان سيمهدان الارض لصناعة ثقافة سودانية جديدة ...
3 -
وكأي ثقافة جديدة ، لا بد للثقافة السودانية الجديدة من التأسيس لذاتها في ضوء منهج نقد الثقافة القديمة : ثقافة اجبار الآخر بالعنف على ترك ديانته الأفريقية والتعبد في محراب الديانة الاسلامية ، واستخدام اللغة العربية ، لغة القرآن والملائكة والجنة ، في ممارسة اركان الديانة الجديدة . بهذه المنهجية النقدية يتم فتح فجوات متعددة في جدار الثقافة القديمة الانعزالية : ثقافة الانطواء على الذات القبائلية والطائفية والجهوية ، ستمر منها الثقافة العلمانية الجديدة : ثقافة الانفتاح والتسامح التي ستوجه سهام نقدها للمقولة القرووسطية ، ولجميع مفاهيم العزلة التي أنتجتها الحضارة الزراعية والتي تدور فعلاً في السودان وفي العراق وفي سواهما من الأقطار العربية على ايقاع : " انا الأفضل قبائلياً والانقى اقوامياً والحامل للتأويل الديني الصحيح ...
4 -
هذا النوع من الوعي المتشظي والمنقسم على ذاته الى دوائر من الوعي البائس الشقي ، يعيش في السودان - وفي سواه من البلدان العربية - منذ مئات السنين ، تعمقه وتديمه وتأبد وجوده : دولة السودان ، ودول شمال أفريقيا ضد الأمازيغ ، ودولة العراق ضد الكرد حتى 2003 ، ودولة آل سعود وآل خليفة وآل آل : ضد الشيعة والزيدية والخوارج والاسماعيليين ، لأن وظيفة الدولة كما ركبها لها فقهاء الاسلام تقوم على مهمتي : الأسلمة والتعريب في دول الأطراف ذات الكثافة السكانية العالية كالعراق والشام ومصر ، وتقوم الدولة على اضطهاد الاقليات التي ليست من السنة بمذاهبها الاربع المعروفة ، وليست من المذهب الوهابي في قطر وفي دولة آل سعود ...
5 -
مارست جميع الدول العربية الطرفية - اذا اعتبرنا ان الدول داخل العربيا من الممالك والإمارات هي المركز - هذين المهمتين بنشاط تحسد عليه من القسوة وتهميش الآخر غير المسلم وغير العربي . ومارست دول المركز داخل الجزيرة تمييزاً قبلياً لا إنسانياً ( ظاهرة البدون ) ، واجتماعياً ضد النساء ، ومارست تمييزاً طائفياً مقيتاً ولا إنسانياً ( ضد الشيعة والإسماعيلية والخوارج ) . وكانت النتيجة : انقسام الدول العربية على نفسها الى دويلات داخل الدولة ( دولة العوائل الحاكمة من الملوك والأمراء المستقلة عن مجتمعاتها بكون كل منها : ذاتاً مقدسة لا يجوز خدش مقاماتها المقدسة بنقد شفاهي او إلكتروني او على الورق ، ولا مساءلتها في قراراتها السياسية والاجتماعية والثقافية ) ، وانهيار البنى التحتية لمجتمعات دول الأطراف ودخولها بدوامة من العنف المعمم الذي بلغ حد الحرب الأهلية وبروز دويلات الميليشيات المسلحة وزعاماتها المقدسة كما في العراق واليمن وسوريا وليبيا ...
6 -
تملك جميع الدول العربية الحاضرة : شهادة حسن سلوك بدأبها المتواصل على النسج على منوال نموذج دولة الاسلام في التاريخ التي قامت على فتح أراضي الشعوب المجاورة بحد السيف وإجبارها على قول الشهادتين ، والرافضين يتم إذلالهم بدفع : " الجزية عن يد وهم صاغرون " كما تقول الآية القرآنية . فاضطروا - لتحاشي الإذلال الاسلامي لهم - الى الدخول زرافات ووحدانا في الديانة الجديدة والنطق بلغتها . وهكذا فأن الثقافة الجديدة ، لكي تكون ثقافة سلام اجتماعي داخلي ، لشعب السودان ولسواه من الشعوب العربية ، لا بد لها من علمنة ذاتها ، ولكي تترسخ كثقافة تعايش وتسامح مع الشعوب والأمم الاخرى : لا بد لها من ان تتوجه بالنقد للثقافة القديمة ، ثقافة الجهاد : التي قامت على الفتح والتعريب ، واستبدالها بوظيفة الدولة في عصر الحضارة الصناعية ، والتي تقوم على : التنمية المستدامة اقتصادياً واجتماعياً ، وعلى جعل مفهوم المواطنة المركز الذي تدور من حوله وتتفرع منه جميع المفاهيم الثقافية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى


.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة




.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا