الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع موازنة العراق لعام 2021 اكد على الاستمرار بالاقتراض الخارجي , فهل العراق بحاجة فعلا الى القروض الخارجية ؟

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 4 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قد تلجأ بعض الدول الى الاقتراض لتمويل نفقاتها العامة عندما تعجز عن توفير ايرادات اخرى فتقترض أما من الافراد أو الهيئات الداخلية أو من الدول الاجنبية. وتشكل الديون السيادية( اي الديون المترتبة على الحكومات ذات السيادة) أزمة عندما تفشل الحكومة في سداد ديونها والفوائد المترتبة عليها بالعملات الاجنبية,حيث أن توقف الحكومة عن سداد ديونها يؤدي الى فقدان المستثمرين في الاسواق الدولية وتجنبهم الاشتراك في أي مناقصات وفقدان الثقة بهذه الدولة.
فالقروض اذا هي مبالغ من المال تحصل عليها الدولة من الدول الاخرى أو من المؤسسات الدولية مع تعهد برد المبلغ المقترض ودفع الفوائد طوال مدة القرض وفقا لشروطه.
هناك دعوات لعدد من كبار المسؤولين من القوى السياسية المتنفذة اضافة الى مسودة قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 باللجوء الى الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي لسد العجز الكبير في الموازنة الاتحادية البالغ اكثر من 73 ترليون دينار عراقي بعد الانخفاض الحاد في اسعار النفط في الاسواق العالمية بسبب تداعيات جائحة كورونا , فهل العراق فعلا بحاجة الى القروض الخارجية؟ وماهي المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها من جراء هذه القروض؟
في الحقيقة أن العراق ليس بحاجة الى القروض الخارجية كونه دولة نفطية ولديه موارد مالية كبيرة ورصيد كبير من العملة الاجنبية وقادر على تسديد التزاماته المالية وتحقيق التنمية اذا أحسن استخدام موارده المالية ووجهها للاستثمار في مشاريع اقتصادية تدر عليه ربحا كبيرا وفائدة بعيدا عن مافيات الفساد المتغلغلة في معظم مفاصل الدولة المدنية والعسكرية. وفيما اذا اعتمد التخطيط الشامل وتجنب الهدر والتبذير والوقوف بحزم ضد الفاسدين ومحاسبتهم بشدة واسترداد ماسرقوه وتقديمهم للمحاكمة, والعمل على الغاء استيراد سلع الترف والكمالية والغاء استيراد السلع التي يمكن انتاجها محليا ووضع حد لسياسة الاغراق المعتمدة حاليا, وتشجيع المعامل المتوقفة ودعمها بالقروض الميسرة وتشجيع الانتاج الزراعي بالقروض والاسمدة الكيمياوية والاليات والارشاد الزراعي ووضع حد لاستيراد سلة الغذاء من البلدان المجاورة.
ان اغراق البلد بالديون الهائلة قد تعرض العراق الى أزمة وقد يصبح عاجزا عن تسديد ديونه خاصة وانه يعتمد على اقتصاد وحيد الجانب سرعان ما خضع لازمة انخفاض أسعار النفط العالمية وهبوط موارده المالية, وتشير تجربة بعض الدول التي لم تتمكن من سداد ديونها وفوائدها الى اقدامها على بيع اصولها الانتاجية مقابل سداد هذه الديون ولانريد للعراق أن يلجأ الى هذا الامر. ثم في حالة اقتراض العراق ,من يضمن استغلال القرض في اقامة المشاريع الاقتصادية التي تدر عليه ارباحا تساهم في حل مسألة العجز في موازنته في ظل هيمنة الفاسدين على مؤسسات الدولة المختلفة؟
وكما هو معلوم فان المؤسسات الرأسمالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية تهيمن عليها الدول الرأسمالية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي تقوم بالضغط على البلدان النامية لغرض ربطها بالديون الخارجية عندما تواجه ظروفا اقتصادية صعبة وحاجتها لتغطية نفقاتها وتمويل مشاريعها الاقتصادية بسبب العجز المستمر في ميزان مدفوعاتها وهذا يساعد هذه المؤسسات على فرض شروطها المجحفة قبل منح القروض مما يجعل من هذه البلدان في تبعية اقتصادية وسياسية للأنظمة الرأسمالية المتطورة. وبهذا الصدد فقد أظهرت دراسة أن عدد الشروط التي يلحقها صندوق النقد الدولي بقروضه قد زاد في السنوات القليلة الماضية, وقالت الشركة الاوربية بشأن الديون والتنمية المعروفة باسم ( يوروداد) أن الدول التي تكون في حاجة ماسة الى الاموال تجد نفسها في موقف ضعيف في تعاملاتها مع صندوق النقد الدولي الذي شبهته بأنه كمن يتفاوض وهو يصوب بندقية الى الطرف الاخر, واضافت بأن صندوق النقد ألحق 20 شرطا في المتوسط بكل قرض وافق عليه على مدى العامين المنصرمين. وقالت الدراسة أن الكثير من الشروط تركز على مجالات مثيرة للخلاف سياسيا مثل تخفيضات في اجور القطاع العام أو اصلاح القطاع الخاص.
ان شروط صندوق النقد الدولي بمنح القروض تشترط تصفية القطاع العام ومؤسساته ورفع الاسعار ورفع الدعم الاجتماعي والغاء البطاقة التموينية وفرض الضرائب الداخلية وعدم فرض القيود على التجارة والترويج للخصخصة وغيرها من اجراءات هي لخدمة مصالح الدول الرأسمالية الكبرى بهدف ربط الدول النامية باقتصاداتها.
ان الاقتراض من صندوق النقد الدولي الذي يسعى العراق اليه بشروطه المجحفة ستدفع البلاد الى هاوية الفقر والعجز والسقوط بفخ الامبريالية العالمية خاصة اذا علمنا أن من شروط صندوق النقد هي الفوائد المركبة التي تعني اضافة الفوائد سنويا الى مجموع المبالغ المقترضة حيث سيتضاعف كل دولار واحد الى دولارين خلال فترة ثلاث سنوات وقد يعرض ذلك البلد الى الافلاس كما حصل مع اليونان مؤخرا, كما ان البلد قد يفقد استقلاله عندما تصبح الرواتب والاسعار والضرائب خاضعة لقرارات صندوق النقد ,اضافة لتوصيته بالتخلي عن القطاع العام وتصفيته وبيعه للأفراد.
ان سياسة صندوق النقد الدولي لاتتلائم مع التنمية الاقتصادية المستقلة التي تتطلب التدخل بالشأن الاقتصادي واستخدام التخطيط العلمي الشامل لتجاوز التخلف والسير في طريق النمو والتطور الاقتصادي.
وعليه ينبغي تجنب الاقتراض من المؤسسات الرأسمالية الدولية حيث أن العراق ليس بحاجة الى القروض وانما هو بحاجة الى حسن ادارة أمواله وبحاجة الى وضع استراتيجية اقتصادية وسياسة مالية ونقدية فاعلة وبحاجة الى اقتلاع الفساد من جذوره وبحاجة اليوم الى تأهيل القطاع العام ومؤسساته الانتاجية ومساعدة القطاع الخاص وتشجيع مبادراته وتقديم الدعم له ومعالجة أوضاع الكهرباء والوقود والعمل على تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على القطاع النفطي وحده. العراق اليوم بحاجة الى نشاط القطاع العام والقطاع الخاص والمختلط والتعاوني لتطوير اقتصاده بعيدا عما تروج له المؤسسات الرأسمالية الدولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا