الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استراتيجيات للتغلب على الألم العاطفي

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2021 / 4 / 8
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


عندما نصاب بكدمة في الذراع أو كسر في الساق ، أو جرح في الرأس ، تقدم لنا الاسعافات الأولية ونتعافى مع مرور الوقت ، ولكننا عندما ينكسر خاطرنا أو نصدم بتجربة عاطفية أو نتعرض للخيانة من صديق وثقنا به طويلا ، من يقدم لنا الاسعافات الأولية العاطفية ، وكيف نتعافى من الألم العاطفي وما هي الطرق للتغلب على الاصابات النفسية التي قد تصيبا وقد تستمر طويلا .

لقد وضع جبران خليل جبران الأمر في مكانه الصحيح حين قال :

قاتل الروح مقتول بفعلته......وقاتل النفس لا تدري به البشر .

للأسف الجروح والكدمات والكسور والحروق تترك أثرا ظاهرا على البشرة ، ولكن الجروح الداخلية والكدمات العاطفية تبقى في القلب ترهقه وتتعبه سنوات طويلا وتترك أثرا لا يمحى في السلوك.

كيف نسرع من التعافي من الاصابات والجروح العاطفية ؟

يمكننا جميعًا الاستفادة من كتب المساعدة الذاتية كأساس تجريبي قوي يترجم المصطلحات الفنية إلى نصائح عملية ، حيث نقوم بتحليل أصعب المواقف التي نواجهها في حياتنا ومحاولة إيجاد العلاجات لكل منها. من خلال دراسة الإصابة والمرض لبعض الوقت ، يمكننا إصلاح عظامنا العاطفية المكسورة بحيث نتعافى من سموم الذنوب ونتغلب على أوجه القصور الشائعة في نظام إصلاح المشاعر.

لنلقي نظرة على هذه مصادر الإصابة العاطفية ونفحص بإيجاز علاجاتها والترياق المناسب لها :

الجروح والخدوش الناتجة عن الرفض:
قد تأتي هذه الخدوش والجروح من الأصدقاء والأحباب بالدرجة الأولى سواء توقف أحد الأصدقاء عن الرد على مكالماتك ، أو انفصل حبيب عنك ، أو قام شخص ما بإلغاء صداقتك على وسائل التواصل الاجتماعي ، أو قام رفاقك في العمل بتجاهلك ، حتى لو كان ذلك عن غير قصد ، فهذا مؤلم. وقد تغضب منهم أو من نفسك أو من العالم بشكل عام. وحتى لو كان الرفض بسيطًا ، فقد يكون كافيًا للتشكيك في قيمتك الذاتية. يتضمن علاج الرفض استراتيجية مكونة من أربعة محاور هي :
• لا تقبل النقد الذاتي .
• أعد بناء قيمتك الذاتية من خلال التركيز على نقاط قوتك .
• ابحث عن أشخاص آخرين لملء الفراغ .
• أزل الحساسية داخل نفسك الناجمة عن ألم الرفض في المستقبل من خلال التدريب، حيث تقوم بإعداد نفسك لرفض خفيف يمكنك التغلب عليه بسهولة.
وعند التدرب على هذه الاستراتيجية ستتقبل الرفض وستتقبله بروح رياضية ولن يؤثر فيك . وستراق من يخرج من حياتك حتى الباب وتقفله خلفه حتى لا يعود.
علاقة ضعف العضلات الناجم عن الشعور بالوحدة:
قد يسبب الانتكاس العاطفي شعورا بالوحدة والعزلة يسبب بعض الحالات ضمورا في العضلات . كلما طالت مدة العمل دون الارتباط الوثيق بالآخرين ، زادت صعوبة إعادة الاتصال بأشخاص جدد ، أو حتى معاودة الاتصال بالأصدقاء القدامى الذين ابتعدت عنهم. يوصي الخبراء بمجموعة من الاستراتيجيات التي تستهدف السبب المحدد للشعور بالوحدة. إذا كنت مقتنعًا بأنه لا يمكن لأحد أن يحبك أو يهتم لأمرك ، فحاول محاربة هذا التشاؤم مع استذكار الحجج المنطقية المضادة. قد يشمل هذا التشاؤم الاعتقاد بأن الآخرين يفكرون دائمًا فيك بشكل سلبي. وفي هذه الحالة ، جرب بعض المنطق في مواجهة شكوكك من خلال التشكيك في الفرضيات السلبية. إن أحد أشكال هذا الشك هو الميل للانخراط في سلوكيات تهزم الذات وتؤكد الشكوك وتزيد الحالة سوءا. يمكن أن يؤدي ممارسة التعاطف أيضًا إلى تقوية عضلات العلاقات مع الأخرين ، مما يزيد من احتمالية رغبة الأشخاص الذين تهتم لأمرهم في التواجد بالقرب منك. إن إحدى الاستراتيجيات السهلة نسبيًا ، على الرغم من أنها تتطلب بعض الالتزام ، هي تبني تربية حيوان أليف يمكنك التدرب عليه للحصول على مكافآت عاطفية لنفسك قبل الآخرين.
حالات من الضياع والصدمات:
الضيق حالة عاطفية تنتج في داخلنا عندما نفقد شخصا عزيزا وتختلف شدته وفق أهمية الشخص المفقود . قد يتدرج خطر الضيق من الحالات البسيطة إلى الحالات الخطيرة التي تسبب الموت أو ما يسمى متلازمة القلب المكسور . وقد يعرض الضيق السلامة الشخصية للخطر الشديد. هناك أشخاص يمتلكون بعض المرونة في التعامل مع المواقف فيتقبلون الحالة العاطفية السيئة ويتغلبون عليها ويمتلكون مقومات القدرة على التعافي . الخسارة والصدمة يمكن أن تحطم حياتنا أو جزءا منها ولكن من يمتلك الإرادة يدرك جليا أن الحياة تستحق إعادة المحاولة ، يجب أن لا نسمح للصدمات أن تدمر حياتنا أو تشوهها أو تحرفها عن مسارها . علينا أن نبحث بحكمة عما قد يخفف الألم والضيق وأن لا نعتبر كل تجربة فاشلة أو موت قريب انتهاء حتميا للعالم . يجب أن نجرب الحزن ولكن ليس للحد الذي يقتلنا به ، لأن الحياة تستحق أن تعاش والشفاء دائما طريق الأمل.
الأثر السام للشعور بالذنب:
الرفض والشعور بالوحدة والفقدان والخسارة كلها تجارب مؤلمة في حياتنا وتؤثر علينا جزئيا أو كليا ، وأحيانا كثيرة ، يرافق هذه المشاعر شعور بالذنب يطغى على حياتنا ويصبغها بالتعاسة . يظهر الشعور بالذنب في حياتنا مع انحراف البوصلة الأخلاقية عن مسارها . وهو بالتأكيد شعور غير صحي في كثير من الحالات لأنه لا يبني حياتنا أو يصلحها لكنه يؤذيها ويدمرها . هناك ثلاثة أنواع من الشعور بالذنب هي : الشعور بالذنب المرتبط بالمشاعر المفقودة ، والشعور بالذنب الناجم عن الهروب من شخص ما ، والشعور بالذنب الناجم عن الانفصال أو عدم الولاء . ويتفاقم الشعور بالذنب في عدم تقديم الاعتذار أو تلقي الاعتذار حيث يسيطر شعور غريب على الانسان مفاده أنه لا يستحق أن يتابع حياته بشكل طبيعي كما هي. في الحيقية يجب أن نحارب الشعور بالذنب بكل الوسائل لأنه بداية لأمراض نفسية لا حصر لها وعلينا أن نحاول اصلاح ذات البين بينا وبين الآخرين . إن التغلب على الشعور بالذنب بداية الحياة الصحية الجيدة وبداية تصحيح ما شاب علاقاتنا من سوء ومرارة وقسوة .
الضوضاء العاطفية الناجمة عن الاجترار:
يؤثر تكرار التجارب غير السارة أو المخيبة للآمال سلبا على حياتنا سواء كانت هذه التجارب حقيقية أم متخيلة وتهدم رفاهيتنا ويترك ندبات كثيرة يصعب شفاؤها. وقد يتطور الأمر ليصبح نوعا من الاجترار للألم لا ينسى . إن الاجترار لا يسبب فقط ألم التجربة الأولى فحسب بل يؤدي أيضا إلى استنزاف الموارد المعرفية والفكرية والطاقات العقلية وفقدان التركيز. الخطوة الأولى للتغلب على اجترار الأفكار هي أن تدرك أن الأخرين لا يرون العالم بالطريقة التي تراها أنت .الإنسان لا يدرك الأخطاء الصغيرة التي يرتكبها ، ومتى أدرك الإنسان هذه الحقيقة ، يبدأ في مناقشة الأمور بعين عقله ، ويمكن البدء بمشروع صغير أو الانضمام لنادي أو ترميم هواية أو متابعة دروس الأطفال أو زيارة العائلة .
الألم النفسي الناجم من الفشل:
هناك الكثير من المواقف التي تسبب الألم وتحبط قدرة الإنسان على الوصول إلى الهدف ومن المؤكد أن الثقة بالنفس سوف تتضرر نتيجة اجترار الخسارة والرفض نتيجة الظروف التي يمر بها الإنسان المصاحبة للأخطاء والانفصال. ويمكن عند حل المشكلة بشكل مباشر طلب النصيحة من أقرب الأشخاص إلى الإنسان وممن يرى المشكلة كطرف ثالث . قد تساعد رؤية المشكلة من منظور ثالث في تحليلها بشكل واقعي وبالتالي التغلب عليها . يجب أن لا يحل الخوف من الفشل محل المبادرات الخلاقة وروح المرح .
خطر تدني احترام الذات على مناعتك العاطفية:
من المؤكد أن تدني احترام الإنسان لذاته قد ينجم عنها الكثير من الخطر للصحة العاطفية التي تشكل روحنا ونفسيتنا وحياتنا. وبمجرد أن يبدأ تقدير الإنسان لذاته في التراجع يمكن أن يتحول إلى حالة دائمة . على الإنسان أن لا يفكر في نقاط ضعفه بل عليه أن يفكر في نقاط قوته . يجب أن لا يمس الإنسان بكفاءته الذاتية بل عليه أن يبدأ الإنسان ببناء احترامه لذاته والتعاطف مع نفسه وسماع الإطراءات حسنة النية . يمكن للإنسان في ساعات خلوته أن يعدد نقاط قوته وأن يصنفها إلى أجزاء وقطاعات محددة . على الإنسان أن يتدرب على اليقظة وأن يمرن إرادته على تحمل الفشل والهفوات في حياته.
تندرج المقترحات السابقة في اطار العلاج المعرفي السلوكي ، والذي يقترح أن التغيير العاطفي يأتي من التغييرات في الأفكار والسلوك. وعوضا عن الانغماس في الشكوك العاطفية والقلق والحزن ، يمكن للمرء اتخاذ الاجراءات التي تساعد على رؤية العالم والذات بإيجابية أكثر . وعندما لا تعمل كل هذه الاجراءات يمكن اللجوء لأخصائي الصحة العقلية . يمكن معالجة العديد من حالات التدهور العاطفية العادية التي يمر بها الأشخاص بإحدى استراتيجيات "افعل ذلك بنفسك". وبمجرد تحديد العلاج الذي يجب تطبيقه ، يمكن للنتائج أن تبني المناعة والصحة النفسية لسنوات قادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية