الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل الهرطقات الحميشية (2)

كوسلا ابشن

2021 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


يقول حميش الشوفيني المتزمت للعروبة-اسلام, في مقاله" البربر وراء تعريب المغرب والعربية قوام حضارة الأمازيغ" (هيسبريس).
"حصول المغرب على استقلاله؛ بل إنه في واقع التمرحل التاريخي عبارة عن إعادة التعريب إلى نصابه ومجراه الأصليين بعد ما أصابه من وهن وإقصاء من طرف الاستعمار الحمائي الفرنسي الذي سنَّ مقيموه العامون سياسة الحجر وفرّق تسد، وكان أبرز مهندسيها المارشال هوبر ليوطي، إذ أجرأها بيدٍ من حديد في قفاز من حرير، سياسة نزع فيها بحزم واستماتة إلى استعداء البربر على العرب والحركة الوطنية، كيما يُحكِم قبضته على البلاد وأناسها؛ وذلك ما تفصح عنه كتاباته ودورياته، وحسبنا في ذلك دوريته بتاريخ 16 يونيو 1921، سيئة الصيت (سبقتها أخرى في سبتمبر 1914, الشهير"الظهير البربري") وعرفت أوجها التطبيقي في ماي 1930, الذي يحرم على البربر تعلم اللغة العربية وبالتالي التمكن من قراءة القرآن، كما أنه يرقِّي العرف "ازراف" البربري,على حساب الشرع الإسلام".
"وقد صفق غلاة الأمازيغية وطربوا لهذه الترقية، مدعين أن"ازراف" يحرم الإعدام معوضا إياه بالنفي، غير مدركين أنه في مجتمع قبائلي قائم على عصبية القرابة والدم يكون النفي فيه صنوَ القتل أو أشد؛ غير أن معارضة الحركة الوطنية، المستندة إلى شفرة عُمقية عربية-بربرية، أحبطت مشروع المارشال ليوطي التفريقي وأفشلت مراميه.
وعليه، فإن القول بإنسانية هذا الأخير وتفضيله على موسى بن نصير (وبالقياس على عقبة ابن نافع) بدعوى احترامه لعقيدة السكان الدينية ولمؤسساتهم وتقاليدهم، إنْ هو إلا زعم مشروخ وعصارة مغالطات وتدليس صارخ".
حميش يتحدث عن إعادة التعريب الى نصابه ومجراه الأصليين في عهد ما بعد الحماية وبداية عهد الكولونيالية العروبية, ما يوحينا الى الخلل الذي أصاب عملية التعريب في فترة دولة الحماية, ليتم إعادة تركيب ماكينة التحول الهوياتي الى مجراه الأصلي, وإستمرارية عملية التعريب بدون عراقل و حواجز. حميش يعترف أن التعريب عملية غير طبيعية بل إصطناعية تمت بفعل تحويل البربر من هويتهم الامازيغية الطبيعية الى هوية العرب الاصطناعية بشكل اللاطبيعي رغم سلميته. لكن ما يتجاهله ويتستر عليه حميش عن قصد أن ماكينة التحول الهوياتي في عهد الحماية إستمرت لكنها من نوع جديد وهو التحول من التعريب الفردي الى التعريب الجمعي, الدولتي , ما لا يتجرء حميش الإفصاح عنه كون دولة الحماية تدخلت في بلاد الامازيغ لفرض العروبة على الدولة الامازيغية, جغرافية ومؤسسات وليس لمحو العروبة والاسلام كما يدعي العروبي الشوفيني المتزمت للعروبة -اسلام والداعي الى إماتة الثقافة واللغة الامازيغيتين. مع دولة الحماية تحول التعريب من شكله الفرداني الى الشكل الدولتية. ما قام به الماريشال الحاج ليوطي (أول مقيم عام فرنسي في المورك) مهندس "عروبة" مورك المعاصر, جرد الدولة الأمازيغية من هويتها الطبيعية وحولها الى دولة العروبة الاصطناعية ( بربر بقناع عربي), و سياسته الاسلامية العروبية عربون عن هذا التحول وهي من عبدت الطريق الى سيطرة الأقلية العروبية (بربر بقناع عربي) على بلاد الامازيغ بعد رحيل دولة الحماية, وعرفانا لسياسة الحاج ليوطي الاسلامية العروبية, شيد له أبناء العروبة, تمثالا في قلب كازابلانكا, عرفانا لأبيهم بالتبني و لسياسته الحكيمة لصالح العروبة-اسلام.
الدجل المعرفي والختلاقات والتضليل لدى حميش ليس له حدود, يتحدث عن إعادة التعريب الى نصابه, وكأن مورك كان بلدا عربيا ثقافة ولغة, وتمزغه أو تفرنسة بفعل دولة الحماية وهذه المغالطة والكذب فنده أبوه الروحي علال الفاسي سنة 1965 بقوله " قضية العربية في المغرب قضية مزمنة والحق يقال, فهي ليست بنت اليوم ولا ناشئة فقط عن أثر الاستعمار في وطننا, ولكنها في الأصل ناشئة عن تقصير أجدادنا العرب في إكمال مهمة التعريب في المغرب". و هذا القول أكده رفيق حميش في الحزب القومجي (الاتحاد الاشتراكي...), محمد اليازغي في احدى مقابلاته الاعلامية بالقول:" ان البربر في المغرب بعد الاستقلال كانوا يمثلون 90%". الحقيقة الموضوعية أن امازيغ مورك حافظوا على أمازيغية الدولة قبل تدخل الاستعمار الفرنسي في بلدهم في مهمة حماية السلطة العروبية اللقيطة, و أن الامازيغ رفضوا التعريب وتصدو للإستلاب الثقافي واللغوي في مورك, وهذا كان حاسما في إستمرارية الدولة الامازيغية, وبهذا كان التعريب أقل بكثير على ما عرفته خصوصا ليبيا وتونس, وهذا ما أشار اليه علال الفاشي, وليس كما يدعي حميش.
التدخل الفرنسي لتعريب هوية الدولة, فتح المجال لأبناء الحاج ليوطي (الاب الروحي للعروبة) بعد الإستلاء على السلطة السياسية لإرتكاب جينوسيد التحول الهوياتي, تعريب البلد بالقوة والايديولوجية التضليلية, و إقصاء الثقافة واللغة الامازيغيتين وطمسهما, فرض التعريب القسري في مؤسسات الدولة والخواص, تعريب المدن والقرى والجبال والسهول, تعريب الانسان والاسماء والحيوان والنبات والحجر. مجزرة الهوية اللاطبيعية واللاشرعية في بلاد الامازيغ, لم يعرف لها التاريخ البشري مثيل.
حميش المصاب بمرض شيزوفرنيا, يقلب الامور رأسا على عقب, بالكذب والإفتراء على الحاج ليوطي (الاب الروحي لعروبة الدولة موركية) لنرى أعمال وسياسة الحاج ليوطي العروبية الاسلامية, التي يتجاهلها و يتستر عنها حميش عن قصد لتزييف حقائق التاريخ ولطمس حقيقة دور فرنسا في تعريب الدولة مروكية.
أولا: أن الأنظمة الاستعمارية كانت دائما قبل إحتلال دولة ما ترسل بعثة اسكشافية تتكون من (خبراء وعلماء من سوسيولوجيين و مؤرخين و سياسيين و...) لجمع المعلومات عن الدولة المستهدفة (الجغرافية والشعب والمؤسسات), وهذا ما فعلته فرنسا كذلك المكلفة لحماية المخزن وتعريب دولة الامازيغ, وأدركت من البداية أن العائق الأساسي في بسط سيطرتها على مورك يكمن في مقاومة الشعب الامازيغي المتشبث بأرضه و حريته و دينه, في المقابل قابلية الاقلية الإرتزاقية العروبية في التعاون معها و إحتضانها والتعامل معها. نتيجة هذه الاستنتاجات, سن المقيم العام الفرنسي الحاج ليوطي سياسته الاسلامية العروبية في إستقطاب هذه الجماعة وإستعداءها ضد الشعب الامازيغي عامة و مقاومته المسلحة خاصة, و ستوضف هذه السياسة في تعريب البلد (جغرافية وشعب ومؤسسات) لخدمة العروبة و مصالح فرنسا في المستقبل, بعد الرحيل.
ثانيا: ما هو مثبت عن فرنسا, مساهمتها الكبيرة في ولادة الفكر القومي الشوفيني العروبي, وهي من نظمت في باريس سنة 1913 للمؤتمر القومي العربي الأول, الذي بلور فيه الأسس التنظيمية والسياسية والمعرفية للتيار القومي الشوفيني العروبي. وهي المسؤولة بشكل كبير بالولادة القسرية لما يسمى بالأقطار العربية العرقية (الوطن العربي). وفرنسا كذلك من تبنت الفكرة العرقية, المتمثلة في تأسيس التنظيم العرقي العروبي, المسمى "جامعة الدول العربية" في باريس سنة 1945, و فرنسا هي الداعم الاول لكل قضايا المتعلقة بالكولونيالية العروبية في المنطقة وخصوصا في الشمال الافريقي(تمازغا).
نرجع الى السياسة الاسلامية العروبية التي سنها الحاج ليوطي, و المتمثلة في الحفاظ على المؤسسات المخزنية و إحترام الدين الإسلامي والحفاظ على البنية الاجتماعية التقليدية و الحفاظ على القضاء الاسلامي و المؤسسة الأحباس والتعليم الاسلامي وتعليم اللغة العربية و قد تطرف الحاج ليوطي في هذا المنحى الى حد منع مروكيين من دخول الحانات, وتحريم السكر العلني و منع غير المسلمين من دخول المساجد إحترام لشعور المسلمين, كما أن الحاج ليوطي حظر التبشير المسيحي. بفضل سياسته الاسلامية العروبية نجح إستمالت رجال الدين وفقهاء التعريب,وجندهم في إصدار الفتاوى تحرم مقاومة الاستعمار الفرنسي و فتاوى تبيح القتال في صفوف الجيش الفرنسي وخصوصا في الحرب العالمية الأولى, و زبناء الحاج ليوطي من فقهاء و قواد وعملاء, كافأهم الحاج ليوطي بالتحكم في المناطق الامازيغية و مصادرة أراضهم الفلاحية وإستغلالها. وما يتبين من السياسة الإسلامية أنها كانت تهدف الى تحويل الهوية الامازيغية الطبيعية للدولة الى هوية عروبية اصطناعية.
الحاج ليوطي لم يحافظ على البنية التقليدية فقط, بل قام بتأسيس أعمدة دولة العروبة العصرية وذلك بتأسيس البنك المركزي والعملة ونظام البريد ورتب الجيش والشرطة وخطط العلم العلوي وغيرها من مستلزمات الدولة الحديثة من طرق ومباني وجسور ومدارس لتعليم أبناء الأعيان العلوم العصرية ليتمكنوا في المستقبل من تسيير شؤون البلاد والحفاظ على المصالح الفرنسية وفي هذا الصدد يقول المقيم العام الأول الفرنسي,من مذكرات الحاج ليوطي: "لا يسعنا سوى أن نقول إننا اليوم في حضرة نخبة سياسية اقتصادية لا يمكن تجاوزها وعدم الإستعانة بها, لأنها مرتبطة بتشعب بمنجزاتنا في المغرب, إذ يجب وواجب عليها أن تقدم يد العون إلى وطنها و بشدة".
نقل جورج سبيلمان في كتابه "من الحماية الى استقلال المغرب:1912-1955", إشادة محمد الخامس بما أنجزه الحاج ليوطي في مورك, وذلك أثناء حضور هذا الأخير للمعرض الكولونيالي الذي أقيم بفرنسا سنة 1931, و أشاد هذا الأخير بخصال ليوطي ودوره في تعريب المورك والحفاظ على إسلامه بكلمته ألقاها أثناء الاحتفال, مقتبس من كلمته جاء فيها:" لقد جئنا لحضور المعرض الكولونيالي, لنرى تلك الإنجازات الرائعة والشاهدة على عبقريتكم, لذلك نقدم بهذه المناسبة السارة تحياتنا للفرنسي الكبير, الذي عرف كيف يحافظ للمغرب على تقاليد وعادات أسلافه, إضافة إلى إدخال التنظيم العصري, الذي لا مفر منه لكل بلد يريد تطوير مسيرته" ويضيف:" في أقل من خمس عشرة سنة شيدتم مدنا جديدة دون أن تفقد مدننا العتيقة طابعها الخاص, كما قمتم بشق طرق عبر مختلف أنحاء مملكتنا لتسهيل المبادلات, وفتحتم موانئ تثير إعجاب الجميع, وأدت إلى تنمية التجارة المغربية, وأنشأتم مدارس من ذوق فني رفيع قدمت لرعايانا العلوم اللازمة لفهم الحياة العصرية وولوج بوابة التقدم, وفي كل الأنحاء شيدتم المستوصفات والمستشفيات، حيث أعطت فرنسا الرؤوفة الإسعافات الطبية للمرضى, ناهيك عن الوسائل المسخرة للوقاية ومحاربة الأمراض....", و في ختام كلمته قال: "أنتم تعلمون مدى سرورنا، ونحن نعبر لكم عن تلك الصداقة, وعن اعترافنا لكم بها, مؤكدين لكم أن اسم الماريشال ليوطي سيبقى منقوشا في قلوب المغاربة, وسيكون رمزا لأحسن الخصال".
ذكر علي الطرابلسي في كتابه"سمط اللئالي في سياسة المشير ليوطي نحو الأهالي" , كان أئمة المساجد والفقهاء يدعون بالشفاء للحاج ليوطي عندما أصيب بإلتهاب كبدي سنة 1923, حتى شاع بين الناس حينها أن الحاج ليوطي إعتنق الاسلام. وطالبه الشرفاء والفقهاء والأعيان بأن يزور ضريح ادريس في زرهون ليشفى من المرض, أو على الأقل يضع قدمه في مدخل الضريح.
بعد شفائه قرر أن يحقق أمنية أبنائه بالتبني, فقام بزيارة إلى الضريح في مارس 1924, وخاطب في جموع الناس الذين فرحوا بشفائه, وقاله: "إنني لم ولن أنسى عندما طرأ المرض على جسمي تلك الدعوات والابتهالات المتوالية التي كنتم تقومون بها أنتم وغيركم من رجال الدين في وسط هذا الحرم الأنور المشهور باستجابة الدعوات فيه وقضاء رغائب قاصديه".
حميش الشوفيني مثل غيره من دعاة القومية العربية في بلاد الامازيغ, المتفنين في الإختلاقات والمغالطات و تزييف الوعي, يقول عن أبوه بالتبني الحاج ليوطي:" سياسة نزع فيها بحزم واستماتة إلى استعداء البربر على العرب والحركة الوطنية". الحاج ليوطي كما هو معروف دخل مورك سنة 1912 في أوج الانتفاضة الامازيغية ضد المحتل العروبي في مركزه فاس, واستطاع رفع الحصار عن فاس و نقل المركز الاستعماري العروبي-الفرنسي الى الرباط, ورحل الحاج ليوطي عن المورك سنة 1925 بسبب فشله في القضاء على الثورة الريفية الامازيغية. فأين محل كذب حميش من الإعراب؟ من جهة, فرنسا إحتلت بلاد الامازيغ لحماية السلطة العروبية من الثورة الامازيغية التي إقتحمت مركز السلطة العروبية (فاس), ومقيها العام الحاج ليوطي نهج سياسة الحفاظ على السلطة العروبية وإستعداء العرب (البربر بقناع عربي) ضد المقاومة الامازيغية, ومن جهة آخرى حتى سنة 1925 لم يكن هناك تنظيم ما, سمي ب (الحركة الوطنية), (كان أبناء الحاج ليوطي أنذاك مازالوا أولادا صغارا يلعبون في الحارات), والتنظيم الوحيد الوطني الحقيقي,الذي كان صامد في وجه الاستعمار هو المقاومة المسلحة الامازيغية العدو الرئيسي للإحتلال الفرنسي وزبناءه (البربر بقناع عربي), من كانوا يروجون لأفكار الاستعمار الفرنسي بأن أعمالهم العسكرية تدخل في إطار سياسة التهدئة و ليست عملية غزو بل إخضاع لقبائل المتمردة على السلطان. السياسة الاسلامية العروبية التي سنها الحاج ليوطي واضحة الأهداف والمطامع.
في كتابه "من الحماية الى استقلال المغرب:1912-1955" يقول جورج سبيلمان عن الحاج ليوطي : "هذا الرجل العظيم هدف إلى استرجاع وحدة الامبراطورية الشريفة وتمكين الدولة العلوية من زمام الأمور, بعد أن كانت مهددة من طرف حركات تمرد من قبل البربر, ويطمح ليوطي إلى تهدئة البلاد وتوحيدها وعصرنتها محترما في الوقت ذاته روحها وشخصيتها وعقائدها".
السياسة الاسلامية العروبية واضحة الأهداف والأطماع, يا عبيد أسوء المذاهب العنصرية و الدجل المعرفي والتضليل الإيديولوجي.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل


.. هبوط فاشل لطائرة تابعة لشركة -لوفتهانزا- الألمانية




.. شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط


.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو




.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة