الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية فلسفية: عجز الفكر الشيوعي وسقوط نظرياته العتيقة

نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)

2021 / 4 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


*قوة هذه الأحزاب كانت تبرز بكوادرها المنظمة ذات التثقيف السياسي الذي تلاشى ايضا* عليها ان تندمج اكثر بحركات المجتمع المدني الذي اضحى قوة سياسية واجتماعية واسعة التأثير*
نبيل عودة
ما زلنا نسمع حتى اليوم قوى اليسار الراديكالي، والحركات القومية تطرح شعارات حول ما تسميه "الجماهير الشعبية" وحول نظريات ماركسية مثل الحتمية التاريخية. وتدعي انها قاعدتها السياسية والنضالية. واكثر من ذلك تفاجأت بمثقف شيوعي يكتب مقالا يعلن فيه "نحن حزب ماركسي لينيني نؤمن بالصراع الطبقي وانتصار البروليتاريا على البرجوازية الحاكمة وبناء النظام الشيوعي، وان الجماهير الشعبية معبأة للثورة" مضيفا بلا عقل : ان سقوط الاتحاد السوفييتي كان بسبب سيطرة شيوعيين انتهازيين على السلطة"
السؤال اين عشرات ملايين اعضاء الحزب والجيش البروليتاري العقائدي الأحمر للدفاع عن نظامه الاشتراكي؟
يبدو لي بثقة ووعي كامل، ان الشيوعيين عامة والماركسيين المثقفين تحديدا، يعيشون بوهم موروث، او حلم سياسي رطب لم يثبت نفسه اطلاقا، بل هو غير قائم الا في مخيلات قادة واحزاب سياسية انتهى زمنهم وبات من الصعب ان يستوعبوا ان احلامهم الرطبة هي مجرد احلام غير قابلة للتحقيق
الملاحظة الهامة هنا ان تلك المفاهيم الوهمية أضحت تشكل جزء كبيرا من الفكر السياسي للقيادات الجديدة الشابة. طبعا دون ان يفكر أي منهم ان كانت تلك النظريات صالحة اليوم ايضا رغم انها تاريخيا لم تكن الا تخيلات يعلوها الكثير من الشك. ولم يثبت اطلاقا منذ كومونة باريس ان شهد عالمنا صراعا بين البروليتاريا والبرجوازية، حتى ثورة اكتوبر كانت بجذورها انتفاضة فلاحية استطاع لينين ان يقودها على اثر الحرب العالمية ألاولى وعودة المقاتلين – الفلاحين اساسان الذين انتكبوا بالحرب، فوعدهم لينين بالأرض فانضموا للثورة.
لنلقي نظرة على واقعنا المحلي داخل اسرائيل.
فسروا لي كيف خسرت الأحزاب السياسية(وخاصة الجبهة- وحزبها الشيوعي) مكانتها الطليعية بانتخابات الكنيست الأخيرة(الرابعة كما تعرف) لقائمة لم تكن سابقا في اللعبة السياسيىة حول اصوات الجماهير العربية، كقائمة مستقلة بكيانها وتنظيمها، بينما التنظيمات الحزبية وعلى راسها الحزب الشيوعي (الجبهة) رغم مئات أعضائها ونظرياتها ودورها السياسي والاجتماعي التاريخي في حياة الاقلية العربية، فقدت مكانتها القيادية في الوسط العربي. اين اختفت كوادرها ونشطائها السياسيين المنظمين ، وكوادرها المثقفة؟
قوة هذه الأحزاب كانت تبرز بكوادرها المنظمة ذات التثقيف السياسي. لكن لا شيء بقي من ذلك. لا شيء يجعلها مميزة... خاصة بعد تجربة الانتخابات الأخيرة (الرابعة) للكنيست، حيث احتلت الواجهة قائمة لم يكن لها سابقا أي وجود انتخابي منظم ومستقل(القائمة الموحدة ) هي قائمة اسلامية بجوهرها كان لها شراكة مع حزب لم يعد له كيان. وارى ان الانتخابات القادمة للكنيست ستكون نكسة للجبهة قد تضع اعلامات النهاية لبدابة الاضمحلال والتفكك. ولن ينقذ الوضع شعاراتها عن "الجماهير الشعبية" والصراع الطبقي والنموذج السوفييتي وغير ذلك من الدعم السوفييتي مثلا عبر استقبال الدول الاشتراكية لمئات الطلاب الشيوعيين منذ سنوات السبعين في القرن الماضي. للأسف اليوم لا اراهم تقريبا في الحزب الشيوعي الاسرائيلي، او في معاركه السياسية، رغم ان عددهم كان بالمئات، وقد ساهمت الدول الاشتراكية، وحذا امر لا يمكن انكاره، ببناء كوادر علمية هامة جدا لمجتمعنا العربي داخل اسرائيل.
السؤال : هل بالواقع السياسي المتغير، وواقع تفكك الحركات الشيوعية دوليا، وفقدان النظرية الماركسية للكثير من ثوابتها الفكرية، وعدم قدرة الحركة الشيوعية على استخلاص النتائج وتطوير فكرها بما يتلاءم مع التطورات العاصفة اقتصادية وسياسيا في عالمنا. بما في ذلك حتى شعارهم عن "الجماهير الشعبية " الذي اصبح تعبيرا من الماضي المتمسكين به رغم التطور الذي عصف بالمجتمعات قاطبة وليس بمجتمعنا فقط. للأسف لا ارى ان الجبهة وحزبها الشيوعي يملكون القدرات الذهنية والمعرفية لفهم عمق التطور العاصف في عالمنا ، الذي تجاوز كل نظرياتهم الاقتصادية خاصة، والفلسفية عامة، ومفاهيمهم عن الديموقراطية والطبقية والنظام الرأسمالي والتغيرات التي عصفت بكل الفكر القديم من القرن التاسع عشر واواسط.
ان مفهوم "الجماهير الشعبية" فقد مكانته، اليوم تبرز على الساحة النضالية تنظيمات جديدة تشمل اوساطا من جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، واعني تنظيمات المجتمع المدني التي اصبح لها تأثير ودور متعاظمين على تشكيل السلطة ايضا.
عالمنا المعاصر تجاوز الكثير من النظريات التي طرحها ماركس في وقته واصبحت اشبه بالانجيل المقدس للتنظيم الشيوعي في بلادنا والعالم اجمع. واكاد لا استوعب هذا الجمود الفكري والعقائدي بدون بادرة لتطوير مفاهيم جديدة. وغني عن القول ان الحركة الشيوعية العالمية اضحت بطريق التفكك وربما بمراحل التفكك الأخيرة!!
طبعا انا لا اناقش قضية التمثيل السياسي، ورؤيتي ان طروحات الأحزاب الشيوعية الاجتماعية والسياسية والحقوقية هي صحيحة بجوهرها، لكنها تنطلق من تنظيمات تتقلص تدريجيا بكل المجالات، ورؤيتي انها يجب ان تكون جزءا من حركات المجتمع المدني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشيوعية بدأت كحلم وانتهت كوهم
منير كريم ( 2021 / 4 / 8 - 16:25 )
تحية للاستاذ المحترم
مقالك ممتاز
العلة الاساسية للفشل والانهيار هي الخلل في الفكرة الشيوعية سواء الماركسية او الاناركية
انها فكرة تتجاهل الطبيعة الذاتية للانسان وتغفل الطبيعة البيروقراطية للدولة وهي فكرة مغرقة بالميتافيزياء ولا تستند الى العلم بل تكتفي بافكار بائدة كالديالكتيك والمادية والاقتصاد السياسي القديم ولم تتفاعل مطلقا مع التطور في الفكر الديمقراطي
ان الماركسية باتت كالدين للبعض التحرر منه قد يستغرق العمر كله
شكرا جزيلا لك


2 - اخي العزيز منير كريم
نبيـــل عــودة ( 2021 / 4 / 8 - 17:17 )
قولك سليم .. المؤسف ان الماركسية لم تعامل كنظرية بل ككتاب مقدس، لينين شوهها وستالين قبرها واقام نظاما ديكتاتوريا استبداديا وطان سفاحا رهيبا للشعوب السوفيتية. اقرأ روايات الغولاك لمثلا وغيرها كثير لذا تفكك النظام مثل كومة التبن


3 - دعوة للعقلانية
د.محمود يوسف بكير ( 2021 / 4 / 8 - 21:50 )
أحييك أستاذ نبيل عودة على مقالك الذي يحمل دعوة هادئة للعقلانية والواقعية والاستيقاظ من أحلام اليقظة . أنا وغيري ومنهم الصديق العزيز منير كريم نحاول منذ سنوات إخراج العقل الماركسي الايديولوجي من كهفه دون جدوي وكدت أن أصاب باليأس ولكن مقاللك أحي الأمل ولذلك
قررت أن أستأنف محاولاتي في مقالتي القادمة. مع أطيب تحياتي وأمنياتي


4 - اخي العزيز د.يوصف بكير
نبيـــل عــودة ( 2021 / 4 / 9 - 01:16 )
اولا شكرا على الملاحظات لأني اعيش بصراع مع رفاقي القدماى الذين تثقفوا على رؤية مغلقة ليس من السهل الخروج منها، وتتميز اكثر بالشعاراتية.
منذ سنوات وانا اراجع فلسفة واقتصاد ماركس عبر المقارنة مع واقع المجتمعات الرأسمالية وكنت قد كتب عدة مقالات نشرت بالحوار ايضا عن مواضيع شتى تعرضت بسببها لشتائم رفاقي القدماء .رغم اني كتبت بالم عن حلم عشته شابا قبل ان اراه يتفكك وينهار..
لي حلقات بعنوان الفلسفة المبسطة، حاولت فيها طرح مواضيع فلسفية بشرح مبسط وصياغة
قصص ساخرة تشرح بشكل ما الموضوع الفلسفي، وهي منشورة ايضا في الحوار.
ومن المهم مراجعة كتاب محمود امين العالم عن مفهوم الدولة الذي لم يتطور وعمليا بقيت الدولة . العتيقة - الراسمالية لبناء النظام الاشتراكي الجد
حقا مارطس لم يطرح رؤية للدولة الاشتراكية ما عدا ملاحظات عن الكومونة لا تشكل رؤية كاملة لدولة النظام الشيوعي - الاشتراكية. ولينين عمليا في كتابة الثورة والدولة كما اذكر لم يطرح اي رؤية سوى ان الدولة لها دور لقمع البرجوازية العالمية. عمليا شوهت الماركسية قبل ان يقبرها ستالين


5 - بعد قرن من السفسطه والطبقية والمعارك الدموية الرعن
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 4 / 9 - 03:09 )
الرعناء -ان الاوان للعمل المفيد المنتج لمجتمعاتنا البائسه التي صارت في العربة الاخيره او كما يقول العراقيون في خانة الشواذي-اقول ان الاوان ان نختار اشكال التنظيم المنتجه تحت برنامج معقول وتدرجي لبناء الدولة الحديثه ولتصنيعا وتحديث زراعتها وجعل العلم منطلق ليس فقط تقنيات انتاجها ولكن ايضا في خياراتها الثقافية بعيدا عن اساطير الاولين والذيليه لشيوخ الدين المجرمين في معاداة المثال الحي للعالم العاقل اي دول الغرب ومجتمعاتها التي اقامة على الارض البديل الجميل الغني ماديا ومعنويا والذي يسمونه الراءسمالية بل والمتوحشه-اذا كانت الحضارة الرائعة الغربية-الراءسمالية-متوحشه فاي تسمية تليق بدولة الاستبداد الاسيوي البربريه المسماة سوفيتيه او وريثتها التي لاتعترف باي قانون انساني او دولي او اية دمقراطية او حريات والتي يقتل فيها الانسان اسوء من قتل الذباب في احيائنا الكادحة-دولة هولاكو القرن العشرين المتوحش ماوتسي تونغ وخلفائه البلدجيه-فالى تحكيم العقل بالعلم والواقع بعيدا عن الاندلجة وعفوناتها-لقد قدمنا من الضحايا ومن الدماء والمعاناة باسم النضال والثورية والطبقية ماكان يكفي لبناء جنة فعلية علىالارض


6 - عزيزي الدكتورصادق الكحلاوي
نبيـــل عــودة ( 2021 / 4 / 9 - 06:12 )
كلماتك صادقة ..الراسمالية المتوحشة انتجت حضارة وديموقراطية وحريات واسعة وتأمينات
اجتماعية وصحية ومجتمع رفاه اجتماعي رغم ان الفقر النسبي ما زال منتشرا، لكن ليس الفقر القاتل كما هو في عالمنا العربي مثلا
عندما نرى ان الناتج الاقتصادي للدول الرأسنالية تبلغ حصة الفرد منه 45- 55 الف دولاروعالمنا العربي بدولة غنية مثل السعةدية لم تتجاوز ال 25 الف دولارن ومصر لم تصل الى 8الاف دولار ولبنان ينهار بينما دولة اسرائيل وصلت الى 45 الف دولار..فهذا يجب ان يضعنا اما حقائق جديدة بدون الشعارات اليسارية الغبية.
روسيا قبل انهيار الاتحاد السوفييتي كانت حصة الفرد من الناتج القومي الاجمالي بحدود 12 الف دولار ، روسيا الراسمالية اليوم تجاوزت ال 25 الف دولار.
هذه هي المقاييس الصحيحة وليست عاش حزب البولشفية وزعيمه ستالين!!
الأمر الأهم ان النظام الرأسمالي قام على قاغدة اقتصاد وسلطة. اليوم المجتمع الرأسمالي قائم على قاعدة جديدة سلطة ، اقتصاد ومجتمع مدني. وكل الحديث عن راسمالية متوحشة لا انفيه تماما الا انه في طريق الاضمحلال والتحول بسبب ارتفاع قوة المجتمع المدني.


7 - الراسمالية المتوحشة ما يوجد في روسيا والصين
منير كريم ( 2021 / 4 / 9 - 09:28 )
تحية للجميع
كثيرا ما يتردد مصطلح الراسمالية المتوحشة
اذا كانت ارتفاع درجة الاستغلال وقلة او انعدام الضمانات والحرمان من الحقوق النقابية والمهنية مؤشرات على الراسمالية المتوحشة فهذه الراسمالية المتوحشة هي ما موجود في الصين وفي روسيا ذات الاقتصاد المافيوي وفي دول اخرى في العالم الثالث
شكرا


8 - الأخ منير كريم
نبيـــل عــودة ( 2021 / 4 / 9 - 09:55 )
هذا هو الواقع
الاتحاد السوفييتي مع كل اشتراكيته الا انه لم يكن الا نظاما استبداديا حتى في مجال الأدب.
عين بفترة ستالين كوميسار ثقافي اسمه جدانوف فرض على الأدباء شخصية ابطالهم ويجب دائما ان يكونوا طبقيين لدرجة ان رواية رائعة مثل دكتور زيفاغو جرى حظرها قراتها مرتين ولم اجد سببا لحظرها بل تمجد الثورة. انصح بقراءة رواية(ولد 44 - انتج كفلم ايضا، التي تفضح اساليب المخابرات السوفياتية والنظام غير الانساني وراء العقليات التي ادارت مؤسسة المخابرات حتى على بسطاء وفيما بعد اعدم مديرها


9 - كارثة
عبد الحسين سلمان ( 2021 / 4 / 9 - 11:10 )
تحية للصديق العزيز نبيل عودة

كان وما يزال فكر ماركس فكراً نقدياً critical لنمط الإنتاج الرأسمالي , ولذلك فأن الكلمة الأولى في كتابه ( رأس المال) هي Critique 
ولم يزد عن ذلك أي زيادة. وتحدث عن بروليتاريا بريطانيا واوروبا الغربية فقط.
لكن الطامة الكبرى هي من شيطنة كاوتسكي ولينين , اللذان حولوا هذا ( النقد) الى ( توراة وانجيل وقرأن), وتبعهم الضالون , فبدأوا يتحدثون عن بروليتارية عراقية وفلسطينية وعن برجوازية جزائرية ويمنية , وشاعت المصطلحات شيوع غريب. وكانت النتيجة , نتيجة كارثية .


10 - رفيقي عبد الحسين سليمان
نبيـــل عــودة ( 2021 / 4 / 9 - 14:14 )
اجل ذلك صحيح. لينين شوه ماركس وستالين قبره
لكن مشكلة ماركس ليس بنظريته التي تناولت النظام الراسمالي في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، انما بالحركة الشيوعية والكومنترن الذي جعلها كتابا الاهيا منزلا بدون تطوير النظرية باضافة المراحل الجديدة وحاصة الانقلاب في الصناعة والانتقال من الألة البسيطة الى الآلات الألكترونية والتكنولوجيا المتطورة مما غير ثقافة العامل ومكانته الانتاجية ولم تصبح الماكينة وسيلة لافقار العمال بل ضاعفت بشكل هائل الانتاج الاجتماعي والثروة الوطنية وغيرت التوزيعة الاجتماعية وطورت الضمانات الاجتماعية والحقوق العمالية ، وعمليا لم تعد الطبقة العاملة هي ما عرفها ماركس بل اصجحت حركة مجتمع مدني لها دورها في الادارة الاجتماعية .
والاقتصادية . وتجد بالحوار المتمدن مقالات لي عن هذه المواضيع .
طبعا لا انكر ان الشيوعيين يلعبون اليوم دورا هاما. لكن للأسف قادتهم لم يألوا جهدا لفهم التحولات العاصفة في المجتمع والاقتصاد

اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ