الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواطن .. بعد فوات الأوان

احمد ثامر جهاد

2006 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



إن المهام الجسام الملقاة على عاتق وسائل الإعلام العراقية بمختلف أشكالها لا تقل أهمية عن تلك المسؤولية الكبيرة المنوطة بالدوائر الحكومية وباقي المؤسسات الرسمية ، فاختلال الأمن وحمى الفساد الإداري المستشري في معظم دوائرنا الحكومية لن تنتهي بسهولة ما لم تحاصر بقوة رادعة وجدية على اكثر من صعيد ، بدء من نصوص القانون مرورا باشاعة قيم اعتقادية جديدة وليس انتهاء بماكنة الإعلام الذي يتوجب عليه – وهو الرقيب المبصر - أن يعري ويدين كل تلك المظاهر التي تستهين بحقوق الناس المشروعة في حياة كريمة وهي تمارس علنا كل اشكال التسويف واللعب بمصالحهم .
قد يبدو واضحا اليوم إن صحافة وطنية حرة تمارس دورها الإعلامي بمسؤولية مهنية وأخلاقية عالية لن يكون بوسعها أن تمنع وجود ظواهر أخرى بين ثناياها ، تسيء إليها بشكل أو بآخر عبر سلوكيات انتهازية رخيصة ينساق إليها البعض منتفعا أو مجاملا أو متزلفا لهذا المسؤول أو تلك الدائرة ، متغافلا في خضم اندفاعه هذا عن قدسية عمله ونبل رسالته . فيما تفرض الظروف الملتبسة لغياب القانون والمؤسسات المدنية على البعض الآخر تجنب الخوض في الإشكاليات الحقيقية التي يعاني منها مواطننا ومدننا على اكثر من صعيد .
لذا يلزمنا الإدراك أن عمل الصحافة ليس هواية طارئة وانما احترافا مهنيا وأخلاقيا صرف ، يفرض على ممثليه اتباع تكتيك خاص يشير ويفسر ويكشف ويستطلع ويحقق في كل ما يتشكل واقعا ملموسا بالنسبة لعموم المواطنين . وربما عليه في الوقت نفسه أن يستغل بذكاء ومسؤولية رغبة الناس في فهم الواقع وتغييره ، وان اقتضى ذلك أحيانا كشف المستور وزحزحة المهيمن ومساندة المهمش وإن غابت بشائر الحلول الناجعة لحين .
ليس بعيدا عن ذلك بدا لنا أن ما يثيره الاعلام العراقي عبر نوافذ صحافتنا المحلية ، رغم سياسة التحفظ في تقييد اليد هناك او هناك ، عن مفارقات عمل مؤسسات الدولة وفسادها أو عن الامن والبرلمان وهموم الثقافة وخليط تلك الفوضى والوجع اليومي وما الى ذلك من كوارث وطنية نراها تحصنت بسوء مكين ضد آراء الآخرين ، سيرسم هنا المدى المؤسي للحساسية والتعصب والسلطوية الفاعلة في تشكيل واقعنا الراهن وصياغة صورته وقيمه ، واقع هو ابعد ما يكون عن الشفافية والسلوكيات الديمقراطية المتحضرة . فعلى الدوام وفي غير مكان ، ثمة همس في السر يحيك المؤامرات ويشكك في النوايا ، وان أرغمت أحيانا مشروعية مطالب الناس المعلنة بعض المسؤولين إلى التراجع عن مواقفهم وآرائهم الأشد عرضة للنقد والإدانة إعلاميا .
ربما كانت المفارقة التي دفعتني لهذا القول الآن هي ما نشاهده من على بعض شاشاتنا المحلية هذه الأيام – ومازلنا بالطبع في إطار محاورة هموم الناس والإعلام والديمقراطية – في مبادرة ما بعد فوات الأوان ، إلى استطلاع آراء الناس في الشارع حول مستوى أداء الحكومة ومجالسها وتوافقها المنشود وصراعاتها الساخنة ، وعن توقعات المواطن المؤبد في انتظار هبات محطات تعبئة الوقود ، لمن سيخلي موقعه للآخرين ، عقب الذي جرى ويجري .
حينها سيحمل الاعلامي النشط مادته الواقعية الى قلب المسؤول الحكومي المفجوع كحالنا ، مبرئا ذمته من كل ما لحق بحياتنا من سوءات وما لم يلحق بها حتى الان ، ورغم أن إجابات المواطنين كانت اقل دلالة على مرارة هذا الواقع من صفناتهم الحزينة امام العدسات ، لكنها صائبة ايضا في تحديد القصور الفاضح في الأداء الحكومي على مختلف المستويات ( وماذا عساهم يقولون غير ذلك ) ، كان الوقت قد هدر حينها ، لا سيما وان الجميع تمنى صادقا لو ان المواطن قد سؤل ( قبيل خراب البصرة ) عن همومه هذه ، وقبيل أن يتحول حديثه المجروح إلى مادة إعلامية لسد الفراغ التلفزيوني فحسب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان