الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حل اشكال رؤية الهلال

محمد الصادق

2021 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بسم الله الرحمن الرحيم
{قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُم} [الزخرف: 24]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد الصادق الأمين
للامام احمد قول بوجوب صوم يوم الغيم (30 شعبان) احتياطا لرمضان، بناءً علي طريقة ابن عمر التي تبعه فيها بعض كبار الصحابة والتابعين؛ فقد كان ابن عمر –حسب الروايات- يصوم قبل الناس بيوم ولكنه يفطر مع الناس، فلم يكن لذلك القول اثر كبير في منهج اثبات شهر رمضان.
ولكن الجدل الذي دار حول مسألة الصوم الاحتياطي في فترات لاحقة ادي الي تحول المسألة الي خلاف حاد كان له تأثير كبير.

فاصرار علماء الحنابلة مثل ابن الفراء وابن الجوزي علي صوم الاحتياط ادخلهم في جدل مع علماء الجمهور مثل الخطيب البغدادي الذي صنف رسالة في الرد علي كتاب ابن الفراء (ايجاب الصوم ليلة الاغمام) ثم الف ابن الجوزي (درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم) في الرد علي الخطيب.

تركزت حجة الجمهور في ان المقصود باكمال العدة هو اكمال شعبان اعتمادا علي رواية في البخاري، وان 30 شعبان هو يوم الشك المنهي عنه، بينما اصر الحنابلة علي ان المقصود بالاكمال هو اكمال رمضان بدليل رواية (فان غم عليكم فصوموا ثلاثين) [مسلم والنسائي وابن ماجة].

ثم جاء شمس الدين (ابن عبد الهادي) تلميذ ابن تيمية الذي اقترح – انهاءً للخلاف: اكمال شعبان واكمال رمضان، فقال:

"الذي دلَّت عليه الأحاديث في هذه المسألة وهو مقتضى القواعد أنَّ أيَّ شهرٍ غُمَّ أكمل ثلاثين، سواء في ذلك شهر شعبان وشهر رمضان وغيرهما، وعلى هذا فقوله: (فإن غُمَّ عليكم فاكملوا العدَّة) يرجع إلى الجملتين- وهما: قوله: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فاكملوا العدَّة)- أي: غُمَّ عليكم في صومكم أو فطركم، وهذا هو الظَّاهر من اللفظ، وباقي الأحاديث تدلُّ على هذا، كقوله: (فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له) وليس المراد: ضيِّقوا، كما ظنَّه من ظنَّه من الأصحاب، بل المعنى: احسبوا له قدره" [تنقيح التحقيق]

ولكن نعتقد اعتقادا جازما ان ما قاله ابن عبد الهادي ادخل المسألة في "غلوتيّة" ضلّلت الناس عن المنهج الصحيح لاثبات شهر الصوم.

فمقترح ابن عبد الهادي لم يرق لابن القيم ، فقد تحدث عن:

"التفريق بين يومين متساويين في الشك، فيجعل أحدهما يوم شك، والثاني يوم يقين، مع حصول الشك فيه قطعا، وتكليف العبد اعتقاد كونه من رمضان قطعا، مع شكه هل هو منه أم لا؟ تكليف بما لا يطاق، وتفريق بين المتماثلين" [زاد المعاد في هدي خير العباد]

فعلي حسب ما قال ابن القيم لدينا يومان للشك (عند الاغمام):
1- 30 شعبان : لا ندري هل هو من شعبان ام من رمضان
2- 30 رمضان: لا ندري هل هو من رمضان ام من شوال
الاشكال في مسألة رؤية الهلال:
- "واختلف العلماء في معنى فاقدروا له فقالت طائفة من العلماء معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب وممن قال بهذا أحمد بن حنبل وغيره ممن يجوز صوم يوم ليلة الغيم عن رمضان ... وقال بن سريج وجماعة منهم مطرف بن عبد الله وبن قتيبة وآخرون معناه قدروه بحساب المنازل وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور السلف والخلف إلى أن معناه قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما" [شرح النووي علي مسلم]
- فكان عبد الله يصوم قبل الهلال بيوم قيل لإبراهيم بن سعد يتقدمه قال نعم: ظاهره استغراب صوم يوم الشك ووقوعه منهم موقع العجب" [مسند الشافعي]
-لا اختلاف في ان رؤية هلال رمضان تعني الصوم ورؤية شوال الفطر:
-كيف نجمع بين قوله (ص) ان الشهر 29 وعند الاغمام 30؟ لدينا رقمان فقط!!

استغراب العلماء لقوله (ص): (الشهر تسع وعشرون)
1- في حديث رؤية هلال رمضان:
عن ابن عمر: (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه..) [البخاري]
2- عندما آلي (ص) من نسائه:
عن جابر أنه قال: كان رسول الله (ص) اعتزل نساءه شهرا، فخرج إلينا في تسع وعشرين، فقلنا: إنما اليوم تسع وعشرون، فقال: (إنما الشهر وصفق بيديه ثلاث مرات، وحبس إصبعا واحدة في الآخرة) [صحيح مسلم]
3- عند تحري ليلة القدر:
عن أبي هريرة: قال (ص): (كم مضى من الشهر؟) قال: قلنا: اثنان وعشرون، وبقيت ثمان، فقال ( ص): (الشهر هكذا، والشهر هكذا، والشهر هكذا، ثلاث مرات، وأمسك واحدة) [ابن ماجة]
4- في حديث انا امة امية:
عن ابن عمر: (إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا) وعقد الإبهام في الثالثة (والشهر هكذا، وهكذا، وهكذا) يعني تمام ثلاثين؛ وحدثنيه محمد بن حاتم، حدثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، بهذا الإسناد ولم يذكر للشهر الثاني ثلاثين

ولكن في كل مرة يخرجون كلام النبي (ص) من العام الي الخاص ويدّعون انه: (اراد شهرا بعينه)،
ونورد ادناه تأويلهم واخراجهم للحديث عن مدلوله:


- ظاهره حصر الشهر في تسع وعشرين مع أنه لا ينحصر فيه بل قد يكون ثلاثين
والجواب أن المعنى أن الشهر يكون تسعة وعشرين، أو اللام للعهد والمراد شهر بعينه
أو هو محمول على الأكثر الأغلب لقول بن مسعود ما صمنا مع النبي (ص) تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين .. ويؤيد الأول قوله في حديث أم سلمة: أن الشهر يكون تسعة وعشرين يوما وقال بن العربي قوله الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا إلخ معناه حصره من جهة أحد طرفيه أي إنه يكون تسعا وعشرين وهو أقله ويكون ثلاثين وهو أكثره " [ابن حجر: فتح الباري]

- "معناه أن الشهر اللازم الدائم الواجب هو تسعة وعشرون ومن كلام العرب وغيرهم أنهم ينفون الشيء في صيغ الحصر أو غيرها تارة لانتفاء ذاته. وتارة لانتفاء فائدته ومقصوده. ويحصرون الشيء في غيره ...
وكقول مالك بن دينار الناس يقولون: مالك زاهد إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز ... ومثال هذا أن يقال لمن يتألم ألما يسيرا ليس هذا بألم إنما الألم كذا وكذا ولمن يرى أنه غني ليس هذا بغني إنما الغني فلان. وكذلك يقال في العالم والزاهد. كقولهم إنما العالم من يخشى الله تعالى." [ابن تيمية: مجموع الفتاوى]
لكن ابن تيمية خالف قاعدة اصولية لان الاعداد لا تقبل دخول المجاز:
"الأعداد ... فهذه عند العرب نصوص لا يدخلها المجاز ولا التخصيص
فلا يجوز أن تطلق العشرة وتريد بها التسعة ولا غيرها من مراتب الأعداد فهذا هو المجاز
وأما التخصيص فلا يجوز أن تقول رأيت عشرة ثم تبين بعد ذلك مرادك بها وتقول أردت خمسة فإن التخصيص مجاز أيضا" [القرافي: الفروق]
وبهذا تم تعطيل قوله (الشهر 29) بتصور ان كل شهر يكمّل الي 30 عند الاغمام.

حل الاشكال:
1- في حالة الصحو (عدم الاغمام): الاكتفاء ب 29 يوم في رمضان:
29 + 0

2- في حالة الاغمام: اكمال العدة:
اكمال العدة (عند الاغمام) هو طريقة سيدنا عبد الله بن عمر:
- (وكان ابن عمر يصوم قبل الهلال) [سنن ابن ماجة]
- (وكان عبد الله يصوم قبل الهلال بيوم) [مسند الشافعي، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي]
- (فكان ابن عمر، إذا كان شعبان تسعا وعشرين نظر له، فإن رئي فذاك،
وإن لم ير، ولم يحل دون منظره سحاب، ولا قترة أصبح مفطرا،
فإن حال دون منظره سحاب، أو قترة أصبح صائما،
قال فكان ابن عمر، يفطر مع الناس، ولا يأخذ بهذا الحساب) [سنن أبي داود]

هذا يعني انه كان يصوم 30 يوما بينما يصوم الناس 29 يوما

التفسير الصحيح:
(الشهر 29 ... فان غم 30)
أي: صوموا رمضان 29 فان غم فصوموا 30
صوم 30 يعني صوم يوم 30 شعبان، ثم صوم 29 يوما في رمضان فيكون مجمل الصوم 30 يوما
لان في حالة الاغمام يكون هناك يوم ( 30 شعبان) ربما يكون هو اول رمضان
فيصام احتياطا، ولا يعد من رمضان الا اذا ظهر هلال شوال بعد 28 يوما
والا فيكمل رمضان الي 29 يوما،
ولذلك تكتمل عدة الصوم 30 (1 + 29)

يوم الشك .. ما هو؟

- (ذكر الزجر عن صوم اليوم الذي يشك فيه أمن شعبان هو أم من رمضان: أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، قال:
كنا عند عمار بن ياسر في اليوم الذي يشك فيه من رمضان فأتي بشاة، فتنحى بعض القوم، فقال عمار بن ياسر: من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم . صلى الله عليه وسلم" [صحيح ابن حبان]

- حدثنا محمد بن عمرو بن البختري، حدثنا أحمد بن الخليل، حدثنا الواقدي، حدثنا داود بن خالد بن دينار، ومحمد بن مسلم، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم ستة: اليوم الذي يشك فيه من رمضان، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق". [سنن الدارقطني]

- أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن فنجويه الدينوري، ثنا أحمد بن الحسن بن ماجة القزويني، ثنا محمد بن منده، ثنا الحسين بن حفص، ثنا إسرائيل، عن عبد العزيز بن حكيم الحضرمي، قال: سمعت ابن عمر، يقول: " لو صمت السنة كلها لأفطرت ذلك اليوم الذي يشك فيه من رمضان " [سنن البيهقي]

المعني اللغوي لكلمة (شك):


(شك): هو دخول شئ في غيره او نفاذه فيه بحدة او قوة، ويلزمه الجمع [المعجم الاشتقاقي المؤصل]

شك: إذا ألحق بنسب غيره [تهذيب اللغة]

(شك) الشين والكاف أصل واحد مشتق بعضه من بعض، وهو يدل على التداخل. من ذلك قولهم شككته بالرمح: وذلك إذا طعنته فداخل السنان جسمه:
فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم ...
ومن هذا الباب الشك، الذي هو خلاف اليقين، إنما سمي بذلك لأن الشاك كأنه شك له الأمران في مشك واحد، وهو لا يتيقن واحدا منهما، فمن ذلك اشتقاق الشك. تقول: شككت بين ورقتين، إذا أنت غرزت العود فيهما فجمعتهما. [مقاييس اللغة]

وللتوضيح فان عبارة: (شَكَّ في السلاح) لا تعني ابدا " ارتاب " في السلاح،
وانما معناها مختلف تماما، ففي [لسان العرب]:
(شك الرجل في السلاح): إذا لبسه تاما فلم يدع منه شيئا، فهو (شاك فيه) ...
(شاك في سلاحه) أي: داخل فيه وكل شيء أدخلته في شيء أو ضممته إليه فقد شككته [تهذيب اللغة]
"وفي حديث الغامدية: أنه أمر بها فشكت عليها ثيابها ثم رجمت، أي جمعت عليها ولفت لئلا تنكشف كأنها نظمت وزرت عليها بشوكة أو خلال" [لسان العرب]
(شاكته الشوكة): أصابته، دخلت في جسمه [معجم اللغة العربية المعاصرة]
وهذا المعني يعطي نفس معني "كبس" الذي منه "كبس السنة" فهي "كبيسة"
(كبس السنة بيوم): زاد فيها يوما [السنة الكبيسة] [معجم اللغة العربية المعاصرة]
(كبس رأسه) أي أدخله في ثيابه وأخفاه [لسان العرب]
(كبس الورق): حشره، ضغطه بقوة ليقلل حجمه (كبس ثيابا في الحقيبة) [معجم اللغة العربية المعاصرة]
انكبس: أُدرج، أُدخل، حُشر. [تكملة المعاجم العربية]

فعبارة (اليوم الذي يُشك) تعني :
اليوم الذي (يُلحق ب) او (يُضم) او (يضاف) او (يُكبس) في شهر معين، اي في آخره
وعندما يقال: (اليوم الذي يشك فيه من شعبان) فهذا يعني يوم 30 شعبان
و (اليوم الذي يشك فيه من رمضان) فهذا يعني يوم 30 رمضان
لان الضمير (هاء) في كلمة (فيه) يعود علي متأخر:
ف (اليوم الذي يشك فيه من رمضان) تعني (اليوم الذي يُشك [يُكبس] في رمضان،
فالعبارة بها تقديم وتأخير، وتقدير الكلام:
(اليوم [من رمضان] الذي يشك فيه).
فالنهي عن صوم يوم 30 رمضان يتسق مع قوله (ص): (الشهر 29)
وهذا يعني انه عندما يبدأ الصيام بعد التيقن من دخول رمضان،
فانه يكتفي فقط بصيام 29 يوم فقط، ولا يجوز صيام اليوم الثلاثين،
فالثلاثين من رمضان هو يوم الشك، وليس 30 شعبان.

اعجاز علمي:
وقد اثيت علم الفلك الحديث ان دورة القمر تبلغ 29 يوما ونصف تقريبا
فكلما يدور القمر دورتين ينتج يوما زائدا يُكبس في نهاية احد الشهرين
وهذا ما اشار اليه النبي (ص) عنما استخدم لفظ (يُشك فيه)
ففي المسألة اعجاز علمي:
فكما جاء في تهذيب اللغة: (شك: إذا ألحق بنسب غيره)
فاذا حدث ان ظهر هلال ذي القعدة بعد 28 يوما
يكون اليوم الذي الحق بنسب رمضان (شُك فيه) ليس منه
لانه في حقيقة الأمر الاول من شوال
اذ ان الشهر لا يمكن ان يكون اقل من 29 يوما
وكذلك لا يكون ثلاثين يوما
ولذلك لم يكلف الله عباده بصيام 30 يوما في رمضان
وهو يعلم ان دورة القمر 29 يوما ونصف
ولذلك شرع لهم العيد لكي يكملوا ما تبقي من عدة الشهر
التي هي فقط نصف يوم (12 ساعة) ، فتجزي عنها 12 تكبيرة هي صلاة العيد
وفي هذا اشارة في القرآن
{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} [البقرة: 185]
وقد جاء في بعض التفاسير ان اللام في (ولتكملوا)، (ولتكبروا) انها "لام كي"
فالمعني:
ويريد كي تكبروا الله لكي تكملوا العدة
وقد بين ذلك النبي (ص)
فقال لهم عندما قالوا له ان رمضان (ناقص)
حينما امرهم بالفطر ولما يظهر هلال شوال:
(شهرا عيد لا ينقصان، رمضان وذو الحجة) [صحيح مسلم]
وهذا يعني ان عدته تكتمل بيوم العيد
دليل آخر علي ان يوم الثلاثين من رمضان يكون عيد الفطر
هو قوله (ص) لرجل: (هل صمت من سرر شعبان شيئا؟) قال: لا.
قال: (فإذا أفطرت رمضان فصم يومين)، قال الجريري: (صم يوما) [مسند أحمد]
فهو يصوم اليومين او الثلاثة الاخيرة التي يستتر فيها القمر بالاضافة الي مستهل الشهر
"قوله: «صوموا الشهر»، أراد مستهل الشهر، والعرب تسمي الهلال شهرا" [شرح السنة للبغوي]
فالرجل لقي النبي (ص) ليلة 30 رمضان التي هي ليلة العيد،
فهو لديه فرصة ليصوم مستهل شوال بعد ان يفطر يوم 30 رمضان،
وهذا يعني انه حينما لا يظهر هلال شوال فان يوم العيد يكون هو الثلاثين من رمضان.
وهذا يعني اننا لا نتحري شوال الا اذا صمنا 30 شعبان احتياطيا
فنتحري يوم 28 رمضان لننظر هل كان ذاك اليوم من رمضان ام لا.

التوفيق بين الأدلة:
قلنا ان اكمال العدة هو صوم 30 شعبان بالاضافة الي صوم 29 يوما من رمضان ( 1 + 29)
و ان يوم الشك هو الثلاثين من رمضان وذلك حينما يبدأ الصيام بيقين من دخول رمضان
وبهذه الطريقة نكون قد جمعنا بين قوله (الشهر 29) وقوله (فان غم عليكم فاكملوا العدة) وبين النهي عن يوم الشك.
وعند التوفيق بين الادلة والجمع بينها قد يستغني عن رواية ضعيفة ويرجح تفسير اقرب الي اللغة بدلا عن تأويل بعيد
ولهذا يمكن استنباط الالفاظ الصحيحة التي ذكرها النبي، فقد كان كثير من الرواة يروون بالمعني:
في موطأ مالك: (الحديث الثاني مفسر للاول):
- حدثنا أبو مصعب، قال: حدثنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله (ص)، قال:
الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له.

- أخبرنا أبو مصعب، قال: حدثنا مالك، عن ثور بن زيد الديلي، عن عبد الله بن عباس، أن رسول الله (ص) ذكر رمضان، فقال: ( لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم، فأكملوا العدة ثلاثين)

- إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له [صحيح مسلم]
- (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) [صحيح البخاري]
- إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له» [سنن النسائي وابن ماجة]

- عبارة (إذا رأيتم الهلال /رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) [وردت في صحيح مسلم (عن ابي هريرة) والنسائي وابن ماجة (عن ابن عمر) وابن حبان ومسند احمد والشافعي وسنن الدارمي والبزار وغيرها من كتب السنة]
والغريب ان البخاري بوب للمسألة تحت مسمي: (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»

- عبارة (الشهر تسع وعشرون) [وردت في الموطأ والكتب الستة وغيرها عن ابن عمر وانس وعائشة وابن عباس]
ولذلك نستنتج ان اللفظ الصحيح هو ما ذكر في سنن النسائي وابن ماجة، بالاضافة الي عبارة (الشهر تسع وعشرون) التي ذكرت في الموطأ والكتب الستة، فيكون لفظ الحديث كالآتي:
(الشهر تسع وعشرون، إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له)

قواعد رؤية الهلال:
اذا رؤي هلال رمضان صام الناس 29 يوما : إذا رأيتم الهلال فصوموا- الشهر تسع وعشرون
- وان لم تكن رؤية ولا اغمام أُكمل شعبان وصام الناس 29 يوما: الشهر تسع وعشرون
- واذا غم هلال رمضان صام الناس بتقدير الهلال (قدروه تحت السحاب) ثم صاموا 29 يوما في رمضان: فإن غم عليكم فاقدروا له - الشهر تسع وعشرون
واذا صاموا بتقدير الهلال ورأوا هلال شوال بعد صوم 29 يوما افطروا: وإذا رأيتموه فأفطروا

تفاسير افضل لبعض الاحاديث المتعلقة بالمسألة: -
-(انا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر كذا وكذا» ثلاثا حتى ذكر تسعا وعشرين) [سنن النسائي] هذا لان الصيام من رمضان تسع وعشرون فقط فلا حاجة للحساب لمعرفة هل رمضان تسع وعشرون ام ثلاثون - (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره) [سنن أبي داود]
كان يتحفظ من شعبان اي من الثلاثين منه، وذلك بصومه احتياطا لرمضان - (فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا) [سنن النسائي] (استقبالا) مفعول مطلق مؤكد للفعل: أي لا تستقبلوه "مجرد استقبال"
يقال استقبله اي لقيه [لسان العرب]
فالمعني: (في حال الاغمام) لا تنتظروا حتي تلاقوه، ولكن صوموا - عن ابي البختري، قال: أهللنا رمضان ونحن بذات عرق، فأرسلنا رجلا إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله، فقال ابن عباس رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أمده لرؤيته، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة) [صحيح مسلم] هذا لانهم صاموا بتقدير الهلال، (قبل رؤيته)، اي بصوم 30 شعبان احتياطا لرمضان، فهنا لابد من اكمال العدة 30 يعني صوم رمضان 29 بالاضافة الي 30 شعبان، ولانهم رأوا الهلال ممتدا في السماء ظنوا انه يمكن حساب اليوم الاول من رمضان وبالتالي يفطروا بعد 29 يوم، ولذلك ذكرهم ابن عباس بالقاعدة: (فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة) - ونفس الامر ينطبق علي حديث كريب الذي يظن خطئا انه دليل علي الاخذ باختلاف المطالع:
(عن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث، بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: " لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) [صحيح مسلم] ففي المدينة صام الناس بتقدير الهلال، فصاموا يوم الجمعة – نفس اليوم الذي بدأ به اهل الشام، ولكن اهل الشام رأوا هلال رمضان ثم بدأوا الصوم فهم يكتفون ب 29 يوما فقط (الشهر 29)، اما اهل المدينة وان علموا الآن ان اليوم الذي صاموه كان من رمضان، لكن برغم ذلك لا يحسب لهم من رمضان ، لان نيتهم كانت صيامه احتياطا، ولذلك ذكر له ابن عباس : (فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه)، والمفروض ان هذه هي نفس القاعدة بالنسبة لاهل الشام، فلا داعي لان يذكر له ذلك، ولكن عبارة ابن عباس تلك تعني ان قاعدة الصيام بتقدير الهلال مختلفة عن قاعدة الصيام بالرؤية.

خاتمة:
نود ان نذكر ببعض ما قاله العلماء: "صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها المفهومة
إلى أمور باطنة لا يسبق منها إلى الأفهام فائدة
كدأب الباطنية في التأويلات
فهذا أيضاً حرام وضرره عظيم
فإن الألفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها
بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع
ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل
اقتضى ذلك بطلان الثقة بالألفاظ
وسقط به منفعة كلام الله تعالى
وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم" [ابو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين]

- "اعلم أن العقل لن يهتدي إلا بالشرع
والشرع لم يتبين إلا بالعقل
فالعقل كالأس والشرع كالبناء
ولن يغني أس ما لم يكن بناء ولن يثبت بناء ما لم يكن أس
وأيضا فالعقل كالبصر والشرع كالشعاع" ...

وأيضا فالعقل كالسراج والشرع كالزيت الذي يمده
فما لم يكن زيت لم يحصل السراج
وما لم يكن سراج لم يضىء الزيت...

فالشرع عقل من خارج والعقل شرع من داخل
وهما متعاضدان بل متحدان [ابوحامد الغزالي: معارج القدس في مدارج معرفه النفس]

"فإن الله سبحانه ذم أقواما قالوا: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون}،
فكأنهم استندوا إلى دليل جملي، وهو الآباء إذ كانوا عندهم من أهل العقل والنظر،
وقد كانوا على هذا الدين، وليس إلا لأنه صواب، فنحن عليه، لأنه لو كان خطأ لما ذهبوا إليه."
[الشاطبي: الاعتصام]
{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ
إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ
وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ *

قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} [الزخرف: 23،24]
الا هل بلغت، اللهم فاشهد
وما توفيقي الا بالله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي




.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل