الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهجير القسري في المجتمع الليبي، الإشكالات والآثار والتحديات، والرؤية المستقبلية 2011- 2019 قراءة سوسيولوجية تاريخية

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2021 / 4 / 5
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


شهد المجتمع الليبي مع بدايات العام 2011م، حراكاً مجتمعياً، كانت له أسبابه الواقعية والموضوعية، أهمها دكتاتورية النظام السياسي؛ التي استمرت حوالي أربعين سنة ونيف، إضافة إلى تفشي الفساد، والمناخات المحفزة له؛ مما أدى إلى تعطيل سيادة القانون، وتبذير الموارد والإمكانات المادية، ونهب المال العام ...إلخ، وفي هذا الصدد يقول عبدالمنعم الهوني - وهو أحد رفاق القذافي- بأن " السلطة مفسدة، خصوصًا حين يقبض شخص واحد على كل الخيوط،، ولا تكون هناك ضوابط، أو مؤسسات، أو محاسبة" (شربل، 2012، ص97) (P97،2012،Charbel )، وهذا يعني أن شروط الانفجار كانت موجودة، فأدى الحراك المجتمعي إلى سقوط النظام السياسي السابق، وانهيار مؤسسات الدولة، فبدأ يطفو على سطح المجتمع فاعل جديد وهو المناطق والقبائل المنتصرة، في ظل وجود سلطة جديدة تفتقر إلى المقدرة الكافية على كبح جماح القبائل المنتصرة، فشاع توتر بين القبائل والمناطق المنتصرة من جهة، والقبائل والمناطق المنهزمة - وهي التي كانت مؤيدة للنظام للسابق - من جهة أخرى، وبرزت ظاهر التهجير القسري.
وبالرغم من كون الموجات الأولى من عمليات التهجير القسري كانت في ظل النظام السياسي السابق، إلا أنها بدأت بشكل تدريجي، بالتالي لم يلفت الانتباه إليها، لكنها أصبحت أكثر وضوحًا مع سقوط النظام السياسي، حيث تم تهجير المناطق والقبائل المنهزمة، مثل : تاورغاء، والرياينة، والمشاشية، والقواليش، ومع استمرار قيام القبائل والمناطق المنتصرة – الفاعل الجديد- بالتنافس فيما بينها نحو الاستحواذ على مزيد من المكاسب، فأدى إلى إدخال المجتمع في حرب سنة 2014م، وهذه المرة ما بين المناطق والقبائل المنتصرة فيما بينها، فبرزت مرحلة جديدة من عمليات التهجير القسري؛ في حين شهدت مدينة بنغازي منذ 2014م حالات تهجير قسري نتيجة للحرب بين قوات الجيش التابعة للحكومة المؤقتة وبعض المليشيات المتطرفة، وفي سنة 2015- 2016م برزت موجة أخرى من التهجير القسري في مناطق وقبائل مثل : ورشفانة، وسرت.
وتشكو هذه الظاهرة من عدم وجود إحصاءات دقيقة لحصرها- الجد مهمة -، حيث تعد هذه الظاهرة من الظواهر المسكوت عنها في المجتمع الليبي، فطبيعة البناء الاجتماعي في المجتمع الليبي قد تجعل من الصعوبة بمكان تحديد أو حصر أعداد المهجرين قسريًا، نتيجة لما تشكله عناصر البناء الاجتماعي والمتمثلة في التضامن والتكافل والتعاون من دور في تخفيف حدة وطأة التهجير القسري، وإذا أضفنا إلى كل ما سبق حقيقة أخرى؛ وهي أن القيم القبيلة منها على سبيل المثال : عدم الاعتراف بالهزيمة وارتباطها بالوصم بالعار - قد تجعل من بعض أفراد القبائل والمناطق لا يحبذون التسجيل في إحصاءات المهجرين قسريًا، بالتالي فإن كل ذلك قد يجعل بعض الإحصاءات غير دقيقة!.
إن ما يدعم وجهة النظر هذه، هو ما يلاحظ من تباين وتضارب في إحصاءات المهجرين قسريًا والصادرة عن الجهات الحكومية، أو المنظمات الدولية ذات العلاقة، ففي سنة 2012م صدر تقرير عن الأمم المتحدة بيّن بأن حوالي 65.000 شخصاً تعرضوا للتهجير القسري ( تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ، 21 فبراير 2013م)، ( Un-Support Mission in Libya Report by the Secretary-General on 21 February 2013 )، وفي سنة 2017م بينت المفوضية الأممية للاجئين بأن عدد المهجرين قسريًا من مناطقهم وقبائلهم نتيجة للصراعات في ليبيا وصل إلى 435 ألفا شخص ( تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا، 2017م)، ( Report on the human rights situation in Libya 2017) وقدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد المهجرين قسريًا في ليبيا بـ 217 ألف شخص حتى سبتمبر 2018م ( تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا، 2018م)،Report on the human rights situation in Libya 2018)) في حين وضعت وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لحكومة الوفاق الوطني إحصائية لسنة 2017م، تفيد بأن عدد المهجرين قسريًا نتيجة للصراعات بحوالي 20.506 عائلة ( خالد محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 11/7/2019م)، وعمومًا فإن أعداد المهجرين قسريا يزاد مع كل حالة صراع تحدث في المجتمع الليبي، وينخفض العدد مع رجوع حالة الاستقرار والأمان إلى المناطق والقبائل التي شهدت حالات صراعاً، فمثلاً شهدت مدينة طرابلس استقبال عدد من المهجرين قسريا في مناطق وقبائل شهدت حالات صراع مثل: سرت، والعزيزية، والساعدية، والعامرية، والزهراء، وعدد من مناطق الجبل الغربي، حيث وصل العدد حسب إحصاءات حكومة الوفاق الوطني إلى 6.800 عائلة، وانخفض العدد في سنة 2017م ليصل إلى 5.035 عائلة ( خالد محمد ، مقابلة شخصية بتاريخ 11/7/2019م)
أهمية الورقة، وأهدافها:
مع وجود حالات من الصراعات والانشقاقات المجتمعية في المجتمع الليبي خلال مرحلة ما بعد 2011م، برزت ظاهرة التهجير القسري في المجتمع الليبي، والتي أدت إلى إحداث التفرقة والانقسام ما بين أبناء المجتمع الواحد، وتهديد وحدة نسيجه الاجتماعي، كما ظهرت أيضًا العديد من الآثار والتحديات التي صاحبت بروز ظاهرة التهجير القسري، مما تستدعى الحاجة إلى بحثها ودراستها، بغية فهم طبيعتها، ومعرفة آثارها وتحدياتها، والكشف عن مساراتها المستقبلية بغية دعم وتعزيز وحدة النسيج الاجتماعي في المجتمع الليبي، ومن هنا يتطلع هذا البحث إلى كشف وتشخيص وفهم ظاهرة التهجير القسري في المجتمع الليبي، كما يهدف هذا البحث إلى الدعوة لمراجعة وتقييم دور ظاهرة التهجير القسري دون انتقاص جهد أحد، وتحاول أيضًا لفت انتباه المسؤولين في الدولة الليبية إلى الحاجة لوجود إرادة سياسية حقيقية لدعم مبادرات المصالحة الوطنية، وبشكل عام فإن هذا البحث يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المتمثلة في الآتي:
1. توضيح مفهوم وإشكال التهجير القسري في المجتمع الليبي.
2. تحديد مراحل عمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي خلال الفترة ما بعد 2011 إلى 2019م
3. التعرّف على أهم الآثار والتحديات التي واجهت المجتمع الليبي نتيجة لعمليات التهجير القسري
4. رسم أهم التصورات المستقبلية لظاهرة التهجير القسري في المجتمع الليبي.
المنهج البحثي، والمداخل المقترحة:
يسعى الباحث من خلال استخدام المنهج السوسيولوجي التاريخي إلى محاولة كشف وفهم طبيعة الظاهرة وإشكالها، ونود هنا تأكيد على مقولة ابن خلدون في كون فهم الماضي يؤدى بالضرورة إلى فهم الحاضر، فذلك الماضي - حسب اعتقادي- قد يؤدى إلى اكتشاف المضامين وإدراك الحقائق وتفسير التغييرات الحاصلة، وهذا يعني إن ضرورات الكشف والتشخيص والفهم السليم لأي ظاهرة أن يكون هناك نوع من المتابعة والتدقيق الكامل لما أصابها، أو اعتراها من لحظة البروز إلى السطح المجتمع، بل وأحيانًا أخرى من قبلها، مما هو موجود في الخلايا الجنية، وعمومًا ينطلق هذا البحث من فرضية ترى بأن عمليات التهجير القسري تحدث في المجتمع الليبي لبعض القبائل والمناطق، وذلك عندما تدخل تلك القبائل والمناطق في صراع - مواجهة مسلحة- مع السلطة المركزية، ففي حال انهزام تلك القبائل والمناطق؛ فإنها تنتقل إلى أماكن أخرى داخل الوطن، أو قد تلجأ إلى دول الجوار كتونس ومصر، وذلك خوفًا من التنكيل بها، كما أنه في حال انهزام السلطة المركزية، فإن ذلك السقوط أو الإخلال في السلطة يؤدي إلى بروز فاعلين جدد - وهم القبائل والمناطق المنتصرة- حيث يعمل هذا الفاعل الجديد إلى إحداث عمليات إعادة توزيع مصادر القوة - والمتمثلة في الموارد الاقتصادية وملكية الأراضي أو المناصب السياسية - في المجتمع، فتبرز في المجتمع ظاهرة الانشقاقات والصراعات المجتمعية؛ بسبب إعادة توزيع تلك المصادر، فتلجأ القبائل المنتصرة إلى ممارسة سياسة التهجير القسري للقبائل والمناطق المنهزمة - والتي تكون في العادة - مؤيدة للسلطة المركزية المنهارة-، وذلك كوسيلة تأديبية أو عقابية بغية المحافظة على مصالحها ومكاسبها الجديدة تارة، أو للقضاء على المنافسين أو الخصوم تارة أخرى، كما تبرزت أيضا ظاهرة التحالفات القبلية – الأحلاف - في بعض الأحيان بدور مهم في الحد أو التخفيف من حدة ممارسات التهجير القسري، ومع استمرار التنافس ما بين القبائل المنتصرة، حول الاستئثار بالمكاسب وامتلاك مصادر القوة؛ يتم اللجوء مرة أخرى إلى سياسة التهجير القسري، فيصبح هدف القبائل المنتصرة هو إلحاق الهزيمة بخصومهم أو ردعهم (حلفاؤهم السابقون) .
كما أنه في ضوء هذا المنهج كان لزامًا القيام بعدد من الخطوات أهمها:
أ‌-الولوج إلى بعض المحطات التاريخية المهمة لكشف وفهم ظاهرة التهجير القسري في المجتمع الليبي.
ب‌- الاعتماد على عدد من التقارير والوثائق خلال مرحلة 2011م، وما بعدها.
ج- إجراء عدد من المقابلات مع أفراد القبائل والمناطق المهجرة قسريا، وكذلك مع بعض مسؤولي الحكومة، ومن بعض القبائل والمناطق المنتصرة، وبعض مسؤولي المصالحة الوطنية.
د-‌‌استخدام مفهوم التهجير القسري للدلالة على ممارسات تتسم بالقمع والاضطهاد، تقوم بها بعض القبائل والمناطق المنتصرة في المجتمع الليبي - الفاعلون الجدد في ليبيا –- من أجل إجبار بعض القبائل أو المناطق – المنهزمة والمؤيدة للنظام السابق- على إخلاء مناطقهم، وذلك في ظل سقوط النظام السابق وانهيار مؤسسات الدولة وعجز السلطة المركزية الجديدة عن مواجهة الفاعلين الجدد، كما أن هذا التهجير القسري لا يهدف إلى إحلال مجاميع سكانية جديدة، إنما يأتي في إطار توجيه عقوبات تأديبية إلى تلك القبائل والمناطق؛ بسبب وقوفها مع النظام السياسي السابق، كما تأتي أيضًا في سياق المحافظة على المصالح والمكاسب الجديدة التي يتمتع بها الفاعلون الجدد.
التساؤلات:
التساؤلات التي يطرحها هذا البحث :
1. كيف يمكن تفسير ظاهرة وإشكال التهجير القسري في المجتمع الليبي؟
2. ما أهم مراحل التهجير القسري للمجتمع الليبي خلال مرحلة ما بعد 2011م؟
3. ما أهم آثار وتحديات التهجير القسري للمجتمع الليبي خلال مرحلة ما بعد 2011م؟
4. ما التصورات المستقبلية للتهجير القسري في المجتمع الليبي؟
- المبحث الأول - إشكال ومفهوم التهجير القسري في المجتمع الليبي:
قبل الولوج إلى تحديد إشكال ومفهوم التهجير القسري في المجتمع الليبي، فإننا بحاجة إلى تحديد ماهية هذا المجتمع، حيث يري جيدنز بأن المجتمع عبارة عن شبكة أو نسق من أساليب السلوك التي تتخذ طابعا مؤسسياً الأشكال المؤسسية إلى من السلوك الاجتماعي إلى أنماط الاعتقاد والسلوك التي توجد في المجتمع، وتتجدد جيلاً بعد جيل والتي نصفها بمصطلح النظريات الاجتماعية الحديثة – بأنه يجرى إعادة إنتاجها اجتماعياً عبر فترات زمنية طويلة، وعلى امتداد رقعة مكانية شاسعة ( جيدنز، 2006، ص25)، (p25،2006،Giddins)، فالبناء الاجتماعي في المجتمع الليبي كما يُبينه البربار يعتمد على نظام القرابة، حيث يعيش الناس وفقًا لعلاقات القرابة، وبالتالي الوحدة الأساسية هي: البيت، أو العائلة الممتدة، وهي تمتد من خمسة إلى ستة أجيال، وأعضاء البيت لديهم الإحساس الكامل بالتكافل والتماسك والالتحام، كما أن عدة بيوت تشكل لحمة، وعدة لحمات تُكون قبيلة (البرابار، 1996، P50 ) ( p50، 1996،( Al-Barbara وأوضح بروشين في تحليله لطبيعة المجتمع الليبي بأن " الخلية الاجتماعية الأساسية في المجتمع الليبي هي الأسرة، فبضعة أسر متقارنة تُشكل بيتًا، وهو الأسرة الكبيرة، التي تتمتع بوضع مستقل في العشيرة"( بروشين ،2001، ص 54 ) (p54،2001،(Prochin ، كما أوضح أيضًا بأنه يستلزم على جميع أفراد القبيلة أن " يساندوا بعضهم بعضا، وفي أوقات الحرب كان أفراد القبيلة يقفون صفًا واحد ضد العدو المشترك"( بروشين ،2001، ص 54) (p54،2001،(Prochin ، في حين يرى أبوصوة بأن المجتمع الليبي لا يتكون من بدو وحضر وحسب، إنما أيضًا من أنصاف بدو، وأنصاف الحضر، مع وجود مؤسسة القبيلة الواحدة التي تمتد من طرابلس إلى برقة، ومن مدن الشمال إلى مدن الجنوب وواحاته أخرى ( أبوصوة ،2012، ص 511-512 ) ( p511-512 ، 2012، Abusawa)
وعمومًا، فأننا نخلص من كل ما تقدم إلى أن القرابة والنسب هما الرابطان الأساسيان للنظام الاجتماعي في المجتمع الليبي، فأفراد القبيلة الواحدة يتولد لديهم الإحساس الواحد بالتكافل الاجتماعي والتماسك والتضامن والتعاون والالتحام، ويعتبر هذا النوع من الترابط بين أفراد الأسر والقبائل نوعاً من التكامل الآلي؛ كما حدده علماء الاجتماع في العصر الحديث (مرجين، 2018، ص 51) ( p51،2018،Mrgin) ويتضح ذلك بشكل كبير في القتال والصراعات، وفي عمليات الثأر، ومن ثم فإن التحريض والإذكاء سرعان ما يأخذ شكل الحرب على الهوية، وهذا ما يُفسر بأن مسألة التهجير القسري في المجتمع الليبي تأخذ البعد القبلي، كما أن البعد القبلي قد يدفع في بعض الأحيان إلى التخفيف من حدة آثار التهجير القسري بين أفراد القبيلة الواحدة من خلال التآزر والتعاضد والتناصر، وهذه الجزئية الأخيرة غاية في الأهمية لفهم وتفسير مسألة التهجير القسري في المجتمع الليبي بشكل أفضل؛ حيث تظهر العصبية القبلية بشكل تلقائي خلال الصراعات والحروب والأزمات، وتقوم بأدوار محددة سواء أكان الدفاع أم الهجوم بغية حماية كيان القبيلة وتحقيق مصالحها، وهذا يعني ببساطة شديدة أن الولاء القبلي في المجتمع الليبي يعلو على الولاء الوطني، وتأثير وتجليات ذلك واضحًا في حالات التهجير القسري التي تعرضت لها بعض القبائل والمناطق حيث كانت في الغالب حسب الهوية والانتماء والقبلي، إن الحديث عن العصبية القبلية وقدرتها على توضيح مسألة التهجير القسري مهم جدًا، ولكنني رأيت الاكتفاء بهذا القدر، فالمجال لا يتسع للحديث أكثر من ذلك.
والآن سنحاول أن نتتبع أهم المحطات التاريخية ذات العلاقة بالتهجير القسري في المجتمع الليبي بناء على المنهج الذي تسير عليه هذه الورقة؛ بهدف تحديد إشكالية التهجير القسري في المجتمع الليبي، ومحاولة الوصول إلى فهم أعمق لهذه الظاهرة، وأهم المحطات، هي:
 في النصف الثاني من القرن الثامن عشر: عدد من الاضطرابات قادتها بعض المناطق والقبائل فنشبت حرب بين قبيلتي الفرجان وأولاد سليمان 1767م، نتيجة لضعف السلطة وعجزها عن التدخل لإنهائها مما أدى إلى التهجير القسري لقبائل الفرجان إلى تونس (شرف الدين، 1998، ص 311) ( p311، 1998، Sharaf al-Din)
 في سنة 1767م، تعرضت ليبيا إلى قحط شديد أدى إلى هجرة قسرية لكثير من سكان البلاد إلى مصر وتونس (ميكاكي، 1961، ص 98) ( p98،1961 ، Mikaki)
 في سنة 1811م، حكومة طرابلس نتيجة حملة عسكرية ضد قبائل برقة، بدأت بعض القبائل بالهجرة القسرية إلى مصر وهي قبائل الجوازي والفوايد وأولاد علي إلى شرق السلوم (ميكاكي، 1961، ص 167) ( p167، 1961، Mikaki)
 شهدت ليبيا حالات جدب ومجاعة في سنة 1767م، حيث استمرت حتى سنة 1771م، وكذلك مجاعة، ثم قحط ومجاعة أعقبها طاعون خلال سنوات 1783- 1786م، وجفاف في سنة 1792م، كل ذلك كان له انعكاسات مهمة أهمها التهجير القسري لعدد من سكان ليبيا إلى دول الجوار (شرف الدين، 1998، ص 308) (p308 ، 1998، Sharaf al-Din)
 في سنة 1817م، يوسف القرمانلي يبعث بحملة عسكرية إلى برقة بعدما خرجت بعض القبائل عن حكمه مما أدى إلى تهجير قبائل الجوازي إلى مصر (ميكاكي، 1961، ص 180-181) ( p180-181،1961، Mikaki)
 في سنة 1910 -1911 وقعت حرب أهلية بين الزنتان وأولاد أبي سيف في ظل ضعف السلطة المركزية، مما أدى إلى التهجير القسري لقبائل (أبوسيف) إلى أرض سرت، حيث نزلوا بالوادي الأحمر (الزاوي، 2004م، ص 181) (p181، 2004،Zawi )
 كان التهجير القسري من أولى العقوبات التي مارستها إيطاليا أثناء احتلالها لليبيا 1911م، سواء أكان تهجيراً داخلياً أم تهجيراً خارجياً، وطالت عمليات التهجير القسري الخارجي من خلال ما يعرف "بالنفي" مئات الأفراد والمجموعات، حيث تم تهجيرهم إلى الجزر الإيطالية واستمرت بشكل منقطع خلال الفترة ما بعد 1911م، وبإعداد أقل حتى 1943م (الحسناوي، 2004، ص 55) (p55، 2004، Al-Hasnaoui)
 قامت إيطاليا بعد سيطرتها على طرابلس بالتهجير القسري لبعض القبائل، منها على سبيل المثال: تهجير قبائل الصيعان إلى منطقة الجوش، وتهجير سكان هون إلى بويرات الحسون ومنها عن طريق البحر إلى المعتقلات في مصراتة والخمس (الرغثي، 1989م، ص 256) (p256،1989،Al-Raghthi )
 سنة 1916 جرت حرب أهلية أولى بين قبائل الزنتان والرجبان من جهة وقبائل جادو ونالوت ويفرن، حيث تم تهجيرهم قسرياً إلى زوارة وما حولها من المناطق الساحلية (الرغثي، 1989م، ص 388- 389) (p388-389،1989،Al-Raghthi )
 بينت بعض المصادر أن عدد الليبيين المهجرين قسريا إلى دول الجوار بسبب الحرب الإيطالية، وبشكل خاص إلى مصر والسودان بلغ حوالي 250 ألف شخصاً ( بروشين ،2001، ص 246)
 تم تهجير عدد من سكان برقة إلى معسكرات الاعتقال ووصف ج.رايت سكان برقة الذين كانوا في معسكرات الاعتقال، والذين أُطلق سراحهم سنة 1932 بقوله: " كان البدو متجهمين ، منغلقين على أنفسهم، مذعورين، وفي أحط درجات العوز..."( بروشين ،2001، ص 247) (p247،2001،(Prochin ،
 قام النظام الملكي السابق بتهجير عدد من العائلة السنوسية إلى عدد من المدن والمناطق الليبية، وذلك كنوع من العقوبات التأديبية الجماعية على مقتل إبراهيم الشلحي ناظر الملك على يد أحد أفراد العائلة السنوسية.
 قام نظام القذافي بتهجير عدد من أفراد قبيلة ورفلة إلى مناطق الجبل الغربي، وذلك كعقوبات تأديبية جماعية لقيام بعض أفراد القبيلة بمحاولة انقلاب سنة 1993م، وصدر عن النظام السياسي السابق قانون سمي بقانون ميثاق الشرف الذي نص أحد بنوده على" إنزال عقوبات جماعية على أقارب وعائلات وقبائل وقرى ومناطق أيّ شخص يتهم بمعار، ويمكن أن تشمل هذه العقوبات السجن وهدم البيوت والتهجير القسري إلى مناطق أخرى نائية (مرجين، 2018، ص 55) ( p55،2018،Mrgin)
مع كل ما سبق يمكن القول بأن الأمثلة كثيرة، حيث لا أريد أن أحشو هذا الجزء بمزيد من الوقائع التاريخية، حيث إن طبيعة العمل لا تسمح بإبانة كل المحطات التاريخية، وعمومًا، فإن من يحسن التأمل ويدقق النظر يستطيع أن يحدد مفهوم التهجير القسري في المجتمع الليبي في التالي:
 لا تعد ظاهرة التهجير القسري بالظاهرة الجديدة على المجتمع الليبي، فقد برزت هذه الظاهرة في ليبيا خلال فترات الصراعات والحروب الأهلية، أو مع بروز صراعات ضد السلطة المركزية، حيث قد تلجأ بعض القبائل إلى الهجرة القسرية خوف من الانتقام والعقاب، وبحثا عن الاستقرار والأمان.
 لا يمكن فهم بعض عمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي بعيدًا عن مسألة الصراع بين القبائل الليبية فيما بينها، سواء على الموارد الاقتصادية أم على السلطة (الزعامة).
 ارتبطت بعض عمليات التهجير القسري بعمليات صراع مع السلطة، أو صراع مع أطراف خارجية، حيث تأتي في العادة كإحدى تداعيات الحروب، سواء أكانت أهلية أم مع طرف خارجي.
 عمليات التهجير القسري التي تقوم بها السلطة الحاكمة، أو بعض القبائل المنتصرة لا تهدف في جوهرها إلى التغيير الديموغرافي، إنما تأتي في كثير من الأحيان أداة من الأدوات التأديبية والعقابية، وفرض المصالح التي تقوم بها السلطة المركزية، أو بعض المناطق أو القبائل المنتصرة ضد المناطق أو القبائل المنهزمة.
 عمليات التهجير القسري التي قامت بها إيطاليا إبان احتلال لبيا كان الغاية منها إحداث تغيير ديمغرافي، حيث أصبحت جزءًا من سياسة الهيمنة على المجتمع الليبي.
 نوهت بعض الدراسات التاريخية إلى وجود عمليات التهجير القسري في التاريخ الليبي، لكنها لم تقف إلى دراسة وكشف إشكالاتها وفهمها وتفسيرها.
 شكلت دولتيا تونس ومصر أكثر المنافذ لعمليات التهجير القسري للقبائل الليبية، وذلك لكونهما امتداداً تاريخياً وفضاءً جغرافياً للهجرة القسرية.
 شكلت الأمراض مثل: الجدب وأمراض الطاعون، أو القحط الذي أصاب ليبيا في فترات تاريخية معينة عوامل مساعدة على الهجرة القسرية إلى تونس ومصر، ومن القبائل التي هاجرت إلى تونس كل من: ترهونة، وورفلة، والرقيعات، والزنتان، وغريان، وورشفانة، والعجيلات، وزليتن،
 ومن جهة أخرى كان منفذ قبائل فزان للهجرة القسرية إلى دول مثل السودان وتشاد ونيجيريا ومالي، فهاجرت بعض القبائل إلى تشاد، ومنها قبائل أولاد سليمان، وورفلة، والمغاربة، والحساونة، والقذاذفة، والمحاميد، واستقر معظمها في منطقة كانم قرب بحيرة تشاد.
 خلال فترة الاحتلال الإيطالي شهد المجتمع الليبي هجرات قسرية إلى دول الجوار مثل: مصر، وتونس، والشام، والسودان وتشاد، وإن كانت جل الدراسات تفتقر إلى تحديد أعداد المهجرين قسريا نتيجة لحالة الحرب التي يعيشها المجتمع الليبي آنذاك.
ونخلص من كل ما تقدم إلى أن الفهم والإلمام بظاهرة التهجير القسري في المجتمع الليبي مرتبط تاريخيًا بحالات دخول القبائل والمناطق الليبية في حالات صراع ضد السلطة الحاكمة، وتبرز أيضًا في حالات الصراع بين المناطق والقبائل الليبية فيما بينها، وأحيانًا أخرى تبرز هذه الظاهرة عند تدخل القبائل والمناطق في حالات صراع مع أطراف خارجية بهدف احتلال ليبيا.
إن فهم مكانيزما هذه الظاهرة أثناء الحروب والصراعات الأهلية بين المناطق والقبائل الليبية مرتبطة بحسابات تفرضها مصالح ومكاسب قبلية أو مناطقية، وهي لا تعير أيّ وزن للمصلحة الوطنية، وتكون هذه الظاهرة مرتبطة بمسألة الحفاظ على المكاسب الجديدة، وفرض العقوبات والهيمنة أثناء ممارستها من قبل السلطة المركزية، في حين تأتي في إطار السعي نحو التغيير الديمغرافي عندما تمارسها أطراف خارجية مثلما حصل أثناء الاحتلال الإيطالي، كما أن انتشار واتساع عمليات التهجير القسري هي نتاج طبيعي للبناء الاجتماعي للمجتمع الليبي - كما أوضحنا في غير هذا الموضع- والتي تكون غالبا حسب الانتماء القبلي.
المبحث الثاني - طبيعة عمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي خلال الفترة ما بعد 2011 إلى 2019م:
تعاظم اهتمام المنظمات الإقليمية والدولية الإنسانية والحقوقية خلال مرحلة ما بعد 2011م بالتهجير القسري في ليبيا، ويلاحظ ذلك من سيل التقارير الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة بليبيا، والمفوضية الأممية للاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، والمنظمة الدولية لحقوق الإنسان، إلا أن ثمة غياب واضح لدور المراكز البحثية وبشكل خاص – الوطنية - لبحث وكشف وفهم وتفسير هذه الظاهرة، حيث يلاحظ غياب المؤتمرات أو الندوات التي تتناول موضوع التهجير القسري في الداخل الليبي، حيث يُعد هذا الموضوع من الموضوعات المسكوت عنها، كما أسلفنا سابقًا.
وحري بنا أن ننبه إلى كون طبيعة عمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي لم تكن واحدة خلال الفترة الممتدة من 2011- 2019م، فثمة فروق نوعية واضحة سوف تتجلى أمامنا بين عمليات التهجير اﻟﻤﺨتلفة، وبهذا الخصوص، فإن الأمر قد يستلزم تقسيم تلك العمليات إلى عدة مراحل؛ لتكون الآليات والسمات والخصائص لكل مرحلة أكثر وضوحًا وفهمًا، ونقصد هنا بطبيعة عمليات التهجير القسري معرفة أهم عناصر وسمات وآليات التهجير القسري، منها ما يأتي:
• الأطراف التي قامت بالتهجير،
• الأطراف المستهدفة بعمليات التهجير،
• أهداف وغايات التهجير،
• التحالفات المناطقية والقبيلة سواء أكانت المساندة والداعمة، أم الرافضة للتهجير.
المرحلة الأولى - 1 مارس 2011م – 19 أغسطس 2011م:
يعتقد البعض بأن عمليات التهجير القسري في ليبيا بدأت مع سقوط النظام السياسي في 20 أغسطس 2011م، إلا أن الوقائع تبين بأن عمليات التهجير القسري بدأت قبل سقوط النظام السياسي، فمع تحول الحراك المجتمعي إلى نزاع مسلح، بدأت الحرب الأهلية الأولى في ليبيا ما بين القوات التابعة للنظام السياسي، وبين القوات التابعة لحكومة المجلس الانتقالي، حيث أدى وصول قوات تابعة للنظام السياسي إلى مشارف مدينة بنغازي في 19 مارس 2011م، إلى هجرة عدد من سكانها إلى دواخل بنغازي، أو إلى مصر، وذلك خوفًا من حالات التنكيل التي سيتعرض لها الأهالي في حال دخول تلك القوات إلى بنغازي، كما أصدر خلال هذه المرحلة قرار مجلس الأمن رقم 1973، بشأن فرض منطقة حظر طيران على ليبيا، وحماية المدنيين، ورفض التحريض على أعمال العدوان والعنف ضد المدنيين، كما أعرب القرار المذكور عن القلق من معاناة اللاجئين الذين اضطروا للفرار من العنف الحاصل في ليبيا( قرار مجلس الأمن رقم 1973، 2011) ( Security Council Resolution 1973, 2011)، وشملت عمليات التهجير القسري أيضًا عدداً من المناطق التي شهدت اشتباكات مسلحة، أهمها مصراتة، وإجدابيا، والزاوية، والزنتان، والبريقة، وبن جواد، وشهدت العاصمة طرابلس عمليات لهجير قسري لعدد من سكانها، فالقبضة الأمنية وحالات الاعتقال ومهاجمة المتظاهرين داخل العاصمة دفعت بعدد من سكانها إلى الهجرة القسرية إلى الدواخل، وبيّن تقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش استخدام النظام السياسي للذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين، وكذلك اعتقال واختفاء مئات الأشخاص المشتبهين بالتورط في مظاهرات معارضة للحكومة ( تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا 2012م) ( Report on the human rights situation in Libya 2012)
وعمومًا، فإن طبيعة الحرب الأهلية جعلت بعض الأفراد في المناطق والقبائل التي كانت في مواجهة مع النظام السياسي تلجأ إلى الهجرة القسرية، سواء إلى الداخل الليبي أم إلى دول الجوار، وذلك خوفًا من القتل أو الاعتقال وهذا الأمر لم يكن بعيدًا أيضًا عن المدن مثل طرابلس، وبنغازي، حيث شهدت هذه المدن حالات هجرة قسرية سواء للرافضين للنظام السياسي، أم الرافضين للحراك المجتمعي الحاصل، وانتهت هذه المرحلة مع سقوط النظام السياسي في 20 أغسطس 2011م.
المرحلة الثانية - 20 أغسطس 2011 -24 يونيو 2014م:
بدأت هذه المرحلة مع سقوط النظام السياسي في العاصمة طرابلس في 20 أغسطس 2011م، حيث أدى ذلك إلى أن أصبحت عمليات التهجير القسري أكثر وضوحًا، وذلك للقبائل والمناطق المنهزمة؛ - وهي التي وقفت في صف النظام السياسي في مواجهة الحراك المجتمعي- ، فتم تهجير عدد من المناطق والقبائل أهمها : تاورغاء، والمشاشية ، والقواليش، والرياينة الشرقية، إضافة إلى تهجير عدد من سكان العاصمة طرابلس الذين كانوا أيضًا موالين للنظام للسياسي، أو الذين كانوا ضمن ما يسمى بالحرس الشعبي أو غيرها من تشكيلات المسلحة ، كما شهدت المنطقة الجنوبية صراعات قبلية بين عدد من القبائل، أهمها صراع بين أولاد سليمان والقذادفه، والصراع أيضًا بين أولاد سليمان والتبو، والصراع بين الزوي والتبو، لكن تلك الصراعات والحروب لم يسفر عنها أيّ حالات من التهجير القسري كونها مرتبطة بشكل رئيس بمسألة التمثيل المحلي، وتقديم الخدمات، والمسائل المتعلقة بالجنسية وبطاقات الهوية والهجرة غير الشرعية (تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، 5 سبتمبر 2013 ) ( Secretary-General s Report on UN Support Mission in Libya 5 September 2013)
في حين لم تشهد المنطقة الشرقية أيّ حروب قبلية نتيجة لوقوف كل القبائل في صف واحد ضد النظام السياسي، كذلك بروز عدد من الشخصيات القبيلة القادرة على التأثير داخل القبيلة، وينصاع أفراد القبائل لها، وهذا ربما الذي عجل في خروج المنطقة الشرقية بكاملها عام 2011م، من قبضة النظام السياسي السابق قبل المنطقة الغربية ( مرجين، 2019م) (2019، Mrgin)، وشهدت هذه المرحلة اشتباكات مسلحة بين قبائل الزنتان والمشاشية في منطقة مزدة؛ مما أدى إلى تهجير مؤقت لعدد من سكانها من قبيلة المشاشية لكنهم عادوا إلى ديارهم بعد اتفاق على وقف إطلاق النار بين ممثلي القبيلتين ( تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 5 سبتمبر 2013) ( Secretary-General s Report on UN Support Mission in Libya 5 September 2013)
في حين لم يتم تهجير مناطق وقبائل أخرى دعمت وساندت النظام السياسي، مثل: الصيعان،وورشفانة، وبني وليد، والنوائل، وترهونة، حيث لعبت التحالفات القبلية والمناطقية دورًا في عدم التهجير، فهذه القبائل تمتلك تحالفات قبيلة قوية مع أهم القبائل المنتصرة، وبشكل خاص الزنتان ومصراتة، إضافة إلى حقيقة أخرى وهي القوة والكثافة السكانية لهذه المناطق والقبائل حالت دون تعرضها لعمليات التهجير القسري؛ بالرغم من كون بعضها تعرض للتهجير لفترة محدودة جدًا، مثل: تهجير قبيلة ورفله من منطقة بني وليد خلال حرب 2012م من قبل مصراتة، وبعض القبائل الأخرى الموالية لها بأسباب تتعلق ربما بعداوات تاريخية (منظمة ممكن للدعاية والإعلام، 2016) (Possible Media and Advertising Organization, 2016)) أو اتهامات بالولاء للنظام السياسي السابق، حيث تم تهجير سكان بني وليد إلى ترهونة والعربان ونسمة، إضافة إلى بلدات أخرى في غرب ليبيا، وقد عاد أغلبيتهم بعد ذلك إلى ديارهم ( تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 5 سبتمبر 2013) ( Secretary-General s Report on UN Support Mission in Libya 5 September 2013)
وكذلك محاولات زوارة تهجير قبيلة النوائل من منطقة الجميل سنة 2012، ومحاولات نالوت وكاباو تهجير قبيلة الصيعان من منطقة بدر 2012- 2013م، إلا أن تلك المحاولات فشلت نتيجة لقوة القبائل المراد تهجيرها هذا من جهة، إضافة إلى الدعم والمساندة التي تحصلت عليها تلك القبائل من خلال التحالفات القبيلة من جهة أخرى، وفي هذا الصدد يُبين لنا أحد مشائخ الزنتان بأن قبيلة الزنتان قدمت الدعم لقبائل الصيعان في حربها ضد نالوت وكاباو، ودفعت الأطراف إلى عقد اتفاق مصالحة ينهي تلك الحرب (علي خليفة، مقابلة شخصية، بتاريخ 20/ 6/ 2019م)، والأمر ينسحب أيضًا على الحرب بين قبيلة النوائل وزارة، حيث تدخلت مصراتة وتوسطت لإنهاء تلك الحرب، في حين استمر تهجير قبائل المشاشية وتاورغاء والطوارق، حيث لا يزال العديد منهم خلال هذه المرحلة يواجهون عقبات تحول دون عودﺗﻬم إلى ديارهم ( تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 26فبراير 2014) ( Report of the Secretary-General on the United Nations Support Mission in Libya, 26 February 2014) ويرجع ذلك إلى افتقاد هذه القبائل للتحالفات القبلية، كذلك ربما النظرة الدونية لهذه القبائل حالت دون رجوعها، وبشكل خاص قبائل تاورغاء ذوي البشرة السمراء (محمد التاورغي ، مقابلة شخصية، بتاريخ 21/7/2019م).
نخلص من كل ما تقدم إلى وجود قتامة في المشهد المجتمعي خلال هذه المرحلة، حيث شيوع الصراعات والحروب القبلية في الغرب، والجنوب الليبي ، وبروز فاعلين جدد – القبائل والمناطق المنتصرة ، ووجود حكومة ضعيفة غير قادرة على فرض هيمنتها على الأراضي الليبية، وتستمد شرعيتها من قوة الفاعلين الجدد، كل ذلك ساهم في انتشار ظاهرة التهجير القسري في الغرب الليبي، وارتبطت عمليات التهجير القسري خلال هذه المرحلة بتأكيد بروز فاعلين جدد، وفرض العقوبات والهيمنة على المناطق والقبائل المنهزمة؛ بغية تحقيق مكاسب أو مصالح قبلية أو مناطقية.
المرحلة الثالثة - 25 يونيو 2014- 29 مارس 2016:
بدأت المرحة الثالثة سنة 2014م، حيث بدأت بوادر حرب أهلية تبرز على السطح؛ نتيجة للتنافس بين القبائل والمناطق المنتصرة على إحراز المزيد من المكاسب الاقتصادية والسياسية، فمع انتهاء ولاية المؤتمر الوطني وإجراء انتخابات برلمانية ثانية في 25 يونيو 2014م ، رفضت إحدى القوى الفاعلة آنذاك، وهي جماعة الإخوان المسلمين نتائج تلك الانتخابات، فأدى ذلك إلى دخول البلاد في حالة صراع مسلح ما بين أطراف رافضة وأخرى مؤيدة لتلك النتائج، فتصاعدت مشاهد الصراع المسلح، والذي تمثل في الاقتتال بين القبائل والمناطق فيما بينها، حيث وصلت حدة الصراع ما بين الأطراف المتنازعة خاصة في المنطقة الغربية على السلطة إلى حرب داخل العاصمة سنة 2014م، فصدر عن مجلس الأمن قرار رقم 2174 لسنة 2014م، الذي دعا إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ووضع حد لأعمال القتال، كما أعرب عن "تصميمه استخدام الجزاءات المحددة الأهداف سعيًا لتحقيق الاستقرار في ليبيا بموجب البند السابع من ميثاق الامم المتحدة"( قرار مجلس الأمن 2174، 2014م) (Security Council Resolution 2174, 2014)
وأدت هذه الحرب إلى تهجير قسري لقبائل الزنتان والرجبان من مدينة طرابلس، كما أدت إلى تهجير قسري لبعض القبائل من الجبل الغربي إلى طرابلس، أهمها قبيلة ككله.
وفي الوقت نفسه تعاظم اهتمام القبائل والمناطق المنتصرة بمسألة عودة القبائل والمناطق المنهزمة إلى ديارهم، وأصبح هذا الأمر جليًا منذ نهاية حرب 2014م، فمنذ ذلك التاريخ بدأ سيل عارم لا ينقطع من اللقاءات والمؤتمرات المحلية والدولية التي تهتم بهذه المشكلة، فمثلاً : فتح حوار لأول مرة بين مصراتة وتاورغاء برعاية الأمم المتحدة حول عودة المهجرين ، كما فتح حوار محلي بين قبيلة الزنتان وقبيلة الرياينة لرجوع أهالي الرياينة الشرقية إلى ديارهم، إضافة إلى فتح حوار بين الزنتان والمشاشية لرجوع قبيلة المشاشية إلى مناطقهم في مزدة والعوينة، وفي الوقت نفسه شهدت سنة 2015م حرب أهلية بين ورشفانة والزاوية، مما أدى إلى تهجير مؤقت لقبيلة ورشفانة ( تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 25 فبراير 2016) ( Report of the Secretary-General on the United Nations Support Mission in Libya, 25 February 2016)
وفي مناطق الجنوب الليبي شهدت هذه المرحلة اشتباكات متقطعة بين ميليشيات تابعة لقبيلة التبو وأخرى تابعة للطوارق في منطقة أوباري، نتج عنها تهجير قسري لعدد من السكان خوفا من وقوعهم في الحصار في مناطق القتال أو الاعتقال التعسفي ( تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 25 فبراير 2016) (Report of the Secretary-General on the United Nations Support Mission in Libya, 25 February 2016)، وفي بنغازي تصاعدت مشاهد الحرب والاقتتال، بين الجماعات المسلحة ذات التوجه الديني المتشدد، وبين قوات تابعة للمؤسسة العسكرية، مما أدى إلى تهجير المزيد من السكان في محاولة للإفلات من العنف ( إحاطة الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 15 يوليو 2015)، (Briefing to the Special Representative of the Secretary-General and Head of the United Nations Support Mission in Libya 15 July 2015) وبشكل خاص في المناطق القريبة من مطار بنينا، إضافة إلى مناطق بوعطني، والهواري والصابري، حيث تم تهجير السكان إلى مناطق أكثر أمناً، سواء داخل، أم خارج ليبيا.
كما سيطرت داعش خلال هذه المرحلة على مدينة سرت، مما أدى إلى قيام عدد من سكانها بالهجرة إلى مناطق ومدن أخرى أكثر أمنًا، مثل: طرابلس، وترهونة، ومصراتة، وبني وليد (تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 25 فبراير 2016) ( Report of the Secretary-General on the United Nations Support Mission in Libya February 25, 2016)، وخلقت تلك الصراعات والحروب الأهلية المزيد من الشرخ في النسيج الاجتماعي.
وحاصل القول: إن عمليات التهجير القسري خلال هذه المرحلة أصبحت بين القبائل والمناطق المنتصرة فيما بينها، فأصبح هناك صراع يهدف في الأساس إلى إحراز المزيد من المكاسب والمصالح سواء أكان اقتصادياً، أم سياسياً، وبذلك انتقلت أهداف التهجير القسري من فرض الهيمنة والعقوبات على القبائل والمناطق المنهزمة وتأكيد بروز فاعلين جدد، إلى التحول للمنافسة ما بين القبائل المنتصرة للحصول على مكاسب ومصالح جديدة.
كما أن الصراع – المواجهة المسلحة - بين المناطق والقبائل المنتصرة جعلها تلجأ إلى فتح باب الحوار مع المناطق والقبائل المنهزمة؛ والتي تم تهجيرها خلال المرحلة الثانية، بهدف منع أيّ تهديد قد يواجهها من قبل تلك المناطق والقبائل والتزامها الحياد، وعدم المشاركة في المواجهة المسلحة، والسعي نحو خلق تحالفات قبلية جديدة، كما أن التحالفات القبلية الجديدة ما بين القبائل المنتصرة وبعض القبائل المنهزمة جعل من عمليات التهجير القسري خلال هذه المرحلة تتسم بكونها مؤقتة.
المرحلة الرابعة - 30 مارس 2016- أبريل :2019
بدأت هذه المرحلة مع وصول حكومة الوفاق الوطني في 30 مارس 2016، حيث بدأت الحرب على داعش في مدينة سرت، فتمخضت عن تلك الحرب تهجير المزيد من سكان سرت إلى مناطق شرق، وغرب، وجنوب ليبيا، كما شهدت هذه المرحلة استمرار عمليات التهجير القسري لعدد من سكان بنغازي نتيجة لاستمرار الحرب ما بين قوات الجيش التابعة للحكومة المؤقتة، وبين عدد من المليشيات المتطرفة، فمثلا : تم تهجير سكان مناطق الصابري وقاريونس، والليثي إلى مناطق أخرى، سواء داخل أم خارج بنغازي، كما توجه عدد من السكان إلى دول الجوار وبشكل خاص إلى مصر، كما اتسمت هذه المرحلة بعقد سلسلة من المصالحات الوطنية بين القبائل والمناطق المنتصرة، والقبائل والمناطق المنهزمة، تمخض عنها رجوع عدد من القبائل والمناطق المهجرة إلى ديارهم ، منها على سبيل المثال : اتفاق المصالحة بين الزنتان والمشاشية (اتفاق المصالحة بين الزنتان والمشاشية، بشأن عودة النازحين وتعويض المتضررين، 18 مايو 2017م)، واتفاق المصالحة بين القواليش وككله، واتفاق المصالحة بين الزنتان وككله، واتفاق المصالحة بين مصراتة وتاورغاء(محضر اجتماع مصراته وتاورغاء بشأن عودة النازحين وتعويض المتضررين، 31 أغسطس 2016م)
وفي 27 أغسطس 2018م، شهدت العاصمة طرابلس حرباً أهلية ما بين جماعات مسلحة من قبيلة ترهونة وأخرى تتبع الجماعات المسلحة من طرابلس، وتأتي هذه الحرب في سياق التنافس ما بين القبائل والمناطق، والتي ترى لنفسها الحق في فرض آرائها، أو توجهاتها السياسية أو القبلية، أو المناطقية (مرجين، 6/9/2018م) ( 6-9-2018،Mrgin) ، كما تمخضت هذه الحرب عن تهجير قسري لعدد من سكان طرابلس في مناطق وادي الربيع، وخلة الفرجان، وصلاح الدين )تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، 7 يناير 2019م) (Report of the Secretary-General on the United Nations Support Mission in Libya, 7 January 2019)
ويُبين تقرير أممي صدر 2018م بأنَّ الدوافع الرئيسة للتهجير القسري خلال هذه المرحلة هي "النزاع المسلح، وانتهاكات حقوق الإنسان، والاضطهاد على أساس الانتماء السياسي"(المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سبتمبر 2018م) (UNHCR, September 2018)
وفي أبريل 2019م، قامت قوات عسكرية تابعة للحكومة المؤقتة بالسيطرة على عدد من المدن والقرى في المنطقة الغربية والتابعة لحكومة الوفاق الوطني، حيث دخلت هذه القوات إلى تخوم طرابلس مما أدى إلى نشوب حرب أدت إلى تهجير قسري لعدد من سكان طرابلس والعزيزية والسواني.
ومع كل ما سبق، يمكن القول بأن طبيعة عمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي خلال الفترة ما بعد 2011 إلى 2019م كانت متشابكة ومعقدة، حيث سأكتفي في هذا السياق بالتنويه إلى أهم الملاحظات عن المراحل السابقة، وهي:
• خلال المرحلة الأولى من عمليات لتهجير القسري كان بسبب الحرب القائمة ما بين النظام السياسي وقوات تابعة لحكومة المجلس الانتقالي، فخوف بعض القبائل والمناطق من حالات التنكيل التي ستتعرض لها نتيجة لمواقفها المؤيدة للحراك المجتمعي، دفع بعض أفرادها للهجرة إلى الدواخل بحثا عن الأمان، كما أن البعض قام بالهجرة إلى دول الجوار.
• تعد المرحة الثانية من أعنف مراحل التهجير القسري التي مارستها القبائل والمناطق المنتصر على بعض القبائل والمناطق المنهزمة، حيث إن هذا الأمر أصبح جليًا مع سقوط النظام السياسي في 20 أغسطس 2011م، والذي شهد تهجير بعض القبائل من مناطقها مثل: تاورغاء، والريانية الشرقية، والعوينية، والقواليش.
• المفارقة السيوسولوجية اللافتة الانتباه بدأت مع المرحلة الثالثة، حيث بدأت مسألة التهجير القسري بالتحول الجد مهم، فأصبح هناك صراع ما بين القبائل والمناطق المنتصرة على إحراز المزيد من المكاسب؛ فنتج عنها المزيد من عمليات التهجير القسري، ولكن هذه المرة أصبحت المناطق والقبائل المنتصرة هي المستهدفة من عمليات التهجير.
• أصبحت عمليات التهجير القسري أداة من الأدوات التأديبية والعقابية وفرض الهيمنة، وتحقيق المكاسب والمصالح التي تمارسها بعض القبائل والمناطق المنتصرة على القبائل والمناطق المنهزمة أو فيما بينها، في ظل ضعف السلطة المركزية تارة أو غيابها تارة أخرى.
• إن أبرز ما يلاحظ هو اقتصار التهجير القسري في المنطقة الشرقية على مدن بنغازي ودرنة؛ وذلك بسبب مواقف بعض الأسر والأفراد من الحرب ما بين المؤسسة العسكرية التابعة للحكومة المؤقتة، وبعض المليشيات المتطرفة، في حين لا توجد أيّ عمليات تهجير قسري للقبائل في المنطقة الشرقية نتيجة لوجود حالات توافق قبلي ما بين تلك القبائل، حيث بين بعض مشائخ المنطقة الشرقية على مواقفهم الموحدة والمؤيدة للمؤسسة العسكرية (ادريس محمد، مقابلة شخصية 12/5/2019م).
• لا يمكن فهم التهجير القسري في المجتمع الليبي، وبشكل خاص في المنطقة الغربية – كونها شهدت أكثر موجات التهجير القسري- بعيدًا عن دائرة العلاقات التاريخية بين القبائل من خلال ما يسمى بالأحلاف القبلية، حيث ساهمت هذه الأحلاف مساهمة فعالة في عدم وجود عمليات تهجير قسري تارة، أو في التخفيف من حدة التهجير القسري تارة أخرى، في حين أن المناطق والقبائل التي كانت خارج الأحلاف القبلية لا تزال تعيش في حالات التهجير القسري، بالتالي عمليات التهجير القسري سواء أكانت المؤقتة، أم المستمرة لبعض القبائل لم تكن مجرد مصادفة عابرة، أنما هي نتيجة مترتبة على الأحلاف القبلية.
إن السؤال البارز الذي يقفز إلى الذهن ونحن نختم هذا المبحث هو: ما أهم الآثار والتحديات التي واجهت المجتمع الليبي نتيجة لعمليات التهجير القسري؟
- المبحث الثالث - أهم الآثار والتحديات التي واجهت المجتمع الليبي نتيجة لعمليات التهجير القسري:
ليس غريبًا في ظل ما شهده المجتمع الليبي من حالات تهجير قسري لبعض القبائل والمناطق أن تظهر عدة آثار لهذه الظاهرة، حيث كان بعضها نتيجة مترتبة على استمرار حالات التهجير القسري، إضافة إلى مسألة الاتساع في استخدام التهجير القسري لبعض المناطق والقبائل، وفي ظل استمرار عدم وجود سلطة مركزية قوية تكون قادرة على كبح جماح القبائل والمناطق المنتصرة، وإخضاعها لإرادتها ومن ثم مد نفوذها وسيطرتها على كامل التضاريس.
وبالرغم من انتشار واتساع ظاهرة التهجير القسري، إلا أنها – كما أوضحنا - لا تزال من ضمن الظواهر المسكوت عنها في المجتمع، حيث لا تزال تُعاني هذه الظاهرة من قلة أو ضعف المعالجات والبيانات عنها، كون البحث والكشف فيها قد يُسبب مشاكل ومضايقات للبحاث، نتيجة لقيام الجماعات المسلحة التابعة للقبائل والمناطق المنتصرة بتهديد أو اعتقال أي باحث قد يقوم بزيارة مخيمات المهجرين، وإجراء لقاءات، أو مقابلات معهم، ويتذكر الباحث بعض المواقف التي تعرض لها منذ 2012م نتيجة قيامه بزيارات لعدد من مخيمات المهجرين قسريًا في جنزور، وطرابلس، حيث طُلبت منه الجماعات المسلحة التي تُدير تلك المخيمات عدم التواجد في هذه الأماكن، وعدم إجراء أيّ مقابلات مع المهجرين، وإلا تعرض للاعتقال، بالتالي اعتمد الباحث على عدد من المقابلات السرية مع عدد من المهجرين قسريا من مناطق تاورغاء، والمشاشية، إضافة إلى مقابلات مع عدد من الشخصيات القبيلة التي قامت بدور في عمليات المصالحة الوطنية.
وعموما فإن ما يعنينا الإشارة إليه في هذا الخصوص هو وجود سلسلة من الآثار والتحديات المباشرة التي نجمت عن عمليات التهجير القسري يمكن رصد أهمها:
 لقد أدت عمليات التهجير القسري إلى انهيار بنية شبكة العلاقات المجتمعية للقبائل والمناطق التي تعرضت للتهجير القسري، مما أدى إلى خلخلة النسيج الاجتماعي في المجتمع برمته، حيث تم تشريد عدد من القبائل واقتلاعهم من مناطقهم وبشكل واسع في مرحلة ما بعد سقوط النظام 2011م، وتوزيعهم على عدد من المناطق والقبائل، حيث يمكن أن نطلق على بعضهم بقبائل الشتات نتيجة لتوزيعهم على عدد من المناطق شرقا وغربا وجنوبا.
 أدت عمليات التهجير إلى حد ما إلى انقطاع العلاقات الاجتماعية، وتحلل صلات القربى والجيرة، وحياة القبائل الجماعية.
 تدمير البنية التحتية للمناطق التي تعرضت للتهجير القسري، حيث يمكن الاستشهاد برأي أحد أعضاء المجلس المحلي بتاورغاء الذي أوضح "إن جميع محطات الطاقة وتنقية المياه وخزانات توزيع المياه وكابلات الكهرباء تحت الأرض تعرضت للنهب أو التدمير، كما أن جميع المباني الإدارية العامة، بما فيها قاعة المحكمة، فرع البنك الرئيسي، المستشفى العام والكثير من المدارس الـ 22، إن لم تكن كلها، لحقتها أضرار، بدت في أغلبها ناتجة عن الحرق والنهب"( تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا 2019م) ( Report on the human rights situation in Libya 2019)، ويمكن أيضًا الاستشهاد بتقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سنة 2018م يصف تداعيات حرب 2014م بأنها أدت إلى" وقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، ونزوح مئات الآلاف من الأشخاص، وتعطيل وصول الناس إلى الخدمات الأساسية، وسبل كسب العيش، وتدمير البنية التحتية الحيوية"(المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سبتمبر 2018م) UNHCR,) September 2018)
 أدت عمليات التهجير إلى عمليات الاستيلاء على أراضي القبائل والمناطق المهجرة ونهب وسلب الممتلكات الخاصة والعامة.
 تفشي ظاهرة البطالة، وازياد الفاقة، وفي هذا الصدد أود تسجيل ملاحظة: وهي أن جل من تم مقابلتهم فقدوا وظائفهم الحكومية السابقة، وعندما حاولوا البحث عن وظائف حكومية جديدة كانت تواجههم مشاكل كونهم من قبائل ومناطق التهجير وبشكل خاص الأشخاص الذين من قبائل تاورغاء، حيث يتم رفض توظيفهم في القطاعات الحكومية.
 سوء الأحوال الصحية، خاصة في المخيمات المنتشرة في مدينتي طرابلس وبنغازي، حيث الوجوه شاحبة، والأجسام ذابلة ومنهمكة، ولقد رأيت مآسي، فهناك مجاري مكشوفة، وتراكم للقمامة، كل ذلك أدى إلى سوء الأحوال الصحية.
 يعيش أغلب المهجرين في مخيمات، عبارة عن مباني مهترئة ومرافق قديمة، تفتقر لوجود شبكات الصرف الصحي، والمياه الصالحة للشرب، وهي بشكل عام تفتقر إلى أدنى أسس السكن، ويعتمدون على مساعدات بعض الجمعيات الخيرية وبعض الأهالي، وفي مرحلة أخرى أصبحوا يعتمدون أيضا على مساعدات من الأمم المتحدة.
 أصبحت مسألة الاعتداء على المهجرين قسريًا في المخيمات مسألة يومية، وبشكل خاص خلال الفترة من 2012- 2014م، حيث تُرتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، ويرصد تقرير أممي أهم تلك الانتهاكات " بالاعتقال التعسفي، والاختطاف والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة وغيره من أشكال العنف وعمليات القتل غير القانونية "(المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سبتمبر 2018م) ( UNHCR, September 2018)، ولاحظ الباحث خلال زياراته لبعض مخيمات المهجرين وجود شعور بالخوف من أي قادم إلى المخيم، وهذا متأتٍ من تعرض المخيمات لحملات تفتيش متكررة من قبل بعض الجماعات المسلحة، حيث تقوم هذه الجماعات بترهيب المهجرين، وفي بعض الأحيان تتم عمليات قتل نتيجة لإطلاق الرصاص العشوائي، وبالرغم من كون تلك الحملات قد تقلصت أو انتهت في جل المخيمات إلا أن الشعور بالخوف لا يزال موجوداً.
 بروز مشاكل التسرب في التعليم، خاصة لدى تلاميذ مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وهذا سيكون له تأثير سلبي على تنشئتهم الاجتماعية وتواصلهم مع أفراد المجتمع.
 توقف بعض الطلاب عن الذهاب إلى الجامعات، خاصة تلك الجامعات التي تقع في دائرة نفوذ المناطق والقبائل المنتصرة، كما أن الشعور بالتمييز دفع بعض الطلبة نحو التعليم وبرزت حالات التفوق العلمي في بعض المجالات وساعدهم ذلك في الحصول على فرص الإيفاد بالخارج (على مسعود، مقابلة شخصية ، بتاريخ 12/5/ 2019م)
 أدى التهجير القسري إلى عزل اجتماعي لبعض القبائل والمناطق وإلى تفتيت بنية العائلة الواحدة التقليدية، فأصبحت هناك أسر انفرط عقدها، وانقسمت وتشت أفرادها ، مما خلق الشعور بحالات الغربة والمرارة واليأس وفقدان الثقة بالنفس( محمد التاورغي ، مقابلة شخصية ، بتاريخ 21/7/2019)
 افرزت عمليات التهجير القسري قيادات قبلية ومناطقية جديدة، وهذا يعني بالضرورة تقليص دور القيادات السابقة ( محمد التاورغي ، مقابلة شخصية ، بتاريخ 21/7/2019)
 أصبح هناك زيادة للولاء القبلي أمام ضعف مد مؤسسات الدولة، نتيجة لضعف السلطة وعدم مقدرتها على فرض إرادتها على القبائل والمناطق المنتصرة، كما أوضحنا في غير هذا الموضع.
 تسببت عمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي إلى تعثر عمليات التحول الديمقراطي، حيث لا تزال أعداد كبيرة من المهجرين ترفض المشاركة في أيّ عملية انتخابية قبل الإقرار برجوعها إلى مناطقها.
 التغيير في بعض القيم الاجتماعية للقبائل والمناطق المهجرة قسريًا، وفي هذا الصدد حدثني أحد المسؤولين في مخيمات المهجرين بوجود عدد من القيم الجديدة أهمها قبول توظيف المرأة بشكل أكثر مما كان في السابق( محمد التاورغي ، مقابلة شخصية ، بتاريخ 21/7/2019)
إن المجال لا يتسع للحديث عن جل الآثار والتحديات، وهذا الأمر بحاجة للمزيد من البحث والكشف، فهو حسب اعتقادي لا يزال يتأثر بالتوسع والتعمق نتيجة لعدم قيام أي من الحكومات السابقة، أو الحالية بأيّ إجراءات فعالة لمعالجة عمليات التهجير القسري، وهذا ربما يدفعنا للبحث عن أهم التصورات المستقبلية لمعالجة عمليات التهجير القسري.
- المبحث الرابع - أهم التصورات المستقبلية المقترحة لعمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي:
إذا أمعنا النظر في ملامح الصورة الراهنة لعمليات التهجير القسري في المجتمع الليبي فسوف تتكشف لنا سريعًا تلك الظلال القاتمة التي يتم في طياتها القيام بعمليات التهجير القسري، ويلوح شبه إجماع حول تلازم هذا المفهوم مع دخول المجتمع الليبي في حالات صراع سواء أكان صراعاً داخلي ما بين السلطة المركزية ضد المناطق والقبائل المعارضة لها، أم صراع داخلياً ما بين المناطق والقبائل فيما بينها في ظل ضعف السلطة المركزية، أم صراع القبائل والمناطق ضد التدخل الأجنبي.
إن فهم الكثير من المسائل المرتبطة بعمليات التهجير القسري – كما ذكرنا في المباحث السابقة - لا يمكن فهمها بعيدًا عن المكاسب والمصالح القبلية والمناطقية، كما أنها كانت ولا تزال أداة من أدوات الهيمنة وفرض المصالح كما سبق وذكرنا.
وقد اهدرت الحكومات السابقة منذ 1951- 2011م فرصة تاريخية نحو تأصيل وترسيخ مفهوم المواطنة، والعمل على تقوية مؤسسات الدولة بالشكل المطلوب، إنما عملت على اللجوء واستقطاب القبائل في معالجات الكثير من القضايا (مرجين، 2018، ص 52-56)،(2018، P52-56، Mrgin) مما جعل هناك مساحات لدور القبائل، بالمقابل أصبح هناك تقليص لدور مؤسسات الدولة.
إن الأسئلة التي تطفو على السطح الآن ونحن نبحث عن تصورات مستقبلية لعمليات التهجير القسري هي:
 كيف يمكن الخروج من هذه المشكلة؟
 كيف يمكن فتح ثغرة في جدار التاريخ - الحالي المسدود - للولوج إلى مسارات مستقبلية لحل مشكلة التهجير القسري في المجتمع الليبي؟
وهنا نود أن نصارح القارئ منذ البداية بأن الخروج من هذه المشكلة يكمن أولًا بالاعتراف بوجودها، لتتم بعد ذلك عملية أو عمليات التشخيص والكشف عنها، ومن ثم تبدأ أيضًا عملية أو عمليات البحث عن العلاج أو المعالجات المناسبة لها، فالاستمرار في التجاهل والسكوت عن كل ذلك سيؤدي بالضرورة إلى تفاقم الظاهرة، وخلق أحداث تعصف بوحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي، وبالتالي أول شروط الحل يكمن بالاعتراف بوجود مشكلة التهجير القسري، ليتم بعد ذلك القيام بعمليات البحث والكشف والتشخيص بالشكل المطلوب والسليم.
إن نجاح عمليات البحث والكشف ستكون متوقفة على مدى وجود بيئة مجتمعية محفزة وداعمة على قبول معالجة عمليات التهجير القسري، ومعني هذا ببساطة شديدة الحاجة إلى توفر شروط نضوج البيئة المجتمعية في المجتمع الليبي، خاصة لدى المناطق والقبائل المنتصرة، ولست بحاجة إلى التذكير مرة أخرى بالحاجة إلى مرحلة بناء وتعزيز قوة القانون من خلال وجود حكومة قوية تكون قادرة على بناء مؤسسات دولة قوية؛ وتكون قادرة على تطبيق القانون، وحماية الحريات، فالتحدي الكبير الذي يواجه استمرار حالات التهجير القسري في ليبيا – حسب اعتقادي - هو غياب سلطة قوية، وهذا ربما يُعد تفسيرًا منطقيًا ربما يحتاج إلى لفت النظر إليه.
فعودة المهجرين إلى ديارهم تحتاج إلى مؤسسات دولة قوية لحمايتهم؛ وهذا يعني ببساطة شديدة أن تحقيق شروط العودة المهجرين إلى سالف عهدهم، والانتقال وتجاوز مرحلة التهجير القسري وما أحدثته من آثار وتحديات لن تكون بالعملية السهلة، أو أنها يمكن أن تتحقق دون حدوث مشاكل، أو احتكاكات، كما أن عمليات العودة أو الرجوع لن تتحقق بين عشية وضحاها، خاصة في مجتمع سيطر عليه لعقود من الزمن الفكر القبلي، فلا يمكن اختزال معالجة التهجير القسري في مجرد العودة، دون النظر في مسائل التعويضات وجبر الضرر، فعودة المهجرين لا تحصل هكذا بشكل ارتجالي، دون مرورها بمراحل الترسيخ والتأصيل، فهي بحاجة إلى تمهيد الطريق، وإنارة العقول، وإنضاج الظروف، وبالتالي يمكن طرح عدد من التصورات والمقترحات أهمها:
 الحاجة إلى وجود إرادة سياسية حقيقية من قبل الحكومة تعلن بشكل واضح وصريح رؤيتها حول موضوع التهجير القسري، على أن تقوم بنشرها في وسائل الإعلام المتنوعة.
 العمل على إعداد خطة وطنية متكاملة لعودة المهجرين قسريا إلى ديارهم.
 الحاجة إلى وجود تشريعيات واضحة، ومحددة، تُجرم أية عمليات للتهجير القسري مستقبلاً، وتلزم مؤسسات الدولة على ضرورة عودة المهجرين إلى ديارهم.
 تأسيس هيئة وطنية تعمل على تسهيل عودة المهجرين قسريًا إلى ديارهم.
 قيام الحكومة بنشر البيانات والمعلومات عن المهجرين قسريًا، مع أهمية تحديد الإكراهات التي تُعثر عملية العودة.
 إنشاء صندوق وطني يهدف إلى إعادة بناء المناطق المهجرة، وتعويض المهجرين.
 السعي الحثيث نحو ترسيخ وتأصيل قيم المواطنة، بغية تحول الوعي المجتمعي نحو مؤسسات الدولة الوطنية.
 إشراك الأمم المتحدة بشكل فاعل في برامج عودة المهجرين قسريًا.
 الحاجة لوجود برامج توعوية من خلال وسائل الإعلام المرئية، والمسموعة، ووسائل التواصل الاجتماعي؛ من أجل إحداث التوعية والتأثير المطلوب.
 تشجيع البحاث والمراكز البحثية على كشف ودراسة هذه الظاهرة، كونها لا تزال بحاجة للمزيد من البحث المتعمق والنظرة الفاحصة.
وأخيرًا يمكن القول:
بأن هذا البحث ربما تُشكل محاولة متواضعة لتوضيح ظاهرة التهجير القسري في المجتمع الليبي، وهي ظاهرة محزنة ومؤثرة، وتصلح أن تكون درسًا نتعلم منه بأن الصراعات والحروب الأهلية لا تنتج مجتمعاً صحيحاً وسليماً بكل معانيه،
إن هذه المحاولة ربما تضع هذه الظاهرة ضمن سياق الاهتمام الحكومي؛ بغية إماطة اللثام عنها أكثر، ولتُمكن البحاث من الاقتراب منها، ومعايشتها بعيدًا عن إكراهات الجماعات المسلحة، كما أنها تدعو إلى أهمية دعم مبادرات المصالحة الوطنية.
المراجع والمصادر
أ.الوثائق
1. اتفاق المصالحة بين الزنتان والمشاشية، بشأن عودة النازحين وتعويض المتضررين، 18 مايو 2017م.
2. محضر اجتماع مصراتة وتاورغاء بشأن عودة النازحين وتعويض المتضررين، 31 أغسطس 2016م
3. قرار مجلس الامن 1970 لسنة 2011م https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/SRES1970_ar.pdf
4. قرار مجلس الامن 2174 لسنة 2014م. https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/UNSCR%202174_AR.pdf
ب.الكتب
1- أبوصوة، محمود أحمد، 2012، جدلية المجال والهوية – مدخل لتاريخ ليبيا العام، ط1، دار الرواد ، طرابلس – ليبيا،.
2- البربار، عقيل محمد، 1996، دراسات في تاريخ ليبيا الحديث، منشورات،ELGA .
3- بروشين ، نيكولاي ، 2001، تاريخ ليبيا من نهاية القرن التاسع عشر حتى العام 1969م، ترجمة عماد حاتم، دار الكتب الجديدة المتحدة ، ط2 ، بيروت – لبنان.
4- جيدنز، أنتوني، 2006، مقدمة نقدية في علم الاجتماع، ترجمة أحمد زايد، وآخرون، ط2 مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، كلية الآداب، جامعة القاهرة.
5- الحسناوي، حبيب وداعة ، 2004، بعض المشكلات المنهجية حول دراسة موضوع المنفيين في الجزر الإيطالية، في المنفيون الليبيون إلى إيطاليا خلال فترة الاستعمار الإيطالي، الندوة الثالثة 30 -31/01/2002م، النفي إلى جزيرة بونزا، تحرير صلاح الدين السوري، كارلا جيرى، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية – معهد الإيطالي لأفريقيا والشرق ، ص 53- 72 .
6- الزاوي، الطاهر أحمد، 2004، جهاد الأبطال في طرابلس الغرب، ط4، دار المدار الإسلامي، بيروت – لبنان، 2004م
7- شربل، غسان ، 2012، في خيمة القذافي، رفاق العقيد يكشفون خبايا عهده ، طذ، بيروت ، دار رياض الرايس للكتب والنشر.
8- شرف الدين، إنعام محمد سالم ، 1998، تاريخ طرابلس الاجتماعي والاقتصادي، دراسة في مؤسسات المدنية التجارية 1711- 1835، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ، طرابلس – ليبيا.
9- ميكاكي، رودلف، 1961، طرابلس الغرب تحت حكم أسرة القرمانلي، ترجمة، طه فوزي، مراجعة حسن محمو ، كمال الدين الخربوطي، دار الفرجاني – طرابلس – ليبيا .
ج.الدوريات
1. مرجين، حسين سالم ، 2018، الحركات الاحتجاجية والاجتماعية في ليبيا بين أزمة الدولة والانشاقاقات المجتمعية في مجلة بحوث ، مركز لندن للبحوث والدراسات والاستشارات، العدد 21، سبتمبر، ص 47- 64
2. الرغثي، يوسف سالم ، 1989، المعتقلات والمنافي خلال حركة جهاد الليبيين المعاصرة وأصداؤها في الشعر الشعبي، مجلة الشهيد ، منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، العدد العاشر، أكتوبر ص 255- 268
د.المواقع الالكترونية
1. إحاطة الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 15 يوليو 2015 https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/SRSG%20Leon%20Security%20Council%20Briefing%2015%20July%202015%20Ar.pdf
2. تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 7 يناير 2019م ، منشورات الأمم المتحدة في: https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/sg_report_on_unsmil_s_2019_19a.pdf
3. تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 5 سبتمبر 2013 https://undocs.org/ar/S/2013/516
4. تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 21 فبراير 2013 https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/S_2013_104%20Report%20of%20SG%20on%20Libya%20%28Feb%202013%29_ARABIC.pdf
5. تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 26فبراير 2014، https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/SGReport26February2014AR.pdf
6. تقرير الأمين العام عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 25 فبرير 2016 https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/N1604041.pdf
7. تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا 2012م، https://www.hrw.org/ar/world-report/2012/country-chapters/259719
8. تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا 2015م https://www.ohchr.org/Documents/Countries/LY/UNSMIL_OHCHRJointly_report_Libya_16.11.15_AR.pdf
9. تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا 2017م، https://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298412
10. تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا 2019م،: https://www.hrw.org/ar/news/2019/01/24/326803
11. تقرير حول أوضاع حقوق الانسان في ليبيا2018م https://www.hrw.org/ar/world-report/2018/country-chapters/313420
12. مرجين ، حسين سالم ، ترهونة تتبنى رؤية جديدة لدور الجماعات المسلحة في طرابلس، منشور في الحوار المتمدن-العدد: 5986 تاريخ النشر 6/9/2018م، في : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=610706&r=0
13. مرجين، سالم مرجين، الشيخ والقبيلة في حرب طرابلس 2019م، الحوار المتمدن- العدد: 6257، تاريخ النشر11/6/2019م،: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=639974
14. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سبتمبر 2018م، موقف المفوضية من العودة إلى ليبيا (التحديث الثاني)، منشورات الأمم المتحدة https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=5c6a9e844
15. النزاع بين مصراتة وبني وليد، تاريخ الأزمة – رأي المواطنين في النزاع – سبل الحل والتخفيف ، دراسة حالة 2016 ، منظمة ممكن للدعاية والإعلام،: http://moomken.org/ly/wp-content/uploads/2017/07/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B2%D8%A7%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D8%A9-%D9%88%D8%A8%D9%86%D9%8A-%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF-.pdf
References
A. Books
1- Abusawa, Mahmoud Ahmed, 2012, Dialectic of The Field and Identity - An Introduction to Libya s General History, I1, Dar al-Ra ad, Tripoli, Libya.
2- Al-Barbara, Aqeel Mohammed, 1996, Studies in The Modern History of Libya, Publications, ELGA.
3- Prochin, Nikolai, 2001, The History of Libya from the end of the 19th century until 1969, translated by Imad Hatem, New Book House United, I2, Beirut- Lebanon.
4- Giddins, Anthony, 2006, Critical Introduction to Sociology, translated by Ahmed Zayed, et al., I2 Center for Research and Social Studies, Faculty of Arts, Cairo University.
5- Al-Hasnaoui, Habib Wadaa, 2004, some methodological problems about the study of the subject of exiles in the Italian islands, libyan exiles to Italy during the Italian colonial period, 3rd symposium 30-31/01/2002, exile to The Island of Ponza, liberation of Salah eddin Al-Suri, Carla Geary, Jihad Center Libyans for Historical Studies - Italian Institute for Africa and the East, p. 53-72.
6- Zawi, Taher Ahmed, 2004, Jihad al-Heroes in Tripoli West, T4, Dar al-Madras, Beirut, Lebanon.
7- Charbel, Ghassan, 2012, in Kadhafi s tent, colonel s comrades reveal the secrets of his reign, Ta a, Beirut, Riad al-Rais s book and publishing house.
8- Sharaf al-Din, Inam Mohammed Salem, 1998, Tripoli s Social and Economic History, Study at Civil Commercial Institutions 1711-1835, Libyan Jihad Center for Historical Studies, Tripoli, Libya.
9- Mikaki, Rudolph, 1961, Tripoli West under the Rule of the Garmanli Family, Translation, Taha Fawzi, Review of Hassan Mohammed, Kamal al-Din Al-Khorbouti, Dar al-Farjani - Tripoli- Libya.
B. Periodicals
1. Mrgin, Hussein Salem, 2018, protest and social movements in Libya between the state crisis and community hardships in the Journal of Research, London Research, Studies and Consultancy, Issue 21, September, p. 47-64.
2. Al-Raghthi, Youssef Salem, 1989, detained and exiled during the contemporary Libyan jihad movement and its echoes in popular poetry, Al-Shaheed Magazine, Publications of the Libyan Jihad Center for Historical Studies, Issue 10, October 255-
c. Websites
1. Briefing the Special Representative of the Secretary-General and the Head of the United Nations Support Mission in Libya 15 July 2015: https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/SRSG%20Leon%20Security%20Council%20Briefing%2015%20July%202015%20Ar.pdf
2. Secretary-General s Report on the UN Support Mission in Libya 7 January 2019, UN Publications in: https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/sg_report_on_unsmil_s_2019_19a.pdf
3. Secretary-General s Report on UN Support Mission in Libya 5 September 2013: https://undocs.org/ar/S/2013/516
4. Un-Support Mission in Libya Report by the Secretary-General on 21 February 2013: https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/S_2013_104%20Report%20of%20SG%20on%20Libya%20%28Feb%202013%29_ARABIC.pdf
5. Report of the Secretary-General on the United Nations Support Mission in Libya, 26 February 2014: https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/SGReport26February2014AR.pdf
6. Report of the Secretary-General on the United Nations Support Mission in Libya 25 February 2016 https://unsmil.unmissions.org/sites/default/files/N1604041.pdf
7. Report on the human rights situation in Libya 2012: https://www.hrw.org/ar/world-report/2012/country-chapters/259719
8. Report on the human rights situation in Libya 2015: https://www.ohchr.org/Documents/Countries/LY/UNSMIL_OHCHRJointly_report_Libya_16.11.15_AR.pdf
9. Report on the human rights situation in Libya 2017: ttps://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298412
10. Report on the human rights situation in Libya 2019: https://www.hrw.org/ar/news/2019/01/24/326803
11. Report on the human rights situation in Libya 2018 : https://www.hrw.org/ar/world-report/2018/country-chapters/313420
12. Mrgin, Hussein Salem, Tarhuna adopts a new vision for the role of armed groups in Tripoli, published in The Civilized Dialogue - Issue: 5986 Published Date 6/9/2018: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=610706&r=0
13. Mrgin, Salem Marjin, Sheikh and tribe in the Tripoli War 2019, Civilized Dialogue - Issue: 6257, published 11/6/2019: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=639974
14. Unhcr September 2018, UNHCR s position on returning to Libya (Second update), UN publications: https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=5c6a9e844
15. The conflict between Misrata and Bani Walid, the history of the crisis - citizens opinion on the conflict - ways of solution and mitigation, case study 2016, possible organization for propaganda and media: http://moomken.org/ly/wp-content/uploads/2017/07/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B2%D8%A7%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D8%A9-%D9%88%D8%A8%D9%86%D9%8A-%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF-.pdf

تم نشر المقالة في مجلة الاستاذ للعلوم الإنسانية والاجتماعية- جامعة بغداد - المجلد رقم 59، العدد 4 لسنة 2020م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا