الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الفرق بين الحشود والجماعات

حسن مدن

2021 / 4 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يفرق علم الاجتماع الثقافي بين ظاهرتين مختلفتين هما: الجماعات والحشود. وهو تفريق يهمنا في اللحظة الراهنة من تطورات أوضاعنا العربية.
وعلى ما يظهر من تشابهٍ في الشكل بين المفهومين، فإن الأمر ليس كذلك أبداً، فالمجموعات هي كتل كبيرة من السكان تتسم بالرسوخ والثبات، وهي وإن كانت غير عصية على التغيير، إلا أن هذا التغيير يتم في إطار دينامياتها الداخلية، فلا يطال من جوهر ثباتها ورسوخها، حتى وإن أحدث شيئاً من «التعديل» في شكل أدائها ودورها.
أكثر من ذلك فإن الحشود لا تظهر إلا على هامش الجماعات الكبيرة، في لحظات تأزم هذه الجماعات، وبالتالي فإن الحشود ظاهرات لا اجتماعية، وتتكون من أناس غير اجتماعيين على نحو ما يبسط لنا منجي الزيدي في مؤلفه: «جماهير الثقافة».
الحشود بحكم كونها طارئة، وخارجة عن نطاقات التوقع في نشوئها، حيث تنطوي على مقادير كبيرة من الفجاءة، تكون محكومة بالفوضى والميل إلى التطرف، وقد تصبح في بعض حالاتها عدوانية، حين تستشعر في نفسها قوة، توهم أصحابها بأنهم أقوى مما استقرت عليه الجماعات، فلا يترددون عن الإقدام على ما لا يمكن تخيل أنه ممكن من ممارسات.
لكن الجماعات، من حيث هي ظواهر تستند إلى مؤسسات وسلطات تحميها وتنظم آليات عملها، بصرف النظر عن طبيعة هذه الآليات، إيجابية كانت أو سلبية، سرعان ما تستعيد المبادرة، فتفكك الحشود، أو تحتويها، أو تجيرها لصالحها، ريثما تفقد مبررات وجودها، لأن من طبيعة الحشد أن يكون مؤقتاً، فيما الجماعة دائمة.
لا يمكن أن يدور الحديث حول هذه المسألة دون تذكر الكتاب الشهير: «سايكولوجيا الجماهير» لمؤلفه غوستاف لوبون، الذي قرن فيه الحشد بمفهوم الجماهير.
ومع أنه جرى النظر إلى مؤلف هذا الكتاب بصفته داعية يمينياً معادياً لحركة الجماهير كونها رافعة للتغيير نحو الأفضل في المجتمعات، ما يقود إلى اعتبار الثورات الكبرى التي غيرت التاريخ مجرد حركة غوغاء ودهماء فاقدة للرشد والبصيرة، إلا أن أشد مخالفيه في الرأي، من الضفة التقدمية، كما هو حال بعض رموز مدرسة فرانكفورت اليسارية، أقروا، لاحقاً، أن أطروحات لوبون تعيننا على فهم ظواهر نشأت في أوروبا كالنازية والفاشية، التي كانت الحشود الجماهيرية روافع لها في البداية.
ربما يسعفنا هذا في فهم ظواهر تنتشر في عالمنا العربي - الإسلامي اليوم، كالجماعات المتطرفة والتكفيرية التي تتوافر على حواضن شعبية واسعة لا يمكن الاستخفاف بها، وتمتلك مقدرة على الاستقطاب الواسع للشبان، رغم همجية أساليبها وتخلف ما تحمله من برامج معادية للسوية الفكرية والمجتمعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا