الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اصبحت موريتانية محمية ، او حديقة خلفية للنظام المغربي ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ان مناسبة طرح هذا السؤال او التساؤل ، هو انزلاق العلاقات بين موريتانية وبين النظام المغربي الى مستوى الازمة التي لم تعد صامتة ، لكنها تمثلت في إجراءات وإجراءات مضادة ، وكأن اللعنة التي اصابت تلك العلاقات ، أصبحت قدرا محتوما يُبْعد ولا يُقرّب بينهما .. وقد استغل النظام الجزائري هذه الازمة ، ومن خلال وسائل اعلامه ، ليصب الزيت في النار ... وبشكل طفيلي انتهازي وجبان ، وكأنه كان ينتظر الذي حصل ، ليدفع النظام بشاحناته المملوءة بالخضر ، لتعويض الفيتو الموريتاني على بعض المنتجات الفلاحية ، التي كانت تدخل موريتانية من معبر الغرغرات ، الذي قد يفقد بريقه اذا اقدم النظام الموريتاني على الاستغناء الكلي عن المنتجات الفلاحية المغربية ، واذا وصل الامر بالقيادة الموريتانية الى اغلاق المعبر من الجانب الموريتاني .. سيما وانّ النظام الجزائري بصدد تعبيد طريق طويل بين موريتانية وبين الجزائر ، سيكون صلة الوصل في تعويض معبر الغرغرات ، الذي قد يخرج عن الخدمة في ما اذا تعقدت العلاقات اكثر ، وفيما اذا قررت موريتانية الاستغناء عن الواردات الفلاحية المغربية بالكامل ...
فما السبب الذي قلب فجأة العلاقات بين النظامين الموريتاني والمغربي نحو الازمة ، ونحو المزيد من التشنج الذي استغله النظام الجزائري ، ليملئ الفراغ الذي حصل في العلاقات بين النظامين المغربي والموريتاني ..
ان جميع التحليلات أجمعت على ان سبب تدهور العلاقات بين النظامين الموريتاني والمغربي ، هو الاستقبال الهام الذي حظي به عضو المكتب السياسي لجبهة البوليساريو السيد البشير مصطفى السيد ، من قبل الرئيس محمد ولد الغزواني الذي استقبله كمبعوث من قبل الجمهورية الصحراوية ، حاملا رسالة من رئيسها إبراهيم غالي ... وقد كان الاستقبال النقطة التي افاضت كأس النظام المغربي ، معتبرا ان هذا الاستقبال هو طعن في ظهر المغرب ، وتحامل عليه ، مس قضيته الوطنية .. واعتبره بمثابة تخندق للنظام الموريتاني ، الى جانب النظام الجزائري ، ضد النظام المغربي ..
فهل حقا ان سبب توثر العلاقات بين النظامين ، هو استقبال الرئيس الموريتاني للبشير مصطفى السيد ، كمبعوث عن رئيس الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها الملك شخصيا في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بها ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في الجريدة الرسمية للدولة عدد 6539 ..
فاذا كان سبب تشنج العلاقات هو هذا السبب ، فاعتقد ان من يتولون امر السياسة الخارجية للمغرب ، هم دون المستوى المطلوب .. وهنا نتساءل عن السبب في جميع الهزائم التي حصدها النظام المغربي ، واساءت الى المغرب ، والحقت الضرر الكبير بقضية الصحراء التي تعتبر من القضايا الاستراتيجية الأولى التي يخدم عليها النظام المغربي ، لأنها قد تسبب في اسقاطه ان اضاعها ، وأصبحت الصحراء خارج قبضته .. والنظام المغربي اذا كان يعتقد انّ بخرجاته الغير مضبوطة هذه ، انه حقا يخدم قضية الصحراء ، فما يجري في الواقع ، فانه هو من الحق بها اكبر الاضرار ولا يزال ، خاصة عند تعكير صفو العلاقات بينه وبين النظام الموريتاني ، واعطاءه فرصة لم تكن متوقعة للنظام الجزائري ، لملء الفراغ الذي تسبب فيه النظام المغربي الذي يجهل حسن التصرف ، وكأنه يعتبر موريتانية محمية من محمية من محمياته ، او انه يعتبرها قاعدة خلفية لممارسة رعونته وسلطويته ، معتقدا انه يتعامل مع الرعايا المغاربة المساكين المغلوب على امرهم ، ولا يتعامل مع دولة ذات سيادة ، وعضو بالأمم المتحدة ، وعضو بالاتحاد الافريقي ، وعضو بجامعة الحكام العرب ...
ان استقبال النظام الموريتاني لمبعوث رئيس الجمهورية الصحراوية ، التي اعترف بها النظام المغربي نفسه حتى يحوز على عضوية بالاتحاد الافريقي ، يدخل في الاعمال السيادية للدول التي وحدها لها الحق في التقرير ، في كل ما يهم ويخص شؤونها الدبلوماسية والسياسية .. والسؤال وبالنسبة لقلق النظام المغربي من استقبال محمد ولد الغزواني ، لمبعوث إبراهيم غالي البشير مصطفى السيد .. هل موريتانية دولة مستقلة ، ام انها تابعة للنظام المغربي .. وهل القرار السيادي الموريتاني هو قرار الدولة الموريتانية ، ام انه يجب ان يحصل قبل إصداره على تأشيرة النظام المغربي ، ومن ثم يحصل على موافقته ..
ان النظام الموريتاني عندما بسط يده على إقليم وادي الذهب ، فهو كان يعلم علم اليقين ، انّ اتفاقية مدريد وزعت الصحراء كغنيمة بين النظام الموريتاني ، والنظام المغربي الذي آل اليه إقليم الساقية الحمراء ، والنظام الاسباني الذي كان نصيبه في ثروات المنطقة ، كالفسفاط ، والاسماك ، والمعادن .. ومن ثم فحين خرجت موريتانية من الصحراء في سنة 1979 ، فهي كانت تعتبر ان الصحراء ليست موريتانية ، كما انها ليست مغربية . بل انها لم تكتفي بتسليم جبهة البوليساريو إقليم وادي الذهب الذي شفعه النظام المغربي ، بل ستذهب بعيدا في عدم اعتبار وادي الذهب موريتانيا ، وفي عدم اعتبار الساقة الحمراء مغربية ، حين اعترفت موريتانية صراحة بالجمهورية الصحراوية .. فالاعتراف بالجمهورية الصحراوية كدولة ، وإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية بينهما ، هو إقرار موريتاني بعدم مغربية الساقية الحمراء ، ومن بعد ، إقرار النظام الموريتاني بعدم مغربية الصحراء ، بعد ان شفع النظام المغربي وادي الذهب عند خروج القوات الموريتانية منه في سنة 1979 ..
واذا كانت القيادات الموريتانية المتعاقبة ، لم تصرح يوما علانية اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، رغم ان الاعتراف مكتوب ومدون ، فان الرئيس الحالي لموريتانية محمد ولد الغزواني ، ذكّر صراحة باعتراف موريتانية بالجمهورية الصحراوية ، واعتبر ان هذا الاعتراف استراتيجي وابدي ..
اذن . اذا كان هذا هو الوضع ، والنظام المغربي يحقه .. فلماذا غضب من استقبال الرئيس الموريتاني البشير مصطفى السيد كمبعوث لرئيس الجمهورية الصحراوية ، والحال ان النظام المغربي هو بدوره اعترف بهذه الجمهورية .. وماذا استفاد النظام المغربي عندما رفض استقبال وزير الخارجية الموريتاني ، الذي جاء مبعوثا من قبل الرئيس محمد ولد الغزواني حاملا رسالة للملك .. في حين استقبله عبدالمجيد تبون بالحضن نكاية في النظام المغربي ، ومستغلا الهوة والخطأ الغير مقبول ، الذي سقط فيه النظام المغربي .. كما استقبله قيس سعيد رئيس تونس ، واستقبله رئيس الحكومة الليبية ...
اذن . لماذا توثير العلاقات مع موريتانية بسبب استقبالها البشير مصطفى السيد ، والاستقبال يدخل ضمن السياسة والقرارات الموريتانية كدولة مستقلة وذات سيادة ... وهل كان للنظام المغربي ان يتعامل وبنفس الأسلوب ، مع الاتحاد الأوربي ، خاصة فرنسا ، واسبانية ، والمانية ، والدول الاسكندنافية ، وبريطانيا العظمى ، وروسيا الاتحادية ، والصين الشعبية .. الذين اعلنوا صراحة معارضتهم لمغربية الصحراء .. بل اعربوا بمواقفهم الرافضة لاعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء انهم ضد مغربيتها .. ام ان النظام لا يزال يعتبر موريتانية الحائط القصير الذي قد يتم قفزه يوما حين تنضج الظروف لذلك .. وهنا نضيف . لماذا لا الجزائر التي بدورها تحتل الصحراء الشرقية التي فوتتها لها فرنسا ..
لقد خسر النظام المغربي دولة موريتانية بالمجان ، وبدون مقابل ، اللهم العزلة الدولية التي يعانيها بسبب اخطاءه الكثيرة والمتكررة ، وكأن الذي يقود البلاد لم يبلغ بعد سن النضج ، او انه فاقد البصيرة و التمييز ..
ولو احسن النظام التصرف ، وكان حقا سياسيا ودبلوماسيا .. لكان النظام الموريتاني وبوخزة ضمير ، مضطر لتصحيح قرار الانحياز عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية .. لان منطق الحياد يقتضي الموقف الوسط . عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، وعدم الاعتراف بمغربية الصحراء ، وانتظار القرار الذي سينهي به مجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ، النزاع الذي عمر لأزيد من خمسة وأربعين سنة خلت ... لقد ضيع النظام اللبن في الشتاء ، وليس في الصيف .. فمن يقود المغرب الى الهزائم المسترسلة والمتعاقبة .. من هزيمة الى احرى اكبر منها ..
ولنا ان نطرح السؤال : ماذا اذا أغلقت موريتانية الحدود مع معبر الغرغرات ... ورفضت استقبال كل المنتوجات الفلاحية المغربية ، وليس فقط بعضها ....
الجزائر طرحت نفسها كبديل ، وكجار موثوق به في وقت الازمة .. فالفيتو الموريتاني على بعض المنتجات الفلاحية ، عوضته الجزائر بملئه رغم تكاليفه الباهظة .. وطريق الغرغرات سيعوض بطريق بين موريتانية وبين الجزائر .. وهناك مشروع مطروح للدراسة وسيشرع العمل فيه ، وهو يخص تشييد خط سكك حديدية تصل موريتانية بالجزائر ، وتونس ، وليبيا دون المغرب ..
ومرة أخرى من يقود المغرب .. من يحكم المغرب ... ونطرح السؤال على هؤلاء ( الجهابذة ) .. لماذا اصبح النظام والملك معزولان دوليا ... هناك ازمة مع الاتحاد الأوربي ... ازمة مع اسبانيا ... ازمة مع فرنسا صامتة ... اكبر ازمة مع الدول الاسكندنافية ... اكبر ازمة مع الولايات المتحدة الامريكية ... مع روسيا الاتحادية ... مع موريتانية التي اعتبرها النظام الحلقة الصغيرة في المنطقة ، في حين ان الأطفال الذين يتولون مصير المغرب والمغاربة المفقرين ، نسوا ، او يجهلون ، ان موريتانية بلد المليون شاعر ، وبلد المثقفين ، وبلد المبادئ ، وبلد عدم الخيانة ..
ومرة أخرى لماذا كل هذه العزلة الدولية .. هذا ما سأتطرق له في الدراسة الطويلة القادمة بعنوان " هل الملك مريض ( بين الحياة والموت ) .."
" الأمير الحسن " ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال


.. أوروبا تسعى لشراء أسلحة لأوكرانيا من خارج القارة.. فهل استنز




.. عقوبات أوروبية مرتقبة على إيران.. وتساؤلات حول جدواها وتأثير


.. خوفا من تهديدات إيران.. أميركا تلجأ لـ-النسور- لاستخدامها في




.. عملية مركبة.. 18 جريحًا إسرائيليًا بهجوم لـ-حزب الله- في عرب