الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يومض برق القصيدة..ننخرط مع الشاعر التونسي القدير جلال باباي في الرقص على ايقاع الكلمات

محمد المحسن
كاتب

2021 / 4 / 7
الادب والفن


تخير المفردات القليلة يحمل ثقل الدلالات المتوالدة عن هذا التكثيف ما يجعل القارئ يستحث ذاكرته القرائية والمعرفية لأجل الإحاطة بهذا الكم من الدلالات المكبوتة في إطار رسم الكلمات والتي تتفجر كلما قاربها المتلقي بالقراءة ليعيش الدهشة في كنف جمالية تفاعله مع النص.
ولأن واقع حال الشعر المعاصر هو واقع الرفض للقيود والتحرّر منها للبحث عن بديل للقصيدة القديمة،فإن لجوء كثير من الشعراء لهذا النمط إنما كان للتعبير عن هذا الواقع وإن لمسنا تواجده في تراثنا العربي من خلال التوقيعات.
غير أن حال قصيدة الومضة المعاصرة راجع لما لها من تأثير نفسي نابع من محاولة الشاعر اكتناز أكثر الدلالات ضمن إطار ضيق وكلمات أقل،كما تعد من وسائل القناع الذي يتخذه شعراء العصر إذ يمكنهم من تحميلها الدلالات المختلفة دون اللجوء للتصريح بها،ولعلها كذلك من وسائل إظهار تمكّن الشاعر وقدرته اللغوية الثقافية التي تبرز من كتابته لهذه القصيدة..
اتكأ الشاعر الفذ جلال باباي على حقول دلالية محددة أبرزها: الزمن، والحزن، والثنائيات الضدية.وقد سميت توقيعة؛لأن الشكل الشعري يشبه التوقيع في الرغبة في الإيجاز،وكثافة العبارة،وعمق المعنى،فيحول عبر التوقيعة شعريته إلى خطاب اتصاليّ يثير انفعالات المتلقي، ويجعله يشاركه مشاعره. فتثير التوقيعة لدى المتلقي الدهشة،وتدخله إلى عالم الشاعر،وتنجم شعريتها عن موقف انفعالي،وقد تأتي في خاتمة المقطع أو القصيدة،وقد تكون القصيدةُ قصيدةَ توقيعة/ ومضة. يقول:
تعوزني اللغة..ويخونني الجسد
يهرب من قاموس القصيدة..المدد
ضفاف القلب
احتراق الرمد
إنها تجربة شعرية غاية فى العمق وآية فى الجمال،صاغها-شاعرنا القدير-جلال باباي فى اثنتي عشرة كلمة،ولكن بين هذه الكلمات آلاف من الكلمات والمعانى مسكوتاً عنها،وعلى المتلقى أن يتأمل ويبحث ويحلّل حتى يصلَ إلى ذروة المتعة الشعرية والتأملية..تجربة عميقة وقوية تم رصدها فى كلمات قليلة تحمل كل معانى وعطاءات التجربة بين سطورها،فالتجربة هنا كالومضة التى تلقى بأضوائها على من حولها ولمساحات بعيدة حسب ثقافة وفكر كل متلق.
ختاما،أؤكّد أن من يجرّب في أي جنس أدبي عليه أن يتمتّع بتجربة متكاملة وغنية،تخولّه تجاوز المرحلة الإبداعية،إلى آفاق التجديد..
وهذا ما حدث في حالة الشاعرالتونسي المتميّز جلال باباي مثلاً،وتجربته الشعرية الغنية التي لم تنفصل عن حقيقة امتلاك الشاعر لرؤيا فلسفية متكاملة،مكّنته من التجريب في نموذج القصيدة الومضة بنماذج متألقة تسجَّل له.
قبعتي..شاعرنا الفذ..
لقد-فجرت- لغة شعرية عذبة،وومضة شعرية مدهشة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج