الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسلمة رأس المال من حوارنا مع البروفيسور الدكتور سعد الجيبه جي - الحلقة الثانية عشر – من الاقتصاد العراقي المأزق والحلول - في بؤرة ضوء

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2021 / 4 / 1
مقابلات و حوارات


12 . كيف تنظرون إلى الدعوات التي تتعالى أصواتها لأسلمة رأس المال (إن صح التعبير) في خضم أزمات مالية مستدامة يعيشها العراق؟

لابد قبل الإجابة على هذا السؤال معرفة ماهيات النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يستمد أصوله من القرآن والسنة النبوية واعتماده على الأخلاقيات والقيم الإنسانية ونبذ الاستغلال للإنسان وأُسسه :المصداقية والأمانة واعتمد على مبدأ الاقتصاد الحقيقي الذي تتكون فيه الثروة من العمل الحقيقي والعمل المستند على جهد الإنسان وبحرية دون الاعتداء على المال العام وأموال الآخرين قوله سبحانه وتعالى: (وامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقها )وقوله تعالى: (وليس للإنسان إلا ما سعى) أي حرية الحركة والسعي في النشاط الاقتصادي والنزاهة في جني المال . واستند الاقتصاد الإسلامي على الاستثمار الأمثل للمال من خلال المضاربة في التجارة واستثمار رأس المال في الاستصناع للتنميته بما يتطابق مع مبدأ عدم اكتناز المال نقدًا لكون النقود عقيمة لاتلد نقودًا. وحرم الربا أي المتجارة بالمال بعمليات الإقراض كثمن لزمن الأقراض واعتبره من الكبائر وعوض عنه بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة في رأس المال مع الحفاظ على حقوق مالكي رأس المال. ومن المبادئ حرم الإسلام الاحتكار على أساس أن الاحتكار يضر بالمجتمع فالأُسس الثلاثة الأساسية لاستثمار رأس المال كانت المرابحة والمضاربة والمشاركة.
ومن أهم ميزات الاقتصاد الإسلامي هو نظام الزكاة وهو أسلوب لإعادة توزيع الدخل باستقطاع جزء من الثروة المتحققة وتحويلها إلى ذوي الدخول الضعيفة ليرافقها الصدقة واعتبرت من أهم أُسس الإسلام في التكافل الاجتماعي لمحاربة الفقر.
بقي السؤال المهم هو مصدر الثروة في الإسلام، كما هي العلوم الاقتصادية الحديثة يؤكد الأسلام أن مصدر الثروة يجب أن يكون مصدر شريف ونزيه ومعلوم لايجوز فيه السرقة من الأفراد أو من المال العام أو مصدره استغلال حاجات الناس عبر الرشوة أو أعمال الابتزاز أو سرقة ثروات البلد التي يكون الناس شركاء فيها ( النار والماء والكلأ) كل هذه المصادر المشبوهة لا تحلل في الإسلام إضافة إلى الأموال الناجمة عن الأضرار بالمجتمع المتآتية بالمتجارة بالممنوعات أو بلعب القمار أو الناجمة عن عدم منح حق الدولة من المكوس والضرائب أو سرقة المال العام، والإسلام نظم الفعاليات المالية بما سماه بيت المال، لذا كانت النزاهة والشرف بالتصرف بالأموال أهم صفات القادة المسلمين وكانت صفة نكران الذات ونظافة الذمة هي الصفة لأغلب قادة المسلمين وكان الواعز الديني يجعل ضميرهم حيًا يآثرون الناس على أنفسهم ويحرمون المظاهر ويتافسون على تحقيق العدالة ونيل الجنة.
لذلك في أزمة 2008 أزمة الرهن العقاري التي كانت بسبب جشع مدراء المصارف في أمريكا وأدت إلى أزمة عالمية لازالت أضرارها قائمة ظهرت الدعوة للإتجاه إلى نظام الصيرفة والبنوك الإسلامية ولكن مع الأسف حتى المصارف الإسلامية أو نوافذ الصيرفة الإسلامية أغلبها لايرتقي إلى الأهداف الإنسانية للنظام الاقتصادي الإسلامي بسبب انحرافها وممارستها غسيل الأموال وتحويرها لمبدأ المشاركة والمضاربة والمرابحة إلى شكل آخر من الفائدة من خلال جني أموال مقدمة من عملياتها، إلا أن حسناتها أنها في حالة الخسارة لاتُحمل العميل الفوائد المتراكمة كما هو الحال في النظام المالي التقليدي. وقد نجحت التجربة في المصارف الإسلامية في بعض البلدان خاصة ماليزيا وربما في المملكة العربية السعودية كنموذج ثاني عن النموذج الماليزي الذي استثمر الأموال في هيكل الانتاج وليس في المضاربة.
إن العراق ليس جديد في نظام الصيرفة الإسلامية فقد تأسس أول مصرف إسلامي في العراق عام 1993 في العصر الجمهوري وكان يحظى بدعم الدولة.
إلا أنه بعد عام 2003تأسست مجموعة مصارف إسلامية في العراق، ففي عام 2015 صدر قانون من البنك المركزي العراقي يجيز تأسيس مثل هذا النوع من المصارف إلا أن القراءة في تفاصيل هذا القانون تشير إلى أنه نوع من الغطاء لتنمية أموال الأحزاب بالتجارة في شراء وبيع العملة الأجنبية من خلال مزاد العملة سيء الصيت والسماح لهذه المصارف بإبرام عقود مع بنوك خارجية لتحويل الأموال. والسماح لها لاستثمار أموالها داخل وخارج العراق والمساهمة برؤوس أموال المصارف الإسلامية داخل وخارج العراق، رغم أن البنك المركزي وضع ضمن أهداف تأسيس هذه المصارف الاستثمار في الزراعة والصناعة ومجال الإنشاءات ولكن لم يلزم هذه المصارف بأي ضوابط من خلال نسب أو محددات تجعل فعاليات هذه المصارف موجه لتنمية النشاط الاقتصادي داخل العراق في مسارات تخدم التنمية وتستقطب الأيدى العاملة الوطنية وتخفف من عبء البطالة والفقر.
الأمر الأهم أن ملكية هذه المصارف من خلال متابعة المؤسسين تشير إلى أنهم من الطبقة الحاكمة التي نهبت البلد أو بأسماء تمثلهم، ففقدت هذه المصارف صفة النزاهة في مصدر الثروة وفقدت صفة الشفافية والمسألة والحوكمة المصرفية إضافة إلى عدم وجود آليات تتيح للباحثين من الإطلاع على فعالية هذه المصارف ودورها في تنمية الناتج المحلي الإجمالي للبلد عبر السنوات الثمانية عشر الماضية مابعد الاحتلال. كانت هذه المصارف في الغالب منافذ لتنمية واإدارة أموال الطبقة الحاكمة وتسهيل خروج الأموال المنهوبة إلى الخارج، لذا استثمر إسم الدين في هذه الفعالية كما استثمر في كل المجالات وصدق من قال (باسم الدين سرقونا) وكان الهدف تدمير هيكل الإنتاج وتأصيل الفقر والجهل وعسكرة المجتمع لحماية مصالح الطبقة الحاكمة وسوء توزيع الدخل وتقسيم المجتمع إلى نخبة متنفذة تعيش بأعلى درجات الرفاهية وعامة مسحوقة بالكاد تجد مايسد رمقها في بلد حقق ثروة من النفط فقط تساوي ترليون وثلاثمائة مليار دولار أمريكي على الأقل على مدى ثمانية عشر عامًا. ومع ذلك يرفع قيمة الدولار إزاء العملة الوطنية ويتلكأ في استيفاء الرسوم والضرائب ويهمل القطاعات الإنتاجية وخاصة الزراعة والصناعة ويستخدم هذه المصارف لتمويل التجارة غير المتكافئة من احتياجات الشعب بنسبة 96% في استيراد السلع المصنعة أو نصف المصنعة والغذائية من إيران وغيرها بنسبة تصل إلى 78% ، في وقت انخفضت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة من 48 مليون هكتار إلى 12 مليون هكتار، وأكثر من 123 ألف معمل ومصنع بمختلف الطاقات وأنماط الإنتاج قد توقفت.
لذا التحول إلى النظام الإسلامي في الصيرفة طالما هو بعيد في الأهداف والمعايير سوف لن يتغير شيء في المعادلة العراقية مع شديد الأسف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا