الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل عالجت الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم ظاهرة الفقر المتفشية في العراق ؟

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 4 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الفقر هو حالة من النقص والحاجة والحرمان من خلال انخفاض استهلاك الغذاء وغير الغذاء,وتدني الصحة العامة وزيادة نسبة الامراض والوفيات وتدني التعليم وتخلفه وعدم توفر السكن الصحي الملائم , مع انعدام الدخل او محدوديته.ويمكن القول ان معايير الفقر تختلف من دولة الى اخرى ومن منطقة الى اخرى كما تختلف في البلد الواحد بين مرحلة زمنية واخرى.
لقد عانى العراق من ظاهرة الفقر والتخلف منذ تشكيل دولته عام 1921 والى اليوم ولم تتحسن الظروف المعيشية فيه بسبب الحروب التي خاضها النظام المقبور والحصار الذي فرض عليه وعدم الاستقرار والنشاط الارهابي والطائفي بعد عام 2003 الذي ادى الى زيادة معاناة الشعب العراقي وبمختلف شرائحه وهبوط مؤشرات التنمية البشرية الى ادنى مستوى لها. وقد ادت سياسة الانظمة المتعاقبة بعد 2003 وتوجه العراق لاقتصاد السوق الى تعمق الفقر واتساعه ونشوء طبقة طفيلية جديدة من الاغنياء والحواسم وهبوط المستوى المعيشي للطبقة المتوسطة وتدني الاحوال المعيشية للطبقة الكادحة.
أسباب انتشار ظاهرة الفقر في العراق
العراق غني بثرواته الطبيعية الغير مستغلة استغلالا مثاليا وعلى رأسها النفط الذي يحصل من خلال تصديره كنفط خام على عوائد مالية كبيرة غير انها غير مستثمرة في اقامة المشاريع الصناعية والزراعية التي يمكن من خلالها تحسين المستوى المعيشي لأبناء شعبنا,وهذا يعني ان العراق يفتقر حاليا الى استراتيجية اقتصادية وبرامج للنهوض باقتصاده وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية.
ان سوء توزيع الثروة الوطنية والدخل القومي للبلاد هو احد اسباب حرمان فئات كبيرة من حصتها فيجعلها عاجزة عن تلبية مطالبها الحياتية. بعد سقوط النظام السابق بفعل الغزو الامريكي للعراق والانفلات الامني والطائفي وبروز الحواسم وانتشار ظاهرة الفساد الاداري والمالي من الهرم الى القاعدة ادى الى زيادة عدد اصحاب المليارات في العراق مع زيادة عدد الفقراء حيث ان خمس العراقيين يعيشون تحت خط الفقر حسب تقارير وزارة التخطيط العراقية وان حديث المسؤولين في العراق من ان العراق اصبح في مقدمة الدول بمعدل النمو الاقتصادي غير دقيق ومبالغ به.
ويمكن الحديث عن الفساد بأشكاله المختلفة كسبب من الاسباب المؤدية للفقر في العراق ,حيث ادت المحاصصة والطائفية السياسية الى عدم الاكتراث بمصالح الشعب مما ساعد على انتشار ظاهرة الفساد الى درجة اعتبار منظمة الشفافية الدولية العراق من بين الدول الثلاث الاولى الاكثر فسادا في العالم.وللفساد دوره في تعطيل اعادة الاعمار والاستثمار حيث نجد تدهور الخدمات وخاصة المقدمة للفقراء,كما تلعب ظاهرة التضخم التي تعني ضعف القدرة الشرائية وارتفاع اسعار السلع والخدمات وانخفاض في دخل الفرد والاسرة الذي يؤدي الى عدم التمكن من تلبية مطالب الحياة الضرورية.
اضافة الى ذلك فان البطالة تعطل الطاقات الشابة المنتجة وخاصة بين الخريجين حيث يتخرج اعداد كبيرة من الشباب والشابات من الكليات والمعاهد والاعداديات ولا يجدون فرص عمل بسبب غياب دور الدولة وافتقارها للخطط وحتى لو تم تخصيص عدد من الدرجات لأغراض التعيين ضمن الموازنة الاتحادية السنوية فانه يتم الاستيلاء عليها من قبل الوزراء وكتلهم واعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين في الدولة ولا يتم التعيين وفق آليات التعيين المعروفة والمقرة من قبل قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل فيضيع حق الشباب ليلتحقوا بجيش العاطلين ويساعد بالتالي على اتساع الفقر.
ان تدهور التعليم وانخفاض مستوياته في العراق اسهم في ابراز ظاهرة التخلف والجهل وتأثيراتهما على التنمية وعلى سوء ادارة الموارد وعزلة العراق عن التطور التكنولوجي والعلمي بسبب الحصار المفروض عليه نتيجة سياسة النظام المقبور اسهم ايضا في زيادة تخلف اقتصاده وانتشار الفقر فيه.
لقد ساهمت سياسة الدولة في اغراق السوق العراقية بالمنتوجات الزراعية والصناعية الاجنبية على حساب المنتوج المحلي في انهيار الزراعة وتدهورها وما صاحب ذلك من شحة مياه الري وعدم اتخاذ الحكومة الموقف الحازم تجاه سلب حقوقه المائية المكفولة دوليا من قبل دول الجوار ما ادى الى هجرة الفلاحين وترك اراضيهم الزراعية واللجوء الى المدن ليزداد عدد العاطلين فيها .وكذلك الحال بالنسبة للصناعة حيث اغلقت مصانع القطاع العام والخاص ابوابها وتم تسريح اعداد كبيرة من العمال وكان لكل ذلك دورا في اتساع ظاهرة الفقر.
آثار الفقر
يؤدي الفقر الى انحراف في سلوك الافراد واخلاقهم وممارسة الفساد بهدف تامين لقمة العيش ,كما يؤدي الفقر الى منع الاطفال من الالتحاق بالدراسة عندما يعجز الاباء عن تحمل تكاليف تعليم اطفالهم وقد يلجأ الاطفال الى العمل لمساعدة عوائلهم في تكاليف المعيشة و يقوموا بالتسول لهذا الغرض, كما يؤدي الفقر الى تردي الوضع الصحي وزيادة الوفيات وقد يساعد الفقر لان يكون حاضنة للإرهاب والجريمة والدعارة.
التجربة الماليزية في مكافحة الفقر:
اعتمدت ماليزيا برنامجا لتنمية الاسر الاشد فقرا وتوفير فرص العمل بهدف توفير الدخل للفقراء, كما اعتمدت على زيادة الخدمات المقدمة للفقراء وسعت الى تقليص الفوارق الاجتماعية واختلال التوازن بين القطاعات من خلال انشاء برنامج تمويلي يقدم قروضا بدون فوائد للفقراء من السكان الاصليين . وساهمت المنظمات الاهلية الوطنية من خلال برامجها لتقليل الفقر المدقع عن طريق زيادة دخول الاسر الاشد فقرا وتقديم القروض للفقراء بدون فوائد. كذلك تقدم الحكومة الماليزية قروضا للبرنامج بدون فوائد من اجل تمويل مشروعاته للفقراء في مجال الزراعة ومشروعات الاعمال الصغيرة,كما تقدم الكومة ايضا اعانات مالية للفقراء افرادا واسرا وتدعم شركات بناء المساكن القليلة الكلفة للفقراء في المناطق الحضرية .
فما الذي فعلته حكومتنا لمعالجة الفقر المدقع في العراق وتأمين الحياة الكريمة للعراقيين والفقراء منهم بشكل خاص في بلد يعتبر من اغنى البلدان بثرواته الطبيعية وعلى راسها النفط الذي يدر اموالا طائلة؟؟؟
مكافحة الفقر في العراق:
يمكن الاستفادة من تجارب الشعوب في مكافحة الفقر كما مر بالنسبة للتجربة الماليزية وهاهو تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد الاوربي في ايلول عام 2006 والاليات التي حددها لمكافحة الفقر والتي تمثلت بتقديم المساعدات الاجتماعية والخدمات عن طريق الدولة وايجاد فرص العمل للعاطلين اضافة الى توفير البنية التحتية للمجتمعات الفقيرة وتقديم المعونات الغذائية وفتح مراكز التدريب للفقراء وبرامج التأمين الاجتماعي وتامين البطالة الى جانب مساعدة العاطلين عن العمل في البحث عن وظيفة وفقا لمؤهلاتهم وتقديم المشورة, اضافة الى ذلك توفير الخدمات الصحية والتعليمية والتعليم الابتدائي الشامل وتحسين التعليم الثانوي وكلك القيام بدعم الاسر الزراعية ووضع اليات تتعلق بإنتاج المحاصيل والمواشي.
في العراق فان توفير فرص العمل للفقراء يمكن ان يسهم في تامين دخل ثابت للفقراء يساعد على توفير مستلزمات المعيشة اضافة الى الدور الذي يمكن ان تمارسه الدولة في تحسين المستوى الصحي وتوفير السكن الصحي الملائم وايجاد ضمان اجتماعي لهم مع تقليل الفوارق بين الريف والمدينة من خلال دعم الزراعة والفلاحين ومعالجة مشاكل الزراعة وتشجيع الهجرة المعاكسة الى الريف اضافة الى ان الاتساع بالاستثمارات للمشاريع ووضع خطط التشغيل اضافة الى اقامة المشاريع الصناعية والزراعية في مختلف انحاء البلاد في الريف والمدينة على امتصاص البطالة وتحسين دخل الاسر الفقيرة. كذلك وضع حد لإغراق السوق العراقية بالمنتوجات الاجنبية الزراعية والصناعية يمكن له ان يحسن من الوضع الاقتصادي للبلاد, اضافة الى مكافحة ظاهرة الفساد مكافحة جذرية وتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين يمكن ان يسهم في توجيه الاموال نحو الاستثمار لتحسين الوضع الاقتصادي بدلا من جيوب الفاسدين. كما ان من واجب الدولة في العراق تقديم الخدمات التعليمية المجانية وتوسيعها ووضع حد لتسرب الاطفال من المدارس وجعل التعليم الابتدائي والثانوي الزاميا وتشجيع الاستثمار الاجنبي وفق اليات محددة ومعالجة مشكلات العملة العراقية وتضخمها الى جانب تعزيز وتحسين مفردات البطاقة التموينية كلها عوامل يمكن ان تحد من ظاهرة الفقر .
الفقراء هم فقراء بالإكراه وسبق للإمام علي بن ابي طالب (ع) ان قال ( عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه) ,هناك اعداد كبيرة من الناس يعانون من الفقر المدقع والفاقة وبالمقابل هناك عددا اخر من الناس وهم اقلية يملكون الثروات الضخمة, والسؤال الذي انطلق منه ماركس هو لماذا هذا التفاوت ؟ وكيف يولد المجتمع الرأسمالي الفقر من جهة والغنى الفاحش من جهة اخرى؟ وبين ماركس ان الرأسمالية تولد الفقر والثراء بوصفهما نقيضين ضروريين لبعضهما وهما في الرأسمالية نقيضان متناحران دائما التناحر ويتصارعان باستمرار ولحظة الثورة في هذا الصراع هي الثورة الاجتماعية أي تحرك الفقراء من اجل تغيير النظام.
وبهذا الصدد يشير برنامج الحزب الشيوعي العراقي لمعالجة الفقر الى :

1. استكمال بناء نظام الضمان الاجتماعي عبر تعزيز شبكة الرعاية الاجتماعية الحالية وتطويرها لتشمل انشاء صناديق تقدم الاعانات المالية في حالات البطالة والعجز الناجمة عن العمل والشيخوخة.
2. الارتقاء بالخدمات الاجتماعية الصحية والتعليمية الاساسية والدفاع عن مجانيتها.
3. ضمان السكن الصحي للمواطنين عن طريق تولي الدولة مسؤولية ذلك لذوي الدخل المحدود ومساعدة الجمعيات التعاونية والمؤسسات الصناعية والنقابية على بناء المساكن لمنتسبيها.
4. العمل على اصدار القوانين والتشريعات لحماية جميع العاملين باجر ودعم حقهم في التنظيم المهني من اجل التخفيف من العواقب الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الازمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.
5. توفير الضمانات الاجتماعية لكبار السن وربات البيوت والارامل والايتام.
6. بناء شبكة للضمانات الصحية ذات الطابع الاجتماعي من خلال تامين الرعاية الصحية المجانية الوقائية والعلاجية للمواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية وتوسيع شبكة المستشفيات والمستوصفات الحكومية في المدينة والريف.
7. الاسراع في اصدار تشريع يكفل رعاية الدولة للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم للاندماج في المجتمع.
8. حماية المستهلكين من انفلات النشاطات الطفيلية والمضاربة والارتفاع الحاد في أسعار المواد الضرورية واجور السكن والنقل والخدمات.
9. الاسراع في اصدار وتطبيق التشريعات الخاصة بحماية المستهلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة