الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الشتيمة

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 4 / 11
الادب والفن


الهجاء ضرب من ضروب الشعر العربي برز فيه شعراء فحول كالفرزدق وجرير، ومنهم من تخصص فيه ولم يبرع في أي ضرب آخر كالفخر والحماسة والرثاء والمديح والغزل، وشعر الهجاء هو الأدنى قيمة أدبية، والأقرب الى الهزل والصبيانية. وكما شعراء المديح يتكسب شعراء الهجاء بشعرهم، ولآن الشعر ديوان العرب كما كان يطلق عليه، والقصيدة أسهل أنتشارا وربما أبقى في الذاكرة، فقد كان أصحاب السلطة من حكام وأثرياء يغدقون الهبات والأموال على الشعراء ليهجوا خصومهم، وربما كانت عطاياهم لمرتزقة الشعر في هذا الميدان، أعظم مما كانو يغدقوه على المادحين، فالجميع يعلم أن المديح باب إرتزاق معروف، لكن الهجاء يستعير ملامح الجرأة الزائفة في معظم الأحيان. حتى درر المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني، وغيرها من لآلئ الحكمة التي تفوق فيها على من سبقه ومن أعقبه، لم تعرف شهرة أبيات الهجاء التي قالها في كافور، مع ما فيها من عنصرية مقيتة.

ولكون ذلك الشعر نال الأعتراف به كباب من أبواب الأدب فانه ترك تأثيره في الثقافة العربية المكتوبة والشفهية، وربما في البناء النفسي لحامل هذه الثقافة، وبتأثيره نشأت ثقافة الردح التي تبرع فيها نساء الحارات الشعبية. ومنهن ورث بعض المتعلمين الأدعياء ((مقدرة)) الردح، الذي يستهدفون به أي رأي أو فكرة لا تتوافق مع ضحالتهم، وينهالون على أصحاب الرأي والفكر بشتائم تكشف زيف الألقاب الأكاديمية التي ينتحلوها.

أغلب هؤلاء أعجز من أن يصيغوا فكرة أو رأي، ويجدون متعتهم ((الفكرية)) في ترصد ما ينشر في مواقع يختارونها، ليوجهوا الشتائم والأهانات لكتاب لم يسيئوا اليهم ولا لغيرهم. فيمتلئون رضا عن أنفسهم، ويشعرون بأنهم قد تساووا مع أصحاب الرأي والفكر، ويستحقون فعلا الألقاب الأكاديمية التي أنتحلوها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلُّ سبّاب شتّام هو إناءٌ ينضح بما فيه
محمد بن زكري ( 2021 / 4 / 11 - 14:55 )
دوغمائيون موسوقون حتى الحافة بجمود عقائدي نافٍ للعقل ، يعوضون عن إفلاسهم الفكري و خوائهم المعرفي ، بالعنف اللفظي الذي قد تنحط مفرداته إلى مستوى صبية الحارات الخلفية المتشردين ؛ فما أن تطرح وجهة نظر نقدية تنفي مقولات ثقافتهم الخرافية الماضوية ، حتى يشعروا بالخطر الوجودي يتهدد هشاشتهم ، جراء تسلل أشعة العقل إلى ظلام كهوفهم .
و لأنهم مفلِسون فكريا و معدَمون معرفيا ، فبدلا من أن يُعملوا عقولهم و يواجهوك بأدوات (الحوار المتمدن) ، تستيقظ فيهم الغرائز العدوانية البدائية والخلايا الإرهابية النائمة ، فيستهدفونك في شخصك بالتصفية المعنوية ، مستخدمين أحط ما في قواميس صبية الحارات الخلفية من بذاءات ، انعكاسا لما تختزنه عقولهم اللاواعية من الخراب الروحي و التشوه الأخلاقي و العوز المعرفي .


2 - ثقافة الردح والشتائم في الأدبيات الإسلامية متجذرة
صباح شقير ( 2021 / 4 / 11 - 16:34 )
تحية للفاضل الأستاذ عبد الله شناوة

أخي الكريم
دعنا من الشعراء جرير والفرزدق والمتنبي وغيرهم ويا ليتنا نلتفت للمبشرين والموعودين بالجنة الذين نفاخر الآنام بسيرهم العطرة ومسلكهم العادل النبيل

ما رأيك الكريم بعبارات متل( أعضوه بهن أبيه , وامصص بظر اللات , وإن كان المتنبي قد قال في العبيد أنهم أنجاس مناكيد فلعله استقى الوصف من عبارة تقول أن المشركون نجس أو أنعام أو قردة وخنازير وكمثل الحمار يحمل أسفارا والكفرة والفجرة والزنيم...)
والحاكم بأمر الله أمر بلعن الخلفاء الثلاثة أبو بكر وابن الخطاب وابن عفان وعائشة بنت أبو بكر ولا ننسى سجلّ الخلفاء من أولهم لآخرهم في تحقير اليهود والمسيحيين
فلماذا نتعجب من نسوان الحارات الشعبية ؟
ولماذا نستهجن شعر الهجاء العربي؟
قاموس شتم الأم والأخت حافل بعبارات جنسية حقيرة يستخدمها أي أحد حتى المتعلم وحتى المثقف وحتى أكبر رأس في البلد
الشتيمة يسمعها الطفل في بيته وفي الشارع والمدرسة والجامعة وفي السجون العربية وفي جلسات السمر والمرأة كما قرأت يسعدها أن يُسمعها زوجها عبارات غزلية بذيئة وقحة
نفسيات دنيئة معجونة بالشتيمة
وقاك الله منها أيها الفاضل
احترامي


3 - ليس من عجب ولا عتب سا صديقي
عبدالله عطية شناوة ( 2021 / 4 / 11 - 20:10 )
بل هي أشارة الى جذور هذه الثقافة في أدب الأمة: ((ولكون ذلك الشعر نال الأعتراف به كباب من أبواب الأدب فانه ترك تأثيره في الثقافة العربية المكتوبة والشفهية، وربما في البناء النفسي لحامل هذه الثقافة، وبتأثيره نشأت ثقافة الردح التي تبرع فيها نساء الحارات الشعبية. ومنهن ورث بعض المتعلمين الأدعياء ((مقدرة)) الردح، الذي يستهدفون به أي رأي أو فكرة لا تتوافق مع ضحالتهم)). شكرا لإضافتك.

اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني