الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى قهرًا أيّها الموت وفاة أستاذنا عفيف سعيد ابن جرمانا في ريف دمشق

أدهم مسعود القاق

2021 / 4 / 9
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لم يكن الأستاذ عفيف سعيد رجلًا عاديًّا، بل كان يحمل طموحًا عظيمًا لبناء الإنسان الحر، كان يحلم بمجتمع عصريّ ودولة حديثة؛ ولذلك استمر طوال حياته معارضًا للاستبداد والتخلّف والفساد والطائفية، ولم يتوقف لحظة عن فضح سياسات نظام حكم استهان ببناء الدولة ودمّر وحدة الوطن ومنع تقدم المجتمع.
كان عفيف سعيد وحدويّ التوجّه، مدافعًا عن الفكر القومي تماهيًا مع مفكريه الذين حلموا بنجاح محاولة نهوض الأمة، رافعين راية الكفاح دفاعًا عن فلسطين والوحدة العربية.
انتصر عفيف سعيد لتجربة الوحدة العربية بين مصر وسوريا عام 1958، وبعد حركة الانفصال وانقلاب حزب البعث عام 1863، انضم إلى صفوف الناصريين والقوميين العرب، وحين لاحق نظام حزب البعث السوري الناصريين وقمعهم واعتقلهم لجأ إلى مصر – عبد الناصر، وتابع دراسته في جامعاتها، وقبل تخرجه رجع إلى سوريا، فاعتقل فترة في أقبية المخابرات السورية، وبعد إطلاق سراحه استكمل دراسته، إلى أن تخرّج في جامعة دمشق، قسم التاريخ، وعمل بالتدريس، فكان نعم المدرس الناجح لطلابه، كما امتدت تربيته وتعليمه لأبناء الأجيال اللاحقة إلى خارج المدارس، ليصبح الصوت الأقوى في صفوف معارضة سلطة الحكم السوريّ في البيئات الاجتماعية التي تواجد فيها كلها.
لقد أسهم الأستاذ عفيف في بناء جيل رافض لأساليب القمع والتسلط والفساد، وقادنا في دروب التقدم والحرية، وعلّمنا كيف يكون الصمود الحقيقيّ بمواجهة شرور التسلّط وانتهازية الأحزاب وتخلّف الطوائف.
حورب عفيف سعيد نظرًا لمواقفه الصريحة ضد السلطة، ونقل من التدريس إلى وظيفة إدارية، ولكنّه أبى الاستمرار موظّفًا، وأنشأ عملًا خاصًا به في بلدته جرمانا.
عفيف سعيد أحد مؤسسي سهرة جرمانا الثقافية التي ضمت شباب جرمانا المعارضين لسياسات السلطة منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وقد تمكّن بخبرته الاجتماعيّة وسعة معارفه العلمية والتزامه الأدبيّ أن يجعل من تلك السهرة ملجأً انضوى في حضرتها شباب جرمانا الأحرار.
يُشهد لأستاذنا الجميل عفيف سعيد وعيه حقيقة فئات الانتهازيين الثقافويين من أبناء بلدته؛ إذ لم يكن متهاونًا في فضح أساليبهم الملتوية وسلوكهم الفاسد.
انحاز أستاذنا واصطف إلى جانب ثورة الربيع العربي في سوريا منذ انطلاقتها، ولم يكن يخفي موقفه، بل قدّم المساعدات الإنسانية وسخّر خبراته في دفع شباب الثورة قدمًا نحو النجاح، وقد قدّم بيته في جرمانا لناشطي الثورة، وبرز اسمه بصفته أحد أعمدة الحراك المدنيّ في محيطه الاجتماعي، جرمانا ودمشق وريفها، إلى أن اعتقل في 10/5/ 2013م لدى المخابرات السورية وكان قد تجاوز السبعين من عمره.
رحم الله الأستاذ عفيف سعيد، خسارتنا كبيرة جدًا؛ بصفتنا أهله وتلامذته وأبناء مدينته، ولكننا نعاهد روحه الطهورة على الاستمرار في دروب الحرية والمحبة والسلام والعدل والتقدم التي لم يحد عنها طوال حياته.
عزاؤنا في أبنائه وبناته الذين رباهم في دروب العلم، هم الناجحون في اختصاصاتهم، والذين تعلموا من أبيهم -رحمه الله- الوقوف إلى جانب الحق والحرية والكرامة.. كما نعزي زوجته الأستاذة نوال وهاب وأخواته - أمدّ الله في عمرهن- اللواتي وقفن إلى جانبه في مسيرة حياته كلها، قدرهم الله وقدرنا على الصبر والسلوان.
وحسبنا أن نقول: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا