الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يمن الأحزان ومبادرة السعودي الفرحان!

منذر علي

2021 / 4 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مساء الأحد، 21 مارس الماضي ، كشفت السعودية كعادتها، عن وجهها القبيح، فقصفت عددًا من المدن اليمنية، كانت على رأسها العاصمة صنعاء التي تضم مواطنين من مختلف المناطق اليمنية. وبعد أقل من 12 ساعة، أي ظهر الاثنين، 22 مارس، كشفتِ السعودية، على غير عادتها، عن وجهها المليح، وقدم الوزير الفرحان مبادرة سياسية بدتْ كما لو أنها طُرحت لتخفيف الأحزان، بعد أن دمرت المباني وأرعبت السكان، تتضمن:
" وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الامن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل."
***
واضح إنَّ مبادرة الفرحان، بالصيغة التي طُرحت، تكشف عن هشاشة النظام السعودي المرتبك، وتخيف القوى المحلية المتصارعة التي تخشى من اليُتم المُبكر ، سواء رفضت المبادرة أو صمتت أو تظاهرت بتأييدها ، وتقْلِق إيران التي تسعى لاستثمار الأزمة اليمنية في الحوار بشأن ملفها النووي، و المبادرة ، بالقطع ، لا تلبي مطالب الشعب اليمني في السلام والاستقرار الدائمين ، وصيانة السيادة الوطنية اليمنية لأنها أتت عشية الذكرى السادسة لعاصفة الحزم ، و كانت عبارة مناورة ماكرة ومحاولة لامتصاص الغضب الدولي تجاه الحرب في اليمن التي تدخل عامها السابع.
***
إنَّ المبادرة التي من شأنها أن تخلق ظروفًا مستدامةً للسلام والاستقرار، وتلبي مصالح الشعب اليمني في الحرية والاستقلال والاستقرار والتطور، ينبغي أن تحتوي على المحاور الجوهرية التالية:
1. وقف الحرب الداخلية والخارجية بشكل شامل ودائم ، تحت إشراف الأمم المتحدة، وإلزام إيران والسعودية والإمارات وقطر وكل الدول التي شاركت في الحرب في اليمن بوقف تدخلها السياسي والعسكري في الشأن الوطني وإعادة إعمار اليمن.
2. خروج السفير الإيراني، غير الشرعي، من صنعاء مع الخبراء المرافقين له من دول مثل العراق ولبنان وغيرهما من البلدان. وكذلك خروج السفير السعودي الحاكم مع عفشه ومستشاريه وخدمه من عدن.
3. خروج القوات الإيرانية العسكرية التقنية، والقوات السعودية والإماراتية والسودانية، بمختلف تجهيزاتها العسكرية، من كل شبرٍ من أرض اليمن، بما في ذلك من صنعاء، ومأرب وعدن وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى والساحل الغربي وغيرها، وإحلال قوى دولية، محايدة ، من الأمم المتحدة للمراقبة في المناطق الملتهبة، وضمان عدم تدفق السلاح للقوى المتصارعة في اليمن، والأشراف على تجميع الأسلحة من المليشيات.
4. خروج القوى السياسية اليمنية من دول المحاور المتصارعة في اليمن، أي من الدول الإقليمية ، مثل إيران والسعودية والإمارات وقطر وتركيا، واستقلالها الكامل عن المحاور الإقليمية، وانتقالها إلى الداخل، أو إلى دول عربية محايدة، مثل عُمان والكويت والجزائر، لفترة قصيرة ، ريثما يجري تسوية الصراع الدائر في اليمن. وإذ لم يرق لهم الخروج من الرياض وأبي ظبي وقطر واسطنبول، والعودة إلى الوطن أو الانتقال مؤقتًا إلى دول محايدة، فعليهم أن يطلقوا السياسية بشكل نهائي والبقاء في تلك الدول إذا وافق المستضيفون، أو الانتقال إلى لاس فيجاس لاستثمار الأموال التي راكموها خلال السنوات الماضية وترك الشعب اليمني وشأنه. والمقصود هنا القطط السمان وأصحاب الحظوة وليس كل من هاجر مضطرًا إلى هذه الدول.
5. فتح مطار صنعاء وعدن وحضرموت وتعز والحديدة بدون قيود للرحلات الداخلية والإقليمية والدولية، تحت أشراف الأمم المتحدة لكي تضمن عدم تدفق الأسلحة إلى اليمن عبر المطارات.
6. فتح ميناء عدن والحديدة والمكلا وغيرها بغية الاستيراد والتصدير، على أن يكون ذلك تحت أشراف الأمم المتحدة لكي تضمن عدم تدفق الأسلحة عبر البحر.
7. تشكيل حكومة تكنوقراطية مستقلة عن قوى الصراع المحلية والإقليمية، وبعيدة عن التقاسم الطائفي والجهوي، من أجل إدارة شؤون البلاد. على أن تقوم الحكومة الجديدة، بشكل فوري، بتخفيض النفقات المالية على البعثات الديبلوماسية والحكومية، وتوفير المنح المالية للطلاب في الخارج، ودفع رواتب الموظفين، وتوفير الكهرباء والمياه، والسعي بشكل جدي لإنقاذ الشعب من المجاعة واجتثاث الفساد، وتوفير المتطلبات الصحية في مواجهة الجائحة، والشروع في إدارة الإعمار، وتطبيع الحياة الاقتصادية السياسية والاجتماعية والتعليمية.
8. السماح بتصدير النفط وغير ذلك من السلع، واستيراد مختلف السلع، وخاصة الغذائية والطبية، وإيداع الضرائب والإيرادات في البنك المركزي اليمني في فروعه المختلة في عدن والحديدة وصنعاء ومأرب وحضرموت وشبوة وغيرها، ويتم صرف الموارد المالية وفقًا لتوجيهات الحكومة، وبما يتوافق مع القانون.
9. توفير مناخ مناسب لالتقاء القوى السياسية اليمنية في دولة محايدة، مثل عُمان أو الجزائر أو المغرب ، الكويت ، لبدء الحوار بشأن مستقبل النظام السياسي المأمول الذي من شأنه أن يلبي مصالح الشعب اليمني.
10. تقوم الحكومة الجديدة بإعداد دستور جديد، لا يكرس المركزية المفرطة ولا التقاسم الطائفي والجهوي، ولا يعزز الانفراط الفيدرالي ، حتى لو تتطلب ذلك تغيير العاصمة، فالمهم ، في الأول والأخير، هو أن يلبي الدستور مصالح الشعب اليمني في السلام والاستقرار والحرية والعدالة والتقدم وتحقيق المواطنة المتساوية ، والتداول السلمي للسلطة، وتجري على ضوء الدستور الجديد، انتخابات محلية و تشريعية ورئاسية خلال فترة لا تزيد عن سنة، ولا تقل عن ستة أشهر، على آمل أنْ ينتخب الشعب ، تحت إشراف دولي، حكومة جديدة مستنيرة، مستقلة عن القوى الإقليمية ، وطنية في توجهاتها ، و متحررة من الأحقاد والنزعات الطائفية والجهوية، كما جرت الأمور في رواندا وجنوب أفريقيا. ذلك أنَّ أية حكومة يمنية مُفبركة ومُصنَّعة من قبل القوى الإقليمية، وليست نابعة من الداخل، لن تعكس المصالح الوطنية للشعب، ولن تتمكن من الوقوق على قدميها طويلًا، وستؤول بالضرورة إلى الفشل الذريع، وسيترتب على فشلها خلق ظروف أخرى لتجدد الصراع السياسي والعسكري في اليمن.
***
في الأخير، دعونا نجعل من التجربة البشعة التي مررنا بها خلال السنوات المنصرمة، عِبرةً للأجيال القادمة، ونقيم العدالة الانتقالية، Transitional justice، ونجسد المصالحة الوطنية الحقيقية، ونضع الحرب بكل تجلياتها المأساوية خلفنا، ونؤسس لمرحلة جديدة في تاريخنا، مرحلة خالية من الصراعات والاحقاد والموت لكي ننهض من كبوتنا، ونتقدم في مسار الحضارة الإنسانية مثل بقية شعوب العالم. ألسنا جديرين بالحياة، أم أنَّ الموت هو خيارنا الأوحد الذي لا بديل له؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة