الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تسعى امريكا لحرب باردة جديدة ( 1 )

آدم الحسن

2021 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


قادة الولايات المتحدة الأمريكية من الحزبين الجمهوري و الديمقراطي يعانون من مرض الشعور بالعظمة و بالتفوق على الأمم الأخرى , يكررون في الكثير من المناسبات انهم انتصروا في اكبر معركتين هما الحرب العالمية الثانية في دحر الفاشية و النازية و الثانية هي الحرب الباردة حيث سقطت هيمنة الاتحاد السوفياتي السابق على دول اوربا الشرقية و التي ادت ايضا الى حل حلف وارشو و تفكك الاتحاد السوفياتي السابق .
و يكررون ايضا أن امريكا ستبقى الدولة العظمى , ليس الدولة العظمى الأولى فقط بل هي الدولة العظمى الأولى و الوحيدة
فجاء صدى المبهورين بالقوة الأمريكية بالقول أن القرن الواحد و العشرين هو القرن الأمريكي بامتياز , بمعنى انه لا يمكن لأي دولة في العالم التمكن من الوقوف بوجه امريكا العظمى لأنها ستجعلها هباء منثورا ...!

حين يتناول القادة الأمريكان مجريات الحربين العالمية الثانية و الباردة يتعمدون فصلها عن بعض الحقائق التي لا تلائمهم , فالانتصار على النازية و الفاشية لم يكن بجهود امريكا لوحدها بل بالعكس كان للاتحاد السوفيتي السابق الدور الأعظم في دحر الجيوش النازية مما سهل مهمة باقي الحلفاء و منهم امريكا للتقدم في المعارك و الوصول الى آخر معاقل النازية في برلين , أما انتصار امريكا و معها التحالف الغربي على الاتحاد السوفيتي السابق و معه دول حلف وارشو فهذا لا يعود فقط للقدرات التي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة اكبر اقتصاد في العالم في تلك الفترة بل لأسباب ذاتية و موضوعية تخص تلك التجربة التي تم تسميتها بالاشتراكية أو بالأنظمة الشيوعية و في حقيقة الأمر هي لم تكن كذلك بل كانت عبارة عن نظام رأسمالية الدولة , ذلك النظام الذي حمل معه كل امراض البيروقراطية التي نخرت الجسد الاجتماعي لشعوب الاتحاد السوفيتي السابق و انهكت اقتصاده , اما حلفاء الاتحاد السوفيتي في اوربا الشرقية فقد صاروا عبئا عليه بدلا من أن يكونوا عونا اقتصاديا له , و هكذا انزلق الاتحاد السوفيتي السابق بشكل تدريجي حتى وصل الى حافة الهاوية و ما كان يحتاجه للسقوط في الهاوية سوى دفعة صغيرة و هكذا كان انحلال الاتحاد السوفيتي و سقوطه في الهاوية بدفعة صغيرة بيد غورباشوف , ذلك السقوط و الانهيار الذي لم يلاقي اي رفض شعبي من قبل شعوب الاتحاد السوفيتي السابق و كأن هذه الشعوب كانت بانتظار ذلك السقوط بفارغ الصبر و هذا ما سهل انهياره السريع .

الغرور و الشعور بالعظمة الذي اصاب القادة الأمريكان جراء انتصارهم على الفاشية و النازية و من ثم الشيوعية بتفكك الاتحاد السوفيتي و حل حلف وارشو بالإضافة الى اختفاء بريق حركات التحرر الوطني التي كانت تتخذ من المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق سندا اساسيا لها جعلهم ينغمسون اكثر فأكثر داخل الوهم الذي سيطر على عقولهم من ان امريكا كانت و ستبقى الى امد غير محدود كقوة عظمة في المرتبة الأولى في كل المجالات العلمية و التكنولوجية و التفوق العسكري و الاقتصادي و المالي , ليس قوة عظمى اولى فقط بل القوة العظمى الوحيدة ايضا , فجاءتهم ضربة من جماعة إسلاموية ماضوية متطرفة و رغم كون تلك الجماعة كانت صغيرة و ضعيفة مقارنة بالعملاق العسكري الأمريكي إلا انها كانت مخيفة لكونها متوحشة فأسقطت لأمريكا العظمى برجا التجارة العالمية في مركز نشاطهم التجاري في نيويورك اللذان كانا رمزا لشموخهم الاقتصادي و ضربة استهدفت البنتاغون رمز قوتهم العسكرية و فلت من الضربة مركز سلطتهم التشريعية و بذلك اهتزت الأركان الأساسية لكيان امريكا الدولة العظمى التي لا تحتاج مساعدة الدول الأخرى فاختفت هذه الدولة من الوجود و برز بدلا عنها امريكا الدولة التي هي بجاجة ماسة الى سند و دعم من باقي الدول لمحاربة الخطر الجديد المتمثل بالإرهاب الإسلاموي .

وقفت الكثير من دول العالم مع امريكا في الحرب الأممية على الإرهاب و منها بطبيعة الحال دول حلف الناتو و كان الموقف الروسي و الصيني داعما بشكل غير محدود لتلك الحرب على الإرهاب .

لكن بمجرد تمكن امريكا بمساعدة حلفائها و الدول التي وقفت بجانبها في الحرب على الإرهاب من انزال ضربة قوية بتنظيم القاعدة و توج ذلك النصر بقتل قائدها اسامة بن لادن و ضربات قوية اخرى للتنظيمات المتفرعة من تنظيم القاعدة و خصوصا تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) عادت امريكا من جديد الى غرورها السابق و اخذت تتبجح بكونها الدولة العظمى الأولى في العالم التي لا تستطيع اي دولة الوقوف بوجهها , و كأنها تريد أن تقول :
اذا قالت امريكا قال العالم

فظهر لأمريكا هذه المرة متحدي جديد هو العملاق الاقتصادي الصيني بالقول لأمريكا بكل وضوح :
لقد تغير العالم و لا تستطيع اي دولة مهما كانت قوتها الاقتصادية و العسكرية كبيرة من فرض هيمنتها عليه .

فهل تستطيع امريكا خوض حرب باردة جديدة مع الصين و بجانبها روسيا و دول عديدة اخرى .... ؟

و السؤال الأهم هو هل ستكون الحرب الباردة الجديدة في صالح امريكا مثلما كانت الحرب الباردة الأولى ...؟

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا