الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف القوى السياسية من الانتخابات العراقية المبكرة

صابرين ستار جبار

2021 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تمثل الانتخابات الحرة والعادلة احد العناصر الأساسية للنظام الديمقراطي، ومن خلال الانتخاب يستطيع المواطنون ان يعبروا عن رغباتهم وفي نفس الوقت، يعبروا عن الشعور بالمشاركة والالتزام بدعم نظام الحكم. وعليه فأن الانتخابات العراقية القادمة المبكرة نقطة فاصلة في تطور الحياة السياسية في العراق بعد سبعة عشر عاماً من التغيير. والتي حدّد موعدها في شهر حزيران/يونيو، لكنها أرجئت حتى تشرين الأول/أكتوبر. وأرجعت المفوضية طلبها من الحكومة الاتحادية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بتأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد في 6 يونيو إلى حرصها على "إجراء انتخابات متكاملة، نزيهة، وعادلة، نظراً لقلة عدد التحالفات المسجلة في دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية للفترة المحددة في جدول العمليات، مما يتطلب تمديد فترة تسجيل التحالفات، وما يترتب على ذلك من تمديد فترة تسجيل المرشحين".
وفي هذا الصدد أعلنت المفوّضية العليا للانتخابات عن البعض من إجراءتها ومنها تخفيض مبلغ التأمينات عن كلّ مرشّح في الانتخابات المبكرة؛ وذلك حرصًا منها على توسيع المشاركة الفاعلة في الانتخابات النيابية وتقليل الأعباء المالية على الراغبين في الترشيح لانتخاب مجلس النواب العراقي المقبل. كما أصدرت المفوضية قراراً بتخفيض مبلغ التأمين عن المرشحين ويشمل كل مرشح فرد يروم المشاركة في الانتخابات أو كل مرشح ضمن القوائم المفتوحة التي تقدمها الأحزاب أو التحالفات السياسية، وذلك على أن يكون مبلغ التأمين (2،000،000) مليوني دينار بدلًا من (5،000،000) خمسة ملايين دينار عراقي.
الأسباب الرئيسة للانتخابات المبكرة:
1- تظاهرات أكتوبر: التي كان لها التأثير الكبير في المشهد السياسي والذي سيتعزز في حال تنظيم ساحات التظاهرات في كيانات وقوائم انتخابية تتنافس مع القوى السياسية التقليدية. وإذا افترضنا وجود القدرة على التحشيد للمشاركة السياسية من قبل المتظاهرين للحصول على مقعدين في المحافظات الوسطى والجنوبية، فسيكون ذلك بمثابة انقلاب سياسي ناعم، فالانتخابات ستكون بمثابة اختبار حقيقي، لقدرة الشخصيات والنخب الفاعلة في التظاهرات بغية تنظيم صفوفها للانتقال إلى المشاركة في النظام السياسي.

2- رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومته: اللذان يمتلكان فرصة حقيقية لتحقيق منجز وحيد قد يكون تاريخياً، وهو التهيئة للانتخابات المبكرة بإشراف أممي. وتكون قد نفذت ما تعهدت به في البرامج الوزاري، كما من الممكن أن تكون لحكومة الكاظمي ومن خلال الانتخابات فرصة لتقويض نفوذ الأحزاب والقوى السياسية التي توظف المال والسلاح في الانتخابات.
موقف القوى السياسية من الانتخابات المبكرة:
تبرز على الساحة السياسية ثلاث مواقف للقوى السياسية الحاكمة للمشهد السياسي العراقي:
1- الموقف الرافض: هذا الموقف يجمع الكثير من القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية التي تدعم وتشارك بقوة في حكومة الكاظمي.
2- الموقف المؤيد: إذ يرى في الانتخابات فرصة لتأكيد قدراته على تحشيد جمهوره الانتخابي وفرصة لزيادة مقاعده النيابي، وهذا الموقف يجمع التيار الصدري وبعض السياسيين الذين كان لهم حضور قوي وفاعل في أيام التظاهرات.
3- الموقف الراغب في بقائها في موعدها المقرر: يعتقد اصحاب هذا الموقف أن الانتخابات المبكرة لن تغير في واقع الأوزان السياسية شيء، وعلى العكس تماماً الانتظار حتى نهاية الدورة الانتخابية بعد سنتين سيضعف من رصيدها السياسي والجماهيري الذي يعتمد على قوة تأثير بالقرار السياسي، والذي بات ضعيفاً جداً في حكومة الكاظمي التي تعمل على معارضتها بطرق إعلامية وليست رسمية داخل قبة البرلمان، ويعبر عن هذا الموقف كتلتي الفتح ودولة القانون.
الموقف الأممي:
تنص المادة (21 – ثالثاً) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "إرادة الشعب هي أساس سلطة الحكم، ويتوجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة ودورية". وتعتبر الأمم المتحدة كما يشير موقعها الالكتروني ان الانتخابات هي جزء من مكونات إنهاء الاستعمار التحولات الديمقراطية، وتنفيذ التوافقات السلمية في بلدان العالم. كم ينطبق ذلك على العراق؟ وهل بإستطاعة المنظمة الدولية القدرة قانونياً من الإشراف على الانتخابات العراقية المبكرة.؟
حسب الامم المتحدة، فإن المساعدة الانتخابية من جانبها لا تقدم إلا بناءً على طلب معين مقدم من الدولة العضو المعنية، أو بالاستناد إلى ولاية صادرة عن مجلس الأمن أو الجمعية العامة وقد جاء تصريح ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، عن طلب تقدمت به الحكومة العراقية إلى مجلس الأمن بشأن حماية نزاهة الانتخابات إذ أكدت إن هناك الكثير من العراقيين يطلبون المساهمة في عملية الانتخابات، فيما قدمت الحكومة العراقية طلباً لمجلس الأمن الدولي لحماية نزاهة الانتخابات، موضحة إن هذا يمكن أن يتم بطرق مختلفة؛ فأن لدينا الاشراف والمراقبة، حيث أن المراقبة تعتبر الحجر الأساسي لحضور المجتمع الدولي في الانتخابات. لكنها أشارت إلى أن مجلس الأمن لم يتخذ أي قرار حول مشاركته في الانتخابات العراقية لذا نحن ننتظر قرار مجلس الأمن، وقد انقسمت القوى السياسية العراقية من موضوع الأشراف الأممي إلى جبهتين هما:
جبهة المعارضة:
إذ قال القيادي في حزب الدعوة الاسلامية رسول راضي، ان "رفض الإشراف الأممي والدولي على الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، يأتي حفاظاً على سيادة العراق، فأي تدخل خارجي بملف الانتخابات، يعتبر تدخلاً ومساساً بسيادة البلاد وقراراته المصيرية"، وعد رسول ان "وجود إشراف أممي أو دولي بشكل مباشر على الانتخابات العراقية المقبلة، يعني جعل هذه الانتخابات غير نزيهة وغير عادلة، خصوصاً ان هناك خشية من ان هذا الاشراف سيكون باباً لغرض التلاعب والتزوير في الانتخابات ونتائجها، لصالح قوى سياسية معينة".
بينما يؤيد القيادي في حزب الدعوة المراقبة لا الأشراف الأممي ويقول "اننا مع وجود مراقبة أممية ودولية، كما يحدث في كل انتخابات تجري في العراق، وباقي دول العالم، لكن يكون هذا الدور مراقبة فقط، دون اي عملية تدخل مباشرة في سير العملية الانتخابية من أشراف وغيرها من طرق المساس بسيادة العراق ونزاهة الانتخابات".
وهذا الحديث ما أكده زعيم ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة نوري المالكي، وهو أول من أعلن رفضه الإشراف الدولي على الانتخابات، ودار الجدل عقب ذلك ما بين مؤيد ومعارض. إذ يرى المالكي إن "وضع الانتخابات تحت إشراف دولي خطير جداً"، مؤكدا أنه "لا توجد دولة تقبل بإشراف دولي على انتخاباتها"، لأنه بحسبه يمثل "خرقا للسيادة الوطنية"، فيما أبدى موافقته على "المراقبة فقط".
جبهة المؤيدين:
نجد على الطرف المقابل، هناك مواقف مؤيدة للرقابة الأممية، حيث أكد رئيس جبهة الانقاذ والتنمية اسامة النجيفي ووفد الحزب الديمقراطي الكوردستاني برئاسة هوشيار زيباري، أهمية الرقابة والإشراف الدولي على الانتخابات القادمة.
إذ أكد النجيفي، وفق بيان، أن جبهة الإنقاذ والتنمية تعمل من البدء على تعزيز الهوية الوطنية بعيداً عن الانسدادات التي تعاني منها العملية السياسية وذلك نابع من فهم قوامه الولاء للشعب وتطلعاته المشروعة، مبيناً أن الجبهة تجد أن الانتخابات القادمة إذا ما جرت وفق معايير نزيهة ورقابة وإشراف دولي، فرصة لتعزيز الفضاء الوطني التي يتسع للجميع.
أما القيادي في الجبهة العراقية أثيل النجيفي، فقد انتقد الرافضين للإشراف الدولي على الانتخابات، مؤكداً إن "كل من يقول ان مفوضية الانتخابات مستقلة ولا تخضع للتأثير فهو يخدع نفسه والحديث عن هذا الأمر هو ضحك على النفس ليس ألا، خصوصاً ان مجلس النواب الحالي، جاء بكم هائل من التزوير وإرادة الشعب العراقي مخالفة لما يحدث في البرلمان".
وعد أثيل النجيفي ان المعارضين للإشراف الدولي "لا يريدون وجود أي جهة تمنعهم من تزوير والتلاعب في نتائج الانتخابات، فهم يسعون الى إعادة انتاج نفسهم رغم إرادة الشعب الرافضة لهم، وهم يريدون الاستمرار في نهج الفساد الذي يعملون عليه منذ سنين".
هذا الجدل، دفع برجل الدين الشيعي العراقي البارز مقتدى الصدر بإعلان موقفه من موضوعة الرقابة الأممية على الانتخابات حيث أعلن من معقله في مدينة النجف الأشرف عن دعمه إجراء انتخابات مبكرة في العراق تشرف عليها الأمم المتحدة.
إذ يؤكد الصدر في كلمته بأن "الإشراف الأممي على الانتخابات المبكرة مرغوب به"، مضيفاً "بشرط ألّا تتدخل باقي الدول الإقليمية والدولية في شؤوننا".
دور الأمم المتحدة انتخابياً:
حسب موقع الأمم المتحدة انه ينبغي تنفيذ المساعدة التي تقدمها الأمم المتحدة بطريقة موضوعية نزيهة محايدة مستقلة، مع إيلاء الاحترام للسيادة، مع الإقرار بأن مسؤولية تنظيم الانتخابات واقعة على عاتق الدول الأعضاء.
واشارت الامم المتحدة الى انه منذ عام 1991، طلبت أكثر من 100 دولة مساعدة انتخابية وتسلمت هذه الدول تلك المساعدات، كما نفذت اكثر من 300 مشروع انتخابي.
وخلال تسعينيات القرن الماضي، راقبت الأمم المتحدة أو أجرت انتخابات تاريخية ومشاورات شعبية في تيمور/ ليشتي وجنوب أفريقيا وموزمبيق والسلفادور وكمبوديا، وقدمت المنظمة أيضاً في السنوات الماضية مساعدات تقنية ولوجستية بالغة الأهمية في انتخابات حاسمة في بلدان كثيرة، من بينها أفغانستان والسودان والعراق وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسيراليون ونيبال.
أما انماط المساعدة التي توفرها الأمم المتحدة انتخابياً، فهي تتعلق بالمساعدة التقنية (القانونية والتشغيلية واللوجستية). كما تتعلق بدعم تهيئة بيئة مؤاتية، وتنظيم العملية الانتخابية وإجرائها وفي مثل هذه الحالة فان الأمم المتحدة "تملك السلطة الكاملة على العملية" ولكن نظراً لأسبقية مبدأ الملكية الوطنية، فإن هذا النوع من المساعدة نادراً ما يتم تفويضه ولا يمكن القيام به إلا في حالات خاصة بعد انتهاء الصراع أو إنهاء الاستعمار تتميز بعدم كفاية القدرات المؤسسية الوطنية، وهذا النوع من التفويض ممكن فقط من خلال قرار مجلس الأمن أو الجمعية العامة للامم المتحدة.
وتقدم الأمم المتحدة دعمها أيضاً على شكل التصديق والتوثيق على مجريات الانتخابات ونزاهتها، كما يمكن ان يكون دورها من خلال مراقبة عملية الاقتراع، أو عبر الاشراف على الانتخابات، ويمكنها أيضاً المساهمة من خلال التنسيق بين مراقبي الانتخابات.
أما كيانات الأمم المتحدة التي تقدم المساعدة الانتخابية، فهي قد تكون أما دائرة الشؤون السياسية وبناء السلام، أو إدارة عمليات حفظ السلام، أو برنامج الامم المتحدة الانمائي، أو عبر مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان، أو متطوعوا الأمم المتحدة، أو مكتب الأمم المتحدة لخدمة المشاريع، أو منظمة اليونيسكو، أو المنظمة الدولية للهجرة.
الأركان الدستورية الرئيسة للانتخابات المبكرة:
أن الأركان الدستورية الأساسية، لإجراء الانتخابات العراقية المبكرة، تتمثل بوجود قانون المحكمة الاتحادية، وتشريع قانون انتخابي جديد، وإدراج جميع تخصيصات الاقتراع في الموازنة العامة وقد أكتملت الأركان السابق الذكر جميعها، ولم يتبق سوى حل البرلمان العراقي لنفسه، بحسب ما يقتضيه الدستور العراقي.
بعد تصويت البرلمان العراقي على قانون المحكمة الاتحادية تقدّم أعضاء مجلس النواب العراقي بطلب لحل البرلمان، قبل يوم واحد فقط من تاريخ الانتخابات، ما أثار كثيراً من الجدل.
فرئيس كتلة سائرون النيابية الجناح السياسي للتيار الصدري نبيل الطرفي قال:" لم يتبق سوى الخطوة الأخيرة، المتمثلة بحل مجلس النواب، لتكتمل كل متطلبات الانتخابات المبكرة، وقد قمنا بتقديم طلب، موقّع من أكثر من مئة واثنين وسبعين نائباً، لحل البرلمان، بتاريخ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2021، على أن تُجرى الانتخابات بموعدها المقرر، في العاشر من الشهر نفسه، وعلى رئيس الجمهورية العراقية إصدار مرسوم جمهوري، لتأكيد الموعد أعلاه".
غير أن الخبير القانوني طارق حرب يقدّم رأياً مختلفاً حول قضية حلّ البرلمان العراقي لنفسه فهو يؤكد أن "آخر موعد لحل مجلس النواب العراقي يجب أن يكون، دستورياً، العاشر من شهر آب/أغسطس 2021، أي قبل ستين يوماً من موعد الانتخابات المبكرة، وليس قبل يوم واحد منها، كما يطالب عدد من الكتل البرلمانية".
مبين حرب الفرق بين الموعدين بالقول: "الطلب الذي تقدّم به بعض النواب، لحل البرلمان قبل موعد الانتخابات بيوم واحد، غير دستوري، ويخلّ بالعدالة الانتخابية، لأنه من المفترض منع الكتل النيابية الحالية من التأثير على سير الانتخابات، ولذلك يجب أن يكون البرلمان العراقي مُنحلّاً قبل فترة كافية من الاقتراع، لا تقلّ عن شهرين".
ويختتم حديثه بالقول: "تحاول القوى السياسية إذاً المناورة حول ما يقتضيه الدستور، لضمان قدرتها على التدخّل في الانتخابات، والحفاظ على نفوذها".
هذا ويرى الكتاب في الانتخابات العراقية المبكرة ومنهم الدكتور منتصر العيداني، رئيس مركز حوكمة للسياسات العامة في العراق، أن «الانتخابات المبكرة تعبر عن استنفاد النظام السياسي في العراق لخياراته الأساسية، والعمل على انتشاله من دوامة الأزمات المستمرة».
أما إبراهيم الزبيدي فيقول "ليس هناك شك في أن الانتخابات القادمة يمكن أن تحدث تحسنا في الوضع العام العراقي، وترفع عن كاهل العراقيين بعضاً من الغم والفقر والخوف، وتكسر بعضاً من سطوة القوى والأحزاب الطائفية والعنصرية الشيعية والسنية والكردية"، مؤكداً أيضاً أن توفير البيئة الصالحة لإجراءها يساعد في أبعادها عن التلاعب والتزوير فيقول: "قد تصبح الانتخابات المبكرة التي بشرنا بها رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي إنجازاً وطنياً مهماً ولكن إذا ما وفر لها، هو ومعه حكومته وقواته المسلحة، بيئة صالحة تضمن إجراءها دون تلاعب وتزوير. ولكن الواقع الحالي لا يبشر بخير".
بينما يؤكد سعد الكناني: "من يريد الخلاص من هذا الوضع السيء عليه أن يبحث عن إرادة سياسية وطنية مخلصة من خارج العملية السياسية الفاشلة محورها ثورة الشباب التشرينية لتعيد للدولة سيادتها وهيبتها بقرارات شجاعة تعمل لأجل العراق وشعبه فقط وليس عبر الانتخابات المزيفة تحت فوهات الكواتم وأحزاب الخزي والعار، ولا ننس أن الشعب كلما كان أكثر وعياً وأعلى ثقافة سيكون وقت الخلاص قريباً".
ويرى المفكر العراقي محمد عبد الجبار الشبوط ان الانتخابات هي الطريق الديمقراطي للإصلاح والتغيير، مشيراً الى ان الانظمة الديمقراطية العريقة، تكون الانتخابات هي الطريق السلمي الوحيد لتغيير الطبقة الحاكمة، على المستوى التشريعي وعلى المستوى التنفيذي، ففي هذه الانظمة ذات التقاليد السياسية والمؤسساتية الراسخة، لا يحتاج التغيير السياسي الى الانقلاب العسكري، ولا الى الثورة الشعبية، ولا الى الغزو الخارجي، فيكفي ان يتوجه الناخبون الى صناديق الاقتراع دورياً لتغيير نوابهم وحكومتهم بطريقة سلمية، ولهذا قيل ان الديمقراطية هي النظام السياسي الوحيد الذي لا يتطلب تغيير الحكومة فيه اراقةَ الدماء، على خلاف الانقلاب العسكري، والثورة الشعبية والغزو الخارجي.
مزايا وعيوب قانون الانتخابات العراقي
أن تشريع أو تعديل قانون الانتخابات المعدل السابق رقم (45) لسنة 2013 بقانون جديد يحقق عدالة أكثر في توزيع الأصوات، ويكون أكثر تمثيلا لطموحات الشارع العراقي كان أحد أبرز المطالب الرئيس للمتظاهرين وهذا القانون كغيره من القوانين الأخرى يكتنفه مزايا وعيوب:
أ- المزايا:
1- ساعد هذا القانون في الانتقال من نظام التمثيل النسبي، الذي يعتبر كل محافظة عراقية كبيرة دائرة انتخابية لا يمكن الفوز فيها إلا بعد الانضواء ضمن قوائم انتخابية كبيرة، إلى الترشيح الفردي بعيداً عن القوائم في دوائر انتخابية صغيرة. ويرى مراقبون أنّ ذلك يعد إضعافاً للأحزاب التقليدية التي حكمت العراق منذ أول انتخابات أجريت فيه عام 2005.
2- القضاء على آلية "سانت ليغو" لاحتساب الأصوات سيئة الصيت في العراق، بسبب مساهمتها في هدر الأصوات ومحاباة الأحزاب الكبيرة.
3- راع هذا القانون التركيبة الديمغرافية والجغرافية للمناطق العراقية، إذ قسّم المحافظات إلى دوائر انتخابية على أساس الأقضية (المدن)، ولكل 100 ألف نسمة في تلك المدن مقعد برلماني، وفي حال قل عدد سكان القضاء عن 100 ألف يدمج مع قضاء مجاور لتلافي تلك المشكلة.
4- نص القانون بأن البديل لعضو مجلس النواب هو أعلى الخاسرين من المرشح في دائرته الانتخابية وبذلك يكون قد حجم من المجاملات.
5- أن من مزايا القانون استخدام بطاقات الناخب البيرومترية (تعتمد على بصمتي العين والأصبع).
ب- العيوب:
1- أن الاعتماد على الدوائر المتعددة لن يزيح الرموز السياسية.
2- أنّ الدوائر الصغيرة ستؤدي إلى فوز زعماء ووجهاء القبائل والأشخاص المعروفين على المستوى المحلي، ففوز الذين يعتمدون على معيار القرابة والعشائر والوجاهة والمال، أكثر ترجيحاً من فوز الكفاءات والخبرة والدراية.
3- أن هذا النظام قد يسمح بشراء ذمم بعض النواب المستقلين من قبل بعض الكيانات من أجل تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا بشكل أوسع من القوانين السابقة.
4- لم يلتفت هذا القانون لإشكالية تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً التي تُشكّل الحكومة، فإذا كانت القوائم الفائزة كبيرة نسبياً وكانت مسألة جمع هذه الكتل مهمة ليست صعبة، إلا أنها أحدثت إشكالات كبيرة خاصة في انتخابات 2010 و عام 2018، حتى أن الانتخابات السابقة قد تم تجاوز مسألة الكتلة النيابية الأكثر عدداً في خرق واضح للدستور، جميع تلك التعقيدات حدثت بين كتل كبيرة، فكيف بالانتخابات المقبلة التي قد تفرز نواب قد يكونوا بغالبيتهم مستقلين خصوصاً مع النظام الانتخابي المتبع من حيث تقسيم الدوائر المتعددة في كل محافظة، وكذلك الترشيح الفردي ضمن الدائرة الانتخابية، لذا اعتقد أن مهمة تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً ستكون التحدي الأكبر بعد الانتخابات المقبلة.
بغض النظر عن مدى تأثير المواقف المؤيدة والرافضة لفكرة الانتخابات المبكرة، وعن مزايا وعيوب قانون الانتخابات المشرع، لكن المهم هو مدى نزاهة الاجواء التي ستجري فيها الانتخابات المهم ومدى المصداقية في إجرائها في موعدها المحدد وماهي النتائج التي ستفرزها هذه الانتخابات ومدى تحقيقها لروح المواطنة والتعايش السلمي ومدى تأثيرها على سير العملية الديمقراطية وتعزيزها واشراك الغالبية من الشرائح المثقفة والشبابية، أي ينبغي التركيز على أفرازت العملية الانتخابية ومدى قدرتها في إيجاد وإبراز قوى سياسية جديدة أكثر وعياً وأكثر لإستجابة لمطالب الشعب الداخلية قبل أي مطالب أخرى فالذي يحتاجه العراق قوى سياسية ناهضة تمتلك عقلية فكرية وسياسية قادرة على اصلاح الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلد، وهذا ما نأمله في هذه الانتخابات أن تم إجرائها في موعدها المقرر لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو