الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الإسرائيلية 2021 حان الوقت للاختيار أما الاستبداد أو الديمقراطية

يعقوب بن افرات

2021 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أقل من نحو أسبوعين انتهت جولة انتخابات الكنيست الـ 24، وهي الجولة الرابعة في غضون سنتين، إلا أن نتائجها لم تكن حاسمة ولم تضف أي تغيير على المشهد السياسي المتأزم في إسرائيل: معسكر نتنياهو لم يحصل على أغلبية 61 مقعداً، المطلوبة لتشكيل حكومة، كما أن معارضيه لم يستطيعوا تشكيل ائتلاف بديل بسبب اختلاف الآراء والتوجهات وتضارب الايديولوجيات. وعلى الرغم من حدوث بعض التغييرات في الخارطة السياسية وخارطة القوائم الحزبية في هذه الانتخابات الأخيرة، إلا أن نتائجها كررت نفسها وكرست التعادل النسبي وعدم إحراز الأغلبية من قبل أي من المعسكرين المتنافسين على الحكم وهما معسكر اليمين بقيادة نتنياهو ومعسكر "التغيير" المناوئ لنتنياهو.
فقد شهد معسكر نتنياهو انشقاقات بعد أن انفصل عضو الكنيست جدعون ساعر عن الليكود، كما انشق حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت عن كتلة اليمين الحاكمة ليبقى اليمين كتلة متطرفة تضم في صفوفها أنصار الحاخام كهانا الفاشي.
أما المعارضة أو ما يعرف بمعسكر "التغيير"، وهم موزعون بين الوسط واليسار، فقد تشتتت حيث انقسم "كاحول لفان" عن "يش عتيد" وانقسم حزب العمل عن "ميرتس"، ومن جانب آخر انشقت الحركة الإسلامية عن القائمة المشتركة وقد أدى هذا الانشقاق في القوائم العربية إلى حصول "الحركة الإسلامية" بقيادة منصور عباس على أربع مقاعد بينما حصلت القائمة المشتركة (تشمل الحزب الشيوعي وحزب أحمد طيبي والتجمع) على ستة مقاعد فقط، كما انخفضت نسبة التصويت لدى المواطنين العرب إلى أقل من 50% (في حين بلغت 65% العام الماضي).
نتنياهو هو المشكلة
من أهم العوائق التي تقف أمام إمكانية تشكيل حكومة مستقرة ليس الخلافات السياسية أو الإيديولوجية داخل معسكر اليمين، بل الصراع حول شخصية نتنياهو واستمراره بالحكم وهو متهم بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة. فالأحزاب اليمينية حصلت على اختلاف ألوانها على 72 مقعداً من أصل 120 مما يعني أن سبب الأزمة السياسية المستديمة التي تعيشها إسرائيل يكمن في محاولات نتنياهو التهرب من المحاكمة عن طريق الحصول على حصانة برلمانية، وهذا الأمر الذي جعل الإسرائيليين يخوضوا أربع جولات انتخابية فاشلة لم تنقذ البلاد من أزمتها السياسية، لأن نتنياهو فشل في الحصول على أغلبية تخوله البقاء في الحكم وبالتالي الحصول على حصانة تحميه من السجن.
مع ذلك، حافظ حزب الليكود على الصدارة في نتائج الانتخابات بحصوله على 30 مقعداً، وهذا الدعم المستمر الذي يحظى به نتنياهو نابع من نجاحه في التصدي لأزمة كورونا عبر قيادة حملة تطعيم منظمة وفعالة ضد الفيروس، هي الأعلى عالمياً، ومن التعافي الاقتصادي بفضل أداء قطاع "الهايتك" الذي زاد من صادراته وتمكن من تجنيد واستقطاب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات.
ابتزاز المنشقين بورقة الإسلاميين
وعلى الرغم من أجواء التعقيد والجمود السياسي، يبقى نتنياهو سيد اللعبة السياسية في إسرائيل بفضل مكانته الشخصية، حيث قام مؤخراً بتلميع صورة الحركة الإسلامية وكسر العزلة السياسية عن الأحزاب العربية رغم أنه هو من فرضها، وتأتي تحركاته هذه لكسب هامش أوسع في المناورة السياسية.
من جانبها الحركة الإسلامية -خلافاً للقائمة المشتركة- تلعب اللعبة المعروفة عند جماعة الاخوان المسلمين وهي الاستعداد للتحالف مع أي طرف أو جهة يمينية كانت أو يسارية من أجل "مصلحة الأمة". وفي هذا السياق، يلعب نتنياهو بالورقة الإسلامية لكي يجبر المنشقين، نفتالي بينت وجدعون ساعر، على التراجع عن موقفهما المعارض والانضمام إلى الليكود، مقابل الاستغناء عن أصوات الإسلاميين من دون قطع كامل للعلاقات معهم. من هنا، وبما أن اللعبة السياسية في إسرائيل كالعادة غير متوقعة النهايات وتحمل دوماً المفاجئات فمن الصعب جداً تكهن النتيجة وقد يكون الذهاب إلى جولة خامسة احتمالاً وارداً.
لا جديد في الانتخابات الفلسطينية
فلسطينياً، بنفس الوقت قرر أبو مازن إجراء انتخابات تشريعية، هي الأولى منذ 2006، من أجل تجديد "الديمقراطية الفلسطينية" التي اختفت بعد أن رفضت حركة فتح وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الاعتراف بفوز حماس بأغلبية المجلس التشريعي. وتدخل حركة فتح الانتخابات التشريعية المقبلة بثلاث قوائم مختلفة وحماس حافظت على وحدتها، وهناك احتمال كبير أن تكون النتيجة هذه المرة مشابهة لما حدث في عام 2006.
ففي ذلك العام كان من المقرر أن تقود حركة حماس الحكومة بموجب الانتخابات، ولكن لم يسمحوا لها فاحتفظت بسيطرتها على قطاع غزة عبر الانقلاب على سلطة فتح. لذلك يبقى من غير الواضح عما ستسفر عنه هذه الانتخابات الفلسطينية المرتقبة. ففي حال فازت فتح فإن حماس لن تسمح لـ "أبو مازن" أن يبسط سلطته على غزة، أما إذا حدث العكس وفازت حماس فإن فتح ستتشبث بسلطتها على الضفة الغربية، الأمر الذي سيعمق الانقسام والاقتتال وسنجد أنفسنا أمام واقع آخر، وبدل أن تتجدد الديمقراطية سيبقى الاستبداد والفساد مسيطر كما هو الحال اليوم.
الانقسام يعزز التوجهات اليمينية
ومن المقاربات المهمة نلاحظ أن الانقسام الفلسطيني، الذي استفادت منه قوى الاستبداد والفساد على شقيها الفتحاوي والحمساوي، يفيد اليمين الاسرائيلي أيضاً. أما إذا نظرنا إلى الساحة السياسية بين نهر الأردن والبحر المتوسط كوحدة إقليمية وسياسية واحدة يكون من الممكن القول بأن الانقسام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يفيد اليمين على اختلاف ألوانه، القومية الفلسطينية والإسلامية السياسية، اليهودية المتدينة والصهيونية العلمانية، بينما تبقى القوى الديمقراطية الفلسطينية ومثيلاتها في التيار الديمقراطي في إسرائيل ضعيفة وهامشية.
والنتيجة ستكون استمرار الاحتلال وفساد السلطة وتدني مستوى المعيشة عند المواطن الفلسطيني الذي يجد نفسه بين فكي الكماشة، إسرائيل من طرف والسلطة الفلسطينية من الطرف الآخر. وما دامت القوى الديمقراطية من كلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تقاطع بعضها، الأولى باسم "حل الدولتين" الوهمي والثانية باسم مناهضة التطبيع، فالقوى الظلامية الإسرائيلية والفلسطينية على اختلاف أشكالها تبقى سيدة الموقف. وإن استمرار هذا الحال يعني أن إسرائيل ستنزلق رويداً رويداً نحو الفاشية وسيطرة اليمين المتدين على الشأن العام، وفلسطين بدورها ستغرق رويداً رويداً في الفقر والجهل والتخلف العلمي وتراجع في الحريات الشخصية الأساسية مثل حرية الرأي وحرية التنقل وانعدام حقوق أساسية مثل العمل والمأوى والماء والتعليم والصحة.
وقد أثبتت 50 سنة من الاحتلال و30 سنة من وجود السلطة الفلسطينية أن فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وغزة ليست سوى غطاءً سياسياً لاستدامة الوضع القائم. فقد فشلت الحركة الوطنية الفلسطينية ليس في بناء أبسط مكونات الدولة فحسب، بل انقسمت على نفسها، لأنها لا تحترم أبسط قوانين اللعبة الديمقراطية وحولت القانون إلى أداة سياسية في ظل اعتماد السلطة على الهبات كمصدر للاستمرار في الفساد.
فلا منطق في بناء دولة يرتبط وجودها ارتباطاً عضوياً بالاحتلال الإسرائيلي. وإذا نظرنا إلى الشمال أو الشرق أو الجنوب، نحو لبنان وسوريا والعراق ومصر، نرى بأن المشروع القومي العربي قد انهار لأسباب مختلفة أهمها عجز الأنظمة الحاكمة في توفير أدنى مقومات الحياة للمواطن بسبب طبيعتها الاستبدادية. والسلطة الفلسطينية لا تختلف عن هذه الأنظمة، بل تشبهها.
وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظمة السياسية الحديثة نحو الاندماج الاقتصادي، مثلما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، من هنا يمكن القول بأنه لا يمكن بناء دولة فلسطينية ذات استقلالية اقتصادية وتكون قابلة للحياة بالاعتماد على المحيط العربي وبمعزل عن الاقتصاد الاسرائيلي. في الواقع يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون في إطار اقتصادي وجغرافي واحد ولذلك مصيرهم ومصير القوى الديمقراطية في كلا الطرفين – الفلسطيني والإسرائيلي - يبقى مصيراً مشتركاً أيضاً رغم الجدار الفاصل بينهما.
إما الاستبداد أو الديمقراطية
من هنا، فإن التمييز بين القوى الاستبدادية فلسطينية كانت أو صهيونية وبين القوى الديمقراطية يتماشى مع تطور التاريخ في كافة أنحاء العالم. وقد كان الربيع العربي الشرارة الأولى في هذا الصراع العالمي الذي وصل إلى ذروته في الولايات المتحدة في الصراع بين ترامب الاستبدادي العنصري وبين الحركة الديمقراطية التي تدعم جو بايدن.
فقد فتح فوز بايدن على ترامب عهداً جديداً أمام الإنسانية ولا بد من استلهام العبر من هذا الفوز التاريخي الذي كان لحركة السود المناضلة من أجل الحقوق المدنية دوراً مفصلياً وحاسماً في تحقيقه. وقد أعلن بايدن وبشكل واضح أن المعادلة القديمة التي قسمت العالم بين الشيوعية وبين الرأسمالية قد تغيرت وأن الخطر الداهم على سلامة الإنسانية هو الاستبداد، على غرار النظام الصيني والروسي والإيراني والمصري والسعودي وحتى التركي. ومن هنا فعلى كل حركة سياسية أن تختار المعسكر الذي يمثلها وإلى أي جنب تميل: إما الاستبداد أو الديمقراطية.
المعسكر الديمقراطي معسكر يتجاوز القوميات نفسها وموجود في كل مجتمع أمريكياً كان أو بريطانياً، فلسطينياً أو إسرائيلياً، بينما في المقابل أنظروا إلى أي معسكر ينتمي نتنياهو ربيب ترامب، وأبو مازن ربيب الأسد والأنظمة الفاسدة العربية وحماس والحركة الإسلامية التابعة لقطر ولنظام أردوغان.
لقد حان الوقت لكي نتغلب على المعضلة القديمة والمستمرة، عبر انضمام القوى الديمقراطية الفلسطينية مع القوى الديمقراطية الإسرائيلية إلى المعسكر الديمقراطي العربي الذي ثار ضد الأنظمة في الربيع العربي. فإن انتخاب بايدن وبرنامجه السياسي والاقتصادي يمثل فرصة ذهبية لبناء مستقبل ديمقراطي جديد وإلحاق الهزيمة بمعسكر الاستبداد في فلسطين وإسرائيل على حدٍ سواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم